19 ديسمبر، 2024 2:15 ص

مراجعــــــات – أضواء على إخفاقات الأيدولوجيا

مراجعــــــات – أضواء على إخفاقات الأيدولوجيا

التأسيس للفكرة:

من الطبيعي ان أي حزب لديه ايدلوجيا هو حزب يجتهد بالحلول ويعد بتطبيقها ان كان في السلطة، وتسمية الأحزاب باسم الدين ان غالبت التعريف بالمنهج فهذا قطع للجسور والامل بفشل العمل او حتى بنجاح يعقبه استبداد، لذا فليس من قدسية للأحزاب العاملة في السياسة ولا ينبغي ان تفرض نفسها للبقاء ان عجزت زاعمه انها تمثل بقاء الدين، فالفشل في الحياة المدنية هو فشل ايدلوجيا من الأيدولوجيات او نجاحها وانتهاء مهامها وترك المجال لايدلوجيا إصلاحية أخرى والا أصبحت مكان المستبد ومكان منظومة فاشلة تقدمت هي لتزيلها ما الذي يحصل:

لان الأيدولوجيا في حزب يعتمد الخط الاشتراكي كأحد الافهام باتجاه الشيوعية او ان نمقت قلنا باتجاه العدالة الاجتماعية تعسفا على مصطلح العدالة الاجتماعية لأنه مصطلح يخص شريحة اجتماعية، سواء الإسلامية يرتكز الى تحريك الجماهير ضد النظم ثم السيطرة على الحكم بواسطة الطبقة الكادحة والعمال او بواسطة المؤمنين الذين يتحركون بدوافع الدين فهما ان لا سبيل للقضاء على الظلم الا بالقوة او التدين الغريزي وهذا اخطر من الحراك من الفاهم لدينه لأنه ممكن ان يوجه للتخريب بينما الفاهم للدين تحدده مسارات لا يتجاوزها باجتهاد بشري، الحركات الشرقية شاملة للناس ممتدة غير قطرية لهذا فهي عمليا تتجاوز  النظام الوستيفاتلي رغم ان هنالك الان دول كبرى تسمح لنفسها باحتلال دول وتغير النظم الى أسوأ مما كان عليه نظام بدل ان تساعد في تطويره ان كانت تعني الأهداف المعلنة، لكن عقلية الرأسمالية لها نفس الأهداف بأساليب وآليات أخرى.

الواضح من وقفة ضرورية عند هذا الحد ان نثبت ان العالم كله بحاجة الى اصلاح آدميته قبل كل شيء لان المنظومة الأخلاقية اما محيّده او مفهومة بطريق لا تؤدي لقيادة الواقع.

حجج البقاء:

عند فشل النظم الاشتراكية فهي لا تذهب لمراجعة حقيقية او لمكان حقيقي فهي لم تؤسسها مراكز دراسات وانما راي قائد او مفكر فلا توجد آلية للمراجعة ولا أدوات وانما هنالك ما يشبه التقديس عند المتدينين للرمزية وصلاحية الفكرة فيتهمون الشعب بالتقاعس ومن ينتقدهم بالخيانة بينما المتدينون يتهمون الشعب بضعف الايمان ومن يخرج عليهم لتصحيح المسار بالكفر وان كان متدينا يحمل ايدلوجيا أخرى لأنهم أيضا لم يؤسسوا بمركز دراسات او يمتلكون آليات للمراجعة والمتابعة والتصويب والتخطيط وتحديث الأهداف من اجل الغايات.

المراجعة والتحديات:

