18 ديسمبر، 2024 7:39 م

الفكر الوطني الشيعي/ العصمة والقيادة..

الفكر الوطني الشيعي/ العصمة والقيادة..

ما ولت أمة أمرها رجلا قط، وفيهم من هو أعلم منه، إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ما تركوا[1]
ماذا يعني هذا ؟
يعني أن تسليم الإمور بيد شخص قليل الكفاءة، أمر خطير…
لكن، في هذا الكلام، معنى آخر، أكثر أهمية، وأقصد تلك “المركزية” التي يمنحها المجتمع لذلك الرجل، في ملف ما، او كل الملفات، أي خطورة وجود تكليف “غير المناسب” على المجتمع…
وهذا الكلام “ما ولت أمة أمرها رجلا قط، وفيهم من هو أعلم منه، إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ما تركوا” هو كلام أعظم إنسان في البشرية، وهو الرسول الأكرم، محمد.
ويمكن القول بأكثر من فهم أو فهوم، من هذا الكلام العظيم، كالنالي:
1️⃣ إذا أخطأ المجتمع في إختيار قائد له، سوف يدفع ثمنا باهضا حتى يصحح ذلك الإختيار.
2️⃣ إن واقع المجتمع هو إنعكاس لماهية القيادة ونتيجة لإختيار الإدارة العليا، من قبل المجتمع..
3️⃣ إن عبارة “ما ولت امة” تعني مسؤولية المجتمع على الواقع الإداري في البلاد، لإن السكوت علامة الرضا. أي أن طبيعة الحكم هو من إختيار الأمة، ليس الا.
▪️ وهنالك فهوم أكثر ننركها لفطنة القارئ، الا أن عدد من الاستنتاجات ممكنة، كالتالي:
اولا. وجود مركزية، كنتيجة تلقائية للتولية، وهذا يفسر الأثر والخطر من تولية أو إختيار الأقل أفضلية.
ثانيا. وجود مركزية، كنتيجة تلقائية للتولية، والتكليف، وهذا يفسر الأثر والخطر من عدم إختيار الأفضل.
ثالثا. وجود مركزية، كنتيجة تلقائية للتولية، والتكليف، وهذا إمكانية النجاح والتطور في حالة إختيار الأفضل.
▪️وبالتالي كلما عظم المنصب والملف، ازدادت خطورة “التولية”… وهذا قد يفسر تدهور أمور أمتنا، بعد ان تركت الأفضل، أو المعصوم، وهو علي بن أبي طالب، ثم أستمر الحال في التسافل والتردي، والقبول بحكم “المتدني” في الرئاسات والمناصب والوظائف..
وجرت الامور على الاستهانة بالعصمة والكفاءة والاغلبية..
وللحديث بقية.
▪️▪️الهوامش▪️▪️▪️
روي عن الامام الحسن بن علي، عليهما السلام قوله:
وزعم معاوية بن صخر زعم أني رأيته للخلافة أهلا، ولم أر نفسي لها أهلا، فكذب معاوية وأيم الله لأنا أولى الناس بالناس في كتاب الله وعلى لسان رسول الله صلى الله عليه وآله غير أنا لمنزل أهل البيت مخيفين مظلومين مضطهدين، منذ قبض رسول الله، فالله بيننا وبين من ظلمنا حقنا، ونزل على رقابنا، وحمل الناس على أكتافنا، ومنعنا سهمنا في كتاب الله من الفئ والغنائم، ومنع امنا فاطمة عليها السلام إرثها من أبيها، إنا لا نسمي أحدا ولكن اقسم بالله قسما تأليا لو أن الناس سمعوا قول الله ورسوله لأعطتهم السماء قطرها، والأرض بركتها، ولما اختلف في هذه الأمة سيفان، ولأكلوها خضراء خضرة إلى يوم القيامة، وإذا ما طمعت يا معاوية فيها، ولكنها لما أخرجت سالفا من معدنها وزحزحت عن قواعدها تنازعتها قريش بينها وترامتها كترامي الكرة حتى طمعت فيها أنت يا معاوية وأصحابك من بعدك.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (ما ولت أمة أمرها رجلا قط وفيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ما تركوا) وقد تركت بنو إسرائيل وكانوا أصحاب موسى (عليه السلام) هارون أخاه وخليفته ووزيره، وعكفوا على العجل و أطاعوا فيه سامريهم، وهم يعلمون أنه خليفة موسى (عليه السلام)، وقد سمعت هذه الأمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول ذلك لأبي: (إنه مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) وقد رأوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين نصبه لهم بغدير خم، وسمعوه ونادى له بالولاية ثم أمرهم أن يبلغ الشاهد منهم الغائب وقد خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) حذرا من قومه إلى الغار لما أجمعوا على أن يمكروا به، وهو يدعو هم لما لم يجد عليهم أعوانا ولو وجد عليهم أعوانا لجاهدهم، وقد كف أبي يده وناشدهم واستغاث أصحابه فلم يغث ولم ينصر، ولو وجد عليهم أعوانا ما أجابهم، وقد جعل في سعة كما جعل النبي (صلى الله عليه وآله) في سعة، وقد خذلتني الأمة وبايعتك يا ابن حرب، ولو وجدت عليك أعوانا يخلصون ما بايعتك، وقد جعل الله عز وجل هارون في سعة حين استضعفوه قومه وعادوه، كذلك أنا وأبي في سعة من الله حين تركتنا الأمة وبايعت غيرنا ولم نجد عليه أعوانا، وإنما هي السنن والأمثال ينبع بعضها بعضا.
أيها الناس إنكم لو التمستم بين المشرق والمغرب رجلا جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأبو وصي رسول الله لم تجدوا غيري وغير أخي، فاتقوا الله ولا تضلوا بعد البيان، و كيف بكم وأنى ذلك منكم؟ ألا وإني قد بايعت هذا وأشار بيده إلى معاوية وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين.
أيها الناس إنه لا يعاب أحد بترك حقه، وإنما يعاب أن يأخذ ما ليس له، وكل صواب نافع، وكل خطأ ضار لأهله، وقد كانت القضية ففهمها سليمان فنفعت سليمان ولم تضر داود عليهما السلام، فأما القرابة فقد نفعت المشرك
المصدر: بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ١٠ – الصفحة ١٤٣