24 سبتمبر، 2024 1:24 ص
Search
Close this search box.

وسط تزايد للعزلة الإسرائيلية .. آمال الانفراجة في غزة تتجه لمباحثات “باريس” .. فهل تنجح هذه المرة !

وسط تزايد للعزلة الإسرائيلية .. آمال الانفراجة في غزة تتجه لمباحثات “باريس” .. فهل تنجح هذه المرة !

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

باتت التقارير الإعلامية تتوالى عن عُزلة “إسرائيل” بسبب جرائمها في “غزة”، وهو ما يُعيد للأذهان ما حدث مسّبقًا وكأن التاريخ يُعيد نفسه من جديد، وسبق وأن حذر “ديفيد بن غوريون”؛ أحد مؤسسي “الكيان الإسرائيلي”، في عام 1955، من أن خطته لاحتلال “قطاع غزة”، ستتسبب برد فعل في “الأمم المتحدة”، رد بعبارة تُعبر عن ازدرائه للمنظمة الدولية.

وكتب “مارك لاندلير”؛ في صحيفة (نيويورك تايمز)، أن عبارة “بن غوريون” باتت رمزًا لتحدي المنظمات الدولية عندما تعتقد أن مصالحها الحيوية في خطر.

وبعد (70) عامًا، تواجه “إسرائيل” موجة أخرى من الإدانات في “الأمم المتحدة”، ومن “محكمة العدل الدولية”، ومن عشرات الدول بسبب عمليتها العسكرية في “غزة”، التي قتلت خلالها: (29) ألف فلسطيني، الكثير منهم نساء وأطفال، وحولت معظم القطاع إلى خراب.

وقال إن التصاعد الهائل في الضغط العالمي؛ أدى إلى جعل الحكومة الإسرائيلية ورئيسها؛ “بنيامين نتانياهو”، في عُزلة عميقة، وإذا كان لم يُذّعن حتى الآن، فإن ذلك بسبب الدعم الذي لا يزال يتلقاه من “الولايات المتحدة”، حليفته القوية.

مشروع قرار أميركي..

إلا أن “إسرائيل” تواجه هذه المرة قطيعة نادرة في “واشنطن”، حيث توزع إدارة الرئيس؛ “جو بايدن”، مشروع قرار في “مجلس الأمن” يُحذر “إسرائيل” من تنفيذ هجوم بري على “رفح”؛ قرب الحدود المصرية، حيث لجأ أكثر من مليون فلسطيني، كما يدعو المشروع إلى وقف مؤقت للنار في أقرب وقت.

واعتبر السفير الأميركي السابق إلى تل أبيب؛ “مارتن أنديك”، أن ذلك: “بمثابة مشكلة كبيرة لإسرائيل؛ لأنها في السابق كانت قادرة على الاحتماء خلف الولايات المتحدة.. لكن الآن يبعث بايدن بإشارة أن نتانياهو لم يُعد في إمكانه التمتع بالحماية، كأمر مسلّم به”.

وأضاف أن: “هناك نطاقًا أوسع من إدانات الرأي العام العالمي، غير المسّبوق من حيث الاتسّاع والعمق، والذي انتقل إلى الأمم المتحدة.. إن التقدميّين في الحزب (الديمقراطي)، والناخبين الشباب والعرب الأميركيين غاضبون، ويوجهون انتقادات حادة لبايدن بسبب دعمه لإسرائيل”.

وحتى الآن؛ لم يسمح “بايدن” للضغط الدولي والمحلي بجعله يتراجع عن موقفه.

استخدام “الفيتو” لحماية “إسرائيل“..

والثلاثاء؛ التزمت “الولايات المتحدة” بموقفها المألوف، من خلال استخدام (الفيتو) ضد مشروع قرار في “مجلس الأمن”؛ رعته “الجزائر”، يدعو إلى وقف فوري للنار في “غزة”. وهذه المرة الثالثة خلال “حرب غزة” التي تُعطل “أميركا” مشاريع قرارات تضع ضغطًا على “إسرائيل”.

