إعلامنا من أشد أعدائنا , فهو يشن عدوانا سافرا علينا , ويستبيح قشرة أدمغتنا , ويصادر إرادتنا , ويحولنا إلى موجودات خائبة ضائعة.
الإعلام جزار وجودنا الوطني والإنساني , ومبرمج تفاعلاتنا السلبية.
فهو المتهم الأول فيما يحصل بمجتمعاتنا.
ذلك أن الإعلام يحمل رسالة شل العقول , ومحق قشرة الأدمغة , وتحويل رؤوسنا إلى جماجم فارغة , بما يستعمله من مفردات وعبارات ويطرحه من إنفعالات ويعرضه من الصور والبيانات.
وفي عالم المواقع الإليكترونية والنشر السريع , أصبحنا أمام سيل متدفق من الأفكارالهدامة والألفاظ المحرضة على الهلاك والإتلاف الحضاري المروع.
فما عادت الكلمة مسؤولية , والكتابة رسالة , وصاحبها يتقي الله فيما يكتبه ويطرحه للناس , وإنما هي حالة فوضوية ذات عشوائية فائقة تسهم في صناعة الحيرة والتخبط والضياع.
وفي معظم ما يطرحه الإعلام هناك رسالة واضحة لمنع التفكير وتجميد العقل وتدمير الذات والموضوع , والتشويش , فالكثير من العبارات تصيب العقول بالسكتة وتخرجها من دائرة التفاعل الإيجابي , وتحْجُرها برؤيتها السلبية وحلولها الجاهزة اليائسة.
أما التفاعلات الإنعكاسية لوسائل الإعلام تجاه الأحداث , فلها الدور القاسي في زيادة التداعيات المريرة , فما أسهم الإعلام بتطبيب الجراح بل في تفتيقها , وما كانت له منطلقات تهدئة وتنوير , وإنما تحريض وتضليل.
ولهذا فأن الإعلام قد صار عاملا أساسيا في تدمير البلاد والعباد , ولاتزال مسيرته السالبة المعادية للحياة على أشدها , عن قصد أو غير قصد , وعن وعي أو لا وعي.
ومن المشاهد الغثيثة المدمرة أن هناك دولا تساهم بثقلها المادي في إطلاق المواقع والمحطات التلفازية , وتجنيد الأقلام للإنتصار على الإنسان وسرقته من ذاته وموضوعه , وتحويله إلى دمية تحركه وفقا لمقتضيات ما تريد.
فالواقع لا يمكنه أن يتحرك بالإتجاه الصائب , إن لم يكن الإعلام مسؤولا ويتمتع بمواصفات وطنية إنسانية حقيقية , تهدف للصلاح والرقاء والألفة والمحبة والسلام.
فهل عندنا إعلام؟!!