جرح العراق النازف يحول دون تلبية الأسر لطموحاتها

جرح العراق النازف يحول دون تلبية الأسر لطموحاتها

ناقش مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية في ملتقاه الحواري الشهري “دور الأسرة في التنمية الاقتصادية في العراق: المعوقات والحلول”، استنادا إلى دراسات ميدانية قامت بها وزارة التخطيط العراقية.
عرض الملتقى ورقتين بحثيتين، الأولى خاصة بالبيانات التي تعكس واقع الأسرة المؤلم في العراق والثانية خاصة بتحليل التنمية الاقتصادية ودور الأسرة في تحفيزها أو تعطيلها.
وكشفت الدراسات المعتمدة أن معدل الفقر في العراق يصل إلى 43 بالمئة، ومعدل البطالة 40 بالمئة، وأن 39 بالمئة من الأسر لا تمتلك سكنا خاصا بها، و21.7 بالمئة من الأسر تعيش في حالات من الازدحام، ومعدل الأمية يصل إلى 21 بالمئة، وهذه النسبة توزعت أيضا بين 24 بالمئة ممّن لم يلتحقوا بالدراسة بسبب الأوضاع الاقتصادية، و 5.1 لم يلتحقوا بسبب عدم توفر مدارس قريبة منهم، و45.5 بالمئة بسبب عوامل اجتماعية تتعلق بالإناث، أما النسبة الباقية فبسبب عوامل مختلفة أهمها الشعور بعدم الجدوى من التعليم.
كما أن 12 بالمئة من الأسر العراقية لديها حالات أمراض مزمنة، في حين أن 36 بالمئة تعتمد بشكل مباشر في معيشتها على التقاعد والضمان الاجتماعي رغم بساطة المصدرين، و88 بالمئة لم تستثمر الوقت بشكل كاف، وتراوحت النسبة بين الذكور والإناث بواقع 239 دقيقة لليوم الواحد بالنسبة إلى الذكور، و294 دقيقة لليوم الواحد بالنسبة إلى الإناث.
كما أوضحت الدراسة أن الأسر العراقية تشاهد التلفاز بنسبة 93 بالمئة، بواقع ثلاث ساعات ونصف للذكور وأربع ساعات ونصف للإناث يوميا كحد أدنى، وأن 36 بالمئة من الأسر تعتمد على القروض التي تباينت أسبابها كالتالي: 58 بالمئة من حالات الاقتراض لتلبية حاجات أساسية، و12 بالمئة من القروض لتلبية حاجات استهلاكية سلعية، أو غيرها من الحاجات السنوية، و20 بالمئة من حالات الاقتراض لحالات المرض.
وعبرت 48 بالمئة من العائلات عن عدم رضاها عن الدخل الذي يكسبه المواطن بسبب قصوره عن تلبية طموحاته، كما أن الأسر العراقية تعاني من عجز سكاني بنسبة 3 مليون وحدة سكنية، ويسكن 28 بالمئة منها في الصرائف والأكواخ، ويعيش 35 بالمئة من أفراد الشعب العراقي على دولار واحد أو أقل يوميا، حيث أن 12 بالمئة من الأسر فقدت معيلها بسبب الحرب، و49 بالمئة منها تعتقد أن البطالة سببا مباشرا في عرقلة دور الأسرة في مجالات التنمية، لأنها تسببت في بروز مشاكل اقتصادية واجتماعية كثيرة.
واتضح عند تحليل هذه البيانات أن الفقر حسب أنواعه، الفقر الثابت – المتواصل – والفقر الطارئ أو الظرفي الناجم عن أزمة اقتصادية أو عسكرية أو سياسية عابرة أو كارثة طبيعية، إنما هو عامل سلبي يؤدي إلى تفاقم الوضع وتدهوره أكثر. وأهم الأسباب التي ساهمت في الفقر هي البطالة فضلا عن سياسة الدولة المتخبطة التي من شأنها أن تؤثر سلبا في واقع الحياة، وتنعكس على مسار التنمية الاقتصادية الشاملة.
وتتشابك الأسباب المعرقلة للتنمية الاقتصادية وتترك آثارا كبيرة على مسار التنمية وتؤدي إلى ظهور انحرافات كبيرة على مستوى سلوك الأفراد وأخلاقهم، فتظهر سلوكيات جديدة مفاجئة على المجتمع العراقي لأن الفقير غير المتعفف يجيز لنفسه كل الأمور التي تمكنه من الحصول على لقمة العيش، فيتجرد من كل الضوابط الاجتماعية إلا ما ندر، كما يؤدي إلى عدم تمكين الأطفال من التعلم بسبب تخلي الآباء عن مسؤولياتهم وصعوبة الظروف الاقتصادية المعيقة لاستمرار عملية التعليم، وهو ما ينتج عنه انتشار الأمية بين الأطفال.
كما يسبب الفقر ومؤثراته تدهورا في الوضع الصحي لدى العراقيين مثل كثرة حالات الوفيات، وانتشار الأمراض وظهور الجريمة وحالات الانتحار وتشظي الأسر بسبب حالات الطلاق وغيرها.. وكل هذه المظاهر تشكل مؤثرات سلبية كبيرة للغاية تعيق عملية التنمية.
ومن أهم المعوقات التي تشكل تحديات كبيرة تقف حائلا دون تطوير وتفعيل دور الأسرة في العراق عرض الملتقى ما يلي:
القيم التقليدية والنزعة السلطوية في الثقافة الأسرية.
– عدم وجود أفق واسع وسياسة عامة واضحة للانطلاق نحو إصلاح حال الأسرة وتفعيل دورها في عملية التنمية.
– غياب المحفزات المجتمعية وظهور حالة الأنانية في المنظومة الأخلاقية.
– تخبط وانعدام الدراسات الحقيقية والتخطيط الموجه والمدروس.
– عدم وجود قوانين لتفعيل التنمية.
– وجود طبقات اجتماعية ذات فوارق كبيرة في الدخل واتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء نتيجة السياسات الحكومية الخاطئة والمتراكمة.
– وجود إشكال كبير يعوق دور الأسرة العراقية ويكمن في النظام الذي يعد خالقا للأزمات الاجتماعية والحروب والصراعات الداخلية وتنمية مشاعر العداء والكراهية.
ومن بين الحلول التي توصل إليها الملتقى:
– حل المشاكل المرتبطة بتفكير الأسرة التي تعتبر عوائق تقف أمام ممارسة دورها التفكيري والإبداعي في التنمية الاقتصادية، مثل السكن والبطالة والفقر والأمراض وغيرها.
– تشريع قوانين فاعلة تدعم الأسر المنتجة وتساهم في تفعيل دورها ميدانيا في التنمية الاقتصادية.
– الدعوة إلى تغيير نمط تشكيل الأسرة ومنظومة القيم الموجودة داخلها، باعتبار أن دورها كمشجع على التنمية ظل غائبا.
– الدعوة إلى أن يكون التعليم في العراق إيجابيا وفاعلا، بمعنى أن يفتح آفاقا للتنمية.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة