فرضت القوى الطائفية في العراق وبالتعاون مع مايسمى بالجهاز الحكومي وتحت المظلة الامريكية والدعم اللوجستي الاقليمي موجة من الارهاب لم يشهد لها تاريخ العراق الحديث مثيل ، ان الهدف من هذا الارهاب هو تصفية البنية التحتية للدولة والمجتمع العراقي ولقواه الوطنية وكوادره العلمية تمهيدا لتقسيمه وتقسيم المنطقة العربية لتنفيذ المشروع الصهيوني في مايسمى ( الشرق الاوسط الجديد) ، ومن هنا فان القوى الطائفية السنية منها والشيعية والقوى الانتهازية التي تتعاون معهم جميعا يشكلون في الوقت الحاضر الخطر المباشر الذي يهدد وجود الانسان العراقي وامنه وعيشه وسلمه الاجتماعي والنفسي .
ان القوى الطائفية المرتبطة بالاجنبي او التي تنفذ اهدافه من حيث تدري ولاتدري والقوى الانتهازية الذين شكلوا كتلة متماسكة مدفوعة بهستيريا ارهاب الشعب العراقي وكسب السحت الحرام (دولار اوتومان) والتنكيل بهذا الشعب يتحملون نتائج افعالهم مستقبلا ولانهم لم يقلوا خطورة على العراق ووحدته عن الخطر الذي شكله ويشكله الاحتلال الامريكي والمخابرات العالمية وفي مقدمتها الصهيونية والايرانية والذين يتخفون اليوم تحت مختلف العناوين في العراق.
على شعبنا العراقي الابي والصابر العمل على النيل من هؤلاء وان يعد العدة لمقاومتهم جميعا دونما تفريق او تمييز بين عدو واخر ، فخطر الطائفيون كخطر الاحتلال الامريكي وانتشار المخابرات الاجنبية في ارضه وكلا الخطرين لايقلان اهمية عن الدور الذي تلعبه القوى الانتهازية المندفعة وراء مصالحها الضيقة التي تقف بالضد من بناء الارض والانسان وتحقيق مستقبل افضل ، والانتهازية التي نراها اليوم تكشف عن اقنعتها في مايسمى بالانتخابات هي الخطر الثالث الذي يتوجب على ابناء العراق الانتباه اليه والعمل على مكافحته لانه سيكون مكملا ومتناغما مع الخطرين المشار اليهم اعلاه.
بدأت اليوم وفي حومة التقاتل الانتخابي التناقضات التي ستلعب دورا كبيرا في تمزيق الحلف الذي عقده الاعداء الثلاثة للتنكيل بالعراق وشعبه وقواه الوطنية ، فقد اخذ الصراع يشتد يوما بعد يوم بين الاحزاب والحركات الطائفية وعلى انغام الدواعش والقاعديون الذين يستبيحون الارض والعرض باسم الدين والطائفة المنصورة ، فما نراه اليوم بوضوح يشير ان حزب الدعوة واعضاءه مندفعين في السيطرة على مايسمى بالدولة العراقية ومرافقها الحيوية بخطى حثيثة وبدعم امريكي ايراني وذلك من خلال الفوز بولاية ثالثة ، ونرى بالمقابل الصدريين والبدريين والفضليين وقد افاقوا من غفوتهم وادركوا ان الدعوة عازمة على الاستيلاء على كل شيء ، الامر الذي اجج الصراع بينهم ، هذا الصراع الذي يتكتمون عليه خوفا من ( الشماته) كما يقولون ، وها نحن نشاهد بعض مظاهر الصراع الخفي الحاد في الصحافة المرئية والمسموعة على استحياء ، والتصادم الحاد خلف الكواليس ، ومادام حزب الدعوة متمسك بمنهجة ومرشحه ومندفع في تنفيذ مخططه في تصفية خصومه وتحت شعار الغاية تبرر الوسيلة فاننا نتوقع اتساع هوة الخلاف بين القوى الطائفية فهم قد تعاملوا بلغة السلاح عبر التفجيرات التي حدثت وسوف تحدث في العراق والتي سينكشف منفذوها بالمستقبل القريب يوم تستيقظ القوى الطائفية من نومها (بالريموند) الامريكي والايراني لتكشف عن وجهها وهي تقاتل بعضها البعض هذه المرة طمعا في مال او جاه.
فبالوقت الذي بدأت فيه شقة الخلاف تتسع بين من شارك في العملية السياسية في العراق ، نشاهد ان بذور الانقسام تنضج بين المالكي والصدريون الذين كانوا وراء تسنمه منصبه من قبل ، فقد احس المالكي بخطورة النوايا التي يبيتها له الصدريون وان تصريحاتهم بانهم يريدون الحفاظ على الائتلاف لم تكن الا ستارا يخفي نشاطهم المحموم للسيطرة على الحكم وازاحة المالكي ، فالصدريون وكما يرى المالكي بانهم لن ولن يخلصوا لاي تحالف وهم في نشاطهم انما يدافعون عن مصالحهم ولم يتورعوا عن تدمير اي شيء بقوة السلاح ، ومن هنا فان الصراع سوف يشتد بين الصدريون ومن معهم من جانب وبين المالكي ومن معه من جانب اخر ، وهو الذي برز اليوم على السطح وقد زج في هذا الصراع العصائب والمختار ، نتوقع ان يكون الصراع جديا وشديدا بالايام القادمة وامام هذا لانملك الا ان نقول حمى الله العراق وشعبه .
وامام هذه التطورات على المسرح السياسة في العراق يتبغي ان تعمل القوى الوطنية والتي تريد مصلحة العراق وشعبه على التعديل في عملها السياسي فالاساليب السياسية لابد ان تتغير وتتطور بين حين واخر وفقا للظروف ، فبالرغم من ان الخطر الداهم كبير لكن الواقع الموضوعي يؤشر على ان الشعب قد وعى اللعبة وانه سيترك النخب السياسية تتقاتل بعيد عنه ودون زجه في اتون حرب طائفية لاتبقي ولاتذر وانه سيحافظ على نسيجه الاجتماعي برغم الحالات الشاذة هنا وهناك ومن هنا فان الواجب يحتم على القوى الوطنية السياسية والثقافية الى لعب دور تنويري هدفه ابعاد الشعب عن لهيب المعركة التي ستقع بين الاحزاب الطامعة والتي تحركها ايادي خفية ، فرب الاسرة في البيت وشيخ العشيرة ورجل الدين الرافض للطائفية لديهم واجب ومسؤولية الحفاظ على شعبهم وارضهم وذلك بالابتعاد عن لهيب المعركة النخبوية والطائفية وانتظار ماتسفر عنه هذه الحرب التي سيكون وقودها الطائفيون والامريكان وعملائهم والمخابرات الاجنبية المنتشرة في العراق وكل انتهازي طبل وزمر.
ان الارهاب الذي مارسته القوى الشريرة على الشعب العراقي خلال السنوات العجاف لايمكن ان ينساه شعبنا ، فقد ثبت بما لا يقبل الشك بان هذه القوى الثلاثة هي العدو الالد الذي لايرحم ولايتورع في سلوك اقذر السبل في قتل ابناء العراق وتدمير بلدهم فهل يمكننا كشعب حي ان ننسى العصابات الطائفية وداعش والقاعدة المدعومة من القوى الاجنبية بالمال والسلاح وهي تعتدي على الناس الابرياء وتثير الرعب والفزع في ربوع العراق وتقتل وتشرد وتنكل بالمواطنين؟ وهل يمكننا ان ننسى القمع والتعذيب والاغتصاب في حق احرار وحرائر العراق في السجون والمعتقلات؟ وهل يمكننا ان ننسى سرقت المال العام والفساد ؟ ان كل هذه المواقف وغيرها علمت الشعب العراقي مبلغ الخطورة في مسلك هذه القوى الشريرة التي تركت ابشع الاثر واسوأ الاثار واعمق الاحقاد في نفوس ابناء العراق من زاخو الى الفاو وجعلتهم ينتظرون الفرصة المواتية ليلقنوا هؤلاء درسا قاسيا.