17 نوفمبر، 2024 6:38 م
Search
Close this search box.

في العراق…تتعدد الأزمات والمأزق واحد

في العراق…تتعدد الأزمات والمأزق واحد

لم يعد يهتم غالبية الشعب العراقي بما تعصف بهم من أزمات وفضائح يعيشون أحداثها وكأنها من مشاهد الكاميرا الخفية لكن بوجهها الحزين المبكي، لأنهم أدركوا منذ أمد أن الأزمة المستحدثة لن تكون الأخيرة وإن أزماتهم لن تنتهي.

آخر صناعة في فن الأزمات هو القرار الحكومي الذي إستيقظ عليه المواطن بزيادة أسعار البنزين إبتداءً من الأول من آيار/مايو القادم سبقها أحداث درامية تصلح في صناعة أفلام هندية ولكن بنسختها العراقية لم تتجاوز الفروقات الزمنية بين أحداثها أياماً معدودات تعامل معها الرأي العام كظواهر صوتية مثل حادثة الأكاديمي في جامعة البصرة وتصويره بتسجيلات مصورة أفعالاً خارجة عن الأدب والحياء مع إحدى طالبات الجامعة، تبعها الكشف عن شبكة إبتزاز يديرها ضباط كبار في وزارة الداخلية والدفاع.

الغرابة في الجمهور المشاهد لهذه الأزمات أنه لم يعد يكترث أو يهتم لأخبارها أو حتى نتائجها لتتحول هذه الظواهر إلى ثقافة يتأقلم معها الشعب.

عندما تتمعن في المشهد ستفتقد دور صانع الرأي والمؤثر الذي كان يصنع رأياً أو موقفاً في المجتمع ربما للشعور بالإحباط واليأس الذي بات يُخيم على فئات كثيرة من المجتمع وإن الرأي الصائب أصبح لا يهز شعرة من الجماعات التي تصنع الأزمات أو لأن الرأي أصبح أداة قتل قد تكون خنجراً في قلب صاحبه.

في الوقت ذاته لم تعد السلطة تهتم بردود أفعال الجمهور ورأيه بتلك القرارات لأنها تدرك أن الحديث والسرد وتوجيه الإتهام سرعان ما ينتهي بعد أن يأخذ وقتاً ليس بالكثير من السخرية والإنتقاد والإستهزاء على مواقع التواصل الإجتماعي ثم ينتهي كل ذلك الحديث لينشغل الجمهور بأزمة أخرى.

الطاقة الحماسية التي يتمتع بها الجمهور في مباراة كرة قدم يخوضها الفريق العراقي وإنحياز حكم المباراة للفريق الآخر وإشتعال التعليقات وردود الأفعال الغاضبة التي تسجلها المنصات وأحاديث الغاضبين من على شاشات الفضائيات تختلف درجاتها عندما يتعلق الأمر بقوت المواطن ومصدر رزقه.

في حدث يدعو للغرابة والريبة مما يشعر به الشعب وقع العراقيون مؤخراً تحت ضغط القرار الحكومي برفع أسعار البنزين مما سيؤدي إلى إرتفاع أسعار النقل يرافقه إرتفاع أسعار المواد الغذائية التي كانت سوطاً يُلهب جلود الفقراء بسبب إرتفاع أسعار الدولار مقابل الدينار العراقي لتكتمل المصيبة برفع أسعار الوقود وكأنها فرصة لإبتزاز الشعب وترويضه على أساس نظرية بين أزمة وأخرى يقع الشعب في براثن أزمة جديدة تنسيه السابقات.

يبرر البعض ذلك القرار أنه من ضرورات صندوق النقد الدولي الذي يتحكم بمقدرات ومصالح ومصائر الشعوب ومنها العراق الذي دأب على الإقتراض من ذلك الصندوق رغم الإيرادات العالية التي تدخل إليه من واردات النفط وإرتفاع أسعاره، في حقيقة لا يحجبها غربال أن الإنفاق أكبر من الإيرادات بواقع يشير إلى عدم السيطرة على منافذ الفساد وأبواب الصرف الغير المبرر من رواتب وإمتيازات ومنافع تحصل عليها زعامات وشخصيات من موارد الدولة وأموال تهرب إلى دول مجاورة وإقتصاديات لأحزاب بميزانيات أعلى من الدولة ذاتها في لغز لازال يُحير العقول وهو لماذا هذا الإقتراض إذا كانت نتائجه معروفة سلفاً؟.

فن الأزمة التي تعودنا على أحداثها في سنواتنا العِجاف أصبحت مألوفة لا تعدو كونها مشهداً كوميدياً تنتظر الحكومة من خلاله ردود أفعال الجمهور التي غالباً ما تنتهي بالتناسي والنسيان وتدرك أن نهاية المشهد لن يكون سوى خاتمة لصورة ضَحك فيها المشاهدين وهم لا يدرون إن كان الضحك على انفسهم أم على الموقف.

أحدث المقالات