خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
شارك حزب (پايداري) وشركائه؛ (شريان) و(مصاف)، بشكلٍ كبير وغير مسّبوق، في الانتخابات البرلمانية بدورتيها الحادية عشر والثانية عشر، زاد من مستوى المخاوف بشأن الجو الغالب على البرلمان الثاني عشر، من منطلق أن البلاد تعيش وضع حسّاس، بينما المنطقة غارقة في حالة من التوتر غير المسّبوق، الأمر الذي يُفرض على الحكومة والبرلمان التحرك بحذر في مثل هذه الأوضاع، والعزوف عن قول أو فعل ما يُزيد من تعقيد الأوضاع، لا سيما مع تدهور الحالة الاقتصادية والمعيشة للشعب، ومن ثم فأي تحرك غير منضبط قد يُزيد من الضغوط على الحلقوم الاقتصادي. بحسب تقرير اعدته ونشرته صحيفة (جمله) الإيرانية.
يستطيع توجيه الدفة رغم المعارضة..
لكن هذه الأحزاب حديثة النشأة في “التيار الأصولي”، لا توحي بذلك. وخلال الأسابيع الماضية، كنا قد كتبنا على الصفحة السياسية بالجريدة: “التوجه الأفضل في مثل هذه الظروف، الترفع عن التوتر، والعمل على التقارب مع دول المنطقة، وتنفيذ بنود الاتفاق مع السعودية بوسّاطة صينية، سواءً بالنسبة للحكومة الثالثة عشر أو البرلمان الثاني عشر المقبل”.
الآن بدأ البرلمان العمل واتضح تشّكيل الهيئة الرئاسية كذلك. ومما كتبنا في تحليلاتنا: “ثمة احتمال أن تُشير الأجهزة العُليا وتوصي البرلمان بالإبقاء على (محمد باقر قاليباف) رئيسًا للبرلمان؛ رغم المعارضة”، ويمكن رؤية أحد المؤشرات على هذه التوصية في رسالة المرشد الأعلى؛ والتي قال فيها بوضوح: “في النهاية يجب أن أتقدم بالشكر لنواب البرلمان الحادي عشر المحترمين؛ وبخاصة الرئيس المجتهد والهيئة الرئاسية”.
وكأن نواب البرلمان الثاني عشر قد فهموا هذه التوصية من فحوى رسالة المرشد، ووصلوا إلى قناعة بأن “قاليباف” يستطيع رُغم المعارضة؛ توجيه دفة بيت الأمة وصّوتوا له.
نظرة على تركيبة الهيئة الرئاسية للبرلمان..
وحصل “قاليباف”؛ في انتخابات الهيئة الرئاسية للبرلمان، على عدد: (198) من أصل: (287) صوت ليفوز برئاسة البرلمان الثاني عشر، وحصل منافسيه؛ “مجتبى ذوالنوري” على: (60) صوتًا، بينما “منوشهر متكي” على: (50) صوتًا، فضلًا عن (24) صوت باطل، وهي من طرائف هذه الانتخابات.
كما وقع الاختيار على “حميد رضا حاجي بابايي”؛ النائب عن “همدان”، و”علي نيكزاد”؛ النائب عن “أردبيل”، كنواب رئيس البرلمان، وتعييّن السّادة: “مجتبــی بخشــي پور”، و”أحمــد نــادري” و”روح الله متفکــر آزاد” و”مجتبــی یوســفي” و”محمــد رشــیدي” و”علي أکبــر رنجبرزاده”، أمناء الهيئة الرئاسية.
ونظرة على تركيبة الهيئة الرئاسية توضح أن التوصية والإجماع على استمرار “قاليباف” في رئاسة السلطة التشريعية، كان قرارًا حكيمًا بالنظر إلى المفاوضات بين “إيران” و”الولايات المتحدة” بوسّاطة “عُمان”، وكذلك الأخبار المتعلقة بتعيّين “علي شمخاني”؛ كمسؤول فريق المفاوضات النووية، ونأمل أن تثُمر هذه الآلية بالنهاية، وستنعكس هذه النتيجة على الاقتصاد الوطني ومعيشة المواطن، لكن ومع الأخذ في الاعتبار لمشاركة بعض الوجوه المتشّددة فإننا على يقين بأن الأوضاع لن تكون هادئة بالنسبة لرئيس البرلمان.
فترة رئاسية لن تكون هادئة..
ومن خلال معرفتنا ببعض الوجوه المتشّددة التي دخلت البرلمان الثاني عشر، فإننا نُرجح أنهم التزموا الصمت حتى الآن بسبب الأوضاع، ولن يسمحوا لـ”قاليباف” بفترة رئاسية هادئة.
وعدد أصوات “مجتبى ذو النوري”؛ يُثّبت أنه رُغم فشل المتشّددون في كسب الأغلبية، لكن بمقدورهم تهديد برامج رئيس البرلمان المختلفة، وحتمًا سيفعلون، لا سيما مع شهرة بعض كبار هذا الطيف بانعدام الأخلاق.
وكما سبق وأن كتبنا؛ فحتى لو وصل “قاليباف” رئاسة البرلمان الثاني عشر؛ (وهو ما حدث بالفعل)، فإن طريقه لن يكون معبدًا باستمرار وسيواجه أيامًا صعبة.
لقد كان الأصوليون؛ قبل عقدين، جبهة موحدة بقيادة منسّجمة ضد الإصلاحيين، لكن بعد الفترة الثانية من رئاسة “محمود أحمدي نجاد” للجمهورية، انقسم الأصوليون إلى ثلاثة أطياف هامة، لا ترفض التعاون فيما بينها فقط، وإنما يقاطعون بعضهم، ويخاطبون كبارهم بألقاب لو كان أحد من الإصلاحيين قد استخدمها قبل عقدين، لحاكموهم بالتأكيد، لكن هذا التلاسّن أصبح حاليًا مسألة عادية بين الأصوليين أنفسهم.
لم يُعد الأصوليون جبهة واحدة، وفي بعض المواقف يرّوجون التسّريبات ضد بعضهم، وهذا قد يدفعهم للتخلي عن بعضهم داخل البرلمان، وعلينا الانتظار لمعرفة ماذا سيحدث خلال الأشهر المقبلة.