تعتبر اللغة الفارسية واحدة من أقدم اللغات التي ما زالت حية حتى يومنا هذا، وقد شهدت هذه اللغة تطوراً وتغيراً عبر العصور, ومن اللافت أن اللغة الفارسية كانت تُعرف باسم “الفارسية القديمة” في العصور القديمة، وفي العصور اللاحقة تم تسميتها باللغة الفارسية الوسیطة وأخيراً باللغة الفارسية الحديثة.. في هذا البحث سنتناول تطور اللغة الفارسية عبر الزمن، بالإضافة إلى شرح العوامل التي أثرت على تطورها.
وتعد اللغة الفارسية من لغات العالم الإسلامي التي أثرت بشكل كبير على صورة الحضارة الاسلامية وما زالت كذلك لما أفرزته إيران من علماء في مختلف مجالات الحضارة.
جاءت تسمية اللغة الفارسية على العديد من اللغات المتداولة في إيران ومنذ الهجرة الآرية لهذا البلد حتى وقتنا الحاضر ، وهي من اللغات الهندو – أوربية والتي شهدت عملية تطوير كبيرة عبر مسيرتها الطويلة ، وهنالك ثلاث مراحل مهمة مرت بها هذه اللغة :
تعود جذور اللغة الفارسية القديمة إلى العصور القديمة ومنها عصر الإمبراطورية الفارسية القديمة (550 –330 قبل الميلاد)، حيث كانت اللغة الرسمية في الإمبراطورية الفارسية القديمة هي اللغة الإيلاميةواللغة البابلية, ومن بين النصوص القديمة التي تم العثور عليها والتي تعود إلى هذه الفترة تمثل النقوش الفارسية على الصخور والتي تحتوي على نصوص باللغة الإيلامية.
لقد تكلم الفرس عدة لغات عبر تاريخهم الطويل ،فكانت الفارسية القديمة هي لغة البلاط الملكي وأعيان البلاد ،وكان ذلك في عهد ( دارا الأول ) ، وهي لغة ترتبط كثيراً باللغة السنسكريتية حتى ليعتقد أنهما ( الفارسية القديمة والسنسكريتية ).
ولما مارس الفرس الكتابة استخدموا في نقوشهم الخط المسماري واستخدموا الحروف الهجائية الآرية لكتابة وثائقهم .. وقاموا بتبسيط مقاطع اللغة البابلية الثقيلة والصعبة ، فأنقصوها من ثلاثمئة رمز إلى ست وثلاثين علامة ، تبدلت شيئاً فشيئاً من مقاطع إلى حروف حتى صارت حروفاً هجائية مسمارية” فاللغة المسمارية هي اللغة السائدة في إيران والتي تكتب من اليسار إلى اليمين، وكانت اللغة الرسمية للدولة الاخمينية (558–331 ق.م ) والتي أسسها القائد ( كورش الكبير )
في الفترة الزمنية ما بين القرن الثالث قبل الميلاد والقرن الثالث الميلادي، بدأت اللغة الفارسية القديمة في التطور والتغير لتصبح ما يعرف باللغة الفارسية الوسطى, في هذه الفترة ظهرت مجموعة من النصوص الأدبية والشعرية التي كتبت باللغة الفارسية الوسیطة، مثل كتاب “شاهنامه” للشاعر الكبير فردوسي.
والبعض يقول أنها تمتد من القرنين الرابع والثالث قبل الميلاد حتى القرنين الثامن والتاسع بعد الميلاد ، إذ سادت في إيران العديد من اللغات الإيرانية المتطورة على اللغات القديمة ، التي امتازت بعدة ميزات، كان أهمها بساطة قواعدها وصورها و وضوح شخصيتها ومن ابرز هذه اللغات :
وظهرت هذه اللغة بعد حدوث تطورات كبيرة على اللغة الفارسية القديمة وتفرعت إلى فرعين هما : الزندية – لغة الزند – أبستاق ، والبهلوية التي هي من اللغات الهندية واشتقت منها اللغة الفارسية الوسطى.
