لعل ما يميز سيرة الإمام موسى الكاظم (عليه الصلاة والسلام) هي الفترة الزمنية التي قضاها في سجون الدولة العباسية والتي تمتد وكما تنص على ذلك بعض الروايات لأكثر من 14 عاماً، ويحق لنا أن نتساءل بعد هذه القرون عن السبب الذي دعا أكبر دولة حكمت العالم الإسلامي أن توجه جل جهدها لمحاربة رجل أعزل وفقير لا يملك من الدنيا عُشر ما يمتلكه اصغر موظف في تلك الدولة ؟!
هل كان وجود الإمام يشكل خطراً على الدولة العباسية وبالأخص على حكم هارون اللارشيد ؟ هل كان الإمام يقوم بنشاط او يشرف على حركات سياسية أو عسكرية تعارض او تهدد كيان الدولة الحاكمة آنذاك، لكي يكون مبرراً ليقضي فترة من حياته في السجن وليستشهد بعد ذلك في السجن ؟! ولنأخذ مقتطفات قصيرة من حياة الإمام لنعرف حجة او مبرر الحكومة لتحكم عليه بالسجن ومن ثم الإعدام. فقد عُرِفَ عن الامام-كما هي سيرة بقية آبائه و أبنائه الطاهرين- انه كان يصل من قطعه ويرحم أعدائه ومبغضيه قبل أصحابه ومولايه، وحكاية الرجل الذي كان يناصب الامام العداء في المدينة المنورة خير دليل على هذا الامر. حيث يروى انه كان هناك رجل من احفاد الخليفة الثاني يناصب العداء للامام ويشتمه ويتعدى عليه، حتى وصل الامر ان اصحاب الامام طلبوا الاذن من الامام بقتله فرفض الامام ذلك، وبعد فترة ذهب الامام على بغلته لزيارة ذلك الناصبي في بستان له، فعند دخول الامام إلى بستان ذلك الرجل ، اخذ هذا الناصبي يزمجر ويصيح بالامام، فتبسم الامام في وجه ذلك الرجل وسأله عن كلفة محصوله وكم يرجو منه، فأجابه الرجل محاورة لا يسع المجال إلى ذكرها. فعندها دفع الامام اليه كلفة المحصول والربح المرجو منه، وبعد تلك الحادثة اصبح ذلك الرجل من اشد الموالين للامام، واخذ يدعو للامام ولمذهب آل محمد، فتعجب منه اصحابه الذين يناصبون العداء للعترة الطاهرة، وفي نهاية المطاف قُتل ذلك الرجل، فخاطب الامام اصحابه ((اني كنت ارجو لذلك الرجل حسن العاقبة)). بالاضافة إلى المساعدات التي كان الامام يوصلها إلى ضعفة المدينة وعجائزها ومساعدته للمعدمين والايتام، فهل تشكل هذه الاعمال خطراً على وجود الدولة العباسية وعلى حكم هارون، بحيث ينتهي الامر بالامام يُحمل مقيداً إلى سجن البصرة، وبعد فترة يشاهد السجان عِظم شأن الامام والكرامات الالهية التي يختص بها الامام والورع والعبادة التي يمتاز بها آلـ محمد (صلوات الله عليهم) يرأف ذلك السجان بالامام ويتقرب منه، فيصل الخبر إلى الحاكم الظالم لينقل الامام إلى سجن أخر ويتكرر الآمر وهكذا ليصل الامام برحلته الجهادية لسجن السندي بن شاهك، وليقضي فترة ليست بالطويلة وعندها يأتي الأمر الحكومي بتصفية الامام جسدياً، لينتقل إلى جوار ربه مظلوماً مسموماً. ولنعود للتساؤل الانف الذكروهو هل يستدعي الامر كل ذلك، بيد السبب الكامن من وراء ذلك-كما ندركه- يتلخص فيما يلي: 1. الفترة التي حكم بها هارون اللارشيد والتي اعقبت حكم المهدي والمنصور التي كانت تمتاز بكثرة وتكاثر الموالين لمذهب العلويين، مما يؤدي إلى تعاظم الخطر الذي يتهدد حكم الدولة، لكونهم كانوا يلتفون حول مرجعية الامام وهم قوة بشرية لا يستهان بها، لذا كان لابد من كسر شوكتهم واحتوائهم من خلال ابعاد ومن ثم تصفية مرشدهم ومرجعهم وهو الامام. 