لا أحد يهتم.. أو يلتفت إليهم.. وإلى مطالبهم ويلبي احتياجاتهم.. فقط عندما يبدأ سوق الانتخابات يصبحون مقصداً ويتبارى الخطباء في رص الكلمات المنمقة..
الكل يجعل عنوان برنامجه الانتخابي: أنا مرشح الفقراء ونصيرهم..
الفقراء وحدهم، يعرفون أنها كلمات زائفة، ووعود ليل تذهب بها ريح الصباح.. بعد انفضاض مولد الانتخابات!
ماذا يريد الفقراء في العراق
ـ يريدون وطناً ينتشلهم من هوة الفقر إلى شط الانسانية؛
ـ يطلبون حقهم المشروع في العمل والعلاج، وحق صغارهم في التعليم والرعاية؛
ـ يتطلعون إلى احترام إنسانيتهم وأن يعاملوا باعتبارهم أبناء لهذا الوطن.. العراق؛
ـ وأن لا يعاملوا كسلعة في المواسم.. سلعة تنتهي صلاحيتها عند انفضاض السوق!
ـ يطلبون ماءً نظيفاً وشوارع بلا متاريس، يأمنون عندما يسيرون فيها؛
هل هم يطلبون لبن العصفور.. أبداً، هم يطلبون ما يطلبه المواطنون في أي بلد يحترم ناسه .. يحترم مواطنيه.. يطلبون أن يحصنوا ضد الكفر بالوطن..
فهل يفعل الوطن؟؟
انظر حولك.. في كل مدينة من مدن العراق.. وفي كل محلة من محلاته.. تعرف الجواب.. جواباً لا يسر عدو أو حبيب..
سوف تعرفه مرسوماً على جباه هؤلاء الفقراء.. الذين يكدهم التعب.. وتأكل أجسادهم الفاقة.. يهومون في الطرقات، يفتشون في النفايات عن بقية طعام يستعينون به لتخفيف قرصات الجوع..
أنا لا أحدثكم عن بلد يشكو الحاجة وبلا موارد.. أنا أحدثكم عن العراق.. العراق الذي يمتلك ثروة من النفط تكفي وزيادة، أن لا يكون بين ناسه فقير واحد.
لكن لماذا يبقى فقراء العراق أسرى بركة فقرهم يغرقون فيها!!
ببساطة لأن لا دولة هناك.. دولة أولوياتها تتجه بوصلتها للمترفين والسادة والمتربعين على كراسي السلطة وإلى جوارها..
والفقراء لهم الله بعد أن نسيتهم أو تناستهم الدولة!!
لكن..
وليحذر الغافلون.. فصمت الفقراء مؤقت.. وقدرتهم على الاحتمال إلى حين.. احذروا بركان الغضب فهو قادم لا محالة، بعد أن ينفد الصبر وتتراكم أسباب النقمة فترتفع رايات الثورة..
ثورة جياع.. هل سمعتم بهذا المصطلح.. أظنكم سمعتم العبارة في التلفاز وقرأتموها في الصحف.. لكن لسان حالكم.. يقول.. نعم ممكنة.. لكن ليس في العراق!!..
قيل ذلك في تونس، وفي ليبيا وفي مصر وبلاد أخرى..
لكن يا سادة.. ثورة الجياع لا وطن لها.. وطنها هو الوطن الذي يدير ظهره لناسه.. ولا يلتفت لحاجاتهم.. يعاملهم باعتبارهم خارج سياقه.. لا يهتم بهم.. ينكر عليهم حق المواطنة..
هذا الكلام نقوله دوماً.. نحن وكل من يسوئهم حال هذا البلد.. نقوله بمناسبة الانتخابات..
علّ من يريدون تمثيلنا في البرلمان القادم، يتعهدون بالانتباه إليه.. ينتبهون أن بلداً يعوم على بحيرة نفط.. يغرق قطاع واسع من أهله في بركة الفقر والفاقة!!
فقراء عراقنا يا سادة يستحقون الاهتمام..
هم أهلنا.. ويستحقون حاضراً غير الذي يسحقهم بمشاكله..
وأبنائهم ينتظرون مستقبلاً يطمئنون إليه..
أهلي وناسي أهل العراق..
احسنوا اختيار نوابكم.. تمنعون بركاناً كامناً..
اسمه ثورة الجياع.