18 نوفمبر، 2024 2:50 ص
Search
Close this search box.

ما ذنب الحديقة العراقية ؟

ما ذنب الحديقة العراقية ؟

كان للحديقة معنى وذكرى ومصور جوال، كذلك فيها ماء خابط وصافي، إنارة ملونة، فلاح وحارس حكومي. تفتتح باحتفالية رسمية وشعبية حيث تتجمع الجماهير والمدارس القريبة والموسيقى الشعبية تصدح عند افتتاح حديقة..لأنها متنفس للعائلات والمسافرين وطلاب المدارس.. حتى اشتهرت بعض مداخل ومخارج المدن والمناطق بأسماء الحدائق.
تحولت من مصنع للهواء اللطيف والظلال  والنافورات التي ترشرش  رذاذ الماء والتماثيل والمصاطب..من مصنع للأوكسجين وعطر الورد والهواء البارد الى روائح كريهة لمجاري ومنهولات مفتوحة تبتلع المارة.
أصبحت الحدائق أماكن لحاويات وأحذية قديمة وجوارب وحفاظات أطفال، أوساخ الدوائر والمدارس القريبة ومحارق لگير سطوح المباني. كذلك، مخازن لمخلفات مشاريع البناء والحفريات، بوري مجاري، أعمدة كهرباء مكسورة ومصابيحها مشنوقة، قطع كونكريتية، سكراب منوع. مخلفات شيش حديد وإطارات سيارات وبطاريات وبراميل.
هناك باعة الشاي ولفات الگص والسجائر والكارتات والحاجيات المتنوعة، كتاب عرائض ونجار يصبغ الكنتور وخطاط.. نقاط حراسة أو دوريات حيث توجد خيام وحبال لنشر الغسيل.
تحولت الاسيجة الجميلة التي تحيط بالحدائق الى لافتات نعي، بيع وشراء، ترويج لبضائع، أسلاك شائكة،عناوين للدراسة والمعالجة والعمرة .
لا توجد فراشات وعصافير بل لا وجود لشاعر أو فنان يستريح أو مواطن يقرأ جريدة أو مسافر يروح عن نفسه وأطفاله يمرحون فيها أو مريض في دور النقاهة, بل هناك متسولين ومعوقين ومجانين أو شخصا متوفى أو مقتولا متروكا وبشكل مكشوف وحيوانات مدهوسة بالسيارات تأكل منها الكلاب والقطط.
تحولت الى ساحة وقوف أو لعب كرة قدم أو غسيل ستوتات، دهون السيارات ومخلفات الأطعمة والكلاب السائبة.
قطع حديدية تروج لبضائع الشاي ومنتجات گاله، الصابون، القابلة المأذونة، البنزين الفل.
 الكثير من الحدائق جعلها الإرهاب مرغمة تشترك بتفخيخ السيارات والناس أو عمليات الخطف والمساومة، انتظار الوقت المناسب لسرقة البيوت والمحال. بيع المواشي والقصابين والسمك والرقي والطبخ وولائم الفواتح والأعراس، خطوط الاشتراك بالمولدات.. قناني فارغة، علاگات نايلون مملوءة فضلات.
حتى التجمعات والتظاهرات فيها دمرت المتبقي من معالمها.
ما ذنب الحديقة، أي ذنب ارتكبت ؟!.. ما ذنب محبيها ومحييها،الشجرة العصفور الفراشة ..ما ذنب الوردة والساقية الصغيرة الجميلة والنافورة والمصطبة..
انتقلت الظاهرة الى حدائق الدوائر الأمامية والداخلية أصبحت گراجات لسيارات الدوائر والموظفين.
ما ذنب، برد الحدايق عافيه..حيث كلما تعب المغني من البحث والتجوال، عاد ليقنع نفسه بعد معاناة، برد الحدايق عافيه، انها مزيل الإرهاق والتعويض عن خسارة الحلم، وفي الحديقة جواب سؤال(هلچ وين ينجوى) ؟، هو لا يعرفها، نجوى مثل  ذكرى يسرى ؟.
هناك أسماء للحدائق تحفظها الأجيال، شاركت المواطنين في المواقف السياسية والرياضية والفنية والاجتماعية..لكنها مسكينة من بين أخواتها. أصبح يطلق اسمها على شواذ ونكرات يسمون(حديقة) !!.
يعلق هذه الأيام صور ولافتات بعض المرشحين ووعودهم الباطلة وأولها بدلا من ازرع (دوس). تذكرني بمدرس النبات الذي أحيل على التقاعد، نصح طلابه، قائلا: عندما يبدأ الدرس العملي سيروا إمام طلابكم في الحدائق، حتى إذا صادفك نبات صغير لا تعرفه، سيكون موقفك محرجا أمام اللذين قضيت عمرك (تثرم براسهم بصل)، دوس عليه بحذائك ؟. هكذا هو الدرس السياسي، دوس على كل مواطن يحرجك بمطلبه الشرعي وأنت تزرع له برامج كاذبة! .

أحدث المقالات