كثيرا ما نسمع من بعض المثقفين والدارسين عن شيء اسمه تحليل سوات, يشددون على أهميته كوسيلة مهمة للنجاح على الصعيد اليومي للإنسان الواعي, حيث تصبح له الحياة لا تنتمي للصدفة! بل يصبح كل شيء يجري وفق خطط ورؤية استراتيجية, يتحول الإنسان مع هذه الوسيلة الفكرية إلى موجود اخر يستشرف المستقبل, ولا يرضى بانصاف الفرص, ويسعى دوما للاستفادة من الزمن كفرصة متاحة امامه, لذلك نجد من الأهمية ان نوضح للقارئ الكريم كيف يمكن لهذه الاداة الفكرية العقلية ان تقلب حياة الانسان للأفضل, وتجعله يسخر الكون لصالحه, ليس اعتمادا على طلسم سحري, او حجر كريم, او عظم الهدهد, بل عبر العقل والتفكير المتطور للإنسان.
نفتتح الحديث عن تحليل سوات بانه يركز على اربع اشياء لكل كيان, اثنان داخلية: وتتمثل في نقاط القوة والضعف, واثنان خارجية: وتتمثل في الفرص والتهديدات, وقد كان بداية إيجاده موجه لبيئة الأعمال, لكن فيما بعد توسع نطاق استغلاله ليشمل كل مجالات الحياة, وليس حكرا على عالم التجارة والإقتصاد, و سأحاول في السطور القادمة ايضاح كيف يمكن الاستفادة من تحليل سوات لفئات معينة اخترتها في هذا المقال وهي الطالب وربة البيت والطفل وصاحب الدكان.
· الطالب وتحليل سوات
يمكن لتحليل سوات ان يكون اداة ذات قيمة كبيرة بيد الطالب, في الحياة الدراسية التي يواجه فيها تحديات مصيرية, حيث يمكن ان توسع أفق رؤيته وينظر بعين العقل, فيحلل كيانه وما به من نقاط قوة وضعف, ثم يفسر المحيط وما به من فرص وتهديدات, ليحقق حياة دراسية ناجحة يستغل فيها كل الفرص المتاحة, عبر الآلية التالية:
1- نقاط القوة: يمكن للطلاب استخدام تحليل SWOT لتحديد نقاط القوة في مجالات مثل المهارات الأكاديمية، القدرات الاجتماعية، والقيادية, ويمكن للطلاب تعزيز نقاط القوة الخاصة بهم من خلال تطوير المهارات والمعرفة والثقة بالنفس, فيحدد الطلاب نقاطه القوية الشخصية والتكوينية المهمة ويعمل على رفع مستوياتها لتكن اكثر قوة.
2- نقاط الضعف: يمكن للطلاب التعرف على نقاط ضعفهم مثل ضعف في مادة معينة أو صعوبة في التنظيم وإدارة الوقت, او تواجد صفة الخجل مثلا, حيث يعتبر تحليل سوات مواجهة ومصارحة مع الذات, فيمكن للطلاب العمل على تحسين نقاط الضعف من خلال تطوير استراتيجيات للتعلم والتطوير الشخصي.
3- الفرص: يمكن للطلاب استغلال فرص النجاح مثل الفرص التعليمية والتدريبية والمشاركة في الأنشطة الطلابية, يمكن للطلاب الاستفادة من الفرص لتحقيق أهدافهم الأكاديمية والمهنية, فيحدد الفرص ويخطط لاستغلالها, لا ان يتحسر عليها وهي تمر من أمامه, فيخطف كل فرصة متاحة له عبر خطة تعتمد على نقاط القوة التي لديه مع حل إشكاليات نقاط الضعف.
4- التهديدات: يمكن للطلاب التعرف على التهديدات التي قد تواجههم مثل الضغط الدراسي، والتشتت في الانتباه، والتحديات الشخصية, حيث يمكن للطلاب وضع استراتيجيات للتصدي للتهديدات, والتعامل معها بكفاءة لتحقيق النجاح الأكاديمي, وهذا جانب مهم يجب ادراكه وتحليله, كي لا تصطدم وتجد نفسك امام تهديد من دون سابق معرفة.
الطالب الذي يستخدم تحليل SWOT في حياتهم الدراسية، يصبح طالب متفرد متوهج للحياة , منافس شرس ومحب لاقتناص الفرص, ففهم وتطبيق تحليل سوات يساعد الطالب على تحسين أدائهم الأكاديمي, وتطوير مهاراتهم وتحقيق أهدافهم بنجاح, ويمكن ذلك على فهم نقاط القوة والضعف الشخصية والبيئة المحيطة بهم، وبالتالي يمكنهم اتخاذ القرارات الصائبة وتحقيق النجاح في مسارهم الدراسي.
