18 ديسمبر، 2024 9:40 م

جولة التراخيص الثنائية الأخيرة

جولة التراخيص الثنائية الأخيرة

خيبة امل لحكومة السوداني وعبء اقتصادي كبير لا مبرر له على الاطلاق

احمد موسى جياد

استشارية التنمية والأبحاث

النرويج

نظمت وزارة النفط ولثلاثة أيام متواصلة (11-13 مايس/ايار) جولتي التراخيص “الخامسة+ والسادسة”، تضمنت عرض 29 حقلا ورقع استكشافية نفطية وغازية.  تهدف هذه المداخلة الى تقييم هذه الجولة الثنائية وقد استندت بشكل أساسي على التصريحات الرسمية المنشورة على موقع وزارة النفط وتوثيق نصوصها، والى التقارير اليومية الصادرة عن “تقرير نفط العراق IOR“، وعلى متابعتي المتواصلة وقاعدة المعلومات الواسعة عن تطورات القطاع النفطي العراقي التي احتفظ بها واحدثها باستمرار وعلى معلومات وفرها الأخ عبد المهدي العميدي- المدير العام الأسبق لدائرة العقود والتراخيص البترولية في وزارة النفط. وقد توصلت الى ما يلي:

أولا: انعدام الضرورة الحتمية لعقد هذه الجولة الثنائية

لا يوجد ولم تقدم حكومة السوداني ووزارة النفط أي مبرر قطاعي اوفني او اقتصادي او مالي مسند بالأدلة المادية او التحليل الرصين او البيانات الموثقة لعقد هذه الجولة الثنائية في هذا الوقت. بل على العكس، كان من المفروض ان يتم التركيز وتكثيف جهود الوزارة وإعطاء الأولوية على معالجة الاشكالات التي يعاني منها القطاع النفطي وخاصة في 1- مواصلة تطوير وإنتاج حقول جولات التراخيص الأولى والثانية، 2- حل الاختناقات في وتوسيع طاقة منافذ التصدير الجنوبية، 3-الزام شركة غاز البصرة على تنفيذ التزاماتها بالطاقة الإنتاجية المتفق عليها تعاقديا، 4-  المعالجة الجدية لمعضلة حرق الغاز المصاحب التي تتزايد حدتها بتزايد انتاج النفط، بدلا من اللجوء الى التعاقد مع شركات لا تمتلك المؤهلات المطلوبة لتنفيذ مثل هذه المشاريع ( مثل شركة غاز الحلفاية). ونفس الامر ينطبق على تطوير الحقول الغازية (مثل حقل غاز عكاز الذي احيل الى شركة اوكرانية مغمورة) 5- وفي مجال التصفية، التأكيد على ان يكون انتاج مصفى كربلاء مطابقا للمواصفات الفنية التي احيل تنفيذ المشروع على أساسها. ثم لماذا تصمت وزارة النفط عن الإشارة الى مصفى ميسان الاستثماري الذي احيل الى الشركة المفلسة ماليا وغير المؤهلة فنيا وهي شركة ستاريم السويسرية!! وأخيرا التوجيهات الخطيرة جدا والخاطئة بالمطلق التي تقضي بتقديم “الضمانات السيادية” لشركات هزيلة، التي ستعرض جميع الأصول المالية والعينية العراقية للملاحقة القانونية وستشكل سابقة خطيرة ستطلبها الشركات الأجنبية مستقبلا؛ فكيف تم ذلك ولماذا لم تتحرك الجهات المالية والقانونية المعنية ضد تقديم “الضمانات السيادية“!!؟؟

أليس من الاجدى والاجدر ان تركز الحكومة والوزارة على معالجة هذه المعضلات، بدلا من الهروب الى الامام بالإكثار من التعاقدات وتبديد الجهود، واعتبار ذلك إنجازا!!!!

ثانيا: نتائج الجولة مخيبة للآمال الرسمية

تمت احالة (13) مشروع من اصل (29) مشروع، من ضمن المشاريع المحالة رقعة الخليصية ضمن محافظتي نينوى والأنبار على الحدود العراقية – السورية، وهي رقعة غازية. كذلك تشير معلومات مشروع حقلي علان وساسان في محافظة نينوى انها نفطية وغازية. هذا يعني ان بقية الحقول والرقع المحالة تحتوي على النفط.

هذا بنظري، وبنظر العديد من الآراء التي اطلعت عليها، شيء متوقع في ضوء تجربة عرض الحقول والرقع الاستكشافية الغازية خلال الجولات الخمس السابقة ومحدودية العروض المقدمة بشأنها، لأسباب معروفة. ولكن يبدو ان وزارة النفط لم تتعلم الدرس، وان كانت تعلمت، فإنها لم توضح الامر لرئيس مجلس الوزراء الذي يبدو انه يعتقد بسهولة احالة وتطوير الحقول والرقع الغازية مثلما عليه الحال في الحقول والرقع النفطية. هذه النتائج تشكل خيبة امل لرئيس وحكومة السوداني، واتمنى ان يكون لهذه النتائج تأثير على فهم موضوع الغاز بشكل أكثر دقة وواقعية ومعقولية، والكف عن ترديد الاطروحات الرغبوية الشعبوية!

وكما ذكر اعلاه، لدى العراق نفط كثير وبالتأكيد لا توجد ضرورة ملحة لانفاق الاموال وتشتيت الجهود بهذا الاتجاه.

ومما يزيد الطين بلة، ان رقعة الخليصية وحقلي علان وساسان تمت احالتهم الى شركة كار العراقية- وهذا سأناقشه لاحقا!!!

وفي هذا المجال ارى من المفيد الاشارة الى توجيهات غريبة لرئيس مجلس الوزراء بإنشاء رصيف تفريغ دائم لاستيراد الغاز المسال (LNG) ضمن مشروع ميناء الفاو الكبير!!!!!

ثالثا: – الاحالة الى شركات غير مؤهلة وخاصة انها تقوم بدور المشغل

باستثناء عدد محدود جدا، فان بقية الشركات الصينية والشركة العراقية-كار التي تمت الاحالة اليها لا يمكن ان تمتلك مؤهلات وشروط ومتطلبات التأهيل التي اعتمدتها وزارة النفط خلال جولات التراخيص الاربع الاولى. كذلك يلاحظ عدم وجود تحالفات (كونسورتيوم)، مما يعني ان تقوم كل من تلك الشركات بدور المشغل الذي يتطلب، بدوره، التأهيل له شروط وضوابط عديدة.

كذلك يلاحظ انعدام المنافسة في تقديم العروض؛ فقد تركزت المنافسة على حقل ديمة وذلك بتقدم خمسة عروض وحقل ابو خيمة بعرضين. ولم تكن هناك أي منافسة لبقية الحقول والرقع المحالة.

ان قيام وزارة النفط بالتعاقد مع شركات اسمية او حديثة التشكيل او لا تمتلك الملائة المالية والادارية والتقنية تشكل، بقناعتي، مغامرة مكلفة وذات احتمالية عالية جدا بان تلحق الضرر البالغ بالمصلحة العراقية، وهذا لا مبرر لها على الاطلاق. فلماذا الاصرار على هذا السلوك؟؟؟؟

رابعا: العقود والنموذج الاقتصادي لا زالت سرية!!

لغاية تاريخه لم تنشر وزارة النفط أي من العقدين الأساسيين المعتمدين في هذه الجولة الثنائية: العقد الخاص بالحقول المكتشفة غير المطورة، والعقد الخاص بالرقع الاستكشافية. كما لم تنشر الوزارة المعلومات الأساسية المتعلقة بالنموذج الاقتصادي ومؤشراته المالية لتلك العقود.

ولكن كثيرا ما يشار الى ان النموذج الاقتصادي المعتمد هو نفس نموذج جولات التراخيص الخامسة بعد التعديل، دون ذكر تلك التعديلات ومبرراتها وتبعاتها وكلفتها المالية على العراق!!

المنطق الاقتصادي-القانوني والوقائع تشير الى انه عندما يعاد عرض الحقول والرقع الاستكشافية للاستثمار على أساس تعديل النموذج الاقتصادي او تغيير نوعية العقد، تكون النتيجة حتما لصالح الشركات النفطية على حساب المصلحة الاقتصادية للعراق.

تمثل جولة التراخيص الخامسة اللعينة، التي تمت بتوجيه وإصرار وزير النفط جبار لعيبي، أخطر هذه الامثلة حيث فتحت الباب مشرعا امام ممارسات مجحفة مضرة بالمصلحة الوطنية ومكلفة اقتصاديا وماليا. 1- فقد تخلى جبار لعيبي عن عقود الخدمة واستبدلها بعقود المشاركة في الأرباح (الوجه النقدي/المالي لعقود المشاركة في الإنتاج)، 2- وادخل شركات صغيرة ليست ذات خبرة في تطوير الحقول، 3- وتجاوز على الضوابط المعمول بها وذلك بالسماح لشركة مدرجة في “القائمة السوداء” ومنحها، بطريقة مشبوهة، حقلين لم يدرجا أصلا ضمن ما تم تقييمه للعرض في تلك الجولة، 4- تقليل فرص “الجهد الوطني” في تطوير تلك الحقول وخاصة الحدودية.

