29 ديسمبر، 2024 9:14 م

فيلم A Simple Wedding.. التسامح المبالغ فيه في قضية التمسك بالهوية

فيلم A Simple Wedding.. التسامح المبالغ فيه في قضية التمسك بالهوية

خاص: كتبت- سماح عادل

فيلم A Simple Wedding فيلم أمريكي يحكي عن مشكلة فتاة تعاني من اختلاف هويتها، وتعاني من ٍأسرتها التي تحاول فرض أمر الزواج عليها.

الحكاية..

“نوشا” فتاة شابة، تنتمي لعائلة فارسية هاجرت من إيران لتعيش في أمريكا، يبدأ الفيلم ب”نوشا” وهي تدخن في المطبخ بشكل يوحي أنها تقوم بعمل جريمة، كما أنها تحتسي كأسا من الخمر، ثم يناديها خطيبها لكي تجهز الكعكة لوالدته، وتقوم “نوشا” بالغناء وهي سكرانة لأم خطيبها وتقدم لها الكعكة، وتقرر أم الخطيب إنهاء هذه الخطبة واستعادة خاتم الخطبة.

ثم تستأنف “نوشا” عملها كمحامية في إحدى الشركات الخاصة، وتظل أمها تسعي للبحث عن عريس لها، وتضغط عليها لتقابل أي عريس جديد ينتمي لنفس المجتمع الفارسي مجتمع المهاجرين من إيران.

في حين أن “نوشا” تعبر عن استياءها لصديقتيها المقربتين واللتين يرتبطان في زواج مثلي ولديهما طفلة، واحدة منهما تعمل معها في نفس الشركة، وتشك أمها وجدتها وأبيها أنها ربما تكون مثلية الميول الجنسية هي أيضا، لأن صديقتيها المقربتين مثليتين. لكنهم مع ذلك يعاملونها بلطف ولا يفرضون عليها أي أمر بالإجبار، بل يحاولان الضغط عليها أن تقبل أن تتزوج من رجل من نفس خلفيتها الدينية والاجتماعية.

لقاء..

تذهب “نوشا” إلي تظاهرات تدافع عن حقوق المثليين رغم أنها ليست مثلية، وتتقابل مع شاب يدعي “ألكس”، يحدث بينهما انجذاب ويتواعدان، ثم يحدث الانسجام سريعا بينهما، حتي أنها تمارس معه العلاقة الحميمة، وتشعر أنها تنجذب إليه بشدة رغم أنها عرفت أنه ثنائي الجنس، أي يميل للرجال والنساء أيضا في العلاقات الحميمة. لكنها تخفي أمر علاقتها عن والديها لأنها تعلم أنهم لن يرتضوا با”ألكس” وأنهما يريدان تزويجها من رجل فارسي له مكانة اجتماعية مرموقة.

ثم يفكر “ألكس” ونتيجة للانجذاب الشديد بينهما أن يعيشان سويا وتوافق “نوشا” علي ذلك وهي تخفي الأمر عن والديها، لكن أمها تكتشف وهي تحادثها في مكالمة فيديو وجود “ألكس” عاري، وتذهب “نوشا” مجبرة بناء علي إلحاح والدتها لعشاء في منزل والديها بصحبة “ألكس”، وتكذب علي والديها في تعريفها ل”ألكس” ليكشف لهما هو أنه يعمل فنان ومشغل موسيقي في أحد البارات.

الزواج..

ثم أثناء الحديث يكشف لهما “ألكس” أنه يعيش مع ابنتهما، وينتاب الوالدين الفزع ويضغطان عليهما لإتمام الزواج ماداما يعيشان معا، وترفض “نوشا” ذلك لكن “ألكس” يتسجيب ويري أنه لا مانع من حدوث الزواج. ترتعب “نوشا” خاصة مع وضع ترتيبات من قبل والديها لأن يكون هناك حفل زفاف ومدعوين كثيرين من أهلهم.

ويأتي العم “سامان” عم “نوشا”، كما تتعرف عائلة “ألكس” علي عائلة “نوشا”، لتكتشف عائلة “نوشا” أن عائلة “ألكس” مخالفة تماما لهما. فوالد “ألكس” متزوج من رجل بعد أن هجر زوجته وابنه في عمر المراهقة، ويظهر الحرج الذي يشعر به والدي “نوشا” من هذه العائلة، كما يظهر حزن “ماجي” أم “ألكس” من هجر زوجها لها والذي يبدو أنها لم تتعافي منه رغم مرور السنين.

هلع..

ثم تشعر “نوشا” بالهلع أكثر وتتحدث مع “ألكس” في أن الزواج خطوة كبيرة عليها، وربما تكون أمرا سيئا، ويحاول “ألكس” طمأنتها لكنها تظل مرتعبة خاصة مع فكرة أنه سيكون زواج دائم، لأنه لا تقبل العائلة لديها فكرة الطلاق.

ويوم الزفاف ترتدي نوشا الفستان الأبيض وتستعد لأن تمشي أمام الناس بصحبة والدها، لكنها ترتعب أكثر وتحاول تأجيل الأمر، وحين يصر والدها علي أن تمشي أمام الناس تجري لتحادث “ألكس” ويشتعل فستانها بالشموع حول المكان، ثم يتركها “ألكس” بعد أن أحرجته أمام الناس في يوم الزفاف.