· ربة البيت وتحليل سوات
التحديات التي تواجه المرأة التي يطلق عليها (ربة المنزل) هي تحديات كبيرة ومؤثرة جدا, واغلب المشاكل تنطلق من عدم فهم للذات, وضعف في تحليل المحيط, مما ينتج خسائر وخيبات أمل كبيرة تعيشها ربات المنازل, مع محدودية فرصهن نتيجة نمط حياتهن, لذلك ياتي تحليل سوات كطوق نجاة لربة المنزل, كي يجعلها متقدة الفكر ومتوهجة للحياة لا تعرف معنى للهزيمة.
لنفكر الآن كيف يمكن لربة المنزل ان تستفيد من تطبيق تحليل سوات في حياتها بشكل يومي, وملازم لحياتها لتحقيق توازن بين الأداء العائلي والشخصي, ويكون عملها كالاتي:
1- نقاط القوة: يمكن لربة البيت تحديد نقاط قوتها مثل مهارات الإدارة المنزلية، القدرة على التنظيم، والقدرة على التعامل مع التحديات اليومية, ويمكن لربة البيت تعزيز نقاط قوتها من خلال تطوير مهارات جديدة مثل التنظيم، وتحسين التواصل العائلي، وتعزيز الروح المعنوية في الأسرة, مع تطوير مهاراتها الشخصية وتخصيص وقت يومي لبناء الذات ساعة مثلا للقراءة.
2- نقاط الضعف: يمكن لربة البيت التعرف على نقاط ضعفها مثل صعوبة في إدارة الوقت، أو ضعف في تنظيم المهام المنزلية, او قلة المهارات الذاتية, او غياب التجديد في حياتها, ويمكن لربة البيت العمل على تحسين نقاط الضعف من خلال تحديد الأولويات، وتطوير استراتيجيات لإدارة الوقت بشكل أفضل.
3- الفرص: يمكن لربة البيت استغلال الفرص المتاحة مثل حضور دورات تدريبية لتطوير مهاراتها، أو الاستفادة من التكنولوجيا في إدارة المهام المنزلية, وايضا يمكنها البحث عن فرص لتحقيق التوازن بين الحياة العائلية والشخصية، وتحقيق الرضا الذاتي, بالبحث عن الفرص في المحيط مهم جدا كي تواجه الحياة بمعرفة, فلا تكون مجرد ردة فعل بل تصبح هي من تخطط لحياة ناجحة.
4- التهديدات:يمكن لربة البيت التعرف على التهديدات التي قد تواجهها مثل التوتر العائلي، أو الشعور بالإرهاق النفسي, ويمكن لربة البيت وضع استراتيجيات للتصدي للتهديدات مثل تحسين التواصل العائلي، والبحث عن طرق للحفاظ على صحة العقل والجسم.
باستخدام تحليل SWOT في حياتها اليومية، يمكن لربة البيت تحقيق التوازن والنجاح في إدارة المهام المنزلية والاهتمام بالعائلة والاستثمار في نفسها. يمكنها تحديد أولوياتها، وتطوير استراتيجيات فعالة لتحقيق أهدافها وتحسين جودة حياتها اليومية, بل حتى في استمرار نجاح زواجها, فاغلب المشاكل العائلية تنتج من غياب التحليل اليومي الذي ينتج مشاكل وتراكمات, لذلك واجب على ربة البيت ان تلتزم بتحليل سوات لتحقق الحياة النموذجية.
· الطفل واهمية ممارسة تحليل سوات
الطفل اهم ركيزة بالمجتمع, فهو يمثل مستقبل المجتمع, لذلك العمل المبكر على تطويره وفتح ابواب العقل امامه امر اساسي, لذلك يأتي تحليل سوات مهم جدا للاطفال التعرف عليه وتجريبه منذ الصغر, لأن التجارب المبكرة تصنع انساني واعي, فخطوة تعليم الاطفال الاعتماد على تحليل سوات منذ الصغر يكون مفيد جدا في تنمية مهاراتهم التحليلية وجعلهم منذ الصغر يفكرون بطرق التفكير الاستراتيجي, واتخاذ قرارات رشيدة.
ويكون العمل مع الأطفال عبر خطوات اساسية مهمة كي ناخذ بيده ونضعه في المسار الصحيح.