شكلت تلك الجولة الخامسة اللعينة سابقة خطيرةبدأت اثارها الكارثية بالضهور تدريجيا، وخاصة بعد ان تبنت حكومة السوداني ووقعت عقود تلك الجولة. ثم تلتها “فضيحة 27 بليون دولار” لتبرير الاتفاقية مع شركة توتال انرجي، ثم مهزلة عقد “شركة غاز الحلفاية” لاستثمار غاز حقل بن عمر النفطي، والطامة الكبرى بإحالة حقل عكاز الغازي الى شركة اوكرانية مغمورة، وأخيرا إحالة بعض الحقول والرقع الاستكشافية في هذه الجولة الثنائية الى شركات ليست لها خبرة في تطوير الحقول النفطية والغازية، كما ذكر اعلاه.

خامسا: الربحية العالية للشركات النفطية على حساب مصلحة العراق

قبل تناول هذا الموضوع اود الاشارة الى ان جميع بيانات وزارة النفط “عاجل” المنشورة على موقع الوزارة خلال أيام عقد الجولة لم تتضمن نسبة الربحية للعروض المقدمة او العروض الفائزة!!؛ أي ان الموضوع سري أيضا، والذي اصبح انعدام الشفافية في القطاع النفطي احدى سمات حكومة السوداني ووزير النفط حيان!!

ولحسن الحظ قامت وسائل الاعلام التي حظرت وغطت مجريات هذه الجولة، ومنها “تقرير نفط العراق” الذي اعتمدته لأغراض هذه الداخلة، بنشر نسب الربحية للشركات الفائزة. وعلى ضوء تلك النسب سيتم تقييمها بالتحليل المقارن مع عقود الخدمة لجولات التراخيص الثانية (للحقول البكر-المكتشفة غير المنتجة تجاريا) والرابعة (للرقع الاستكشافية)، كما توضحه الملاحظات التالية:

  1. لأغراض المقارنة وتحليل تأثير نسب الربحية لابد من التأكيد دائما على ان أي زيادة في اسعار تصدير النفط تعود جميعها للعراق في عقود الخدمة، بينما تحصل الشركات النفطية على جزء من تلك الزيادة في الأسعار: كلما ارتفعت نسبة الربحية كلما ارتفع عدد الدولارات ” أي الربح الصافي” للشركات. لابد من التنبيه مقدما ان التحليل المقارن يعتمد على أجور الخدمة “دولار/برميل” لجولتي التراخيص الثانية والرابعة، و”نسبة الربحية/برميل” لهذه الجولة الثنائية، لذا ارجو الحذر وعدم الخلط بين الاثنين.
  2. كملاحظة عامة فقد كانت نسبة الربحية مرتفعة بشكل غير مبرر وغير معهود، مما تدعو للتساؤل كيف يمكن لوزارة النفط ودائرة العقود فيها ان تقبل بذلك وما هي التعديلات على عقد جولة التراخيص الخامسة اللعينة التي سمحت بذلك. وهذا يتطلب من وزارة النفط تقديم الحسابات المالية لهذه النسب مقيمةً على أساس دولار/برميل وانعكاساتها على كلفة انتاج البرميل وضمن سعرين افتراضيين لتصدير البرميل وصافي العوائد التي سيحصل عليها العراق.
  3. تراوحت نسبة الربحية للحقول المحالة في هذه الجولة الثنائية بين 6.2% لحقل ديمه و29.16% لحقل الظفرية.  كلاهما حقول نفطية صغيرة مكتشفة أي لا توجد مخاطر استكشافية، وكلاهما يقعان في محافظات متقارب: ميسان وواسط على التوالي. فما هو تفسير هذا التباين الكبير الذي يصل الى 22.96 نقطة مؤية!! ثم قبول نسبة ربحية و29.16% لحقل الظفرية انما يعني ان نسبة الربحية المحتسبة من قبل وزارة النفط اعلى من ذلك. وإذا كان الامر كذلك، فهذا يعني ان كلفة انتاج البرميل من هذا الحقل، بالتحليل المقارن، ستكون مرتفعة لان كلفة الانتاج تتضمن التكاليف الراسمالية + الكلفة التشغيلية + حصة الشركة النفطية من الأرباح؛ وكلما ازدادت اسعار النفط ازدادت كلفة انتاج النفط من هذا الحقل. فما هو المبرر الاقتصادي للإنتاج من هذا الحقل بهذه الكلفة العالية والتي تتزايد بتزايد اسعار النفط؟؟؟؟؟؟

بالمقابل تضمنت جولة التراخيص الثانية حقول نفط عملاقة وكبيرة تباين انتاج الذروة فيها بين 230 الف برميل يوميا 1.8مليون برميل يوميا، وحقول نفط متوسطة تباين انتاج الذروة فيها بين 110 الف برميل يوميا و170الف برميل يوميا. أجور الخدمة الثابتة للمجموعة الأولى تتباين بين 1.15دولار/برميل و1.49دولار /برميل وللمجموع الثانية تتباين أجور الخدمة الثابتة بين 5و6 دولار/برميل.