اكتئاب..

تدخل “نوشا” في حالة اكتئاب، ورغم ذلك تحاول أمها جلب عريس لها وتواصل مساعيها في ذلك، وتتجاوب “نوشا” مع أمها وتذهب لمقالة طبيب أسنان فارسي، وتذهب معه إلي منزله، وتوشك أن تمارس معه العلاقة الحميمية حين تجد صورة كبيرة لأمه، ويقول لها أنها تشبه أمه فترحل فورا. وتحاول “نوشا” مقابلة “ألكس” وتذهب إليه في مكان عمله، مدعية أنها تحاول إعادة فرشاة أسنانه، لكنه يرفض التعامل معها وتفهم أنه لن يسامحها أبدا علي إحراجها له يوم زفافهما.

حب..

ثم يحدث اقتراب ما بين “سامان” عم “نوشا” الفارسي وأم”ألكس” “ماجي”، ويدخلان في علاقة حب حتي أنهما يقرران الزاوج،  وتحضر “نوشا” حفل الزفاف وتري “ألكس” هناك، لكنه يتعامل معها برسمية شديدة ونري مظاهر الحب ما بين “ماجي وسامان”. كما نري القبول من عائلة “نوشا” ل”ماجي”. ثم تغني “نوشا” في الحفل ويشعر “ألكس” بالحنين إليها ويذهب لتقبيلها وتعود علاقتهما وينتهي الفيلم علي ذلك.

تناول سطحي..

علي مستوي الإخراج الفيلم متوسط، في إطار أنه فيلم كوميدي خفيف، لكنه اختار موضوعا شائكا تناوله بسطحية شديدة، فموضوع الهوية ومشكلاتها أمر هام جدا ولابد من مناقشته بشكل جاد، وقد قامت أفلام أمريكية بتناوله من قبل بشكل جاد ورصين. هذا الفيلم اكتفي بالمرور فوق القشور في قالب خفيف مضحك.

كما أنه لم يبذل مجهودا ليصور الحقيقة، فشخصية فتاة من أصول فارسية مسلمة مثل “نوشا”، لن يكون سهلا عليها أن تعيش كفتاة أمريكية تماما بهذا الشكل الذي صوره الفيلم، تدخن السجائر وتحتسي الخمر وتدخل في علاقات حميمية من أول يوم للمواعدة، وتقبل برجل ثنائي الجنس، لأنها ولابد قد مرت بتربية إشكالية ما بين أسرة محافظة تسعي دوما أن تربطها بالمجتمع الفارسي وتربيها علي القيم الإسلامية الفارسية وتنتقد كل ما يخص السلوكيات الأمريكية، رغم سعي الوالدين إلي الهجرة إلي أمريكا والعيش فيها.

غيتوهات مغلقة..

لذا هذه التربية المحافظة المنغلقة لن تسمح للفتاة بحرية ممارسة السلوكيات في المجتمع الأمريكي بهذه السهولة التي يصورها الفيلم، دون أن يلومونها أو يوصمونها بل ويسعون لإقناعها بالعقل والحرية.

هذا الموضوع شائك عانت منه جنسيات كثيرة، ليس فقط في الشرق الأوسط، وإنما جنسيات أخري كثيرة تصر علي عمل غيتوهات ودوائر مغلقة لأبناء جنسهم داخل أمريكا، رغم سعيهم للاستفادة من مزايا الهجرة إلي أمريكا، لكنهم لا يسمحون لأبنائهم بالعيش بشكل حر تلك التفاصيل الاجتماعية التي يعيشها الأمريكيون، بل يسعون إلي حبس أبنائهم داخل دوائرهم المغلقة.

لذا كان التسامح في الفيلم مبالغا فيه وغير واقعي، كيف تتسامح عائلة فارسية يعترف الفيلم أنها محافظة مع زواج المثليين، ويتعاملون مع الأمر بقبول ومحبة، وكيف يقبلون زواج ابنتهم المسلمة من رجل غير مسلم زواج مدني، وكيف يقبل “سامان” الرجل الإيراني المتدين أن يشرب الخمر بكل تلك الأريحية، ويتزوج من أمريكية. ربما يتزوج من أمريكية نتيجة لرغبته في الاستقرار والعيش في أمريكا، لكن قبوله بكل شيء دون تفكير أو تردد يعطي للفيلم مسحة السطحية والتعامل مع القضايا الشائكة باستسهال.

ربما يسعي الفيلم لتسييد فكرة أن أمريكا هي النموذج الأفضل، وأن السماح بزواج المثليين والعلاقات الحرة هذا هو الأمر الطبيعي والمفهوم، والذي لابد وأن تقبله الجاليات التي تهجر إلي أمريكا. لكنه أيضا يتجاهل حقيقة أن عائلات أمريكية قد تتعامل مع زواج المثليين علي إنه أمر شائك ولا تتسامح معه بنفس الأريحية التي يصورها الفيلم. في النهاية اختار الفيلم أن يتناول مفارقة اختلاف الهويات كموقف كوميدي دون أن ينتبه أنه اختار مفارقة صعبة ولا ينبغي المرور عليها دون مناقشة جادة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة