خاص: حاورته- سماح عادل
“حسن عبد راضي” شاعر عراقي، حاصل علي دكتوراه في اللغة العربية وآدابها (أدب ونقد)/ الجامعة المستنصرية2011. وعضو الهيأة التحضيرية لاتحاد الأدباء العراقيين/ المركز العام 2003-2004 .وعضو المجلس المركزي للاتحاد العام للأدباء العراقيين منذ 2004-2013.وعضو اتحاد الأدباء العرب منذ 1996. وعضو جمعية الخطاطين العراقيين
شغل الوظائف الآتية:
- أستاذ مادة اللغة العربية للأقسام غير الاختصاص/ كلية الهندسة الجامعة المستنصرية 2002-2003.
- أمين الشؤون الإعلامية لاتحاد الأدباء العراقيين / نيسان2003- تموز 2004.
- مؤسس بيت الشعر العراقي في نسخته الأولى وأمينه العام.
- محرر الصفحة الثقافية والمشرف اللغوي لجريدة الشراع.
- محرر الصفحة الثقافية لجريدة الدستور.
- محرر التحقيقات الثقافية لجريدة الأديب (وهي جريدة ثقافية متخصصة)2003-2005.
- محرر في ملحق آفاق استراتيجية / جريدة الصباح.
- محرر وباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية / جريدة الصباح.
- معد برامج ثقافية في القنوات الفضائية: العراقية وعشتار وبلادي.
- سكرتير تحرير مجلة الأقلام.
- مدير العلاقات والإعلام في هيأة أمناء شبكة الإعلام العراقي 2009.
- مدير إذاعة راديو العراقية 2012 – 2013.
- مدرب إعلامي في معهد التدريب الإعلامي/ شبكة الإعلام العراقي.
- أستاذ مادة الصحافة الاستقصائية / لطلبة ماجستير إعلام- معهد الفارابي للدراسات العليا 2014/2015.
- رئيس قسم التدريب في معهد التدريب الإعلامي/ شبكة الإعلام العراقي 2017-2018.
- مدير تحرير مجلة الشبكة العراقية 2018-2021.
- عضو هيئة تحرير مجلة ننار الثقافية/ السويد.
- عضو لجنة تحكيم جائزة نازك الملائكة دورة 2013.
- رئيس لجنة تحكيم جائزة النفري 2021 ألمانيا.
- رئيس قسم تقويم الأداء المؤسسي في شبكة الإعلام العراقي حالياً.
كان لي معه هذا الحوار الشيق:
* أسست بيت الشعر العراقي ما هي نشاطاته وأهدافه؟
– تجربتي مع بيت الشعر العراقي تجربة طويلة ومتشعبة، ففي عام 2001م وعقب عودتي من دعوة تلقيتها للمشاركة في أعمال مهرجان بيت الشعر الأردني، قدمت مقترحاً بتأسيس بيت الشعر العراقي إلى اتحاد الأدباء العراقيين آنذاك، لكن المقترح لم يلق استجابة من لدن السلطات الثقافية آنذاك، لشعورهم بالخوف من أي تجمع ثقافي حر، لاسيما حين يكون الشباب هم أصحاب الفكرة ومشغلي المشروع في حال قبوله، وهكذا علقنا الفكرة حتى حانت اللحظة في عام 2004 وبعد زوال النظام الديكتاتوري، أطلقت المشروع مرة أخرى ومعي ثلة طيبة من الشعراء العراقيين المعروفين، وعملنا في قرابة عامين، حتى اندلعت أحداث العنف الطائفي عام 2006، فتفرّق الناس أيدي سبأ، وغادر بعض الزملاء ومن بينهم الشاعر الكبير الراحل محمد علي الخفاجي رئيس بيت الشعر العراقي آنذاك إلى مناطق ومحافظات آمنة، فكان أن تَلكَّأ عمل البيت مدة طويلة من الزمن.
