بعد التغيير استصحب الشعب العراقي كل ما عاناه بالأمس من تغيير للحقائق، ليعود ويخذل قياداته الحقيقة التي تريد تغيير الواقع المزرى الذي خلفه ذاك النظام، ويمارس نفس النهج الذي أدى إلى تسلط الديكتاتور تلو الآخر عليه.
فالعراق ربما أكثر شعوب الأرض عانى الإرهاب والدمار والقيادات المتذبذبة التي اذت شعبها ولا، وعلى مر تاريخه كان الشعب العراقي يخطأ تقدير أموره، ويجافي مصلحيه وممن يسعون لتوفير سبل العيش الكريم لهذا الشعب، لنفس الأسباب أعلاه، وتكرر هذا الحال على مر تاريخ هذا الشعب.
اليوم يتكرر الحال رغم أن جراحات النظام البائد مازالت ماثلة في حياة الشعب العراقي، حيث الشعارات والتلفيق وتغيير الحقائق، ومازال بين الشعب العراقي من يشتم ويهاجم الجمهورية الإسلامية في إيران، تحت مبرر اعتدائها على العراق في حرب الثمان سنوات! رغم أن الوقائع والإحداث تؤكد العكس، لكن مازال الشعب تأثير التضليل الإعلامي الذي قام به النظام وأجهزته، وحتى موضوع غزو الكويت مازال هناك من يجادل ويناقش حول صحة موقف النظام فيما قام به…!
ومع أحداث الرمادي التي تجري اليوم ، والتي أجلت كثيرا من قبل القائمين على الملف الأمني لأسباب يجهلها كل خبراء الحروب ومكافحة الإرهاب، كان للعشوائية والتخبط السهم الأكبر في هذه العملية، ولخطورة محافظة الانبار من حيث الموقع والسعة الجغرافية، وكونها بيئة خصبة جدا لتحتضن الإرهاب، ولصعوبة الحسم العسكري حيث أن الإرهاب يتحصن بين الناس، ويغير من وضعه بسهولة، كان إلزاما إيجاد حل يفرز الإرهاب عن الأبرياء وأيضا يحرق الأوراق التي يستخدمها في تجنيد الأبرياء، وتبرير أعماله، أطلقت مبادرة ( انبارنا الصامدة) والتي وضعت حلول ومعالجات تحقق الغرض ، حيث عالجت الجانب الاقتصادي لتحصين أبناء المحافظة، وأيضا منحت العشائر قدرة على مواجهة الإرهاب، خاصة وان تلك العشائر كان لها مواقف وطنية مشرفه في مرحلة سابقة.
وهذا يحاكي تجارب عالمية أثبتت نجاحها كمشروع مارشال الذي أطلق بعد الحرب العالمية الثانية في أوربا، لمواجهة الفقر والفاقة، مشروع تلقفه من أراد الإصلاح أولا، ورفضه من رأى فيه منافسة على الاستحقاق الانتخابي بالرغم من ان مثل هذه المنافسة لا يمكن ان تكون لها كفة الميزان في تلك المنطقة، ان وضعنا الحسابات المنطقية لغالبية السكان واتجاهاتهم الانتخابية والفكرية.
أيضا اخذ البعض أجزاء من تلك المبادرة ومحاولة تسيسها أدى الى فشلها بسبب انحرافها عن هدفها الأصلي، بعد كل ما تقدم، أصبحت تلك المبادرة عنوان لمشاريع وطنية تهدف الى استقرار البلد وكشفت المعدن الأصيل لمن تقدم بها.