18 ديسمبر، 2024 9:45 م

مركز الوقاية من الاشعاع “واقع الميدان يصنع المنجزات”

مركز الوقاية من الاشعاع “واقع الميدان يصنع المنجزات”

في بلد مثل العراق حيث تتزاحم الاولويات وتتنوع الحوادث وايضا تكثر الاحداث وصناعها ،قد يغيب صناع الحدث وقد يغيبون لاسباب كثيرة بعضها مرتبط بما لا يجب الخوض فيه ترفعا والبعض الاخر جهلا فتُضيعُ جهود طائفة من اهل الاختصاص من اصحاب المنجز ولاينالون ما يستحقون من اشادة وشكر لجهدهم الصادق في خدمة البلاد ،وحماية المواطنين من اخطار محدقة غير محسوسة تهدد امنهم وحياتهم ،هذا الامر ينطبق حتما على عديد الدوائر والمراكز التخصصية التي تحتاج التفاتة حقيقية للنهوض بواقعها، وتحسين ادائها بعد معرفة احتياجها والاطلاع على منجزها والمهام التي تؤديها ضمن خريطة الانجاز الكبرى التي شهدها العراق خلال عقد من الزمن ،وحين نُعرف المنجز فمن الدقيق جدا القول انه ذلك العمل الكبير الذي يتطلب جهدا وفيرا ووقتا طويلا وامكانيات وخبرات استثنائية ،والذي يتحقق ضمن ظروف غير مؤاتية ويكون للقائمين به لمسة ابداع واخلاص تقهر تلك الظروف وتنتهي بتحقيق المراد ..
التوصيفات المذكورة تنطبق على الجهات المعنية بالتلوث الاشعاعي التنفيذية والرقابية ممثلة  بالمركز الوقاية من الاشعاع التابع لوزارة البيئة وشريكه في العمل الميداني هيئة الطاقة الذرية ،والحق ان ما انجز من عمل كبير وهو ما يفرض علينا الحديث باعجاب وفخر ،ولاريب ان لهذا الاعجاب اسبابه وللحديث عن دواعي الفخر دواعيه ، وسنبدأ بأستعراض الاحداث وما يرتبط بها لنفهم دوافع هذا العرض ،واول تلك التفاصيل هي  سلسلة الحروب التي مر بها العراق أبان الحقبة السابقة وما فرضت على البيئة والانسان من استحقاقات ،وما ترتب على ذلك من تلوث اشعاعي يهدد الحياة بفعل استخدام قوات التحالف والجيش الامريكي لقذائف اليوارنيوم المنضب التي شكلت تهديدا لحياة البشر في محافظات عراقية كثيرة ،ناهيك عن تهديدها للتنوع الاحيائي ومصادر المياه وغيرها ،ولأن امكانياتهم محدودة عددا وعدة ،لكن ذلك لم يمنع هذه الفئة من المتخصصين الشجعان من مواجهة الاخطار وتحقيق الانجاز ،والذي كان انجازا بكل ما تعنيه الكلمة بشهادة الوكالة الدولية للطاقة الذرية ،التي رأت استحالة ان تتمكن فرق صغيرة بامكانيات محدودة من انجاز اعمال المسح ورفع المخلفات ووضع العلامات وبمدة قياسية ،كشفت عن قدرات ابداعية دعت هذه الوكالة ،لأن تصنف بعض العاملين في هذا المركز وهيئة الطاقة الذرية التي تعمل تحت اشرافه وتضعهم في قائمة الخبراء لديها ،للافادة من خبرتهم في بلدان اخرى مستقبلا ،ولأن الرقعة الجغرافية الملوثة بهذه المقذوفات مترامية الاطراف ،فقد مثل اعلان البصرة محافظة خالية من مخاطر الاشعاع