التحديات مسالة طبيعية لكل منظومة ولكن ينبغي ان تحسب وليس ينشغل بها وتترك الأهداف او يضعف العمل بها فتتعرقل الغايات، واذا كانت الرأسمالية اليوم تتداعى كمنظومة آمنة وطغيانالليبرالية الجديدة نتيجة فشل النظام الرأسماليكايدلوجيا في تحقيق الرفاهية لتطرف أصحاب المصالح في استغلال التطلعات وجهد الانسان، كما فشلت الشيوعية التي كانت تبني أيدولوجيتهامرافقة لاستعداء الطبقات على بعضها وانهم سرقوا الأدوات عبر التاريخ، كما فشلت منظومات ايدلوجية إسلامية من خلال تقديس الماضي بدل الاعتبار وفقدان المنظومة للاعتبار والاكتفاء بالتأقلم فتبدو مزدوجة مخيفة تخفي الشر للغير وهذا ليس حقيقة فهي تعيش اضطراب بسبب الاجتهاد والتجديد وخوفها من تعديل أفكار منقولة فتجاملجمهور متدين بغير فهم الدين وهو الأغلبية لكيلاينفض عنها، ففضلت التماهي بدل المصارحة التي قد تؤدي للقعود، وفقدت حتى مجالات العمل المفتوحة مع بعض الحكام والنظم لأنها لم تضع ايدلوجيا مناسبة حاضنة بل منافسة وربما منافسة لأيدولوجيات من منطلق ديني، فهنالك من ينطلق من غياب الشريعة ويريد ان يعيدها فما ان يتمكن حتى يدخل هذا للتنفيذ مستحضرا عصورا ماضية والناس تغيرت فهذا قالب مثله مثل قالب الشيوعية ومن ينادي بها ومثل الرأسمالية ومن ينادي بها فالأمة ليست متهيئة لهذا تحتاج ان تختار وان تفكر وان تدخل جدلية ترتقي بفكرها وفهمها.

فلم ينجِ الشيوعية او الرأسمالية ان تقول هذا علم ولا ينبغي نكرانه ولا أنتم مؤيدين للإمبرياليةوخونة ولا أنتم شعب غير مؤمن وبعضهم يقول كافر لمجرد مخالفته بفكرة بسيطة، فإغلاق باب الحوار والاعتبار هو خنق لأي ايدولوجيا.

كيف الصواب للإسلاميين:

أخص الإسلاميين هنا لأني أرى ان الإسلام منظومة اصلاح ومحبة وتعاون بين الأمم وليس كما يشاع من كراهية وإلغاء وحروب واقصاء، وهذا معلوم مدرك حتى انه مذكور بوضوح في سورة يوسف وفي الرعد ولا أدرى لم لا يفهمه أصحاب الأيدولوجيات ان المؤمنين بهذا هم الأقلية وان الإصلاح قدر الاستطاعة وان الوكالة لله وحده وان المسلم ليس مسؤولا عن معتقدات الاخرين الا بحمايتها ان كانت في دياره، وحمايتها لا تعني الوصاية والتدخل بها وانما حفظها من قوي متجبر.

الصواب بالفهم للدين وليس عواطف التدين، وبالفهم وليس الحفظ، وبالدين وليس التدين ومظاهره سواء عبادات او هيئة او صوت عالي.

تعريف المهمة انها تهيئة الناس لتختار والحرص على اهليتها لان الله يحاسب الناس افرادا وعند اختيارهم وهم أصحاب أهلية لمنظومتهم العقلية التي يختبرها الله وليس نحن.

لذا ينبغي ان يسري وعي في المنطقة العربية والإسلامية بنوع من التفاهم بين الحاكم وهذه المنظومات بشكل تبادلي والناس سترتقي ومنها الحكام أنفسهم فهم سيسمعون ما يقال والحوار قد يكون له منظمات ودواوين من باب ثقافة المجتمع وبفهم للأصل وليس تغليب النقل عن عصور لم تعد لأحكامها وجود في الواقع فكان الانفصال بين عقلية الناس ونفسيتهم حتى الوعاظ والحاملين للراية وهم يتساقطون في الاختبارات لان الواقع غير ما هو في منظورهم.

اننا لسنا بحاجة الى الذهاب للغرب والشرق محاربين، او اعتبار المجتمعات المخالفة أعداء، ولا ينبغي ان يقف العالم من المسلمين موقفا معاديا متى ما فهم الجميع ان الحوار مطلوبا وان المؤامرات والافساد وتسيد الجهل والجهلاء والفساد والفاسدين على المجتمعات في الشرق والغرب هو عمل لا يليق بالآدمية وينقص من أهلية منظومتها العقلية.

ان ابليس ليس له منظومة آدم العقلية فالإنسان سيكون أكثر شرا من ابليس ان سخر منظومته للشر فهو مبدع ونرى مثل هذا، لكنه ان بالغ في طيبته فسينافس الملائكة وهنالك مثل هذا، والمطلوب هو ان يكون آدميا يستخدم منظومته العقلية بشكل متوازن وسطي كذلك كان أبونا آدم وكذلك الفرق بين قابيل وهابيل.

أحدث المقالات

أحدث المقالات