الأمل والخوف:
لو تطلعنا إلى كلمة أمل لوجدنا أنها ترافق حالة من التوقع المستقبلي لأمرإيجابي، انه إحساس الحاضر لما سيكون في المستقبل إيجابيا كمخرجات عمل تقوم به الآن أو تنوي القيام به، فهو تماما ضد الخوف، الذي هو تحسّب لأمرفي المستقبل قد يقع وقد لا يقع ولطالما تصور الإنسان صعوبة في شيء يجده سلسا ولا مشكلة تعترضه وهو الذي غزاه الخوف أتعسه في حاضر جراء تصوره لمستقبل لم يأتِ، كذلك الأمل قد لا يتحقق شيء مما يتخيل لكن لديه شغف في الحاضر.
النفس قد تطرد الخوف من خلال معرفة تفاصيل لأحداث مشابهة أو تجارب الآخرين، لكن لكيلا تحبط تحاول أن تقتل الخوف أو سيسيطر الخوف على المشاعر فيثلم الأمل بتجاوزه
الأمل والتفاؤل:
أحيانا تحس بالتفاؤل عندما ترى أناسا ممن تعرفهم، لكن لا تعلم ما نوع هذا التفاؤل إلا عندما تصبح رؤيتهم وأنت بعيد أو مغترب أملا، وتكتشف انهم واقعا يعيشون في ذهنك (كتعبير توصيفي) ومعك وليسوا ممن تدفعهم الحوادث والملمات إلى دهاليز النسيان، انه نوع من الحب الذي يتجاوز المصالح والحاجات، هو تفاؤل يتحول إلى امل ذهني متجرد مع أن التفاؤل مرافق للأملفي التصور الذهني للحاجات أو نتائج الأفعال، لكن الأمل قد لا يعبر عن التفاؤل في لقاء غائب بعيد في هذه الحالة وإن لم يغادر تفكيرك لحواجز تعلم أن من الصعب تجاوزها لكن لابد للأمل أن يعيش لان النفس البشرية بها زوايا ليس من السهولة استكشافها إلا بالتجربة والمعاناة أو الإحساس المباشر بالأشياء، وغالبا ما يفقد الأمل بأمر ما لكن النفس تنعشه فهي تحتاجه حيا فاعلا في الذهن فلا تعتبره ميتا وإنما من الأمور ضعيفة الاحتمال.
فلسفة الأمل والخوف والتشاؤم والتفاؤل هذه لها فاعلية في نوع العيش وشخصية الإنسان ووقعه على محيطه الذي قد لا يستجيب لتفاؤله أو لا يستجيب لتشاؤمه، بيد انه سيجد الوسيلة للتعايش مع هذا الجفاء في الأملنفسه وهنا لن يكون صحيا التشاؤم أو الخوف من الحياة لان موت الأمل يعني لا حياة ودوما امل الإنسان أطول من عمره عندما يكون الأمر في كل الحالات ليس مرضيا وإنما يرتكز على غريزة من الغرائز فتتغلب لتضعه في مكان مناسبا له.
دافع الأمل والخوف:
الدافع هنا تعبر عن منطقتين، الأولى الدافع للخوف والدافع للأمل، والثانية ما يوحي به الخوف وما يوحي به الأمل من تحصينات.
ما يدفع لاستحضار الخوف عوامل عدة، تجارب سلبية في ذات النوع من المتوقع مواجهته، أو الجهل بما سيحصل أو سماع تجارب سلبية للآخرين بذات المواقف، وهذه كلها تولد مخاوف أو هواجس وربما إن كان المتوقع عظيما عندها تتحول الهواجس إلى خوف.
ولا يدفع هذه الهواجس إلا المواجهة والإقدام على العمل مالم يك إلغاءه احتمالا وهذا أيضا حل سلبي غالبا.
أما الأمل، فأهم دوافعه هو انه في طبع الإنسان ولان جزء كبير من دماغه لصناعة الأحداث وانه يتطلع دوما إلى حاجات تطلبها ديمومة حياته وغرائز وضعت فيه غالبا ما تكون المنطلق الأقوى للحراك أو البدء فيه ومن هنا يكون الأمل هو الوصول إلى الأحداث وليس التوجس منها وهذا فارق في نوعية الدوافع، والأمل لا يدفعه إلا الاستحالة عندها سيكون الإنسان أمام الإبقاء عليه بإهمال بعض جوانب الاستحالة أو التعايش معها على احتمال الحصول لسد تلك الحاجة أو إشباع تلك الغريزة، فقد يحلم شاب أن يكون طبيبا لكنه لا يحصل على معدل كاف لكلية الطب، عندها سيخطط لدخول معهد يمكنه من إكمال دراسته للطب بظرف محتمل، أو دراسات عليا، أو شراء شيء ما، أو حبه لرفقة إنسان أو جاه أو منصب، هذه أمور بها امل وممتد وغالبا لا ينقطع الأمل والا حل محله الإحباط اللهم إلا إن تغلب المنظومة العقلية على الأمر برسم مخططات جديدة وبديلة لكل هذا.
الأمل رفيق الحياة
الأمل ملازم للحياة ولا حياة بلا امل، لو تخيلنا إنسانا بلا امل لكان محنطا بلا دم في عروقه، فهو إذن شرط من شروطها أما التشاؤم فهو مظهر لضعف غريزي وقد ينفصل التشاؤم عن الخوف ليوصف كمرض في النفس معبرا عن الفشل والإحباط، لكن الإنسان يبقى في امل لمواطن غير التي أحبط منها.
الأمل يعبر عن الحياة كترف أو الم، فالأمل هو خاطر عند المتألم وعند المترفلكن بدرجات متباينة وفق إمكانية التحقيق للغايات أو النجاح في الوصول إلى الأهداف.
الأمل لذاتك يحتاج إلى جهدك فلا تتوقع أن تحقق آمالك بجهد غيرك أو دخولك أدوار التحقيق بما فيها من مجازفات وإرهاق ومخاطر، ومع هذا لكل قاعدة شواذ عنها، وان كان تحقيق الغايات بجهد آخرين يفتقد إلى لذة الإنجاز.
الأمل بالتالي حلم يتطلب عملا فان كسلت عنه النفوس بات وهما ولا امل بلا سعي إليه مالم تتوجب ماهية المأمول به الانتظار أو تعترض تحقيقه منظومة قيمية أو عقلية.
أما الخوف والتشاؤم فهي كوابيس يقظة لما تخاف منه ويثبط غالبا عن البحث عن أدوات لمواجهته لان رد فعله تثبيط لنشاط المنظومة العقلية؛ فان واجهه الإنسان يتحول إلى مشكلة من مسار الحياة الطبيعية تعالج بوقائعها.