 ،ولانه حديث خاص بمركز الوقاية من الاشعاع وما نريد التعريف به ،فقد اسهم اعلان المركز و المعنيين بحديثنا  وجهدهم الوفير الذي تضمنته وثائقهم المصدقة عالميا بفتح الباب امام شركات النفط العالمية  لدخول هذه المحافظة والعمل فيها ،وقد فتح الباب امام العراق لتثبيت حالة الامن والاستقرار عمليا فكان فرصة عراقية لاعادة المواطنين  الخليجيين والجماهير الرباضية لزيارة البصرة وبغداد و المشاركة في بطولة خليجي 25 التي احتضنتها مدينة البصرة ، وهو امر لم يسمع به الملايين من العراقيين وقد لا يدرك بعضهم تأثير مثل هذا الاعلان في دمج العراق واعادته للواجهة من جديد ،وهو ما لم يكن ليتحقق لولا ذلك الاصرار العراقي على الانجاز والعمل كما التحقت محافظة المثنى وباتت بلا ملوثات اشعاعية تهدد حياة المواطنين فيها وستتبعها محافظة ميسان ومحافظات اخرى لاقفال هذا الملف بشكل نهائي ودائم  .
قائمة الانجازات تطول ولعل ما انجزه المركز في اكثر من  مجال لا يختصر  بتعزيز الدور الرقابي على أنشطة الطب النووي والعلاج الإشعاعي فقط بل شمل الإسهام في ترخيص المؤسسات والعاملين في هذا المجال ، من أجل دعم وزارة الصحة في التشخيص وعلاج الأمراض السرطانية وذلك لما لهذه المؤسسات من دور مهم في تخفيف الأعباء على المرضى وعوائلهم ،كما حرص المركز على دعم المشاريع الوطنية الصحية في مجال الطب النووي والعلاج الإشعاعي وايضا معالجة المواقع الملوثة في عموم العراق  فيما وضعت إجراءات الفحص الإشعاعي على المواد الحديد ( السكراب)  الامور في نصابها بضمان عدم إنتقال الملوثات الإشعاعية الى الصناعات التدويرية ، اما على مستوى التشريع  فهناك عمل كبير لتشريع قانون الهيئة الوطنية للرقابة النووية والإشعاعية ،وليس هذا وحسب فكان توسيع أطر التعاون التقني الدولي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والإتحاد الأوربي ملفا هاما افضى الى  وضع لائحة دولية معتمدة ساعدت بإقرار  الحقيبة الوطنية للتعامل مع المواد النووية والإشعاعية والمتضمنة الإستراتيجية الوطنية الإدارة النفايات المشعة في العراق والإستراتيجية الوطنية لإدارة النفايات المشعة طبيعية المنشأ NORM وآلية وطرائق معالجة النفايات المشعة في العراق والتي تمت المصادقة عليها وإقرارها من قبل مجلس الوزراء الموقر في  شهر شباط ۲۰۲۳ ، ولا يمكن بأي حال نكران ذلك الدور العراقي والخبرة المتراكمة التي يمتلكها العراقيين حيث جرى انتخاب الدكتور  صباح الحسيني  مدير عام مركز الوقاية من الاشعاع لرئاسة الشبكة العربية للهيئات الرقابية .
اذن نحن امام استحقاقات وطنية كبيرة بأنصاف من عملوا بجد واجتهاد لدرء المخاطر عن شعبنا ورفع اسم بلدنا عاليا في مختلف المحافل ،ولأن العالم يتجه بشكل متسارع لبناء قدرات نووية للاستخدامات السلمية ،فمن الحكمة ان يكون للعراق هذا التوجه ايضا ولان القدرات الوطنية العراقية تمتلك المؤهلات الكافية للانطلاق بمشاريع نوعية تنقله لمصاف البلدان ذات المكانة المتقدمة وهو حق مشروع وواقعي ،وعلاقة الجهات الوطنية المختصة بالجهات المعنية  ينبغي استثماره وتحويل الفرص الى مشاريع عمل حقيقية سيما بعد تعزيز التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والاتحاد الاوربي ،وهو ما لا يجب ان نتوقف عنده فقط بل ان نبادر لادامة حالة الانجاز التي بدأت ولن تتوقف ،اذا ما سرنا بأتجاه التمكين والدعم الكبير لما يمكن ان يكون هو المستقبل الذي نحلم ان يتحول لواقع ملموس بهمة الخيرين من ابناء هذا الوطن المعطاء ..