خاص: كتبت- نشوى الحفني:
اتهم وزير الخارجية الإيراني السابق؛ “محمد جواد ظريف”، “الولايات المتحدة الأميركية”، بتسبّبها في سقوط مروحية الرئيس الإيراني لأنها فرضت عقوبات على قطاع الطيران في “إيران” ومنعت إدخال قطع تحديث الطائرات. حسّب وكالة الأنباء الإيرانية.
اتهام “ظريف” جاء لكون “الولايات المتحدة” تُفرض عقوبات على “إيران”، تمنعها من استيراد الطائرات، وقطع الغيار والصيانة للطائرات، ومن بينها المروحية أميركية الصُّنع التي كان يستقلها “رئيسي”، وهي من طراز (بيل-212).
وتبلغ الطائرة (بيل-212) الأميركية الصُّنع من العمر: (30 عامًا) تقريبًا عندما اصطدمت بجانب الجبل بمنطقة وعرة تُحيطها الغابات.
وتحطمت المروحية التي كانت تقل الرئيس الإيراني؛ “إبراهيم رئيسي”، والوفد المرافق له في محافظة “أذربيجان الشرقية”؛ شمال شرق “إيران”.
وكان “رئيسي”؛ في محافظة “أذربيجان الشرقية” في “إيران”؛ في وقتٍ مبكر الأحد الماضي، لافتتاح سّد مع الرئيس الأذربيجاني؛ “إلهام علييف”، والسّد هو الثالث الذي بنّته الدولتان على “نهر أراس”.
وتُعاني “إيران”؛ منذ عقود، من تأثير “العقوبات الأميركية” على أسطولها الجوي المدني والعسكري، وقد أدت هذه العقوبات إلى تدهور كبير في حالة الطائرات وصعوبة الحصول على قطع الغيار والخدمات الفنية، مما أسفر عن سلسلة من الحوادث الجوية المأساوية.
تأثير العقوبات الغربية..
ويتناول تقرير لـ”جون بول راثبون”، و”سيلفيا فايفر”، و”فيليب جورغياديس”، في صحيفة (فايننشال تايمز)، تأثير العقوبات الغربية على حالة الطائرات المروحية الإيرانية.
وبحسّب الصحيفة؛ لم يكن من الممكن أن تكون الظروف أكثر صعوبة عندما شّرعت المروحية، التي يبلغ عمرها عقودًا من الزمن، والتي قطعت آلاف الساعات من الطيران، في رحلة فوق تضاريس غادرة وسط ضباب كثيف.
وفق التقرير؛ ليس من الواضح سبب تحطم المروحية الأميركية الصُّنع من طراز (بيل-212)، والتي كانت تقل الرئيس الإيراني؛ “إبراهيم رئيسي”، ووزير الخارجية على سفح جبل بالقرب من الحدود الأذربيجانية؛ يوم الأحد.
لكن محللين ومسؤولين سابقين قالوا؛ إن العطل من المُّرجح أن يكون مشاكل فنية، نظرًا لأن جزءًا كبيرًا من الأسطول الجوي الإيراني في حاجة ماسّة إلى قطع الغيار التي لم تتمكن “طهران” من شرائها بسبب “العقوبات الأميركية والغربية” الأخرى.
لم يُقدم تفسّير رسّمي..
وقال مؤسس معهد الدراسات الإيرانية في جامعة (سانت أندروز)؛ “علي أنصاري”، إن: “الأسطول الجوي الإيراني هو كناية عن النظام ككل، إنه قديم، ولا ينبغي أن يكون قادرًا على الاستمرار في الطيران، ومع ذلك فهو يفعل ذلك”.
ولم تُقدم “طهران” بعد تفسيرًا رسّميًا لحادث التحطم.
وأشار المسؤولون الإسرائيليون إلى أنهم غير متورطين، في حين قال “تشاك شومر”؛ زعيم الأغلبية في “مجلس الشيوخ” الأميركي، إن وكالات المخابرات الأميركية أبلغته بأنه لا يوجد دليل على وجود جريمة.
وبدلاً من ذلك؛ فإن السبب الأرجح هو الأسطول القديم، الذي تعرض لعقود من البلىّ. لقد تم إحباط “إيران” في جهودها الرامية إلى تجديد أسطولها أو الوصول إلى قطع الغيار وعقود الصيانة، وذلك بسبب “العقوبات الغربية” المفروضة على المؤسسات الإيرانية وقيود التصدير على السلع الفضائية لسنوات.
