18 ديسمبر، 2024 9:20 م

هل دخل الغرب مرحلة التحضير للحرب مع روسيا؟

هل دخل الغرب مرحلة التحضير للحرب مع روسيا؟

تصرفات قادة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبريطانيا ، باتت تخلق مخاطر اندلاع حرب عالمية ثالثة، وأنها ووصف المراقبين ذلك “بالهوس العسكري” ، وان التطورات الحالية هي بمثابة مقدمة لهذه الحرب أو حتى أنها جزء لا يتجزأ منها، وفي حال لم يوقف الاتحاد الأوروبي جنونه العسكري ، ومحاولته خلق نصر ” مزيف ” لأوكرانيا ، والذي لا يمكن تحقيقه ، لا الآن ولا غد ولا في المستقبل ، بسبب الضربات الروسية القوية التي دمرت الجيش الاوكراني ، وبالتالي لا يمكن استبعاد أنه إذا سارت الأمور بشكل سيئ ، من السيطرة على الهوس العسكري المتنامي في بروكسل، فإن تاريخ هذه السنوات سيُعتبر أيضا جزءا من السنوات الأولى لحرب عالمية كبيرة.
والحالة هذه، فالأوكران يلعبون على احبال مشاعر الغرب ، الذي يريد هزيمة روسيا، ويريد تحقيق النجاح العسكري بأي ثمن ، رغم إن الصراع العسكري الراهن بين روسيا والغرب ، يتطور وفق أسوأ السيناريوهات الممكنة ، خصوصا بعد دعوة الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ ، دول الحلف إلى “رفع بعض القيود” ، على استخدام الأسلحة الغربية، التي تنقل إلى المتطرفين الأوكرانيين، وبالتالي السماح لهم بمهاجمة أهداف على الأراضي الروسية ، وردا على ذلك، دعا نائب رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو سالفيني ستولتنبرغ إلى الاستقالة.
ويتهم الغرب روسيا باستخدام لما يسموه “أدوات الحرب الهجينة”، في كل من مولدوفا وجورجيا، وكذلك في دول الناتو، التي يُزعم أنها تشتكي من الهجمات السيبرانية واسعة النطاق ، والتضليل والتدخل في الانتخابات، وغيرها من الأساليب، كما أقر بوجود خطر على البنية التحتية التي تعتبر أساسية للحلف ، ويؤكد نائب الأمين العام لحلف “الناتو” ميرسيا جيوانا، إن الحلف لا ينوي إرسال قوات إلى أوكرانيا، لكنه مستعد لتقديم دعم إضافي لكييف ، ويوضحون على سبيل المثال ، بان كابلات الألياف الضوئية تعتبر جزءا مهما من بنيتها التحتية، وطالب جيوانا الغرب بالتفكير فقط في كمية البيانات التي تحملها تحت المحيط الأطلسي مباشرة، فمن المحتمل أنها تحمل أكثر من 90% من المعاملات المالية بين الولايات المتحدة وأوروبا، وإذا تم قطع الاتصال فستكون له “عواقب كارثية”.
حدثان مهمان على الأقل وقعا خلال الفترة الماضية، يشيران إلى أن أوروبا أصبحت متورطة بشكل كبير في الصراع الأوكراني الأول ، هي المفاوضات الجارية بين فرنسا وأوكرانيا، للسماح للمدربين العسكريين الفرنسيين بالذهاب إلى أوكرانيا لتدريب الجنود الأوكرانيين ، والثاني ، مناقشة إمكانية استخدام الأسلحة الغربية لضرب أهداف في العمق الروسي ، وان مخاطر هذين الحدثان كما عبر عنها رئيس وزراء هنغاريا فيكتور أوربان في إشارته إلى مخاطر التدخل الغربي التدريجي في الصراع في أوكرانيا، والتأكيد على أن الانخراط في الحرب لا يحدث في خطوة واحدة، وان هناك ثلاث مراحل، المناقشة والإعداد ثم الانخراط، وقال ” نحن الآن بصدد الانتهاء من المناقشة والبدء في مرحلة الإعداد ، نحن على بعد خطوات من الانخراط”.
هذه الدعوة لاقت استجابة سريعة من الولايات المتحدة ، وأعلنت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، بأنها سمحت لأوكرانيا بتنفيذ ضربات بأسلحة أمريكية على الأراضي الروسية خلال السجال المدفعي المتبادل ، وتكليف الرئيس بايدن فريقه مؤخرا بضمان قدرة أوكرانيا ، على استخدام الأسلحة المقدمة من الولايات المتحدة ، في حرب المدفعية المتبادلة في مقاطعة خاركوف ، حتى تتمكن أوكرانيا من الانتقام من القوات الروسية التي تهاجمها أو تستعد لمهاجمتها ، وان موقفها فيما يتعلق بحظر استخدام الصواريخ الباليستية التكتيكية ATACMS أو الأسلحة بعيدة المدى داخل روسيا لم يتغير.

ووجه أعضاء الكونغرس الأمريكي دعوات إلى وزير الدفاع لويد أوستن، يطالبون فيها بالسماح لنظام كييف بضرب الأراضي الروسية بالأسلحة الأمريكية، وبعد يومين عرض رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب مايكل ماكول ، على وزير الخارجية أنتوني بلينكن خريطة لروسيا حُددت فيها منطقة ، يمكن للقوات الأوكرانية أن تستهدفها بصواريخ “أتاكمس” ، دعوات اعتبرها المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف ، بانها تصدر عن متهورين يجعل الوضع أكثر توترا ويضر في المقام الأول بشعب أوكرانيا.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ، الذي شد رحاله في زيارة دولة ، هي الأولى منذ 24 سنة الى المانيا ، كسب خلالها ، تغيير موقف المستشار الألماني أولاف شولتس ، الذي كان يعارض وبشدة ، منح أوكرانيا الحق بضرب أهداف على الأراضي الروسية بأسلحة غربية ، والتأكيد ” بأنه لا يعارض السماح لكييف ” ، وشدد ماكرون على انه “لا ينبغي أن يكون لهم الحق في ضرب أهداف أخرى في روسيا، سواء كانت أهدافاً مدنية أو أهدافاً عسكرية أخرى”.
وتنطلق روسيا من حقيقة أن جميع الأسلحة بعيدة المدى التي تستخدمها أوكرانيا السابقة تخضع اليوم لسيطرة عسكرية مباشرة من دول “الناتو”، أي أن تلك ليست “مساعدة عسكرية” على الإطلاق، وإنما هي مشاركة في الحرب ضدها، وقد تصبح مثل هذه التصرفات سببا للحرب، وبالتالي سيتعين على حلف “الناتو” أن يقرر كيفية تصنيف عواقب الضربات الانتقامية المحتملة، على المعدات/المرافق/الأفراد العسكريين في كل دولة من دول الكتلة في سياق المادة 4 و5 من معاهدة واشنطن.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، ومن طشقند حيث كانت يتواجد في أوزبكستان بزيارة رسمية ، خاطب ممثلو دول الناتو وخاصة( الصغيرة ) في أوروبا، ، ودعاهم “أن يفهموا بماذا هم يلعبون ” ، وان يتذكروا أن هذه عادة ما تكون دولا ذات مساحة صغيرة، وكثافة سكانية كبيرة ، وتفسيرا لذلك اكد نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف ، أنه سيتم تدمير جميع المعدات العسكرية والمتخصصين الذين يقاتلون ضد بلاده على أراضي أوكرانيا (السابقة) ، أو على أراضي أي دول أخرى إذا تم تنفيذ هجمات على الأراضي الروسية من هناك.
وفي جميع الاحتمالات، تريد قيادة “الناتو” التظاهر بأن الحديث يدور حول قرارات سيادية لدول منفردة في الحلف لدعم نظام كييف، وليس هناك سبب لتطبيق قاعدة معاهدة 1949 بشأن الدفاع الجماعي، وتلك مفاهيم خاطئة وخطيرة وضارة ، فمثل هذه “المساعدات الفردية” من دول “الناتو” ضد روسيا، سواء كانت تتعلق بالسيطرة على صواريخ كروز بعيدة المدى ، أو إرسال فرقة من القوات إلى أوكرانيا، تشكل بحسب موسكو ، تصعيدا خطيرا للصراع، وسوف تتلقى أوكرانيا السابقة وحلفاؤها في حلف “الناتو” ردا بهذه القوة التدميرية، بحيث لن يتمكن الحلف نفسه ببساطة من مقاومة الانجرار إلى الصراع.
وبغض النظر عن مدى ثرثرة المتقاعدين في “الناتو” ، بأن روسيا لن تستخدم أبدا الأسلحة النووية التكتيكية ضد أوكرانيا السابقة، وحتى أكثر من ذلك ضد دول “الناتو” الفردية، فإن الحياة أفظع بكثير من تفكيرهم التافه ، كما يقول ميدفيديف ، وقبل بضع سنوات أصر هؤلاء أيضا ، على أن روسيا لن تدخل في صراع عسكري مفتوح مع نظام كييف من أتباع بانديرا، حتى لا تتشاجر مع الغرب، وقد أخطأوا في تقديراتهم والحرب دائرة ، ومن الممكن أيضا أن يخطئوا في تقديرهم بشأن استخدام الأسلحة التكتيكية النووية، برغم أن هذا سيكون خطأ فادحا ، ففي نهاية المطاف، وكما أشار الرئيس بوتين عن حق، تتمتع الدول الأوروبية بكثافة سكانية عالية للغاية، وبالنسبة للدول المعادية التي تتجاوز أراضيها منطقة تغطية الأسلحة النووية التكتيكية، هناك أخيرا إمكانات استراتيجية.
الروس يؤكدون ان هذا ليس تخويفا أو خدعة نووية، فالصراع العسكري الراهن مع الغرب يتطور وفق أسوأ السيناريوهات الممكنة، وهناك تصاعد مستمر في قوة أسلحة “الناتو” المستخدمة، لذلك، لا يمكن لأحد اليوم أن يستبعد انتقال الصراع إلى مرحلته النهائية.