كانت وجهتي شراء كتاب من المتنبي والعودة الى المنزل ,اجتذبني العزف الموسيقي على آلة “الاركديون” المنبعث من وسط الحشد المتواضع ام تمثال الجواهري في وسط باحة البيت الثقافي في شارع المتنبي يوم الجمعة 18نيسان2014تحت شجرة بائسة, كنت أتوقع ان تقع عيني على موسيقي كبير يناسب على الأقل مع الأداء فوجدت العازف طفلة بابلية اسمها “روان” عمرها أثنى عشر عاما جاءت من بابل بصحبة أبيها وأختها الكبرى وكانت في انتظارها السيدة “هناء ادور” احد أهم إعلام ناشطات المجتمع المدني العراقي والتي كانت بمثابة العائلة الروحية “لروان” حيث كانت تتابعها بكل جوارحها ,روان تحمل رسالة حب وسلام الى اطفال العراق, كنت أظن لوهلة الأولى ان الرسالة التي تريد ان توصلها عن طريق قطعة موسيقية ,ولكن ما ان انتهت من العزف وقابلها الحاضرين بالتصفيق وقفت كوقفة الواثقة من نفسها لتقي رسالتها بارتجال أدهش وابكي الحاضرين من رواد المتنبي,عندما استطاعت ان تجمع بين الايمائات ومخارج الكلمات وتوظفها في إيقاع مميز لتبهرنا بمنظر مسرحي أفلاطوني تراجيدي حزين,قالت “انأ طفلة جئت من بابل ابحث عن الأمن والأمان وعن غدا مشرق لأعيش كباقي أطفال العالم جئت احمل رسالة إنابة عن المشردين و الأيتام والجياع والمساكين من أطفال بلدي الجريح وأدافع عن الطفولة المهددة بالاستباحة بقوانين جائرة والخوف من رائحة الموت التي باتت تخيفني وتقض مضاجعي وتحرمني النوم بسلام ابحث عن ملاذ امن ,توقفت ثم أردفت لتقول أجده في صناديق الاقتراع يوم الانتخابات , انتهت من كلمتها لكن لم تنتهي من فيض الإبداع فقد شكل الثنائي (روان والسيدة هناء ادور )صورة استطاعت سحب الأضواء ووسائل الإعلام وكانت بمثابة النكسة للمرشحين الحاضرين لترويج دعاياتهم الانتخابية في المتنبي, المكان لم يكن يتناسب مع حجم العطاء والإبداع خصوصا بعد ان زحفت أشعة الشمس لتسرق الظل من تحت الشجرة البائسة كبؤس أطفال العراق الأمر الذي دعاني ان أفصح عما في صدري للقول وبصوت عال “أيعقل أن يكون كل هذا الإبداع تحت هذه الشجرة وقصائد المدح المستهلكة والتمثيل الهابط على المسرح أين الفضائيات ووسائل الأعلام تعالوا وعطروا برامجكم بهذا الإبداع وتوضوا به لتطهروها من ادرأن السياسة,وذهبت ابحث عن المسئول عن أدارة المسرح وكان بمنتهى الذوق والأدب ووافق على ان تعتلي “روان” حبيبتي الصغيرة المسرح وتعزف ومن جملت العزف مقطوعة موطني الذي رددها كل الحاضرين ليتحول البيت الثقافي الى كرنفال شعرت حينها بان تمثال الشاعر المتنبي والجواهري يرددان معنا,نعم لقد كانت “روان” بمثابة سفيرة الطفولة وقدمت ما اعجز ان يقدمه السياسيون والمثقفون من لم الشمل وتوحيد الكلمة.