2. التأثير الذي تركه الامام جعفر بن محمد الصادق(ع)، حيث وضع حجر الاساس للمدرسة العلوية المستقلة والمنفردة عن جميع المدارس الكلامية والمذهبية الاخرى التي ظهرت في تلك الفترة، مما ادى الى نبوغ هذه المدرسة وفي جميع الجوانب، من الجانب السياسي والعلمي والاجتماعي حيث كانت تعتمد على العقل والمنطق ومن قبل على القرآن الكريم والسنة المعصومة (النبي واهل بيته المعصومين) مما أدى الى توسع نفوذ المذهب ليس من الناحية الكمية بل وحتى النوعية(أي الامتداد الافقي والعمودي لأتباع آل محمد) حيث تهذب وتخرج من تلك المدرسة العديد من الشخصياتالتي كانت بدورها تنبري للدفاع عن المذهب الحق من شعراء وعلماء طبيعة الى علماء كلام وغيرهم. وتصدوا لجميع المدارس التي كادت ان تؤدي الى انحراف الامة عن جادة الصواب من مدارس فكرية وكلامية وفقهية وهذا بدوره ادى الى اخراس الالسن التي كانت تدافع عن السلطان والحاكم الظالم والتي كانت تبرر له الاعمال التي كان يمارسها وجميعها مبنية على الظلم والاضطهاد، انبرا لهم اتباع الامام واسقطوا حججهم مما يؤدي الى ضعف حجة الدولة في ممارسة ظلمها وهذا خطر بحد ذاته. 3. المواقف المحرجة التي كان يقابل بها الامام الحاكم العباسي، والتي كانت تؤدي الى ترسيخ حجة الامام باحقية الامامة السياسية وتضعف الحاكم، وهناك الكثير من الشواهد التي كان اللارشيد يحرج بها من قبيل ما ذكر عن محاورة الامام قرب قبر جده(ص) مع الحاكم العباسي. 4. الساعين في التخلص من وجود الامام من المحيطين بديوان الخلافة من الناصبين العداء لمذهب العلويين، بالاضافة إلى الطامعين بالنيل من احفاد علي(ع) وهو الحقد الذي توارثوه من اسلافهم. لذلك نلمس ومن خلال ما تقدم ان الحكم الظالم لا يقبل بوجود مشعل نور يضيء للناس دربهم ويدلهم إلى السراط المستقيم لكون هذا النور يؤدي-وبطبيعة الحال-الى انهيار الحكم وهاية الظلم، لذا نشاهدهم يحاولون بكل جهدهم اخفاء ذلك النور، ويابى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الناصبون.
هل كان وجود الإمام يشكل خطراً على الدولة العباسية وبالأخص على حكم هارون اللارشيد ؟ هل كان الإمام يقوم بنشاط او يشرف على حركات سياسية أو عسكرية تعارض او تهدد كيان الدولة الحاكمة آنذاك، لكي يكون مبرراً ليقضي فترة من حياته في السجن وليستشهد بعد ذلك في السجن ؟! ولنأخذ مقتطفات قصيرة من حياة الإمام لنعرف حجة او مبرر الحكومة لتحكم عليه بالسجن ومن ثم الإعدام. فقد عُرِفَ عن الامام-كما هي سيرة بقية آبائه و أبنائه الطاهرين- انه كان يصل من قطعه ويرحم أعدائه ومبغضيه قبل أصحابه ومولايه، وحكاية الرجل الذي كان يناصب الامام العداء في المدينة المنورة خير دليل على هذا الامر. حيث يروى انه كان هناك رجل من احفاد الخليفة الثاني يناصب العداء للامام ويشتمه ويتعدى عليه، حتى وصل الامر ان اصحاب الامام طلبوا الاذن من الامام بقتله فرفض الامام ذلك، وبعد فترة ذهب الامام على بغلته لزيارة ذلك الناصبي في بستان له، فعند دخول الامام إلى بستان ذلك الرجل ، اخذ هذا الناصبي يزمجر ويصيح بالامام، فتبسم الامام في وجه ذلك الرجل وسأله عن كلفة محصوله وكم يرجو منه، فأجابه الرجل محاورة لا يسع المجال إلى ذكرها. فعندها دفع الامام اليه كلفة المحصول والربح المرجو منه، وبعد تلك الحادثة اصبح ذلك الرجل من اشد الموالين للامام، واخذ يدعو للامام ولمذهب آل محمد، فتعجب منه اصحابه الذين يناصبون العداء للعترة الطاهرة، وفي نهاية المطاف قُتل ذلك الرجل، فخاطب الامام