موسكو: كتابات
وصل إلى الدنيا بعد عامين من ولادة الدولة العراقية الحديثة عام 1921 وتنقل في مختلف المناصب الحكومية والدبلوماسية، بينها سكرتير أول في سفارة العراق بموسكو حقبة الستينيات من القرن الماضي قبل أن يتقاعد وينتقل للعيش من بغداد الى دبي ويبلغ من العمر الان قرنا وعام وينتظر صدور مذكراته التي دفع بها إلى كاتب عراقي لمراجعتها وتنقيحها.
الدبلوماسي المخضرم منير الملائكة سليل أسرة بغدادية عراقية ذاع صيتها بفضل نخبة من الأسماء العلمية والثقافية بينهم الشاعرة نازك الملائكة وتعد رائدة الشعر الحديث في العراق.
ولد منير الملائكة في بيت واحد مع ابنة اخته الشاعرة نازك و قد توفيت في القاهرة عام 2007.
يشير الملائكة ان الأسرة المنحدرة حقبة فجر الإسلام من سبا في اليمن قطنت على مدى قرون في أحياء بغداد التاريخية القديمة وكانت تلقب ب ( الجلبي) قبل أن تكتسب لقب الملائكة في القرن التاسع عشر.
ويقول في حديث مع برنامج ” قصارى القول التوثيقية” الذي يقدمه سلام مسافر من قناة RT وتابعته كتابات :
-كان والي بغداد علي باشا يحرص على الصلاة في مختلف المساجد للموازنة بين اتباع المذاهب الإسلامية في العراق. وكان يصلي كل ثالث جمعة في الحضرة الكاظمية مرقد الإمام السابع لدى الشيعة الاثنى العشرية. ولم تكن في المدينة انذاك فنادق فكان يحل ضيفا على ديوانية جدي الخامس الحاج محمود وشقيقه الحاج محمد واراد ان يرد لهم الجميل فاستأذن السلطان بمنح أسرتنا لقب ( جلبي) الذي لا يمنح إلا بفرمان من الباب العالي العثماني في الاستانة وذلك في العام 1760 وبقيت الأسرة تحمل اللقب لعشرات السنين حتى تغير إلى الملائكة بفضل بيتين من الشعر قالهما نائب والي بغداد مدحت باشا وكان اسمه عبد الباقي العمري الفاروقي الذي وصف بيت اجدادي منشدا :
بيت تجاذبه التحدث بالوما فكأن من فيه ملائكة السما
وازدان بالأدب الرفيع وقد سما و لكاد فيه الصمت أن يتكلما
و هكذا صار بيتا الشعر حديث أهل الحي وصاروا يرددون؛ في بيت الجلبي تعيش الملائكة وشاع اللقب وأدخلناه في شجرة العائلة على مدى الأجيال المتعاقبة.
عاش الدبلوماسي المعمر مع الشاعرة نازك الملائكة التي تكبره بثلاثة اشهر في بيت واحد ويقول
– ولدت ونازك في العام ذاته، 1923 بفارق ثلاثة أشهر تقريباً و عشنا نحن الثلاثة، نازك الملائكة وأخي الدكتور نزار الملائكة، وهو أكبر من نازك بسنة، وأنا في منزل العائلة الكبير إلى عام 1929 حيث انتقلت نازك إلى بيتهم الجديد في حي الكرادة، أما نحن فغادرناه في عام 1938 بعد أن استولت عليه الدولة من أجل شق الطرقات والشوارع.
ينتمي منير الملائكة إلى جيل شهد أحداثا سياسية واجتماعية عاصفة في العراق اخطرها إطاحة النظام الملكي وكان خاله محمد مهدي كبه مؤسس حزب الاستقلال أحد ابرز رموز المعارضة الوطنية للحكومات الملكية المتعاقبة وصولا الى انقلاب الضباط عام 1958 واستلام الزعيم عبد الكريم قاسم وعدد من العقداء والجنرالات دفة الحكم ودخول العراق في دوامة الانقلابات العسكرية على مدى العقود الأخيرة.
يقول:
– عارض خالي الشيخ محمد مهدي كبه النظام الملكي متطلعا الى حياة نيابية ديمقراطية حقيقية واختلف مع نظام الضباط لنفس الأسباب وكان حزب الاستقلال يمثل تيارا قوميا معتدلا يختلف عن حرب البعث في شعاراته الراديكالية.
ويلفت منير الملائكة إلى أن العراق في الحقبة الملكية عاش عقودا من الاستقرار النسبي وساهمت مختلف فئات المجتمع العراقي في بناء الدولة العراقية الحديثة بمن في ذلك المسيحيون واليهود.
ويقول:
-شكل اليهود ثلث سكان بغداد تقريبا قبل الهجرة الى فلسطين في أربعينيات القرن الماضي. وكانوا مع المسيحيين يحتلون مناصب مفصلية في الدولة فيما كان الدينار العراقي قويا ويعادل جنيه إسترليني بفضل عائدات النفط التي كانت تحسب اسعارها بالذهب وليس بالأوراق المالية.
ويروي ان اضرابا عاما لليهود في بغداد شل الحياة في العاصمة العراقية أواسط الأربعينيات ويقول:
-توقفت الأعمال وحركة السير وكأن بغداد خلت من سكانها حتى أننا في صمت المدينة كنا نسمع هدير نهر دجلة الذي يشقها إلى ضفتين؛ الكرخ والرصافة.
يوكّد الملائكة ان فرص الدراسة خارج العراق كانت متاحة للحاصلين على درجات عالية عند التخرج من المدارس الإعدادية وان طوائف المجتمع العراقي كانت تعيش بانسجام ووئام.
ويسرد الدبلوماسي جانبا من ذكرياته في موسكو حين عمل أواخر الستينيات من القرن الماضي في السفارة العراقية وحضر حفلات استقبال من بينها حفل استقبال إمبراطورة ايران ويقول:
-كانت موسكو تضج بحفلات الاستقبال لكني تجنبت المشروبات الكحولية وكنت ابلل شفتي مجاملة للضيوف .
ويعتقد ان الحياة الصحية المعتدلة هي سر عمره الطويل. ويقول :
– لا اشرب ولا ادخن واحرص على المشي والتمارين الرياضية والسباحة والتنزه والسفر والاستمتاع بالحياة.