قبل سنتين تقريبا، حذر النائب باقر الزبيدي من أن الحرب ستكون على أسوار بغداد، لو لم تأخذ الحكومة المبادرة، وتعيد خططها في محاربة الإرهاب، وكان علينا تصديق الرجل، لأنه سبق وأن صرح وحذر بشار الأسد من مغبة إيواء الإرهابيين، وتصديرهم بسياراتهم المفخخة الى العراق، وبحجة الجهاد لأنهم سينقلبون عليه.
واليوم وبعد ثلاثة أشهر من التضحيات في الرجال والمال، والقتال المستمر والمرير في الانبار، تشتكي الحكومة من هجمات المسلحين على أطراف بغداد واستعراضهم في مناطق أخرى، وتشتكي وعلى لسان القائد العام للقوات المسلحة، من أنهم قطعوا ماء الفرات على مناطق الجنوب، ولا نعلم كيف حصل ذلك والقوات تحاصر الفلوجه وسدة النعيميه.
الفشل في إيجاد الحلول المناسبة، لزمرة داعش مستمر عسكريا وسياسيا، والنصر مستمر يوميا على قنوات الحكومة ومتزلفيها والمنتفعين، والآن جاءت حرب المياه ووضعت الجميع في موقف محرج، والحكومة تتفرج وتستنكر عمل داعش، وتستنكر عدم استنكار الآخرين لداعش، وكأننا مقابل دولة أخرى.
تستنكر بشدة عدم استنكار الآخرين، والآخرين ضاع عليهم عدد الأزمات التي يجب أن يستنكروها، والاستنكار وصل الى ذروته، والمؤيدون المتزلفون، يشبهون ذلك بمنع الماء عن أطفال الحسين في معركة الطف، لاستنهاض الهمم الطائفية والعنصرية عند البسطاء والسذج، ووضع الغشاوة الفئوية على أعينهم حتى لا يروا سنوات الفشل السابقة.
كل ما يقوم به الإرهابيون وداعش من سيطرة على المدن وتفجير السيارات وقتل الأبرياء، وأخيرا وبغض النظر عن فاعلها قطع المياه لإغراق مدن وتعطيش أخرى، هو جريمة بحق الإنسانية، يندى لها الجبين، وتستنهضنا جميعا كعراقيين ولا غير، في الدفاع عن بلدنا وتغيير الواقع الفاسد، بعدما فشلت الحكومة في الدفاع عن مواطنيها ومدنها ومياهها وخيراتها، ومواجهة زمرة منحرفة يسيرها الدولار والحقد والكراهية العمياء.
وأخيرا فانتخابات التغيير قادمه، ونحن بعد سنوات الضياع، وازدياد الأزمات وتحشيدها، ولا حل في الأفق، علينا أما أن نتوسل داعش حتى لا تقتل، ولا تغرق مدن وتعطش أخرى، أو أن نغير واقعنا الفاسد وننتصر لأنفسنا وللمواطن.
فأضعف الايمان، لو صدقت الحكومة قبل سنوات، نبوءة الزبيدي وسمعت نصيحته، لما وصلنا الى التوسل والاستنكار لحفنه من الأوغاد المنحرفين.