خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
مؤخرًا حظيت عملة (ميم كوين)؛ المعروفة باسم: (هامستر كومبات)، بشعبية كبيرة بين النشطاء الإيرانيين، وأدت بشكلٍ عملي إلى عودة الكثيرين إلى منصة (تليغرام) المحبوبة. بحسّب ما استهل “مجتبى إسكندري”؛ تقريره المنشور بصحيفة (جهان صنعت) الإيرانية.
ووفق أحدث إحصائيات شركة (تليغرام)، بلغ مجموع العائدين إلى المنصة؛ خلال الأسبوعين الأخيرين، أكثر من: (16) مليون ناشط إيراني، والسبب الرئيس الرغبة في كسّب عوائد محتملة من (الميم كوين) الشهير؛ وأعني (هامستر كومبات)، حيث تُفيد الإحصائيات الرسّمية بانشغال أكثر من: (120) مليون ناشط بالنقر على هذا الربوت التليغرامي صاحب العلامة الزرقاء؛ منهم: (80%) حساب إيراني.
ومشاركة الإيرانيين الملحوظة في هذا المشروع، أثار الكثير من الأسئلة خلال الأيام الأخيرة، بين المسؤولين، والخبراء الاقتصاديين؛ وبخاصة المتخصصين في الاقتصاد الرقمي، بل والطبقات الشعبية العادية عن أسباب هذا الإقبال الإيراني على اللعبة ؟.. ولماذا لا يقتصر على فئة عُمرية محددة ؟.. وما هي عقلية هؤلاء النشطاء حول العُملة الرقمية؛ بحيث تحظى بهذا القدر من الإقبال من مختلف طبقات المواطنين الإيرانيين ؟.. وما هي العقلية التاريخية والاقتصادية التي كانت بمثابة محُّفز عقلي لذلك الموضوع ؟.. وما هي بالأساس الخصائص والممُّيزات التي يجب توافرها في المبادلة بحيث نُطلق عليها عُملة جيدة ؟..
وسوف نُجيب على بعض هذه الأسئلة ليس من منظور التوضيح التكنولوجي للعُملات المشُّفرة، وإنما من منطلق اقتصادي.
حرب الريال مع الهامستر..
لفهم أسباب الاستفتاء غير المرغوب؛ بين “الريال” و”الميم كوين”؛ (هامستر كامبوت)، علينا أن نُناقش في البداية مصيّر المال، وتوضيح أسباب محو العُملة السيئة بالعُملة الجيدة.
يُتحصل المال بالأساس لثلاثة وظائف خاصة من مجموع وظائفه الأساسية، الطلب، والمصداقية، والقدرة العالمية:
01 – أول ميزة مرغوبة في أي عُملة هو الخلود. ففي العهد القديم وحتى قبل ظهور العُملات المسّكوكة، كان أحد عيوب العُملات الكلاسيكية كاللحم، أو الحرير، وغيرها فسّادها.
بعبارة أخرى، عدم فساد العُملة منذ القدم من حيث البقاء، كان يضمن مسّار خلودها. وصفة البقاء لاتزال تُعتبر أحد الخصائص الرئيسة في الطلب على العُملة. وكل عُملة تتغيّر نتيجة التضخم الفاحش، والمزمن، وطويل المدى، تكون محكومة بالانقراض.
ومن جُملة العُملات التي لم تفقد قيمتها فقط نتيجة التضخم الشديد، أو تفقد قيمة خلودها باعتبارها عُملة عادية، وإنما فقدت كل الخصائص المميزة لمفهوم العُملة الوطنية، كـ (روزير) البرازيلي، والـ (دولار) الزيمبابوي، الـ (دراخما) اليونانية، والـ (بيزو) البوليفي، والـ (فرانك) الفرنسي القديم، والـ (روبل) الروسي القديم وغيرها.
وأكبر تهديد يواجه العُملة هو التضخم، والـ (ريال) الإيراني يُعاني منذ سنوات تضخم مزمن، الأمر الذي أدى إلى السّعي للحصول على بديل لتسّهيل المبادلات وزيادة أو على الأقل المحافظة على القيّمة المالية، وتحولت مع مرور الوقت إلى بدائل معقولة وقابلة للتفسّير والتوضيح.
02 – خيار العّملات الرقميّة، وكيفية تشكيل دعم لتلك العُملات، وكذلك الكمية القابلة للقياس من الرموز المميزة لهذه الأموال، يبعث على زيادة الطلب على هذه الخيارات.
الطريف أن هذه الأموال تمنع الأفراد من التحايل على القيود الضريبية التي تُفرضها الحكومة ومعاقبتهم على أساس المال.
وكتب على (إيردروبات) العُملات الرقميّة من هذا النوع، عبارات مثل (القوة من المجتمع) وبعبارة أخرى يدعم عدد من المتابعين للصفحات الاجتماعية للعُملة الرقمية؛ (ميم كويني)، مثل هذه الأموال، لا سيما التي ربطوها بمفهوم الاستثمار الاجتماعي بشكلٍ ذكي، ما أدى إلى زيادة عدد المتابعين وقبول الدعوات، من جهة أخرى يُغذي واضع سياسات العُملات ومن بينها الـ (ريال) الإيراني المؤشرات التضخمية، علمًا أن توقيت الاستفادة من هذه العُملات المالية محدود، وينتهي في تاريخ رسّمي، ولا تُضيف أي سيّولة جديدة إلى حجم السّيولة العامة لتلك الأموال، وهذا سبب آخر للطلب على العُملات الرقمية.
03 – حجم القبول الشعبي، وهي ميزة مواتية في توصيّف العُملة الجيدة. وبنفس مقدار مواجهة الـ (ريال) أزمة شرعية اجتماعية نتيجة استمرار السياسات المالية الحكومة غير الجيدة على مدار السنوات السبع الماضية، حظيت العُملات الرقمية بقبول الجميع.