خاص: كتبت- نشوى الحفني:
من جديد؛ عاد أكبر مصنع بتروكيماويات في الشرق الأوسط إلى نقطة الصفر من جديد، بعد أن صدمت شركة (شل) العالمية؛ “العراق”، معلنة انسّحابها من تنفيذ المشروع العملاق.
إذ أصدر رئيس الوزراء العراقي؛ “محمد شيّاع السوداني”، الثلاثاء الماضي، توجيهًا لوزارتي “النفط” و”الصناعة”؛ حول مشروع (النبراس) للصناعات الكيمياوية، بعد اعتذار شركة (شل) عن المشروع.
واعتذرت شركة (شل) الهولندية عن الاستمرار بالنقاشات لتطوير أكبر مصنع بتروكيماويات في الشرق الأوسط بصفتها مستثمرًا رئيسًا، مع تأكيدها الاستمرار بدعم المشروع من خلال شراكتها مع “شركة غاز البصرة”، وفق ما طالعته منصة (الطاقة) المتخصصة.
تغييّر عالمي طاريء..
من جهته؛ كشف نائب الرئيس التنفيذي لشركة (شِل) المختصة في مجال الطاقة؛ “جون كروكر”، أمس، عن أسباب انسّحاب الشركة من أحد مشاريع البتروكيماويات في “العراق”.
وأوضح ممثل شركة (شِل)، في بيان؛ أن: “تغيّيرًا طرأ على خطط الشركة في ما يتعلق بمشاريع البتروكيماويات في كل العالم، كان السبب في الانسّحاب من مشروع (النبراس) في العراق”، مؤكدًا في الوقت ذاته الحرص الشديد على استمرار عمل الشركة في “العراق”، الذي بدأ قبل (10) سنوات، والرغبة الجادة بتوسيّعه في قطاع استثمار الغاز، الذي يُشّكل أحد أهم محاور الإصلاح الاقتصادي الذي تتبناه الحكومة.
وأشار “كروكر”؛ إلى أن: “الشركة تُركز استثماراتها ومشاريعها حاليًا، في كل أماكن تواجدها، على قطاعات الغاز واستثماره وتقنيات تطويره”.
بدوره؛ أكد “السوداني”، حرص “العراق” على تعزيز التعاون مع الشركات الهولندية التي تمتلك خبرة مهمة في مجال الطاقة بجميع أنواعها، ولا سيما قطاع الطاقة النظيفة والمتجدّدة، ومشاريع الغاز المصاحب، مشيرًا إلى توفر العديد من الفرص الاستثمارية أمام هذه الشركات، إلى جانب مشاريعها الحالية التي تُديرها في “العراق”.
خيارات جديدة..
ووجّه “السوداني”؛ وزارتي “الصناعة” و”النفط”، بدراسة خيارات أخرى أكثر استجابة للواقع الجديد للغاز بعد توقيع العقد الاستثماري مع شركة (توتال) الفرنسية، وإعادة دراسة حجم المشروع وطاقته التصميمية والتفاصيل الفنية الأخرى.
يأتي ذلك في إطار خطط “العراق” للمضي قدمًا بتنفيذ مشروع (النبراس)، أكبر مصنع بتروكيماويات في الشرق الأوسط، وإزالة كل العراقيل والتحديات التي أخّرت البدء في تنفيذه.
نقص السّيولة والصراعات الداخلية..
وواجه مشروع أكبر مصنع بتروكيماويات في الشرق الأوسط؛ منذ توقّيع عقوده في عام 2015، تأخرًا بسبب نقص السّيولة والصراعات الداخلية، إذ كان من المقرر أن تمتلك (شل): (49%) من أسّهم المشروع، في حين ستُسّيطر وزارتا “النفط” و”الصناعة” العراقيتان على: (51%).
ويستهدف المشروع الاستفادة من موارد “العراق” الهائلة من الغاز، وإنشاء مشروعات إضافية في “البصرة”، ما يجعل البلاد منتجًا رئيسًا للبتروكيماويات.
هدف مشروع “النبراس”..
وكان يهدف مشروع (النبراس)؛ الذي كان يُخَطَّط له ليكون أكبر مصنع بتروكيماويات في الشرق الأوسط، إلى بناء صناعة عملاقة في البتروكيماويات، ويُنفَّذ على مرحلتين، الأولى إعداد الدراسة والتصاميم، والمرحلة الأخرى المباشرة بالتنفيذ.
وجرى التوقيع على المباديء الأساسية للمشروع مع شركة (شل) بموجب قرار لمجلس الوزراء؛ في 28 كانون ثان/يناير 2015.
كما يضم مصفاة بطاقة: (300) ألف برميل بجانب مصنع ضخم للبتروكيماويات.
يعتمد على استغلال فوائض “الغاز الطبيعي”، لصناعة المنتجات البتروكيماوية المتعددة.
كان سيُنَفَّذ في محافظة “البصرة”، ويهدف إلى توفير أكثر من: (40) ألف فرصة عمل.
تبلغ القيمة الاستثمارية للمشروع: (11) مليار دولار، بطاقة إنتاجية من: (2.8) مليون طن سنويًا من مادة (البولي إيثيلين).
كان متوقعًا أن يُدرّ أرباحًا صافية تُقارب: (1.4) مليار دولار سنويًا، ما يجعله رابع أكبر مجمع بتروكيماويات في العالم.
وكان المشروع يحظى باهتمام الحكومة العراقية لما سيُحققه من مردودات مالية ومكاسّب اجتماعية، إذ تعوّل عليه الدولة في تعزيز موقعها في صناعة البتروكيمياويات.
أكبر منتج للصناعات البتروكيماوية في الشرق الأوسط..
تعليقًا على تلك الخطوة؛ أوضح الخبير الاقتصادي؛ “نبيل المرسومي”، مدى ارتباط انسّحاب شركة (شل) من مشروع (النبراس) بمشكلات لوجستية كانت أم أمنية.
وقال “المرسومي”؛ في تدوينة إن: “تاريخ المشروع يرجع لشهر حزيران/يونيو 2015؛ عندما وقّعت شركة (شل) الصفقة الأصلية لبناء وتنفيذ مشروع مجمع (نبراس) للصناعات البتروكيماوية في البصرة؛ الذي قدرت كلفة إنشائه في حينها: (11) مليار”.
وأضاف أنه: “كان من المؤمل أن يدخل المشروع مرحلة الإنتاج في غضون خمسة إلى ستة أعوام؛ ومن شأنه أن يجعل العراق أكبر منتج للصناعات البتروكيماوية في الشرق الأوسط بقدرة إنتاجية تصل إلى: (1.8) مليون طن متري سنويًا على الأقل من مختلف المنتجات البتروكيماوية”.
وأشار إلى أن: “مادة الإيثان المرافقة للغاز المصاحب تُعد المغذي الرئيس لمجمع العراق الجديد للمنتجات البتروكيماوية في (نبراس)؛ كما هو مستخدم في مدينة جبيل السعودية للمنتجات البتروكيماوية”.
مشكلات لوجستية وأمنية..
وأوضح “المرسومي”؛ أن: “العراق يمتلك معدلات عالية من الغاز المصاحب وأن تصنيعه سيكون من مقومات تقدم العراق في إنتاج هذه المشّتقات النفطية”، مشيرًا إلى أن: “شركة (شل) واجهت مشكلتين كبيرتين أمام مضيها قدمًا في تنفيذ المشروع: الأولى كانت لوجستية، تمثلت بعد انسّحاب شركة (شل) من أعمالها في حقلي (مجنون) و(غرب القرنة-1) النفطيين، والثانية هي مشكلة معنوية متعلقة بمدى إمكانية تطبيق نسّبة العمولة في العقود النفطية العراقية؛ إذ أن الكلفة المحددة في العقد هي: (11) مليار دولار، غير أن مقدار العمولة الإضافية وفقًا لحساب (شل) هي ما بين: (03) إلى: (04) مليارات دولار أخرى”.
ولفت إلى أن: “الوضع الأمني المضطرب في العراق قد أضاف سببًا آخر لانسّحاب (شل) من المشروع”.