يضاف الى ذلك وبسبب طبيعة عقود الخدمة ونظامها المالي وحجم الحقول النفطية (اقتصاديات السعة) فان كلفة انتاج البرميل تتناقص وصولا لانتاج الذروة وما بعدها وحجم العائد الصافي للعراق يتزايد بتزايد أسعار النفط.

يترتب على ذلك ان المبرر الاقتصادي يحتم أولوية الاهتمام بعقود جولات التراخيص الاولى والثانية ومعالجة ما يواجهها من إشكاليات لتامين الوصول الى انتاج الذروة المتعاقد عليها في الأوقات المعدلة، بدلا من زيادة العبء على كادر وزارة النفط بتوقيع عقود كثيرة لمشاريع صغيرة ومكلفة.

ونفس الامر ينطبق على الرقع الاستكشافية التي احيلت في هذه الجولة الثنائية. فنسبة الربحية في هذه الرقع المحالة اعلى من تلك الخاصة بالحقول، وهذا امر متوقع. ولكن تبقى مع ذلك عالية للغاية بشكل يدعو للتساؤل عن مستويات كلفة الإنتاج من هذه الرقع في حالة تطويرها لحقول منتجة. وتبعات ذلك اذا تضمن العقد شرط “استلم او ادفع”، وهذا اكيد!!!

باستثناء رقعة سومر الاستكشافية (في محافظة المثنى وبنسبة ربحية 17.85%)، تراوحت نسبة الربحية لبقية الرقع المحالة بين 25.16% (لرقعة الفاو) و32% (لرقعة الخليصية). وهنا ايضا اكرر نفس التساؤل- اين المنطق الاقتصادي في تطوير رقع استكشافية بهذه الكلف العالية؛ الم تتعلم وزارة النفط من تجربة تطوير حقل القيارة المكلفة وتطبيق شرط “استلم او ادفع”!!؟؟

لحسن حظ العراق لم تتقدم أي شركة بعرض للرقعة البحرية شمال الخليج العربي، سواء في جولة التراخيص الخامسة عام 2018 وفي هذه الجولة الثنائية. أقول ذلك مستندا على حسابات وزارة النفط بتاريخ 25 نيسان 2018 والتي تشير ان كلفة انتاج البرميل، بضمنها ربحية الشركة، بلغت 49.83 دولار!!

ان ما يدعو للغرابة والتساؤل انه تمت إحالة رقعة جبل سنام (في محافظة البصرة) بنسبة ربحية قدرها 30.9%، في حين ان حسابات وزارة النفط بتاريخ 25 نيسان 2018، المشار اليها أعلاه، حددت نسبة الربحية بواقع 14%!!! فكيف تم ذلك وما تفسير هذا التباين الهائل ولصالح الشركة الصينية المتواضعة- جيوجيد. كالمعتاد انا أتساءل ولا اتهم.

قدمت شركة سينوبك الصينية عرضا للرقعة الاستكشافية علان في محافظة المثنى، ولم يتم قبول العرض لأنه اعلى مما قدرته وزارة النفط. لم توافق الشركة على تخفيض نسبة الربحية لما يتوافق مع ما حددته الوزارة، وترك الامر. ربما تعيد الشركة حساباتها وتوافق لاحقا على ما طرحته الوزارة، كما حصل لأكثر من مرة في جولة التراخيص الأولى. 

