يحتفل العالم سنويا في العشرين من شباط/ فبراير باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية.
والعدالة الاجتماعية من المصطلحات التي غَزَت الأدبيات الرسمية والسياسية والحزبية والثقافية، ولكنها عصية على التطبيق في غالبية دول العالم.
وهذه المناسبة يفترض أن تكون مناسبة للعمل وليس للمرور عليها مرور الكرام الذين لا يعنيهم الأمر!
ومنذ أن أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 20 شباط/ فبراير يوما عالميا للعدالة الاجتماعية ونحن في حالة تزاحم معرفي بخصوص تعريف هذا المفهوم!
وتعرف الموسوعة العدالة الاجتماعية بأنها “ مفهوم معقد يشمل قضايا مثل المساواة الاجتماعية، وتكافؤ الفرص،ودولة الرفاهية، ومكافحة الفقر، وطلبات العمل، ومناهضة العنصرية وغيرها، والتي لها هدف مشترك هو بناء المزيد من العدالة والتقليل من الفوارق“!
ورغم أن الظهور الأول لمفهوم العدالة الاجتماعية كان في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي إلا أن الشرائع السماوية، وغالبية المدارس الفلسفية النقية والعلماء والحكماء، دعوا لمفهوم العدالة، ولكن يبدو أن التغيير فقط في إضافة (العدالة) إلى (المجتمع)، ولا أظن أن هذه الإضافة تدفعنا للتسليم بأن (العدالة الاجتماعية) قد ظهرت منتصف القرن التاسع عشر، بل هي قديمة قِدَمالإنسان على الأرض، وإن لم تُذْكر بهذا المصطلح (العدالة الاجتماعية) تحديدا!
والعدالة الاجتماعية تشمل الجهود الرسمية لتقليل آثار آفات الفقر والاستعباد، والسعي لمحاربة البطالة، وضمان حقوق الإنسان!
وتشمل أيضا الاحترام العقائدي والثقافي لكل إنسان، دون النظر للعرق والجنس والأبعاد الإنسانية والثقافية الأخرى؛ وبالتالي فالعدالة الاجتماعية منهج حياة لحماية الإنسان من كافة أنواع الظلم العقائدي والفكري والمالي والاقتصادي والاجتماعي، وزراعة الأمان والسعادة في الأرض.
وتهدف العدالة الاجتماعية لمكافحة البطالة، وتمكين الفقراء، والشباب والنساء من أخذ دورهم في بناء المجتمع، وكذلك التوزيع العادل للثروات، وتكافئ فرص التعليم، والوظائف العامة، وتنظيم العمل، ومنح العمال الأجور المناسبة، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، والعناية بذوي الاحتياجات الخاصة والعاجزين، وتوفير الحماية الاجتماعية، وتأمين الضمان الاجتماعي لعموم المواطنين.
إن السياسات الخالية من العدالة الاجتماعية هي سياسات سقيمة، لأن بناء المجتمع من أهم عوامل بناء الدولة، وقوة المجتمع من قوة الدولة، وقوة الدولة من قوة المجتمع.
فالمواطن الذي يجد أن الدولة تُحابي فئة من المواطنين على حساب فئة أخرى لأسباب عرقية أو مذهبية لا يمكن أن تكون علاقته بالدولة متينة ومستقرة!
والمواطن الذي يَلمس أن الدولة لا تُميز بين المواطنين على أي اعتبار عرقي أو ديني نجده متمسكا بالدولة،ومستعدا للتضحية في سبيلها بالغالي والنفيس.
ومؤكد أن من أهم واجبات الدولة النقية حماية الأفراد، والمساواة بينهم في المكاسب والامتيازات، وفي التعامل أمام القضاء، وعند تطبيق القانون.
والعدالة الاجتماعية ينبغي أن تكون بوابة لتشجيع التكافل الاجتماعي، بين أفراد الأسرة الواحدة، والقبيلة،والحي والمدينة، والوطن.
والعدالة الاجتماعية موجودة في بلدان تدعي التحضر، ولكن ذات تلك الدول تتجاهل، وتُغلس عن ضياع الإنسان حقوقه والعدالة في أماكن أخرى من الأرض، وربما، تدعم هذا الضياع، وهذا ما يحصل اليوم مع غزة، التي أصبحت رمزا لضياع معاني حقوق الإنسان، وفقدان العدالة الاجتماعية التي يتغنى بها “الغرب المتحضر“ في قريتنا العالمية الصغيرة!
العدالة الاجتماعية المُزيفة كشفتها جرائم “إسرائيل” في غزة، وأثبتتها بجرائم القتل العمد، والحصار الاقتصادي، وظهرت العدالة المزيفة، أيضا، بالفيتو الأمريكي الذي عارض التصويت لوقف القتال في غزة، الثلاثاء الماضي!
لندعم العدالة الاجتماعية لتعزيز الإنصاف في العالم، ولتحسين مستوى حياة الناس، ولتقليل الفوارق الاجتماعية، وبالذات في التعليم والصحة والإسكان والخدمات العامة.
dr_jasemj67@