بسقوط غرناطة عام 1492 تم القضاء على آخر ممالك المسلمين العرب في بلاد الأندلس ، فكانت نهاية بائسة ومخيفة وبشعة وجريمة انسانية كبرى ، بعد أن قامت محاكم التفتيش سيئة الصيت بقتل المسلمين واجتثاثهم وتهجيرهم والإستيلاء على ممتلكاتهم وتحويل مساجدهم الى كنائس وإدخالهم بالإكراه في دين النصرانية ومن يرفض منهم يقتل شر قتلة ويكون وقودا لحفلات الحرق بالنار التي كان يحضرها ملوك أوربا ويعد لها القساوسة…. كان السبب الرئيس وراء هذه الإنتكاسة المخزية هم الملوك وأمراء الطوائف الذين عادى بعضهم بعضا وتحالف بعضهم مع عدوهم المشترك ضد الملك الآخر ومن ثم جاءت النتيجة أنهم خسروا كل شئ وصاروا لقمة سائغة لعدوهم فتم القضاء عليهم بسهولة…
ما ينتظر شيعة العراق اليوم قريب الشبه لما حصل في بلاد الأندلس نوعا ما..! شيوع الفرقة بين زعمائهم والتسابق للتحالف مع أعدائهم وخصومهم من أجل الإيقاع بالزعيم الشيعي الآخر والحصول على رئاسة الحكومة أو التحالف من أجل البقاء في السلطة لفترة أطول ، إنه تصرف وأداء مخيف حقا لكون نتائجه بشعة ومأساوية سيدفع ثمنها أتباع أهل البيت عليهم السلام في العراق…!
هذه المرة اذا ما خسر الشيعة السلطة في العراق سيقضى عليهم نهائيا وسيقتلون تحت كل حجر ومدر وبلا رحمة ولايقبل من أحدهم أن يتحول الى معتقد الوهابية ولاتنفع التقية حينها…! لأن الخصم والعدو القادم يصرح ليل نهار أنه سيقتلكم جميعا دون استثناء فهو لا يفرق بين جاهل ومتعلم أو بين عالم معتدل في قوله و متسامح وآخرمتشدد ولافرق بين صغير أو كبير أو بين إمرأة أو شيخ مسن و لا فرق بين مقلدي السيد السيستاني أو بين أتباع والمالكي والصدر والحكيم واليعقوبي ، فلا ينجو منها حتى الشيعي العلماني أو المنتمي للحزب الشيوعي…! نعم هذه المرة سيقتلونكم بأشد الطرق بشاعة أما بقطع المياه أو بالأسلحة الكيمياوية والغازات السامة وقصف المدن الشيعية بمختلف الأسلحة وتحت أنظار المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الأنسان..!
كان الأجدر بزعامات الشيعة السياسية وخلال هذه الفترة المنصرمة أن يتعلموا كيفية الخلاص من هذا المأزق ويجلسوا سوية والتفكير معا بشكل جاد لوضع خطة محكمة مدروسة تعالج كل الأشكالات وتسد كل الثغرات و الإستعانة بكل الطاقات لوضع مشروع متكامل لحماية أبناء الطائفة واستثمار ثرواتهم بطريقة علمية راقية تضمن لهم العيش الكريم.. بدلا من أن تشتد عندهم حالة الإنقسام والتشرذم والذي إنعكس سلبا على أبناء الطائفة فصاروا فرقا وأشتاتا بسببهم.. يبدو أن هذه الزعامات لا تدرك إلا شيئا واحدا والعمل من أجله وترسيخه وهو زيادة الفرقة بين الناس لكي يبقوا زعماء وأسياد عليهم ، نعم لكي يبقوا محتفظين بمراكزهم وامتيازاتهم لاغير….لكن كل هذا سيزول بلمح البصر يوما ما…!
اذا كان زعماء الشيعة فعلا يستشعرون الخطرالقادم ، فأن الحل يكمن في تحويل التحالف الوطني بكل مكوناته الى مؤسسة سياسية جديرة بإدارة البلاد ، هذه المؤسسة تأخذ على عاتقها ترشيح رئيس الوزراء وألزامه بتنفيذ مشروع التحالف الوطني ولها الحق في إقالته واستبداله عند إخلاله في الألتزام ، وحينها لايهم من سيكون رئيس الوزراء هل ينتمي للتيار الصدري أو تيار الحكيم أو من جماعة المالكي ، كما أن هذه الهيئة تضع نظاما صارما متشددا على نواب التحالف الوطني في البرلمان يلزم النائب بأن لايصوت حسب مزاجه ولا يتصل بدولة أجنبية أو يسافر خارج العراق في أي وقت شاء ولا يتحالف مع خصوم كتلته سرا ، ولهذه الهيئة السلطة العليا في تجميد نشاط النائب وطرده من البرلمان.. ومن مهمات هذه الهيئة توزيع المناصب المهمة في الدولة وتعين رجال يتمتعون بالكفاءة والأخلاص والولاء.. وتستقبل هذه الهيئة كل المبادرات من الزعماء السياسين والمفكرين والكتاب ودراستها للأخذ بها وتنفيذها بدلا من طرح هذه المبادرات عبر وسائل الأعلام أو في المنتديات دون دراسة وتنسيق مسبق… وهناك مهام أخرى لا مجال لذكرها…
اذا توصل زعماء شيعة العراق الى هذا المستوى من التفكير حينئذ نقول نحن في أمن وأمان ، وحينها يتوحد أبناء الطائفة وراء هيئة سياسية موحدة قائدة رائدة كفوءة جديرة بالإحترام تستحق الدفاع عنها ، ومن هنا سوف تحترمكم المرجعية الدينية وتفتح لكم قلبها قبل أبوابها وترحب بكم و تصغي لكم و تبارك وتدعو لكم بالتوفيق ، ومن هنا يختفي التسقيط والتوهين والأفتراءات والبهتان والتزوير ، ومن هنا كل يعرف أنه مسؤول عن القول والفعل ، ومن هنا نعرف من هو المخلص الذي يحب أتباع أهل البيت ويدافع عنهم ولايفرط بحقوقهم ولايحب ذاته ومنصبه وحزبه أو عصابته ، ومن هنا يحترمكم خصومكم ويخشون سطوتكم ويحسبون ألف حساب لقولكم ، ومن هنا ستكون مدنكم البصرة والنجف الأشرف وبابل وميسان وذي قار وبغداد قبلة العراقين جميعا يقصدونها لحل مشاكلهم ولا يقصدون مدينة أخرى كما هرولتم لأربيل تستجدون حلا لخلافاتكم…. مالكم كيف تحكمون…!!