وهنالك لهجتان للغة البهلوية والتي عرفت في مرحلة اللغة الإيرانية الوسطى وهما:
•البهلوية الساسانية : والتي كانت سائدة في منطقة الجنوب الغربي لإيران وفي الوقت نفسِهِ تعد اللغة الرسمية للدولة الساسانية .
• البهلوية الاشكانية : التي كتبتْ بها بعضُ النقوش المأثورة عن أوائل الملوك الساسانيين بصفتها اللغة الرسمية للملوك الإشكانيين، وكانت قد سميت بتسمية لا تلائمها ( الكلدانية البهلوية).
وهي من اللغات السامية ، وكانت لغة عامة الاستعمال في أجزاء آسيا الصغرى كلها ،واستعملها الاخمينيون في كتابة دواوينهم ، ولما كانت اللغة المسمارية غير عملية فقد استعملت الكتابة الآرامية بدلاً عنها حتى في الوثائق المكتوبة باللغة الفارسية ،وكان هذا أصل الكتابة البهلوية وأيضاً استعملت الألفاظ الآرامية في النصوص البهلوية.
يعود تاريخ هذه اللغة الى بدايات العصر المسيحي ، وكانت تمتد من سور الصين وحتى سمرقند ، وهي لغة دولية لآسيا الوسطى ، وقد وجدت نصوص في العهد الجديد مترجمة إليها ، مما يدل على استعمالها أثناء مرحلة الفارسية الوسطى , وهي اليوم تعدُّ العامية التي يتكلم بها أهل وادي ( يغنوب ) في ( بامير ).
وهي من مجموعة اللغات الإيرانية الشرقية ،ويمثلها اليوم اللغة الأفغانية وبعض اللهجات (الباميرية ) مثل : الساريكولية ، والشغونية ، والواضية وغيرها .
وهي لغة المسيحيين الذين يقيمون في إيران في العهد الساساني ، وهم من أصل سامي ، وأصلها مدينة (أدسا ).
تعتبر اللغة الفارسية الحديثة هي الشكل الحديث للغة الفارسية، والتي استمر تطورها عبر العصور حيث تأثرت بالعديد من اللغات الأخرى مثل العربية والتركية والفرنسية, وظهرت في هذه الفترة قواميس ونصوص أدبية وفلسفية مهمة كتبت باللغة الفارسية الحديثة، مما اعطى لها مكانة هامة في الثقافة الشرقية.
أذن اللغة الفارسية الحديثة هي امتداد للغة الفارسية القديمة واللغة البهلوية على مدى تاريخها أي من بداية الدولة الاشكانية (250ق.م ) وحتى انهيار الدولة الساسانية ودخول الدين الإسلامي الى بلاد فارس ، وعلى أثر انهزام الملك الإيراني ( يزد جرد الثالث ) وبشكل نهائي وكان ذلك في معركة ( نهاوند ) والتي عرفت عند المسلمين بـ (فتح الفتوح ) سنة (21هـ / 642 م ).
وبعد الفتح العربي الإسلامي لإيران ظلت اللغة البهلوية هي اللغة الرائجة والسائدة في بلاد فارس فهي اللغة الرسمية والأدبية والسياسية والدينية في ايران .
وبما ان اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم وهي اللغة التي جاء بها الدين الإسلامي ، فكان لزاماً على من يدخل هذا الدين أن يتعلم اللغة العربية وأن يجيدها لفهم تعاليم هذا الدين الجديد , لذلك كان على الإيرانيين أن يتعلموا اللغة العربية فقد أقبلوا عليها إقبالاً شديداً لتعلمها وتعلم الكتابة بها .