وها نحن اليوم؛ أنا وزملائي (شاعران كبيران وناقد مشهور) قد أعدنا تأسيسه للمرة الثالثة في يوم الشعر العالمي 21 آذار/ مارس 2023، وما زلنا نتطلع إلى إنجاز ما نستطيع إنجازه من فعاليات وأنشطة لتعزيز مكانة الشعر واستعادة مركزيته في البنية الثقافية العربية.
* لك خبرة في العمل في مجال الصحافة الثقافية، هل تعاني الصحافة الثقافية في العراق من مشكلات؟ وماهي؟
– الحق إن الصحافة برمّتها تعاني من مشكلات عدة، منها أن قاعدة التلقي بدأت بالانحسار لصالح منصّات أخرى، وإن صحفاً ومجلاتٍ كثيرة تحولت – بسبب قلة التوزيع الورقي وتكاليفه الباهظة، أو ربما لأسباب أخرى إضافية- من الإصدار الورقي إلى الإصدار الالكتروني، ورافق هذا التحول أنها أصبحت صحافة نُخبة، ذلك أن المُتلقي العام اليوم يُفضل الاطلاع السريع على كل شيء، دون الغوص في التفاصيل، وهذا ما توفره السوشيال ميديا، فضلاً عن إغراءات الصورة المتحركة (المادة المصورة بالفيديو).
ومع ذلك ما نزال نكافح، بصفحات ثقافية في الصحف الحكومية وغير الحكومية، وبمجلات ثقافية غاية في الأهمية كالمورد والأقلام والثقافة الأجنبية وغيرها، مع انحسار واضح في عدد النسخ المطبوعة عمّا كانت تطبعُه وتوزعه في سِنيِّ التأسيس الأولى في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.
الصحافة الثقافية ليست بخير تماما، إنما ما تزال حية حتى الآن، ونرجو أن يطول بها المقام حتى نستعيد شغف أجيالنا الراهنة والآتية بالثقافة والمطالعة وحب الأدب والشعر والمسرح والموسيقى، عندئذ يمكن أن نتعافى وتتعافى صحافتنا.
* عملت معد برامج ثقافية في القنوات الفضائية: العراقية وعشتار وبلادي. هل تستطيع القنوات العراقية منافسة باقي القنوات، وما مدى تغطيتها للأحداث الثقافية في العراق؟
– لم يكن في العراق بث فضائي قبل 2003، وكان التلفزيون مقصوراً على قناتين حكوميتين تسيطر عليهما الدولة سيطرة مطلقة، ولذلك تأخرنا قليلاً عن العالم في هذا المجال، وبعد 2003 حصل ما يشبه الانفلات الإعلامي، وصارت لدينا عشرات القنوات الفضائية فجأة، الأمر الذي أوجد إرباكاً في التعاطي مع هذا المتغير الجديد.. إذ لم يَعتَدْ المواطن العراقي على خيارات كثيرة مُتاحة على شاشته، كما أن الجنبة التفاعلية في الإعلام الفضائي كانت جديدة أيضاً، أي أنْ يتفاعل المواطن مع ما يعرضه التلفزيون سواء بالاتصال المُصور أو الاتصال الصوتي، هذا ناهيك عن أن الفضائيات نفسها خضعت للاشتباك السياسي وانخرطت فيه على نحو ما.
مهما يكنْ من أمر فقد حاولت الفضائيات العراقية استقطاب المثقفين وعمل برامج ثقافية حوارية أو بصيغ شتّى، إلا أنها ما تزال غير قادرة على التنافس مع الفضائيات الكبرى الراسخة المُعتمِدة على خبرات أجنبية في الغالب لتشغيلها، وعلى الميزانيات المالية اللازمة لبرامجها، لا سيما برامج المسابقات الشعرية ذات الجوائز الكبيرة.
* أستاذ مادة الصحافة الاستقصائية/ لطلبة ماجستير إعلام- معهد الفارابي للدراسات العليا 2014/2015. هل الصحافة الاستقصائية في العراق رائجة وهل يعمل بها عدد كبير من الصحفيين؟
– الواقع إن الصحافة الاستقصائية عملٌ شديد الخطورة في كل العالم، وتزداد خطورته كلما كانت المصالح الفاسدة التي قد تكشفها الصحافة الاستقصائية كبيرة.