رفع العقوبات وتراجعها واتفاقات سرية مع “روسيا”..
تشمل الطائرات المدنية الإيرانية حفنة من طائرات (إيرباص-A300)؛ التي توقف إنتاجها منذ أكثر من عقد من الزمن.
ويبلغ متوسّط عمر الطائرات النشطة في أسطول الركاب: (28) عامًا تقريبًا، أي أكثر من ضعف المتوسّط العالمي، وفقًا لمجموعة بيانات الطيران؛ (سيريوم).
ولا تزال الخطوط الجوية الإيرانية، الناقل الوطني، تستخدم طائرة من “طراز (A300)”؛ يبلغ عمرها حوالي (40 عامًا).
وقال رئيس الأعمال الاستشارية في شركة (سيريوم)؛ (أسيند)، “روب موريس”: “الطائرات الأقدم عادة ما تكون أقل موثوقية، وهذا ينعكس في متوسط الاستخدام، الذي يبلغ متوسطه: (4.8) ساعة في اليوم أي حوالي نصف المتوسط العالمي”.
وتم رفع بعض “العقوبات الغربية” بعد أن وافقت “إيران” على “الاتفاق النووي” لعام 2015؛ مع القوى العالمية، وأبرمت “طهران” صفقات مع (بوينغ) و(إيرباص) بقيمة تزيد عن: (40) مليار دولار لتجديد أسطولها.
لكن هذا الانفتاح توقف فجأة في عام 2018؛ بعد أن تخلى الرئيس الأميركي آنذاك؛ “دونالد ترامب”، من جانب واحد عن “الاتفاق النووي”، وفرض مئات العقوبات المعوقة الأخرى.
إن معظم القوات الجوية الإيرانية أقدم من أسطولها المدني، وتجمع بين طائرات أميركية عمرها عقود، تم شراء الكثير منها في السبعينيات، وطائرات سوفياتية الصُّنع وعدد قليل من طائرات (ميراج. إف-1) الفرنسية الصالحة للطيران.
ويعتقد مسؤولو المخابرات الغربية؛ أن “روسيا” قامت هذا العام “بالتقدم” باتفاقيات سرية لتزويد “إيران” بطائرات مقاتلة متطورة من طراز (Su-35)، لكن لا يوجد دليل على إتمام أي صفقات.
استخدام معدات عفا عليها الزمن..
وتُكافح القوات التقليدية الإيرانية مع: “معدات عفا عليها الزمن على نحو متزايد”، وفقًا لـ”المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية”.
وأكد محللون؛ أنه من المُّرجح أن يكون ذلك عاملاً رئيسًا في تحطم المروحية الحكومية وسط أحوال جوية سيئة، مما أسفر عن مقتل الرئيس الإيراني؛ “إبراهيم رئيسي”، ووزير الخارجية؛ “حسين أمير عبداللهيان”، و(06) آخرين من الركاب وأفراد الطاقم.
تشتهر المروحية الأميركية (بيل-412) بكونها طائرة موثوقة، تم تطويرها لأول مرة في الستينيات واستخدمت في “حرب فيتنام”، وظلت نصيرًا قويًا للعمليات الجوية العالمية منذ ذلك الحين.
واليوم يتم نشرها من قبل منظمات متنوعة مثل القوات الجوية النمساوية، وخفر السواحل الياباني، وقوات الشرطة التايلاندية، وإدارات الإطفاء الأميركية.
وأوضح أستاذ هندسة الطيران والفضاء بجامعة (ميشيغان)؛ “كارلوس سيسنيك”، أن طائرات الهليكوبتر (Bell 212) و(412) تُستخدم على نطاقٍ واسع وتتمتع بسّجل جيد للغاية في مجال السلامة، ولكن في أي حادث، يجب أن تؤخذ ظروف التشغيل في الاعتبار، مع وضع الطقس والصيانة في أعلى القائمة.
تأثير على السلامة بشكلٍ مباشر..
وتمتلك “إيران”: (62) طائرة هليكوبتر من طراز (بيل) قيّد التشغيل النشّط، بما في ذلك: (13) طائرة من طراز (بيل-212).
يعتقد محللو الاستخبارات؛ أن المروحية المحطمة كانت تحمل رقم تسجيل (6-9207)، والذي يُشير إلى أنها تم تسّليمها إلى القوات الجوية الإيرانية منذ عام 1994.
وقال “دانييل مارتن”؛ شريك العقوبات المالية والتجارية في شركة المحاماة (HFW)، إن قطع الغيار للأنظمة التقنيّة الموجودة على متن مروحية (بيل) كانت ستخضع بالتأكيد لضوابط التصدير الأميركية والبريطانية والأوروبية.
وعلى الرُغم من بعض الاستثناءات في “العقوبات الأميركية”، بما في ذلك القدرة على التقدم بطلب للحصول على تراخيص تصدير لسلامة الطيران المدني، قال “مارتن”، إنه ليس من الواضح عدد الشركات التي تقدمت بطلب لتصدير مثل هذه الأجزاء.
وأضاف “مارتن”: “لقد استهدفت الولايات المتحدة شركات الطيران والمعدات، لا أعتقد أنك ستتمكن من القول إن الولايات المتحدة كانت تستهدف الرحلات الجوية التجارية العادية، ولكن هناك تأثير لا مفر منه على السلامة”.
انتظام حوادث طائرات الهليكوبتر..
وقالت شركة (بيل تكسترون)؛ الشركة الأميركية التي تصُّنع المروحية التي تحطمت بالرئيس الإيراني، إن: “شركة (بيل) لا تُمارس أي أعمال في إيران أو تدعم أسطول طائراتها المروحية”.
على الرُغم من أنها أقل أمانًا مقارنة بالطائرات – حيث يبلغ معدل الحوادث القاتلة في “الولايات المتحدة” حوالي: (1.3) لكل (100) ألف ساعة؛ مقارنة بـ (0.98) للطائرات، وفقًا لـ”المجلس الوطني لسلامة النقل” – إلا أن طائرات الهليكوبتر تظل العمود الفقري للخدمات اللوجستية العسكرية وسفر كبار الشخصيات في الرحلات القصيرة في العديد من الدول، وقال “سيسنيك” إنهم أيضًا: “أكثر أمانًا من ركوب السيارة”.
ومع ذلك؛ فإن حوادث طائرات الهليكوبتر العسكرية تحدث بشكلٍ أكثر انتظامًا.
وأوقف “الحرس الوطني الأميركي” مؤقتًا جميع طائراته المروحية في شباط/فبراير بعد حادثتي تحطم خلال شهر واحد.
ولقي (10) من أفراد الطاقم حتفهم في حادث تحطم مروحية تابعة للبحرية الشهر الماضي في “ماليزيا”، في حين أدى حادث آخر إلى مقتل أعلى ضابط عسكري في “كينيا”.
كما تعرضت المروحيات الروسية التي تستخدمها القوات المسلحة الكولومبية لعدد من الحوادث الأخيرة، كان آخرها حادث تحطم مميت الشهر الماضي؛ أدى إلى مقتل: (09) جنود كانوا على متّنها.
لكن “إيران”، التي تُحافظ على تحليق طائراتها عبر مزيج من الأجزاء المهربة والهندسة العكسية، لديها تاريخ متقلب بشكلٍ خاص.
وفي عام 2005، تحطمت طائرة نقل عسكرية فوق مبنى سكني في “طهران”، مما أسّفر عن مقتل: (128) شخصًا، وفقًا لوسائل الإعلام الرسّمية.
وفي الآونة الأخيرة؛ تحطمت طائرة هليكوبتر تقل وزير الرياضة الإيراني؛ “حامد سجادي”، العام الماضي، أثناء محاولتها الهبوط في ملعب لكرة القدم.
ونجا الوزير؛ لكن مساعده توفي وأصيب: (12) آخرون.
وبعد (05) أشهر، تحطمت طائرة تدريب غرب “إيران”، مما أسّفر عن مقتل شخصين.
الاعتماد على قنوات غير مباشرة..
ويقول تقرير لـ (سكاي نيوز عربية)؛ أن العقوبات المفروضة على “إيران” منذ “الثورة الإسلامية” في 1979؛ أدت إلى منع شراء قطع الغيار الأساسية للطائرات، مما أجبر شركات الطيران الإيرانية على الاعتماد على قنوات غير مباشرة للحصول على هذه القطع.
وتستخدم “إيران” شركات وسيّطة لشراء ونقل قطع الغيار بطرقٍ غير رسّمية؛ لكن دون جدوى حقيقية.
ونتيجة لهذه العقوبات؛ يمتلك الأسطول الجوي الإيراني نحو: (300) طائرة، نصفها تقريبًا معطلة بسبب نقص قطع الغيار والصيانة.
وتعتمد الخطوط الجوية الإيرانية بشكلٍ كبير على طائرات قديمة مثل (فوكر-100) و(بوينغ-MD)، مما يُزيد من تكلفة الصيانة والوقود، بحسّب “معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى”.
وفي السنوات الأخيرة؛ انخفض عدد الركاب والرحلات الجوية بشكلٍ ملحوظ بسبب تزايد تكاليف السفر والقيود المفروضة على الطائرات الإيرانية في المطارات الأجنبية.
تأثير العقوبات على الأسطول الجوي العسكري..
وتُضيف (سكاي نيوز عربية)؛ أن “العقوبات الأميركية” لم تؤثر على الطائرات المدنية فقط؛ بل أيضًا على الطائرات العسكرية.
وتُعاني العديد من الطائرات العسكرية الإيرانية من نفس مشاكل الصيانة ونقص قطع الغيار، مما أدى إلى حوادث مميتة عديدة من بينها:
في عام 1981؛ تحطمت طائرة (هرقل سي-130)، مما أدى إلى مقتل مجموعة من أبرز قادة الحرب “العراقية-الإيرانية”.
في عام 2005؛ تحطمت طائرة (داسو فالكون-20)، مما أدى إلى مقتل قائد القوات البرية لـ (الحرس الثوري) الإيراني؛ “أحمد كاظمي”، وعدد من قادة (الحرس) الآخرين.
مقبرة الطائرات في “مطار مهر آباد” !
وسبق وأن وصف وزير الصناعة والتجارة الإيراني؛ “عباس علي آبادي”، في تشرين أول/أكتوبر 2023، الحالة المزرية للأسطول الجوي الإيراني بوجود: “مقبرة للطائرات” في “مطار مهر آباد”، بـ”طهران”.
ويُجسّد هذا الوصف حجم الأزمة التي يُعاني منها الأسطول الجوي بسبب العقوبات، حيث تظل العديد من الطائرات غير صالحة للطيران بسبب عدم توفر قطع الغيار اللازمة.
وقد تسبّبت “العقوبات الأميركية”؛ المسّتمرة منذ عقود، في تدهور كبير في الأسطول الجوي الإيراني، مما أدى إلى سلسلة من الحوادث المأساوية التي لم يسّلم منها حتى المسؤولون الكبار في النظام.
وتستمر هذه العقوبات في تأثيرها السّلبي على قدرة “إيران” على تحديث وصيانة طائراتها، مما يُعّرض حياة العديد من المدنيين والعسكريين للخطر، حيث يتمثل الحل الوحيد لتحسّين الوضع في رفع العقوبات والسّماح لـ”إيران” بشراء قطع الغيار والطائرات الجديدة بشكلٍ مباشر.
وبحسّب (سكاي نيوز عربية)؛ كانت أهم حوادث الطائرات التي أودت بحياة مسؤولين إيرانيين:
في آيار/مايو 2024؛ سُّجلت حادثة تحطم مروحية الرئيس؛ “إبراهيم رئيسي”، ومسؤولين آخرين، وهو آخر مثال على سلسلة الحوادث التي تعرض لها المسؤولون الإيرانيون.
في آذار/مارس 2021؛ تحطمت مروحية كانت تقّل وزير الرياضة؛ “حميد سجادي”، وعددٍ من مرافقيه، مما أدى إلى وفاة مساعده؛ “إسماعيل أحمدي”، أحد أعضاء (الحرس الثوري) الإيراني.
في 20 كانون ثان/يناير 2005؛ تحطمت طائرة قائد القوات البرية؛ “أحمد كاظيمي”، مما أسّفر عن مقتل “كاظمي”، وعدد من قادة (الحرس الثوري).
في آيار/مايو 2001؛ تحطمت طائرة (ياك-40) تابعة لشركة (فراز قشم) الجوية، مما أدى إلى مقتل وزير الطرق والنقل؛ “رحمن دادمان”، وعدد من نواب البرلمان ومساعدي بعض الوزراء.
في 1981؛ تحطمت طائرة (هرقل سي-130)؛ تابعة لسلاح الجو الإيراني، مما أسّفر عن مقتل مجموعة من أبرز قادة الحرب “العراقية-الإيرانية”، بينهم: “يوسف كلاهدوز” و”محمد جهان آرا”، ووزير الدفاع آنذاك؛ “موسى نامجو”.
في عام 1994؛ قُتل قائد القوات الجوية؛ “منصور ستاري”، مع كبار ضباط القوات الجوية في حادث تحطم طائرة بالقرب من “مطار بهشتي الدولي”؛ في “أصفهان”.