18 نوفمبر، 2024 3:51 ص
Search
Close this search box.

قراءة في بيان .. الانتخابات …. ولكن

قراءة في بيان .. الانتخابات …. ولكن

لاشك انه لا يوجد بيان حافظ على بريقه  وفحواه وجوهره مثلما كان بيان  (الانتخابات ..ولكن ..) .. لسماحة المرجع الديني الأعلى  السيد الصرخي الحسني دام ظله المبارك ..
فالاستفتاء رغم مرور عدة سنوات على صدوره وبالتحديد في غرة رمضان 1425 هجرية  ..
والذي وافق الانتخابات البرلمانية  في الثلاثين من كانون الثاني عام  2005 ميلادية ..  والتي أوجبت جميع المرجعيات  المشاركة فيها واستنفرت إمكاناتها وحشدت لها وكلائها ومعتمديها  وقسم منها أوجبها أكثر من وجوب الصلاة والبعض الآخر حرم الزوجات على الأزواج وبعضهم جعلها بابا من أبواب الجنة وما إلى ذلك  ..
وبالنسبة لسماحة السيد الصرخي الحسني فقد كانت نظرته وقراءته للأحداث نظرة ثاقبة وقراءة واقعية  وهذا هو ما يفترض بالمرجع أن يحدد فتاواه  وفق الواقع لتكون مطابقة له او مقاربة , فكان استفتاء الانتخابات .. ولكن .. موضوعيا وشاملا وحدد بوضوح مصادر الخلل والخطر ووضع العلاجات الناجعة  لها ..
ومن خلال هذا البيان أشار سماحة السيد للحكم الشرعي الحقيقي تجاه وجوب المشاركة في الانتخابات الذي لم يعرف  باقي المراجع له طريقا ولم يلتمسوا له سبيلا حيث أعطوا المشاركة في الانتخابات الأولوية ودفعوا الناس ليس للمشاركة فحسب بل لانتخاب جهات بعينها أوصلوها إلى السلطة فكانت النتائج  كارثية وطامة كبرى على الشعب العراقي ما زال الى الان يعاني الويلات من إرهاصاتها وإفرازاتها  ..
فكان السؤال الذي وجه لسماحته كالتالي ..
 ..(سمعنا الكثير عن ما صدر من بعض المرجعيات الدينية الأخرى فتوى وجوب المشاركة   ويشير البعض إلى إن هذا الحكم الوجوبي يمثل جميع المرجعيات الدينية لان سكوت البعض الآخر يعتبر إمضاءا للحكم ..) انتهى السؤال ..
فكان جواب سماحته وخاصة في الفقرة الأولى جواب المتبحر في العلم وخاض لججه قد صوب سهم الحق المكين من كنانته  وقد بلّغ البلاغ المبين ونصح النصح الأمين وليدفع عن الدين ما ابتلاه من كيد الكائدين وتدليس المرجفين وتدنيس المبطلين فكان بمثابة وقع الصاعقة على المتصيدين في الماء العكر والذين يبيتون المؤامرة على الشعب العراقي فلم يتوقعوا أبدا لا من قريب ولا من بعيد بوجود هكذا عالم يفتي شوامخ الفكر في زمن قد لاحت معالم  انكساره وتهالكه وانحساره  , ويعارض بفائق  الشجاعة في وقت انبطح الجميع  بلا استثناء أمام الزلزال وإعصاره ..
وكان أيضا  هذا الجواب الشرعي بالنسبة للمؤمنين  وقد اختلفت عليهم الشبهات وتتابعت الضلالات وأسدلت الفتن بستارها كأنها قطع الليل المظلم , بمثابة  طوق النجاة والفكر المتين والفرات المعين الذي أطفأ الظمأ وأثلج الصدور وأقر عيون الحائرين  ..
فكان الجواب بلا مواربة  أو مجاملة ..بعدم وجود دليل شرعي أو عقلي يدل على وجوب المشاركة في الانتخابات ( انظر قال سماحة السيد وجوب المشاركة في الانتخابات وليس الانتخابات نفسها )..بل يمكن ان يكون الدليل الشرعي والعقلي بل والأخلاقي والتاريخي على خلاف ذلك ..فيحكم بحرمة المشاركة  شرعا وأخلاقا إذا كان المتوقع من الانتخابات :
وهنا يشخص سماحة السيد النظر إلى الأفق القريب والبعيد ويشير إلى وقائع لا يمكن التنبؤ بوقوعها إلا من عالم رباني ومجتهد بحق  ونحرير محقق ..
فيضيف سماحته إذا كان من المتوقع من الانتخابات :
تكريس الاحتلال وما رشح عنه من فساد وإفساد وجور وظلم وقبح .. تعميق الخلافات القومية والدينية والمذهبية والدنيوية بين أبناء العراق الحبيب وهذا يعني بقاء ودوام وتأصيل الحالة المأساوية المرعبة من انتهاك حرمات وسفك دماء وزهق أرواح ..
وهذا ما حصل  فعلا كما توقع سماحته تكريس للاحتلال بل منحته الانتخابات المسوغ والشرعية التي كان ينشدها  وما حدث  بعد ذلك من انتهاكات وإفساد من المحتل وسرقة ثروات وظلم وجور وقتل واغتصاب وما نجم من تعميق للخلافات الدينية والمذهبية والاستقطاب والجذب الطائفي راح ضحيتها مئات الآلاف من أبناء الشعب العراقي مخلفا الآف الأرامل والأيتام والمعوقين والتخلف في شتى المجالات والنواحي .. بعد ذلك يحذر سماحة السيد الصرخي الحسني  (ممن يتصدى ظاهرا للمرجعية من الانزلاق في لعبة سياسية والوقوع في شركها ولا يخفى على الجميع إن رموز الكفر والإلحاد ومن سار معهم يطالبون بأجراء الانتخابات بل هم من وضع ذلك الموعد لها وليس المرجعية ..) ثم يضع سماحة السيد في النقطة  (ثالثا  ) الأولوية التي يجب أن يتبعها من يريد الخير لهذا البلد والاستقرار فيقول سماحته ( فالمهم والاهم بل الأمر الرئيس والأساس ليس الانتخابات ووجوب إجرائها في الوقت المحدد من قبل المحتلين بل المهم إيقاف نزيف الدم وإشباع الجياع وسيادة الأمن والأمان والإيمان وتقويم  وتصحيح الانحراف والانحطاط والانهيار الروحي والأخلاقي في المجتمع ..) وهنا من الواضح يضع السيد برنامجا متكاملا ويضع إصبعه على الخلل ويشخص العلل لان المهم ليس الانتخابات وما أحاط بها من ظروف وملابسات وضبابية انطلت حتى على اقرب المقربين للاحتلال وأعوانه وفوجئوا بخطط وأجندات لم تكن في حساباتهم ..واكتشف  الناس جميعا فيما بعد إن الذين جاءوا إلى الحكم ومن ورائهم أسيادهم الذين جاءوا بالديمقراطية والانتخابات  , والمرجعية إلي ساندت خيار الذهاب إلى الانتخابات أنهم في حقيقة الأمر لم يقدموا إي مشروع سياسي إسلامي ولا فكري ولا روحي ولا أخلاقي ولا اجتماعي فتركوا الناس في تيه وفي كل واد تهيم كما أكد ذلك سماحته في الفقرة  ( خامسا ) .. والعجيب انه بالرغم من مرور سنوات على هذه الكلمات التي تفضل بها سماحة السيد الصرخي الحسني فهي حاضرة وشاهدة على ما حصل ويحصل كأنها  صدرت وقيلت اليوم وليس قبل سنوات والعجيب أيضا وبعد مرور سنوات على إجراء الانتخابات نجد إن الأوضاع تسير من سيء إلى أسوا ولم يحصل إي تقدم في تطور الخدمات أو تحسينها أو استقرار الأمن وسيادته وان العملية السياسية تراوح مكانها في شكلياتها والياتها التي تم وضع مقاساتها فقط على مجموعة من المنتفعين والفاسدين وقد أقصت وهمشت  الوطنيين الصادقين الذين لم يرتبطوا ولم يخضعوا للأوامر الاحتلال أو دول الجوار .. ثم يختم سماحته ذلك الاستفتاء محذرا في النقطة  (سادسا ) .. فيقول .. (الحذر ..الحذر ..الحذر ..لان الوقت عصيب عصيب ,خطير خطير , فالشرع والأخلاق والتاريخ تلزم العالم وتوجب عليه إظهار علمه وممارسة دوره الحقيقي في إصلاح المجتمع وتقويمه وتحصينه فكريا وروحيا وأخلاقيا , ليخرج العالم ويوجه خطابا إلى الأمة ويصدر ما عنده من فكر ونصح وتوجيه وتشخيص للمهم والاهم وللنافع والضار والفاسد حتى يثبت للأمة إن المرجعية ليست فارغة وليست جهة إعلامية أو دائرة نفوس أو إحصاء تابعة للحكومة عملها فقط وفقط توجيه الناس لتسجيل أسمائهم في سجل الناخبين والمشاركة في الانتخابات بل المرجعية اثر فعلي وواقعي وتربية فقهية وأصولية وفكرية وروحية وأخلاقية وتفاعل وإحساس بالآخرين والتألم لآلامهم والمرجعية ليست شكلية ولا إعلامية ولا وجاهتيه بل خدمة وتفاني وإيثار وتضحية ..) فهذا الكلام أعلاه قطع الطريق أمام من أرادوا أن يجعلوا من الحوزة مجرد مؤسسة تكون جسرا لهم ليعبروا عليها وينفذوا مخططاتهم وما يريدون تحت غطائها .. إن هذا الكلام كان قد أعطى دفقا لروح الأمة  التي أرادوا لها أن تموت وتستسلم لقدرها واحدث لها نقلة نوعية في وعيها وتفكيرها الذي أرادوا له التسطيح والتهافت ..  فكان هذا الكلام قبسا  استضاء بها المؤمنون ونهلوا  من معينه وسلاحا فكريا ماضيا جابهوا به  أهل البدع والانحراف والضلالة ..

أحدث المقالات