نعم لدينا صحافة استقصائية، لكنها ليست على النحو المطلوب، وما تزال بنا حاجة لتوفير مناخ مناسب وآمن لعمل الصحافة الاستقصائية تحديداً، صحيح أن الصحافة التقليدية بخير اليوم، لكن مرت بنا أوقات كانت حصة العراق من قتل الصحفيين أو اختطافهم أو تهديدهم أو تعنيفهم هي الأكبر في الإحصائيات العالمية… نحن اليوم بألف بخير.
* تقوم بالتحكيم في بعض الجوائز، هل الجوائز في رأيك تدعم الكتاب والمبدعين وكيف ذلك؟
– الجوائز تشجع الشعراء والكُتّاب والمؤلفين على الاستمرار في تقديم نتاجاتهم الأدبية، وتدعم أحياناً تفرغهم للكتابة، فكيف يمكن لكاتب أن يبدع إن كان يعاني وأسرته شظف العيش؟ هذا فضلاً عن أن الجوائز تولد الحافر التنافسي الذي يقود في النهاية إلى الإنجاز والتقدم المستمرين.
* ماذا يعني الشعر بالنسبة لك وهل يعبر عن دواخل ذاتك؟
– الشعر للشاعر يشبه أشياء كثيرة لأشياء كثيرة أخرى، يشبه الأجنحة للطائر الحر، يشبه الوهج للمصابيح، يشبه كل ما هو خير للإنسان، ولعل الشعر بغموضه وسحره هو التفسير غير النهائي للروح وقلقها ومحاولتها الإمساك بلحظة الوجود وتخليدها، إنه ترياقٌ لأوجاع البشرية وآلامها، لا يمكن التكهن بمُكوّناتِه، ولا بكيفية صُنعه، إنما يمكن تعاطيه بأمان دفعاً للعلل والشكايات.
– لك كتب في مجال النقد، ما مدي صعوبة امتهان النقد وهل يعاني النقد العربي من مشكلات؟
– لا أزعم أني ناقد أبداً رغم أنَّ لي كتابين في هذا المجال هما في الحقيقة رسالتي للماجستير وأطروحتي للدكتوراه، وقد طُبعا ضمن فعاليات بغداد عاصمة الثقافة العربية عام 2013.
النقد مجال صعب إن أردنا الحديث عن النقد العلمي المستند إلى ثقافة واسعة وإلمام كبير بالمناهج النقدية وطرائق البحث وأساليبه، هذا ناهيك عن ضرورة التوفر على بصيرة نقدية حصيفة تستطيع استنطاق أعماق النص المدروس، والوقوف على جمالياته، والرؤى التي يُحيل إليها.
وأرى أن مشكلة النقد العربي اليوم تَتَجلّى في النَّسخ الأصمّ لما تُنتجه مَخابر الدراسات والبحوث في العالم الغربي، من دون القدرة على إنتاج آلياتٍ للنظر النقدي وتطويرٍ للمهارات التحليلية واجتراحٍ لمصطلحاتنا الخاصة. ولهذا قد يبدو كثيرٌ ممّا يُسمّى نقداً اليوم أشبهَ بألغازٍ مُعمّاة، وتهويمٍ هندسي لا يَمتُّ إلى الموضوع المدروس إلا بصلة واهية.
* خضت أيضا مجال الكتابة للأطفال، لما، وما مدي تميز وخصوصية الكتابة للأطفال؟
– الكتابة للأطفال عالم بذاتها، إنها عودة بالزمن إلى الوراء، ومحاولة لتقمص روح الطفل وهو يتعاطى مع العالم من حوله، مَن يكتبُ للأطفال سيحاول حتما أن يرى الوجود بعيون الأطفال وبإدراكهم، وتلك لعمري مسؤولية كبرى ومهمّة عويصة، فالأطفال أشد ذكاءً وفطنة مما قد نتصور، إنهم يَرون العالم بعيون نقائهم، وببراءة أحلامهم، وإن الخطورة والمتعة تأتيان حين نحاول أن نريَهم الجانب المظلم من القمر، أعني الجزء السيئ من الطبيعة البشرية، وذلك أمر يستلزم أشد درجات اليقظة والتوازن النفسي والإحاطة باللغة وبالخيال الأدبي.