اصحابه ((اني كنت ارجو لذلك الرجل حسن العاقبة)). بالاضافة إلى المساعدات التي كان الامام يوصلها إلى ضعفة المدينة وعجائزها ومساعدته للمعدمين والايتام، فهل تشكل هذه الاعمال خطراً على وجود الدولة العباسية وعلى حكم هارون، بحيث ينتهي الامر بالامام يُحمل مقيداً إلى سجن البصرة، وبعد فترة يشاهد السجان عِظم شأن الامام والكرامات الالهية التي يختص بها الامام والورع والعبادة التي يمتاز بها آلـ محمد (صلوات الله عليهم) يرأف ذلك السجان بالامام ويتقرب منه، فيصل الخبر إلى الحاكم الظالم لينقل الامام إلى سجن أخر ويتكرر الآمر وهكذا ليصل الامام برحلته الجهادية لسجن السندي بن شاهك، وليقضي فترة ليست بالطويلة وعندها يأتي الأمر الحكومي بتصفية الامام جسدياً، لينتقل إلى جوار ربه مظلوماً مسموماً. ولنعود للتساؤل الانف الذكروهو هل يستدعي الامر كل ذلك، بيد السبب الكامن من وراء ذلك-كما ندركه- يتلخص فيما يلي: 1. الفترة التي حكم بها هارون اللارشيد والتي اعقبت حكم المهدي والمنصور التي كانت تمتاز بكثرة وتكاثر الموالين لمذهب العلويين، مما يؤدي إلى تعاظم الخطر الذي يتهدد حكم الدولة، لكونهم كانوا يلتفون حول مرجعية الامام وهم قوة بشرية لا يستهان بها، لذا كان لابد من كسر شوكتهم واحتوائهم من خلال ابعاد ومن ثم تصفية مرشدهم ومرجعهم وهو الامام. 2. التأثير الذي تركه الامام جعفر بن محمد الصادق(ع)، حيث وضع حجر الاساس للمدرسة العلوية المستقلة والمنفردة عن جميع المدارس الكلامية والمذهبية الاخرى التي ظهرت في تلك الفترة، مما ادى الى نبوغ هذه المدرسة وفي جميع الجوانب، من الجانب السياسي والعلمي والاجتماعي حيث كانت تعتمد على العقل والمنطق ومن قبل على القرآن الكريم والسنة المعصومة (النبي واهل بيته المعصومين) مما أدى الى توسع نفوذ المذهب ليس من الناحية الكمية بل وحتى النوعية(أي الامتداد الافقي والعمودي لأتباع آل محمد) حيث تهذب وتخرج من تلك المدرسة العديد من الشخصياتالتي كانت بدورها تنبري للدفاع عن المذهب الحق من شعراء وعلماء طبيعة الى علماء كلام وغيرهم. وتصدوا لجميع المدارس التي كادت ان تؤدي الى انحراف الامة عن جادة الصواب من مدارس فكرية وكلامية وفقهية وهذا بدوره ادى الى اخراس الالسن التي كانت تدافع عن السلطان والحاكم الظالم والتي كانت تبرر له الاعمال التي كان يمارسها وجميعها مبنية على الظلم والاضطهاد، انبرا لهم اتباع الامام واسقطوا حججهم مما يؤدي الى ضعف حجة الدولة في ممارسة ظلمها وهذا خطر بحد ذاته. 3. المواقف المحرجة التي كان يقابل بها الامام الحاكم العباسي، والتي كانت تؤدي الى ترسيخ حجة الامام باحقية الامامة السياسية وتضعف الحاكم، وهناك الكثير من الشواهد التي كان اللارشيد يحرج بها من قبيل ما ذكر عن محاورة الامام قرب قبر جده(ص) مع الحاكم العباسي. 4. الساعين في التخلص من وجود الامام من المحيطين بديوان الخلافة من الناصبين العداء لمذهب العلويين، بالاضافة إلى الطامعين بالنيل من احفاد علي(ع) وهو الحقد الذي توارثوه من اسلافهم. لذلك نلمس ومن خلال ما تقدم ان الحكم الظالم لا يقبل بوجود مشعل نور يضيء للناس دربهم ويدلهم إلى السراط المستقيم لكون هذا النور يؤدي-وبطبيعة الحال-الى انهيار الحكم وهاية الظلم، لذا نشاهدهم يحاولون بكل جهدهم اخفاء ذلك النور، ويابى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الناصبون.