1- طريقة مبسطة: يمكن شرح مفهوم تحليل SWOT للأطفال بطريقة بسيطة وسهلة الفهم، مثل استخدام أمثلة ملموسة تتعلق بحياتهم اليومية, كي تصلهم الافكار بسرعة بعيد عن التعقيد, ويمكن تقديم تحليل SWOT بشكل لعبة أو نشاط تفاعلي يشجع الأطفال على التفكير وتقييم نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات.
2- تشجيع التفكير الاستراتيجي: يمكن تشجيع الأطفال على التفكير الاستراتيجي, وتحليل الوضع من خلال طرح أسئلة موجهة, تساعدهم على تحديد نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات, وكذلك يمكن تحفيز الأطفال على استخدام خيالهم وإبداعهم في تحليل الوضع واقتراح الحلول.
3- التطبيق العملي: يمكن تشجيع الأطفال على تطبيق تحليل SWOT في مواقف واقعية، مثل تقييم أداءهم في مجالات معينة مثل الدراسة أو الهوايات, ويمكنهم استخدام تحليل SWOT لتحديد أهدافهم ووضع خطط لتحقيقها، مما يساعدهم على تطوير مهارات التخطيط والتنظيم.
4- المتابعة والتشجيع: يجب دعم الأطفال وتشجيعهم على استخدام تحليل SWOT بانتظام، وتقديم الملاحظات والتوجيه لهم لتحسين قدراتهم في التحليل واتخاذ القرارات, وهذا يمكنه إنشاء بيئة تحفز الأطفال على التفكير الاستراتيجي, وتبادل الأفكار والتجارب مع بعضهم البعض.
من خلال تعليم الأطفال كيفية الاعتماد على تحليل SWOT منذ صغرهم، يمكن تنمية قدراتهم في التفكير الاستراتيجي, واتخاذ القرارات المدروسة. وايضا يمكن لهذه المهارة أن تساعدهم في تحقيق النجاح في مختلف جوانب حياتهم الشخصية والمهنية في المستقبل.
ولا يعتبر منهج تحليل سوات من المناهج الدراسية للتعليم الابتدائي حيث تكون المواد التعليمية في هذه المراحل أكثر تركيزًا على المواد الأساسية مثل اللغة العربية والرياضيات والعلوم. ومع ذلك، قد يتم تقديم مفاهيم بسيطة حول التخطيط والتحليل في بعض الدروس العامة، ولكن ليس بشكل محدد تحليل SWOT.
· صاحب الدكان وتحليل سوات
المواطن صاحب الدكان مثل دكان ملابس او دكان فلافل او بيع الشاي وغيرها من مهن, يحتاج صاحبها جدا لتحليل سوات كي ينجح في عمله حتى لو كان المواطن صاحب مشروع صغير, حيث تتحول أدوات تحليل سوات الى اداة قيمة بيد صاحب الدكان, كي يتخذ قرارات رشيدة تمكنه من النجاح, وإليك الطريقة التي يستخدم صاحب الدكان بها تحليل سوات.
1- القوة: يمكن لصاحب الدكان تحديد نقاط القوة في عمله مثل موقع المحل المميز، جودة المنتجات أو الخدمات التي يقدمها، وفريق العمل المحترف. ويعمل على المحافظة عليها ودعم استمراريتها في ظل بيئة تنافسية.
2- الضعف: يمكن لصاحب الدكان تحديد نقاط الضعف مثل نقص في التسويق أو الدعاية، نقص في المهارات الإدارية، أو مشاكل في الجودة, وبعدان حدد نقاط الضعف عليه العمل المكثف على معالجتها لتجاوز اي كبوة مستقبلية مع تواجد هذا الضعف.
3- الفرص: يمكن لصاحب الدكان استغلال الفرص مثل زيادة الطلب على منتجاته، توسيع الفرع أو الخدمات المقدمة، أو الدخول إلى أسواق جديدة. او استخدام تقنيات جديدة ومختلفة عن الباقين.
4- التهديدات: يمكن لصاحب الدكان التعامل مع التهديدات مثل المنافسة الشديدة، التغيرات في السوق، أو الزيادة في التكاليف, كي يجتاز مطبات التنافس ويحقق النجاح,
فصاحب الدكان مع تحليل سوات يصبح متفرد بطريقته بالعمل, لا يترك مجال للصدفة والاقدار, ل هو يصنع القدر وهو من يحرك السوق, بفضل تفتح عقله ونضوج تفكيره, فيغادر حالة والخسائر وخيبات الامل الى الابد.