23 ديسمبر، 2024 9:20 م

الكل يعرف الديك ، طير داجن بهي المنظر ، عنوان لطغيان الذكورية والقوة مقارنة بالدجاجة عنيد واحيانا خبيث ومزعج حين يكثر الصقاع والصياح (يعوعي) خصوصا عند الفجر و يقال والعهدة على الراوي ان صياحه هذا هو صلاة لله وتنبيه لعباد الله بالاستيقاظ  لصلاة الفجر والعمل وهذا جانب ايجابي يحسب له  لكن ما يحسب عليه ان صياحه يتضاعف ويعلو  حين يقف فوق مزبلة فيتسلطن وتتنوع انغامه ويعلو صياحه ولا ينقطع ، مسكين من يكون قريبا منه ، وهذه المعلومة سمعها الكل من جيلنا العتيق من حكايات جدتي التي كانت تقصها لنا حول (جانون النار) الذي تحدث وتطور بفعل التقدم التكنولوجي نحو الموقد بعد ذلك المدفأة حتى  وصل السبلت الحراري ولا ندري ماذا بعد….؟
 الظاهر ان حكام العرب تبنوا الجانب السلبي لصقاع الديك وعملوا على تطوير مصطلح (التديك) وهذا المصطلح ، قد يبدو غريبا بعض الشيء لكنه مدار بحث ، وبحث طويل يرقى الى النظريات والخطط الخمسية والعشرية وطويلة الامد، فقد تديك البعض من رؤساء وملوك العرب بفعل فاعل بعد اكتشاف النفط فهجروا الصحراء وبيوت الشعر نحو التمدن وامتطى كل منهم مزبلة اعماله الدموية وبدا يضرب يمينا وشمالا بابناء شعبه حتى تطور هذا التديك اللعين عند البعض منهم وتجاوز حدود بلدانهم العربية و سار بموازاة الثورة التكنولوجيا لدى العالم المتقدم واستمر العرب باستيراد التكنولوجيا الغربية وتصدير الموت والارهاب وهو اول اختراعاتهم  و اول بيضة من بيوض ديكهم ، مبدا التكفير وقتل الناس تحت افتراض ان سكان الارض جميعا هم كفرة ، ما عدا هذه الثلة التعبانة من حكام العرب ،هم وحدهم وكلاء الله في الارض وخازنين جنانه في السماء حتى طغى لديهم غليان التوجه التكفيري حد الهيجان وقرروا تفجير بناية المركز التجاري في اميركا في 11 سبتمبر ومن هنا بدأ عنفوان التديك الدموي ينحسر ويكنس حين اقسم الغرب ان يمحو حكام  العرب من مصاصي الدماء بأيادي شعوبهم العربية…..!
بدأت المخابرات الامريكية بالطبخ على مستوى عال لمواجهة الابداعات و الاختراعات العربية الدموية المتطورة بتربية الجيل الثالث من القاعدة وتدريبه لتهديم العروش العربية  المبنية على الجماجم الواحد تلو الآخر وتحت مسمى الربيع العربي وبدأ ذلك الربيع الدموي  اول قطافه في تونس ثم استمر بحصد روس الديوك العربية على خارطة الطريق المرسومة لتفتيت الشرق الاوسط والامة العربية الى دويلات متناحرة بأيادي حكامها الديوك وابنائهم العرب التكفيرين ليتخلص الغرب من هذا الصداع المزمن عن طريق خارطة الطريق وربيعها العربي المزدهر والحمد لله ….الغريب في الامر ان قسم من الديوك الكبار من ملوك وامراء الدول العربية الاذكياء جدا متطوع وفرحان ويساعد على قتل ابناء امته ولا يدري دوره سياتي لامحالة وستمر على عقاله عجلات قطار الربيع العربي المزدهر حتما…..يا امة ضحكت من جهلها الامم…..!؟
وتبدلت الانظمة العربية التي مرت عليها نسائم الربيع العربي وبدأت (تعوعي) من جديد  بانغام الديمقراطية التي لا يعرفوا عنها شيئا سوى الاسم ، تصور ديمقراطية لشعب نصفه فقراء ومسحوقين والنصف الاخر اميين ، والتخلف يلبسهم من قمة الراس حتى اغمص القدمين . بدا الشارع العربي ينسلخ عن النظام والقانون ويتجه نحو الغوغاء والفوضوية واول البوادر للفوضوية ظهرت عند النخبة السياسية التي ظلت (تعوعي) من جهة وتنهب  خزائن بلدانها من جهة اخرى وهذه الحال سوف تستمر وتفعل فعلها العكسي ليس في العراق فحسب بل في الوطن العربي بشكل عام والمثال على ذلك  ما يحدث في سوريا ، والذي سيتفاقم امتداده وتأثيره العكسي في القريب العاجل وينتشر في جميع الدول العربية ، وهنالك تطلعات وتوقعات لدولة عربية اعتدلت فيها الديمقراطية وهذا الاعتدال سوف يتجه نحو ثورة عارمة ستقع بين الفقراء والاغنياء في مصر لان رئيسهم المنتظر اشار الى ان للفقراء حق بمال الاغنياء…!؟
برأيي المتواضع ان الحل لهذا المأزق السياسي الخطير ينبع من الاعتراف بصراحة شديدة من ان الديمقراطية لا تسكن مع الفقر والامية والتخلف في بيت واحد فهي لا تصلح  للمجتمع العربي قطعا ، البيت العربي بحاجة الى حاكم دكتاتوري معتدل بمعنى الحاكم العربي يكون دكتاتور عادل وممكن في نظام كهذا تفصل السلطات الثلاث وتعطى الحرية والديمقراطية بشكل تدريجي و كجرعات الدواء بشكل مسيطر عليه حتى يتعلم اخر امي وتعتدل الطبقات الاجتماعية وتتقارب فيها المستويات المعاشية والفكرية ويزداد الوعي الاجتماعي والفكري والسياسي حين يتقدم المجتمع العربي ويصبح بمصاف الدول المتقدمة وهذا حلم بعيد المنال…ربما…حينها يحق للعرب تسنم حصان الديمقراطية الجامح….!؟
 اما في العراق ، لدينا فرصة متاحة قد فهمها الشعب العراقي جيدا بعد مخاض عسير و تجربة قاسية من فوضى سياسية دامت ثمان سنوات وهي : ان الحكم البرلماني لا يناسب العراق  ضمن المعطيات السياسية الحالية فالكل يتطلع نحو السلطة وكل كتلة سياسية تطمع برئاسة الوزراء ويطمع افرادها بمناصب وزارية مع التجرد الكامل من الوطنية وهموم الشعب و اذا استمر هذا الصراع الاهوج  ستسوء الحالة بشكل اكبر واوسع ولا يستقر الحال في العراق حتى بعد الف سنة ….!!..هذه الحالة المزرية تذكرني بحكاية اخبرني بها احد المدرسين الذين اشتغلوا  في احد الدول العربية التي شملها الربيع العربي، قال: خلال الحملات الانتخابية في تلك الدولة ، احد النواب ، في دعايته الانتخابية، صرح لمؤيديه بقوله: انا سرقت ونهبت كثيرا بدورتي الانتخابية الاولى وبنيت بيوت واشتريت عدد من السيارات وارصدة في البنوك واني نادم الآن وخائف من عقاب الله ، لو انتخبتموني مرة اخرى سوف اخدمكم بشكل صحيح  للسببين : الاول اني شبعت ولدي المال والجاه  ، والثاني اود ان اتوب ارضاء لله ، ضحك الحاضرون…… وفاز هذا الرجل في الدورة التالية بجدارة…..!؟
اعني ، ما دمنا قد يأسنا من فشل سياسينا  المزمن ومن الديمقراطية ،علينا ان نجرب سبيل اخر ونختار السياسيين  الذين شبعوا من النهب والسلب و لهم التجربة في السياسة ،على الاقل، فهم افضل بكثير من المبتدئين والذين سوف ينشغلوا بالنهب والسلب ويتناسوا الوطن وهموم الشعب وغيرها سوف نبقى حقل تجارب والى حيث يبعثون….قد يبدو هذا المعيار غريب بعض الشيء لانعدام الخيارات الاخرى ، لكنه قد ينجح ويقلل من الخسائر لو اتبعه العراقيين تحت مبدأ (منهوب النص ما منهوب) و قد نتعلم الاختيار الصحيح بالدورات الانتخابية القادمة  و ينحسر مشهد الديك وهو (يعوعي)  فوق مزابل العرب و مزابل التاريخ…..!؟