* ما سر التنوع في المجالات التي أنت ماهر فيها؟
– أحبُّ التجريب، وأحبُّ أن أختبر قدراتي، حتى خارج إطار الأدب.. يمكن القول إنني مُغامر على نحو ما، وربما هذا هو السرّ، ولا أزعمُ أنني نجحتُ في كل التجارب، إنما حاولتُ بإخلاص، ولكل مجتهد نصيب.
* هل يمكن الحديث عن نهضة ثقافية تمر بها العراق ولما؟
– هذا مؤكد، العراق كان دوماً – مع مصر وسوريا- في طليعة البلدان العربية في الأدب وفنونه، هناك دوماً حركات حداثة في الشعر والقصة والمسرح الرواية، ولذلك أرى أن العراق منخرط أصلاً في نهضة ثقافية على مستوى الإنتاج الثر، وعلى صعيد ما حققه أدباؤه من اعتراف رسمي سواءٌ أكان ذلك بنيلهم الجوائز الكبرى في مجالات الأدب المختلفة، أم بانتشار إنتاجهم الأدبي على امتداد رقعة العالم العربي وفي المعارض الدولية للكتاب.
ثمة في العراق اليوم مهرجانات تًعقد للشعر والمسرح والسينما ومؤتمرات للنقد والرواية وأدب الأطفال، وهو حراكٌ يدعو إلى التفاؤل بأن النهضة قائمة وستؤتي أُكُلها في مستقبل قريب إن شاء الله تعالى.
* قمت بكتابة السيناريو وعمل الإخراج لفيلم وثائقي بعنوان (متحف الأرواح) احكي لنا عنه؟
– وثَّقتُ في هذا الفيلم القمع الذي كان يمارسه النظام الديكتاتوري ضد أبناء الشعب العراقي، لا سيما أخواننا الأكراد، وكان موقع التصوير بناية مُعتقل كبير كانت تسمى (الأمن الحمراء) في محافظة السليمانية بشمال العراق، كان يُساق إليها الناس فيُعذَّبون ويُقتَلون من غير تُهمٍ حقيقية، فكان لا بدَّ للعالم أن يَشهد ويشاهد جرائم الإبادة الجماعية لكل مَن اعتقدَ النظامُ المقبورُ في حينِها أنَّهم معارضوه، سواءٌ من الشيعة أو الأكراد أو السُّنة أو التُركمان أوغيرهم.
لكن هذا الفيلم ليس الوحيد، فقد كتبتُ سيناريو فيلمٍ تسجيلي عن جرائم شركة بلاك ووتر الأمريكية، والمذبحة المشهورة التي ارتكبتها بساحة النسور في قلب بغداد، لكنه لم يُنتج للأسف، هذا فضلاً عن أفلام قصيرة أخرى.
* هل أنت راض عن الجوائز التي حصلت عليها وماذا مثلت بالنسبة لك تلك الجوائز؟
– كما أسلفت قبل قليل، الجوائز تحفّز وتُشجّع وتدفع إلى الأمام، لكن الرضا من عدمه مسألة نسبية، فإحدى الجوائز العربية استبعدتني من الفوز بمرتبتها الأولى لأسباب سياسية، وكان ذلك في عام 2002 قبيل الحرب بأسابيع، وأخرى استبعدتني لأسباب سياسية من نوع آخر وكان ذلك بعد عام 2010 على ما أتذكر.
لكنني مع ذلك أحرزت بضعَ جوائزَ أخرى، من بينها جوائز كبرى كجائزة الدولة للإبداع في الشعر مرتين.