ومنذ تأسيس “الأمم المتحدة”؛ عام 1945، قبل ثلاث سنوات من احتلال “إسرائيل” للأراضي الفلسطينية، استخدمت “الولايات المتحدة” حق (الفيتو) أكثر من: (40) مرة لحماية “إسرائيل” في “مجلس الأمن”.

أما في الجمعية العامة؛ حيث الأميركيون مثلهم مثل بقية الدول، فإن القرارات ضد “إسرائيل” كثيرة.

وفي كانون أول/ديسمبر الماضي، صّوتت الجمعية بغالبية: (153) صوتًا في مقابل اعتراض عشرة وامتناع: (23) عن التصّويت، لمصلحة قرار يدعو إلى وقف فوري للنار.

ويقول السفير الإسرائيلي السابق إلى الأمم المتحدة؛ “مايكل ب. أورين”، عن المنظمة الدولية و”محكمة العدل الدولية” وهيئات أخرى: “في ما يتعلق بالإسرائيليين، فإن هذه المنظمات محتشّدة ضدنا.. ما تفعله لا يؤثر علينا استراتجيًا أو تكتيكيًا أو عملانيًا”.

تغييّر موقف “واشنطن” سيكون مختلف..

لكن “أورين” يُقّر بأن أي تغيّير في موقف “الولايات المتحدة”، المّزود الرئيس لـ”إسرائيل” بالسلاح والحليف السياسي القوي، والمّدافع الرئيس عنها في المحافل الدولية، فإنه: “سيكون أمرًا مختلفًا”.

وبينما “إسرائيل” تتعرض لضغط قوي منذ الأيام الأولى لهجومها على “غزة”، فإن جوقة الأصوات الصادرة عن العواصم الأجنبية باتت أكثر صخبًا في الأيام الأخيرة. ودعا حزب (العمال) البريطاني؛ المعارض، إلى وقف فوري للنار؛ الثلاثاء، مبتعدًا عن موقف حزب (المحافظين) الحاكم، وذلك تحت ضغط من أحزاب معارضة أخرى.

انتقاد بريطاني..

وحتى الأمير “ويليم”؛ وريث العرش البريطاني، دعا للمرة الأولى، في بيان الثلاثاء: “إلى وقف للقتال في أسرع وقتٍ ممكن”، في تدخل جيوسياسي نادر لفرد من العائلة الملكية. وقال: “لقد قُتل الكثيرون”.

ولعل مشهد العُزلة الأكثر وضوحًا لـ”إسرائيل” كان في “محكمة العدل الدولية”؛ في “لاهاي”، حيث ترافع ممثلو: (52) بلدًا هذا الأسبوع في قضية قانونية: “احتلال إسرائيل والمسّتوطنات والضم” للأراضي الفلسطينية، بما فيها “الضفة الغربية والقدس الشرقية”. ووجّه معظم هؤلاء الانتقاد لـ”إسرائيل”.

تمييّز عنصري..

وشبّهت “جنوب إفريقيا”؛ معاملة “إسرائيل” للفلسطينيين: “بنوع من التميّيز العنصري هو الأكثر تطرفًا”. وسبق لـ”جنوب إفريقيا” أن رفعت دعوى منفصلة ضد “إسرائيل” تتهمها بممارسة الإبادة الجماعية في “غزة”.

والأربعاء؛ هرعت “الولايات المتحدة” مجددًا إلى الدفاع عن “إسرائيل”، بتحذير المحكمة من مغبة إصدار حكم يُطالب “إسرائيل” بانسّحاب غير مشروط من هذه الأراضي، لأن ذلك سيجعل التوصل إلى تسّوية سّلمية بين “إسرائيل” والفلسطينيين أكثر صعوبة.

وكانت “أميركا” وحيدة في موقفها؛ على رُغم أن “بريطانيا” اقترحت آراء مشّابهة.