أصبحت اللغة العربية هي اللغة الرسمية في إيران ، بل واللغة الأدبية والعلمية في إيران، إذ أنها أصبحت لغة مفهومة لدى معظم أفراد الشعب الإيراني ، إلاّ أنّها لم تصل إلى حد أن تكون اللغة المحكية ولغة المخاطبة ، لذلك ظلت اللغة البهلوية سائدة لدى فئات الشعب ، وأن تسربت إليها مفردات ومصطلحات عربية ، وخصوصاً في المسائل الدينية والفقهية وكذلك في الشؤون الإدارية والسياسية وفي القضايا الأدبية والعلمية .
ونشأت عن تفاعل اللغة البهلوية واللغة العربية لغة جديدة عرفت بـ ( الفارسية الدرية) أو (الفارسية الإسلامية ) والتي تمثل اللغة الفارسية الحديثة التي تطورت إلى اللغة الفارسية المعروفة اليوم .
العوامل التي أثرت على تطور اللغة الفارسية:
تأثير الحضارات القديمة: لعبت الحضارات القديمة في المنطقة دوراً كبيراً في تطور اللغة الفارسية، حيث كانت هناك تبادل للعلوم والثقافة بين الحضارات.
التأثير العربي: بعد فتح بلاد فارس من قبل العرب في القرن السابع الميلادي، شهدت اللغة الفارسية تأثراً كبيراً من اللغة العربية في مجالات مختلفة مثل الأدب والعلوم.
التطور التكنولوجي: مع تقدم التكنولوجيا وانتشار وسائل الاتصال الحديثة، شهدت اللغة الفارسية تطوراً في مجالات مثل الإعلام والإنترنت.
الاستنتاجات :
من المعروف للجميع , أن اللغة العربية لغة سامية، والفارسية لغة آريه, لذلك، وعلى الرغم من أن اللغتين العربية والفارسية غير مرتبطتين لا في الأصل ولا في التكوين، إلا أنهما موجودتان منذ القدم , لأن التاريخ جمعهما وجمعتهما الحضارات المشتركة, وكانت هناك روابط بينهم لم تكن موجودة بين اللغات التي لها نفس الأصل والنسب.
وبعد دخول إيران في الإسلام، وحدث تبادل ثقافي كبير بين الحضارة العربية الإسلامية والحضارة الفارسية، تحطمت كل الحدود والحواجز بين هاتين الحضارتين وأصبح التأثير المتبادل بين اللغات ضروريا.
وكان تأثير اللغة العربية على اللغة الفارسية هو الأقوى والأكثر وضوحا بسبب صرامة اللغة العربية وقوة أسسها البنيوية, ومن ثم عزز القرآن الكريم أسس هذه اللغة وزادها وحافظ على هيبتها وأصبح السبب الرئيسي في التأثير في لغات البلدان التي انضوت تحت راية الإسلام.
وبصورة عامة تجد في ايران القوميات الأتية :-
النسيج معقد ومتنوع ولكن الكل بلا استثناء يتميز بالآتي :
( أردشير زاهدي 1928– 2021 ) زوج بنت الشاه (محمد رضا بهلوي 1919–1980 ) ووزير خارجيته وسفيره في أمريكا , هرب من إيران بعد ثورة الإمام الخميني /1979م وعاش في المنفى.. بعد مقتل الجنرال (قاسم سليماني 1957–2020) على يد أمريكا في مطار بغداد, هنا المفترض من أردشير أن يفرح بهذا الحدث, لكنه لم يفعل ذلك , وقد نعى اللواء بقوله (سليمـاني كان جندياً وطنياً شريفاً وأمريكا هي الإرهابــي الأكبر).
وقال : انه جنرال وقائد عظيم مثل الجنرال شارل ديغول ومونتغمري والجنرال أيزنهاور والجنرال رومل, أردشير الذي فقد عز الملوكية والسلطة والحكم , هكذا ينعى جنرال من نظام معارض له حرمه وأقصاه من السلطة والنفوذ..
المصادر