18 ديسمبر، 2024 9:06 م

الرئيسان بايدن وترامب .. وربقة الإنسانية

الرئيسان بايدن وترامب .. وربقة الإنسانية

في 24 ك2 2024 وقف الرئيس جو بايدن وهو بربقة السَرَحان بالخيال البعيد بين جمهوره من الناخبين في مقاطعة كولومبيا التابعة للعاصمة واشنطن , يعدد بها منجزاته الإقتصادية والإجتماعية بالمقارنة مع منجزات سلفه الرئيس ترامب , وفي كل مرة يردد عبارة : Promise made and promise kept  أي ” وعد تم تحقيقه ووعد تم الحفاظ عليه ,

وبين طيات الحديث استعرض تدفق مشاعر وعواطف إنسانيته علنا امام العالم وهو ينتقد موقفآ سابقآ للرئيس ترامب اثناء زيارته لفرنسا في 3 ايلول 2020عندما كان رئيسآ , إذ امتنع الأخير عن زيارة مقبرة للجنود الأمريكان سقطوا في الحرب العالمية الثانية ووصفهم بكلمتين , فاشلين .. وكلمة اخرى بذيئة جدا لا تستحق الذكر.

ومن هول هذه العبارة تدفق غضبه ليرد على ترامب مخاطبآ جمهوره : كيف يجرؤ على قول ذلك لهم , انا اعتبر كل واحد منهم إبنا لي .. اعتبرهم ابطال ووطنيون , أما الفاشل والـ … هو ترامب .. فقد اغضبني . لعل فورة بايدن العصبية على ماقاله ترامب بدت مثيرة للسخرية وليس لها صلة بإنسانيتهولا بإنسانية ترامب لأن كلاهما مجرم , وشهرة انتمائهما بلا ربقة الإنسانية الى هواية اشعال الحروب وقتل الشعوب لا ينكرها احد بالعالم ,

فالرئيس ترامب قاتل بدلالة قتله قائدآ في صفوف الحشد الشعبي العراقي مع ضيفه الجنرال سليماني , ومنتهك لسيادة دولة مستقلة وعضو في مجلس الأمن , وهو من ناحية اخرى محتال ومزور وثائق تجارية وإخفاء وثائقسياسية , ومتهم حاليآ بـ 34 تهمة جنائية ,

أما الرئيس الحالي بايدن فهو بنفسه تآمر على الشعب العراقي عندما كان نائبآ للرئيس أوباما في صناعة داعش الإرهابي التي ازهقت ارواح الآلاف من أفراد الشعب العراقي وشرّد الآلاف من الثكالى بلا مأوى من جراء وحشيتهم والرعب الذي نشروه في انحاء البلاد , وهو بنفسه تلفّظ بمشروع تقسيم العراق ليعيدنا الى جوهر السياسة الأمريكية التي تدعو الى تقسيم الشعوب , وهو بنفسه أمر قبل ايام بثمانين هجمة جوية  على القائم وعكاشات في العراق وقضى على اكثر من ثلاثين شهيدآ وعديد من الجرحى , منتهكآ في ذلك سيادة العراق والقوانين الدولية ذات الصلة ,

اما المجازر ضد الإنسانية في غزة وعمليات قتل الأطفال وتشريد النساء الثكالى من دون اطفالهم والتي حثَّ بها جيش الكيان الصهيوني المحتل على القيام بها , فقد بلغت حصيلة ضحاياها بحسب احصاء وزارة الصحة الفلسطينية الى مايقارب الثلاثين الف شهيد حتى الآن , وهذه الجرائم ادمت الحجر قبل قلب البشر ,  ورآها بايدن بأم عينيه يوميآ ولم يتأثر بها بطرفة عين قبل ان يتمطى بطوله أمام جمهوره ويستعرض إنسانيته المزيفة ,

فأين مشاعره وعواطفه الإنسانية من تلك الجرائم , واين كانت عندما دفع الصهاينة الى اتخاذ قرارآ حاسمآبأستمرار الحرب واقتراف المجازر بحق الشعب الفلسطينيحتى إقتلاع حركة حماس  عندما خاطب قرينه المجرم نتنياهو قائلآ : ليكون امر الحرب حاسمآ هذه المرة ! وهل تعني كلمة ” حاسم ” غير اللجوء الى المجازر بحق الفلسطينيين , أم ان إنسانية الإنسان تُستدعى , فتظهر هنا وتغيَّب هناك ؟

وهل انقلب معنى الإنسانية لديه ؟ أم التبس عليه الأمر بسبب كبر سنّه وإنحطاط شيبته وآثر ان يذهب به عقله الى خلع ربقة الإنسانية عن قلبه , أو  لأنه مطية للصهيونية والماسونية العالمية ان يترك حبلها على الغارب تفعل ماتشاء بالشعوب ؟!

العالم الحر يرى ويعلم ان الطبيعة الذهنية السياسية التي يتمتع بها قادة امريكا والغرب تختلف عن الطبيعة الذهنية التي يتسم بها الفنانون والأدباء الحقيقيون على سبيل المثال, بسبب التربية وطريقة التفكير التي ورثها الغرب من معطيات السلوك الإستعماري البريطاني الذي يؤمن ان بالأخلاق والإنسانية لاتقام اركان موائد الطعام اليومية , بل بنهب الموارد الطبيعية للشعوب بتوظيف العلوم والتكنولوجيا من جهة , وتقسيم بلدان هذه الشعوب الى اجزاء من جهة اخرى ,

وكلما استمر هذا الحال وما يتبعه من سياسات التضليل وزرع الشكوك بالأديان والهيمنة بطرق وحجج مزيفة وكاذبة من اجل تهيئة المناخات التي تشجع العدوان على الشعوب , كلما يكون غد امريكا والغرب ومعه الصهيونية مشرقآ , وعلى هذا الأساس تم بناء المجتمعات الغربية وامريكا وكندا علىاساس الإنشغال بالمصالح المادية لتأمين مستلزمات الحياةالصعبة التي صنعتها حروبهم وتيارات الهجرة البشرية التي تسببوا بها جراء تلك السياسة , وترك جميع مرجعياتالمبادئ السماوية والجنوح الى الإلحاد الذي بلغ اقصاه في تلك البلدان .

إذن الرئيس بايدن ومعه ترامب هما نموذجان ورثا داء تلكالتربية السياسية المنحرفة من اسلافهم  بلا يقين او بصيرة اخلاقية بديلة لتعيش الأجيال حرة وكريمة , بل ورثوا معهافؤادآ اعمى بالفضيلة ليورّثوه الى الكثير من مكونات شعوبهم ومؤسساتهم السياسية الرسمية , آملين ان يصبح بنيانآ لأنفسهم  لايتهدم إلا بمعجزة  بعد ان أمسى الجميعبه يقاتلون العرب على وجه الخصوص بلا رب يؤمنون به , بل هم يضيقون مما يقوله في مزامير انبيائهم .

ختامآ , عسى ماقلناه بأرغب الكلمات البسيطة صحيحآ بحق هذين الرئيسين الكاذبين والبعيدين عن ربقة الإنسانية , الى ان يفنيان مثلما يفنى الجميع أو يدركهما الندم ممافعلا من جرائم ضدها .