سادسا: تأهيل شركة كار العراقية/الكوردية

أجد من الضروري تسجيل الملاحظات التالية على هذه الشركة وما احيل عليها:

  1. من الناحية الفنية والتقنية والخبرة العملية لا يرى العميدي ان هذه الشركة مؤهلة، فكيف تم ذلك. وانا اتفق معه في هذا الخصوص.
  2. تقوم هذه الشركة بالإنتاج من قبة خورمالة/في حقل كركوك التي استولت عليها عائلة البرزاني، ولم تعترف الحكومة الاتحادية بهذا الاستيلاء غير الشرعي؛ فكيف تتجاهل وزارة النفط هذه الحقيقة ام انها لا تعلم!!
  3. تتركز الحقول التي احيلت على هذه الشركة (ساسان وعلان) ورقعة الخليصية في محافظة نينوي. وهذا مدعاة للحذر الأمني والخطر الاستراتيجي المرتبط بما يروج له كمشروع “سهل نينوى” في توجهات الكيان الصهيوني. وفي هذا الخصوص أثيرت شبهات علاقة بين هذه الشركة وجهاز الموساد، واحداث حصلت فعلا خلال حكومة الكاظمي. أرى ضرورة قيام وزارة النفط التأكد من الأجهزة الأمنية المختصة من هذا الامر قبل توقيع العقود المتعلقة بنينوى.
  4. بما ان هذه الشركة عراقية، أجد من الضروري جدا حذف المواد المتعلق بالتحكيم الدولي من العقود التي ستوقع مع هذه الشركة؛ لان التحكيم بين الأطراف العراقية يجب، قانونيا، ان يتم امام الجهات العراقية المعنية. وفي حالة رفض شركة كار هذا الامر، يتم الغاء إحالة حقول ديمه، سيسان وعلان ورقعة الخليصية على هذه الشركة.

 

سابعا: تقزيم الجهد الوطني وتقليص مرونة العراق في التعامل مع متطلبات “أوبك+”

جميع عقود جولات التراخيص الخامسة وهذه الجولة الثنائية واتفاقية توتال انرجيز وعقد شركة غاز الحلفاية تقود حتما من الناحية الفعلية الى تقليص وتقزيم الجهد الوطني في تطوير الحقول النفطية؛ يترتب على ذلك ثلاثة اخطار استراتيجية اقتصاديا: الأول- تزايد الاعتماد على الشركات النفطية الأجنبية في انتاج النفط، الثاني- الكلفة الباهظة للغاية عند تطبيق شرط “استلم او ادفع” لجميع عقود المشاركة في الأرباح، الثالث- تقليص مرونة العراق في التعامل مع متطلبات “أوبك+” لتخفيض الإنتاج حفاضا على مستويات أسعار النفط.

ثامنا: كلمات افتتاح وختام الجولة الثنائية

كانت كلمات افتتاح الجولة لكل من رئيس مجلس الوزراء ووزير النفط مليئة بما يؤشر على الرغبوية والوعودية والشعبوية لا يسع المجال لمناقشتها. ولكن ما ذكره وزير النفط عند ختام الجولة ووعده بإعادة عرض الحقول والرقع الاستكشافية بجولة جديدة قادمة واضافة حقول ولرقع أخرى جديدة؛ والحبل عالجرار!! وبتنازلات جديدة وتعديلات إضافية على النموذج الاقتصادي وزيادة نسبة الربحية، وكلها لصالح الشركات النفطية على حساب مصلحة العراق.. ليس فقط ان وزارة النفط لم تعي الدرس فقط، بل إصرار غريب على ممارسات خاطئة مكلفة كارثية لا مبرر لها على الاطلاق، لماذا؟؟؟؟؟؟

ختاما، لا شك ان نوايا الأخ السوداني وحكومته مخلصة ووطنية وهادفة، ولكن النوايا شيء والممارسة العملية شيء اخر. فكثرة توقيع العقود، معظمها مع شركات هزيلة، لا يشكل إنجازا على الاطلاق. وان الإنعدام المتزايد للشفافية وترسخ السرية المقيتة في القطاع النفطي تثير شكوكا كثيرة مشروعة.

مما تقدم أرى ان جميع عقود جولات التراخيص الخامسة اللعينة وهذه الجولة الثنائية واتفاقية توتال انرجيز وعقد شركة غاز الحلفاية وعقد حقل غاز عكاز مع الشركة الأوكرانية تحمل الاقتصاد العراقي أعباء مالية ثقيلة للغاية وبدون أي مبرر على الاطلاق.

وكبديل أرى ان على الحكومة التركيز على حسن تنفيذ عقود جولات التراخيص الأربعة الأولى، المعالجة الفعلية والسريعة لتطوير طاقة التصدير في المنافذ الجنوبية، المعالجة الجدية لمعضلة حرق الغاز المصاحب. هذ هي الأولويات الثلاثة التي يجب التركيز على إنجازها خلال فترة هذه الحكومة.

ارجو نشر وتوزيع هذه المساهمة الى أوسع نطاق ممكن، تعميما للفائدة وتشجيعا للمشاركة في هذا الموضوع الهام.