لا يختلف اثنان ويضمنهم مسؤولون في ائتلاف المالكي وقوى سياسية اخرى ان مايجري في الانبار على ايدي القوات الحكومية انما يمثل كارثة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى رغم التبريرات الواهية التي تسوقها الحكومة لفعلها الشنيع في هذه المحافظة التي كتب لها التاريخ ان تكون في وجه المدفع كما يقول المثل العراقي فقد كانت الانبار عاصية على الخضوع والاستلام هي ومدينتها البطلة الفلوجة امام العدوان الوحشي الذي قامت به القوات الامريكية الغازية للعراق عام 2003 وما تلاه من السنين العجاف ولكن الانبار والفلوجة بقيتا شامختين رغم كل ما قدمتاه من تضحيات جسام في الرجال والاموال والممتلكات. ان طبيعة التركيبة النفسية والسيكولوجية لاهالي الانبار وانحدارهم من القبائل العربية الاصيلة ذات القيم الرجولية والبطولية وشيم التضحية والايثار جعل من سكان هذه المحافظة مجبولين على رفض كل مظاهر الاحتلال والتعسف والمس بالكرمة والاخضاع بالقوة وهو مايفسر قيامهم وعلى امتداد اكثر من عام بتنظيم اعتصامات ضد السلطة الحاكمة بعد ان جارت عليهم وحرمتهم من ابسط الحقوق المدنية وزجت بابنائهم في السجون والمعتقلات ولم تستثن حتى النساء من هذه الممارسات التي يندى لها جبين الانسانية وتشكل سوابق لا اخلاقية لم تقدم عليها اية حكومة سابقة خلال النصف قرن الماضي باستثناء حكومة المالكي التي دارت ظهرها لكل المعاني الانسانية وقيم الشرف والمحافظة على العرض والناموس وهما خصلتان بارزتان على وجه الخصوص في محافظة الانبار رغم مراعاة بقية المحافظات لهما ولكن ليس بنفس القدر. لقد ارتكبت حكومة المالكي اكبر حماقة عندما قررت مواجهة اهل الانبار بالقوة العسكرية وهي تعلم علم اليقين ان قبائل وعشائر الانبار قد رضع معظم ابناؤها من قيم الفروسية والضرب بالسيف والمنازلة في ساحات الوغى ويشهد لهم تاريخ العراق الحديث وما فعلوه من بطولات خلال ثماني سنوات من الحرب العراقية الايرانية فقد كانوا يتقدمون الصفوف ويحاربون العدو الايراني بشجاعة وبطولة نادرتين وبرز منهم قادة عسكريون سطروا اروع الامثلة بالبطولة والفداء واقتحام مضارب العدو وتكبيده اكبر الخسائر البشرية والمادية. ان الحقيقة الماثلة للعيان ان المالكي قد ارتكب اكبر خطأ عندما وجه جيشه وقواته المسلحة وهي قوات ينقصها الكثير من التدريب ومعرفة قيم الجندية الحقيقية وقائمة في تشكيلاتها على المليشيات الطائفية الى الانبار من اجل استباحة المحافظة وتركيع اهلها ومعاقبتهم على دورهم الوطني المشرف في مقاومة الاحتلال والمطالبة بحقوقهم المشروعة ورفضهم للسياسية العبثية للمالكي والقائمة على الاقصاء والتهميش والطائفية المقيتة والتعمد في حرمان المحافظة من ابسط مستلزمات التطوير والبنى التحتية وفتح المجال امام شبابهم للانخراط في الجيش والقوات الامنية باعتبرهم من العراقيين الاصلاء وليس اولئك الذين جاءوا من ايران بعد هروب دام عشرات السنين اضافة الى اسباب وغايات انتخابية من اجل الظهور بمظهر القائد الذي يستحق الولاية الثالثة خاب ظنه. ان مايجري في الانبار انما يمثل جريمة تشترك فيها عدة اطراف في مقدمتها حكومة المالكي ودولة القانون وحزب الدعوة وائتلاف متحدون الذي سوغ واعطى المبررات للمالكي لاقتحام المحافظة عبر سلسلة من المواقف المائعة والتي ليس فيها اكثر من المراوغة وانتهاز الفرض للمساومة على الحقوق والثوابت يشاركهم في ذلك بعض شيوخ العشائر ممن باعوا ضمائرهم لدولارات ودنانير المالكي بجانب التصرفات المخجلة لمحافظ الانبار احمد الدليمي الذي تنقصه الخبرة والحنكة السياسية والادارية ويتصرف كصبي لم يبلغ الحلم والنضوج بعد بجانب اللاعب الرئيس في العراق ايران وحرسها اللاثوري وفيلق القدس الذي يحمل تسمية القدس ظلما وافتراء على التاريخ والواقع