نقطة الانهيار..

وأسّفرت الحرب عن مقتل قرابة: (30) ألف فلسطيني، كثير منهم من النساء والأطفال. في وقتٍ نزح أكثر من مليون شخص إلى العراء.

وفي رسالة وجهها إلى رئيس “الجمعية العامة للأمم المتحدة”، الخميس الماضي، حذر المفوض العام لـ”وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشّغيل اللاجئين الفلسطينيين”؛ (الأونروا)، “فيليب لازاريني”، من أن الوكالة وصلت إلى: “نقطة الانهيار”.

وقال “لازاريني”؛ في الرسالة: “إنه لمن دواعي الأسف العميق أن أبلغكم اليوم أن الوكالة وصلت إلى نقطة الانهيار، مع دعوات إسرائيل المتكررة لتفكيّكها وتجمّيد تمويل المانحين في مواجهة الاحتياجات الإنسانية غير المسّبوقة في غزة”.

ونوّه بأن: “قدرة الوكالة على الوفاء بتفويضها بموجب قرار الجمعية العامة رقم (302) أصبحت الآن مهددة بشدة”.

وتوظف (الأونروا)؛ التي تأسست بموجب هذا القرار الذي تم تبنّيه عام 1949، نحو: (30) ألف شخص في الأراضي الفلسطينية المحتلة و”لبنان والأردن وسورية”.

ومع استمرار الحرب التي اندلعت في السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي، باتت تقارير المنظمات الإنسانية حول الوضع في “قطاع غزة” تُثير قلقًا متزايدًا.

وتؤكد وكالات “الأمم المتحدة” أن الغذاء والمياه النظيفة أصبحا: “نادرين جدًا” في القطاع الفلسطيني المّحاصر، وأن جميع الأطفال الصغار تقريبًا يُعانون أمراضًا مُعدية.

مفاوضات “باريس”..

ورُغم إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، على شّن هجوم على “رفح”؛ جنوبي “قطاع غزة”، إلا أن مصدرًا مطلعًا وتقارير إعلامية إسرائيلية قالت إن “تل أبيب” ستُشارك في مفاوضات تُجرى مطلع الأسبوع المقبل في “باريس”، بحضور “مصر والولايات المتحدة وقطر”؛ بشأن اتفاق محتمل لهدنة في “غزة” وإطلاق سراح الرهائن.

وفشلت محادثات بشأن وقف إطلاق النار قبل أسبوعين؛ عندما رفض “نتانياهو” مقترحًا من حركة (حماس) الفلسطينية لهدنة مدتها أربعة أشهر ونصف الشهر تنتهي بانسّحاب إسرائيلي، ووصف “نتانياهو” المقترح بأنه محض: “وهم”.

وبحسب القناة (12) بالتلفزيون الإسرائيلي؛ فإن مجلس حكومة الحرب بـ”إسرائيل” وافق على إرسال مفاوضين بقيادة رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي؛ (الموساد)، “دافيد برنياع”، إلى “باريس” لإجراء محادثات حول اتفاق محتمل لإطلاق سراح أكثر من: (100) رهينة من المحتجزين لدى (حماس).

وقال المصدر إن مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية؛ “وليام بيرنز”، ورئيس الوزراء القطري؛ الشيخ “محمد بن عبدالرحمن آل ثاني”، ورئيس المخابرات المصرية؛ “عباس كامل”، سيُشاركون أيضًا في اجتماعات “باريس”.

وزار “إسماعيل هنية”؛ رئيس المكتب السياسي لـ (حماس)، “مصر”، هذا الأسبوع، فيما اعتُبر أنه أقوى مؤشر منذ أسابيع على أن المفاوضات لا تزال مستمرة.

وقالت (حماس) إن “هنية” أجرى في “القاهرة” لقاءات مع اللواء “عباس كامل” رئيس المخابرات المصرية، كما بحث مع المسؤولين المصريين الأوضاع في “غزة” وعودة النازحين إلى منازلهم وملف تبادل الأسرى.

جهود دبلوماسية..

ولكن ما الذي سيفعله المفاوضون في ظل تعّقد الأمور على الأرض ؟

وزير الدفاع الإسرائيلي “يوآف غالانت”؛ قال في بيان: “سنّوسع السلطة الممنوحة لمفاوضينا بشأن الرهائن”، بينما نسّتعد لمواصلة العمليات البرية المكثفة.

ويبدو أن الجهود الدبلوماسية تُصبح أكثر إلحاحًا مع اقتراب شهر رمضان، وهو الموقف الذي أفصّحت عنه “واشنطن”.

فقد قال وزير الخارجية الأميركي؛ “أنتوني بلينكن”، للصحافيين في “البرازيل”: “نُركز بشكلٍ مكثف على محاولة التوصل إلى اتفاق يؤدي إلى إطلاق سراح الرهائن المتبقين ويقود إلى وقف إنساني ممتد لإطلاق النار”.

وقال “جون كيربي” المتحدث باسم “البيت الأبيض” للأمن القومي، في مؤتمر صحافي، إن المبعوث الأميركي للشرق الأوسط؛ “بريت ماكغورك”، عقد اجتماعات: “بناءة” في “مصر وإسرائيل”، بمن في ذلك مع “نتانياهو”؛ يوم الخميس.

مباحثات هاتفية..

وأجرى وزير الدفاع الأميركي؛ “لويد أوستن”، اتصالات هاتفية بنظيره الإسرائيلي؛ “يوآف غالانت”، أكد خلالها ضرورة وجود خطة ذات مصداقية لضمان سلامة مليون شخص في “رفح” قبل بدء أي عمليات عسكرية هناك.

وبحسّب ما أعلنته (البنتاغون)؛ فإن “أوستن” شّدد لنظيره الإسرائيلي على ضرورة تحسّين عملية عدم الاشتباك مع المنظمات الإنسانية وضمان وصول المزيد من المساعدات إلى المدنيّين الفلسطينيين.

ووفق المصدر ذاته؛ فقد ناقش “أوستن” و”غالانت”، العملية العسكرية في “خان يونس” والجهود المبذولة لضمان إطلاق سراح جميع الرهائن المتبّقين في “غزة”.

وأكد “أوستن” أن أعمال النهب والعنف تُعيّق الوصول إلى القوافل الإنسانية في “غزة”.

وبدأت الحرب الإسرائيلية على “قطاع غزة”؛ عقب هجوم مسّلح غير مسّبوق شنّته حركة (حماس) على “غلاف غزة”، أسّفر عن مقتل: (1200) شخص واحتجاز نحو: (250) رهينة، لترد “إسرائيل” بحرب شاملة همجية على القطاع أسّفرت عن مقتل نحو: (30) ألف شخص غالبيتهم من النساء والأطفال.

وشهدت الحرب هدنة وحيدة في تشرين ثان/نوفمبر الماضي، أفرجت (حماس) بموجبها عن نحو: (100) رهينة من المحتجزين لديها مقابل نحو: (240) أسيرًا فلسطينيًا كانوا في السجون الإسرائيلية.

وتقول (حماس) إنها لن تُطلق سراح بقية الرهائن ما لم توافق “إسرائيل” على إنهاء القتال والانسّحاب من القطاع، فيما تقول “إسرائيل” إنها لن تنسّحب حتى يتم القضاء على (حماس).

وتُهدد “إسرائيل” بشّن هجوم شامل على “رفح”، آخر مدينة على الطرف الجنوبي لـ”قطاع غزة”، على الرُغم من المناشدات الدولية، بما في ذلك من حليفتها الرئيسة؛ “واشنطن”، للتراجع عن هذه الخطوة.

ويتكدس في “رفح” حاليًا؛ نحو: (1.5) مليون شخص نزحوا من شمال “قطاع غزة” بسبب الحرب.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة