أعلنت “الإدارة الذاتية“ في 13 ديسمبر 2023، عن اصدار وثيقة العقد الاجتماعي بعنوان “العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا”، حيث احتوتعلى تغييرات كثيرة في بنودها وفقراتها مقارنة بالوثائق الصادرة والمنبثقة قبلها.
تأسست “الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا“ عام 2013 لإدارةالمناطق التي سيطرت عليها “وحدات حماية الشعب “، التي أصبحت في 2015 المكون الرئيسي لــــ“قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) والتي تحكم اليوم نحو ثلث مساحة سوريا.
تضم النسخة الجديدة والمعدلة من العقد الاجتماعي على أربعة أبواب مقسمة الى 134 مادة، الباب الأول يتحدث عن المبادئ الأساسية، والباب الثاني يتحدث عن الحقوق والحريات الأساسية، والباب الثالث عن النظام المجتمعي، والباب الرابعيتضمن الأحكام العامة.
سوف أحاول، من خلال هذا المقال، إلقاء الضوء على بعض المضامين الأساسية للوثيقة بشكل عام ونتطرق الى اهم بنودهابرؤية موضوعية ونقدية.
تحمل الوثيقة الفكر السياسي لحزب العمال الكردستاني وأفكار مؤسسها عبدلله اوجلان، حيث تم ادخال الكثير من مصطلحاتهالسياسية وتوجهاته الفكرية في متن الوثيقة من مثل (الكونفدراليةالديمقراطية والامة الديمقراطية والفكر المجتمعي والحركات الإيكولوجية ، الرأسمالية الحداثوية وغيرها) وهي ظاهرة طبيعيةلكل الأحزاب والحركات السياسية حيث تضع بصماتها وتأثيراتها على مجريات الاحداث ومن ضمنها هذه الوثيقة والسبب يعود بالتأكيد الى الحضور العسكري والسياسي لحزبالاتحاد الديمقراطي “ pyd” كأحد الاذرع الرئيسية لها في سوريا، حيث اصبح قوة و أمر واقع ابان الاحداث الدامية في سوريا وحتى الان. ولكن هذا ليس موضع اهتمامنا الرئيسي في هذا المقال، بقدر ما نحاول ان نتحرى ونبحث عن الابعاد السياسية والحيثيات التي تقف خلف اصدار وتعديل الوثيقة بهذا الصيغة وفي هذه المرحلة.
استراتيجية امريكا
بغض النظر عن الرغبات والخيارات السياسية لـــلـــــ“الإدارة الذاتية“ فان منطلق حركتها وأهدافها ووسائلها يتناغم معالاستراتيجية الامريكية في المنطقة. وذلك لسبب مفهوم وبسيط،الا وهو تتبع وإنجرار الحركات البرجوازية الصغيرة والمحلية وراءافاق وسياسات البرجوازيات الكبيرة وهذه مسألة موضوعية بحتة.ويجمع الطرفان اهداف مشتركة، أمريكا تسعى إلى خطة تفتيتالدولة إلى دويلات قومية وطائفية ومذهبية و “الإدارة الذاتية”تتعقب نفس الهدف تحت غطاء نيل الحقوق القومية والخلاص من الدكتاتورية. ومن هنا يظهر دور ومكانة أمريكا في اللوحة السياسية التي تعتبر أحد الأطراف الرئيسية في الاحداثالسورية، بل الاصح ان نقول هي الجهة الداعمة التي اختلقتواوجدت الازمة، ومن هنا ربما نحصل على إجابة واضحة وماديةتفك اللغز والمعنى الحقيقي في توقيت اصدار هذه الوثيقة.
ان أمريكا تتعقب مصالح واستراتيجية واضحة في الشرق الأوسط وتمثل سوريا أحد أبرز النقاط والبؤر الساخنةلاستراتيجيتها بمسارات واتجاهات متعددة منها محاولة الحاق المنطقة وسوريا بمشروعها المتمثل بـــ(الشرق الأوسط الكبير)ودمج سوريا بالاقتصاد والسوق العالمي تحت الهيمنة الامريكية وتكثيف مساعي جهودها على ابعاد سوريا عن المحور الروسي الايراني وتليها مرحلة التطبيع مع إسرائيل وتأمين ضمانها الأمني. وفي النهاية محاصرة النفوذ الصيني بهدف عرقلة وضرب مصالحه المتمثلة بالدرجة الاساس بمشروعها الاستراتيجي طريق الحرير التجاري، حيث إن الحضور المتنامي للصين في الشرق الأوسط وتحول دورها السياسي بشكل تدريجي الى لاعب رئيسي في قضايا المنطقة، وتحالفات الصين مع روسيا وإيران يمثل تحدياً كبيرا للنفوذ الأمريكي في المنطقة. وان امريكا تدير صراعها في المناطق التي تتحكم بها فيالقسم الشمالي والشرقي في سوريا عن طريق تقاسم السلطات بين قسم من المعارضة السورية الموالية لأمريكا وبين القوات الكوردية تحت قيادة الاتحاد الديمقراطي. وكما ذكرت بان الصراع لم ينتهي ولم يحقق لأمريكا أهدافها، وهذا يعني تمديد عمر الصراع الى أطول فترة ممكنة.
ووفق هذه المعادلة الجديدة يستوجب على أمريكا وضع إعادةخطة لتنظيم المنطقة التي تقع تحت سيطرتها والمتمثلة بإقليمشمال وشرق سوريا وإعادة صياغتها بشكل يتناسب معسياساتها الحالية لتمرير مشاريعها على ارض الواقع. وتعمل أمريكا بهذا الصدد على مسارات متعددة حسب مقتضيات مصلحتها ابتداءً في إعطاء شرعية رسمية للمنطقة، بالاستقلالالجزئي، الحكم الذاتي، منطقة حظر الطيران، محمية ومقاطعة حرة أو تشكيل ميلشيات مع العشائر كظاهرة الصحوات في العراق. وكل هذه الاحتمالات تعتمد على تطور مسارات الاحداث التي تتسم بتغيير سريع في خضم الاحداث العالمية المتقلبة.
وان الظلم والاضطهاد القومي الذي وقع على جماهير كوردستان في سوريا تحول من حلم تحقيق حياة أكثر انسانية الى سرابيقدمه حزب الاتحاد الديمقراطي على طبق من ذهب للسياسة والمصالح الامريكية، وان مسألة الاضطهاد القومي لجماهير كوردستان تحول بالفعل الى ورقة سياسية في كل من العراقوسوريا لتعزيز قدرة ومكانة أمريكا المهترئة في اهم أربع دولرئيسية في الشرق الأوسط.
وان التيارات القومية الكوردية في سوريا التي يمثلها حزب العمال الكوردستاني تحت يافطة اليسار او الماركسية اللينينية، تتعقب أيضا مصالحها وتحاول ان تواكب الاحداث المتسارعة بتثبيت موطئ قدم لها في الحكم وطلب الشراكة في الغنائم وتأمين حصتها من الارباح. لان الحكم والسلطة تعني الاقتصاد،المشاريع، النفط والربح.
فحوى العقد
جاء في ديباجة الوثيقة بان منطقة شمال وشرق سوريا تتشكل من مجموعة من الاثنيات والقوميات والمذاهب وهم (كرداً، عرباً، سريان آشوريين، تركمان، أرمن، شركس، شيشان، مسلمين ومسيحيين وإيزيديين). ان إضفاء مجمل تلك الهويات القومية والطائفية والاثنية تهدف بالأساس الى طمس المحتوى الطبقي باسم تلك الهويات المفروضة والزائفة. ان غياب إنسانية الانسان المضطهد بغض النظر عن خلفيته المصطنعة القومية او الدينية هو تعبير عن جوهر البرجوازي للعقد. وهذا يتم تكراره بشكل منهجي في معظم بنود العقد بصيغة (الشعوب والمكونات) وتقسم الوظائف باسمها على هيكلة كل البنود على سبيل المثال وليس حصرا (كل الشعوب والمكونات، بإرادة الشعوب، التآخي فيما بين جميع الشعوب، ضمان حرية الفكر السياسي لكافة الشعوب والمكونات، وتعزيز العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية مع الشعوب، مجلس الشعوب في المقاطعة، مجلس الشعوب الديمقراطي يمثل كافة الشعوب القاطنة في ظل الإدارة الذاتية الديمقراطية، حق الشعوب……..الخ). وبهذا تحول شمال وشرق سوريا الى أكثر من ١١ مجموعة عرقية واثنية وقومية من الشعوب التي لا يتجاوز عدد سكانها ٥ ملايين نسمة. وهذه التقسيمات التي تحدث في منطقة شمال وشرق سوريا وفق هذه التركيبة تفضي إلى إنهاك الدولة وتفتيتها وقيام دول عرقية وهذا ما تتعقبه أمريكا كما ذكرنا.
من ضمن التعديلات التي أجريت على العقد ايضا، هو تغيير التسمية من “روج آفا” (غرب كردستان) إلى إقليم شمال وشرق سوريا. بمعنى تحولت الفيدرالية القومية الى الفيدرالية القومية العرقية والجغرافية، لتشمل وتتوسع خارج النطاق القومي وهذا ما تم خارج خيارات حزب الاتحاد الديمقراطي والهدف هو التناغم مع سياسات أمريكا وارضاء وتقوية الدور الإقليمي لدول الخليج المتمثلة بالسعودية والامارات واللعب بالورقة العشائر العربية من خلال ضخ الأموال وتقديم الخدمات من أجل تعبئتهم في مواجهة النفوذ الإيراني في سوريا وهي تتمة لسياسيات أمريكا.
“ الحداثة الديمقراطية في مواجهة الحداثة الرأسمالية“ المادة 3
في الأبواب الأربعة وفي معظم بنود العقد تم التركيز على مفهوموتطبيق الديمقراطية في كل المناحي السياسية والثقافية والاجتماعية، وذكر ١٢٩ مرة في سياق العقد.
ان الديمقراطية التي تعزف على اوتارها جميع الحكومات الدكتاتورية والأحزاب والمنظمات والشخصيات الى ان تصل الى معارضة اليمين واليسار على حدا سواء، فلكل يلصقها على واجهاتهم الإعلامية وبرامجهم السياسية وينافسون بهامعارضيهم وأنهم أكثر اخلاصا لتطبيق الديمقراطية. ويروجون لها على انها السبيل الواحد الأوحد لخلاص المجتمع من نير الظلم والاضطهاد. وتمرر جميع المشاكل عبر التمسك بالقيم الديمقراطية!!؟ بوصفها الحل السحري لكل المعضلات.
الديمقراطية في عصرنا الراهن بغض النظر عن ماهيتهاالبرجوازية ليست تلك الديمقراطية التي انتجتها ثورات 1848التي بدأت شرارتها في فرنسا وأمتددت الى القارة الأوربية، حيث كانت البرجوازية تحمل الطابع الثوري لضرورتها التاريخية، كانت تستوجب من البرجوازية الصاعدة ان تقوم بهذا الدور بهدف القضاء النهائي على سلطة الكنيسة وكل ملكيات أوروبا الرجعية والمستبدة، متعقبا إطلاق حركة الرأس المال وتقاسمالسلطة السياسية. وكانت البرجوازية بأمس الحاجة الى قوى الجماهير المضطهدة من العمال والحرفيين والفلاحين في انجاز هذه المهمة التاريخية. التي وصفهم إنجلز هذه القاعدة الجماهيرية بنواة لطبقة اجتماعية جديدة. وان هذه القوى وهي التي حسمت الصراع في تحطيم العلاقات الملكية الإقطاعيةوانهاء عمر النظام الفيودالي القديم.
اما صورة الديمقراطية اليوم، هي ديمقراطية بروز صورة الرأسمالية بأبشع صورها ودمويتها. ديمقراطية تزامنت معظم مراحل عمرها المشؤوم بالمآسي والحروب والنزاعات والكوارثالإنسانية. ديمقراطية التحكم بالسوق، والخصخصة، والاندماج في السوق العالمي. الديمقراطية تعني طريق الهيمنة الامريكيةوالغرب على العالم. وهو مشروع قائم منذ بداية الحرب الباردة، حولت البرجوازية سياساتها عبر المراحل التاريخية حيث أدركتبان مصالحها في خطر. وقد بدأت ماركريت تاتشر في بريطانيابدايات الثمانينات بسحق كل حدود الحريات واتخاذها الإجراءات الصارمة في مكافحة الحركات والنقابات العماليةوتقييد سلطاتها وحركاتها الاحتجاجية في إطار سياساتها التيتشكلت في إطار الفلسفة الليبرالية والاقتصادية وقانون السوقالحر، وتطبيق سياساتها المتشددة في تجريد الدولة منوظائفها وتحويلها الى ايدي حفنة من الرأسماليين والشركات العابرة للقارات. انهم استخدموا مفهوم الديمقراطية كجزء منالتصدي للشيوعية. كانوا يروّجون لأفكار الحكم الديمقراطيوحقوق الإنسان كمقاييس للنجاح والتقدم الاجتماعي. ولكن واقع الحال اثبت خلاف تلك الترهات التي كانوا يدعونها، انظروا الى سياسات الغرب وامريكا في دول البلقان بعد الحرب الباردة،انظروا الى أوضاع العالم العربي والدخول الأمريكي الى الشرق الأوسط تحت ادعاءات الديمقراطية وحقوق الانسان، ماذا بقيت من مكانة الدول في العراق، مصر، سوريا، ليبيا…… والقائمة تطول، حولت المنطقة الى جحيم لا يطاق لسكانها. سقطت اكذوبةالديمقراطية بكل تجلياتها في المجازر الجماعية التي ترتكب في غزة الان وسقطت معها كل اقنعة زيفهم وادعاءاتهم وتشدقهمبالقيم الانسانية والعدالة وحقوق الانسان.
وبالتالي فان الديمقراطية لا تعني ولا تتعقب بالأساس تحريرالإنسان من الجور واضطهاد الانظمة المستبدة. وان كل الاشكال الديمقراطية الكلاسيكية والديمقراطية الحديثة تملك في جوهرها رؤية برجوازية مشتركة في محاولة ايهام الانسان المضطهد وابعاده من مفهوم الحرية، فالمشكلة إذًا ليست التأكيد في الصياغة على المبادئ الديمقراطية، بل في النظر بشكل واقعي على مسارها التاريخي.
وان جزء من الشواهد التاريخية التي تحدثنا عنها، تفنّد وبشكل قاطع الادعاءات المتناقضة “ الحداثة الديمقراطية في مواجهة الحداثة الرأسمالية“ الديمقراطية ولدت وترعرعت في أحضان الرأسمالية، لا نعلم اين تكمن نقاط المواجهة وماهي السبل والنضال الديمقراطي في محاربة الرأسمالية.
الملكية الخاصة والاستثمارات الخاصة في المادة 70و127
النقاط الواردة اعلاه في الوثيقة، تؤكد على اهم مرتكزات النظام الرأسمالي وهي مسألة صيانة الملكية الخاصة. وهنا تأكيد على نظام هو أصلا موجود وان اقرار هذه المسألة كحق مكتسب اواعتبارها من الحقوق الطبيعية للبشر حسب المحللينالكلاسيكيين الرأسماليين ما هي الا ادامة في عمر النظام الرأسمالي وحمايته. ويذكر في المادة 127 بالاستثمارات الخاصة، وهذا تأكيد على جوهر وتركيبة البنية الرأسمالية. وهي متناقضة مع المادة الثالثة التي تنص على مواجهة الرأسمالية.
وان صيانة الملكية الخاصة تعتبر بمثابة إشارة اطمئنان لتأمينحصانة المصالح الرأسمالية وتثبيتها بشكل دستوري، وان كل النصوص البراقة التي يتضمنها العقد في جوهره ما هي الا تعبير عن ضمان تلك المصالح. ومنها ابراز دور ومكانة المرأة في العقد لا يخرج من إطار اركان النظام الرأسمالي على الرغم من الوقوف على مجموعة من المسائل الإيجابية. لان مسألة المساواةالحقيقية ليست مرتبطة بالحضور والاقتدار الفيزيكي للعنصر النسوي بعنوان المرأة بحد ذاتها بقدر ما هو الا محاولة لتعتيمعلى الصراع الطبقي القائم، إذا كانت المسألة فقط اسم المرأة فان مريم رجوي، تاتشر، ميركل، كولدا مائير وهيلاري كلنتون جميعهن عناصر نسوية ما الذي تغير؟. هذا ما عدا الحديث عن الحقوق الانسان في المواثيق الدولية التي تعبر عن نفس تلك المفاهيم السطحية والتي انقشع مضمونها الفارغ في هذه المرحلة أكثر من أي وقت مضى.
البيروقراطية
تجسيد البيروقراطية واضح في البنى والهياكل التي تقوم عليها تنظيم السلطات الإدارية والتشريعية والتقسيم الوظائف ينتجتناقضات تعرقل تنفيذ المهام والادوار وفرض أفكار استبدادية ونخبوية من الفوق من دون الرجوع الى تفعيل دور الجماهير الكادحة الغائبة في رسم ملامح سياساتها، مما يخلق انعزال كامل وقوقعة بين الجماهير وبين سلسلة سلطات الإدارات والمجالس.
الخاتمة
ان تعديل وثيقة العقد الاجتماعي للحزب الديمقراطي في هذه المرحلة، هي قضيّة الظفر بالسلطة السياسية وان توظيف مفاهيم الديمقراطية والحقوق العامة والحريات وإبراز مسألة حقوق المرأة تصب في مصلحة التقرب من السلطة وليست لها مصلحة فيتطبيق مثل هذا العقد على أرض الواقع لا من قريب ولا من بعيد. وان الية التطبيق مفقودة في العقد. وتمثل في مسارها العام رؤية البرجوازية للحكم.
ان القاء نظرة سريعة على الأوضاع الاقتصادية الصعبة لهذه المنطقة طيلة السنوات الماضية ولحد الان نرى بان هناك تأزم في الوضع الاقتصادي والاجتماعي، تنعدم فيه أدنى مقومات الحياة،وان الغلاء الفاحش للمواد الغذائية والمحروقات التي ارتفعت أسعارها بنسبة عالية جدا تصل الى ٢٠٠٪ ينهش جسد معظم الساكنين في هذه المنطقة الغنية بالنفط والمنتوجات الزراعية، في حين ان المعابر الحدودية بين الإدارة الذاتية والنظام السوري مفتوحة لتأمين ارسال النفط الى الحكومة السورية. هذا ناهيك عن التبادلات التجارية والجمارك وبيع صادرات النفط التي تقدر بعشرات الملايين من الدولارات.