انطلقت الحملات الدعائية للانتخابات التشريعية المقرر إجرائها نهاية هذا الشهر، في ظل أجواء سياسية مشحونة وأوضاع أمنية متأزمة، حيث امتلأت شوارع بغداد والأماكن العامة فيها خلال ساعات قليلة بآلاف الملصقات الانتخابية.
الانتخابات التشريعية ستجري في 30 من الشهر الحالي بمشاركة 39 ائتلافا سياسياً كبيراً من السنة والشيعة والأكراد فضلاً عن 244 كيان سياسي من جميع أنحاء البلاد وبمشاركة 9040 مرشحاً للانتخابات البرلمانية.
في الساعات الأولى للانطلاق الحملات الانتخابية عاش مرشحو الأحزاب السياسية سباقاً مع الزمن للحصول على الأماكن المميّزة لتعليق صور المرشحين والكيانات السياسية.
أكثر الأماكن المهمة لنشر الدعايات الانتخابية هي الساحات العامة ومداخل الجسور ومخارجها لكثرة مرور السكان بالقرب منها، كما إن أصحاب الحملات الانتخابية تسابقوا للحصول على موافقات لتعليق صورهم على واجهات البنايات الكبيرة والجسور.
سرمد القاضي وهو متعهد حملات انتخابية قال لـ “نقاش” انه تعاقد مع أحد الأحزاب الكبيرة لمهمة نشر الصور والملصقات الانتخابية، وأضاف انه يعمل ضمن كادر عمل يضم 50 شخصاً ينتشرون في جميع الشوارع والمناطق لنشر صور الكيانات السياسية.
ويضيف “أكثر المناطق التي يطلب المرشحون نشر دعاياتهم الانتخابية فيها هي مناطق الكرادة والسعدون والمنصور وباب المعظم”.
حجم الدعاية الانتخابية كان متبايناً بين الكتل الكبيرة والصغيرة، وعلى سبيل المثال فإن “ائتلاف دولة القانون” وائتلاف “المواطن” وكتلة “الأحرار” وائتلاف “متحدون” كانت ملصقاتهم الانتخابية مميّزة من حيث الحجم والأعداد.
أما الكتل الصغيرة فقدت اكتفت بتوزيع بطاقات تعريفية صغيرة يقوم خلالها المرشحون أنفسهم بتوزيعها على المارة في الشوارع أو الجامعات أو أماكن العمل بسبب عدم امتلاكهم للأموال، وهم يتهمون الأحزاب الكبيرة باستغلال المال العام في الدعاية الانتخابية.
ويقول المرشح عن تيار “تجمع العدالة” باسم محمد لـ “نقاش” إن “الأحزاب الكبيرة تستخدم أموال الدولة في الدعاية الانتخابية من خلال الوزراء والمسؤولين الذين يتبعون هذه الأحزاب”.
وأضاف “لا توجد عدالة بين المرشحين بخصوص الدعاية الانتخابية، فهناك مرشحين يصرفون مئآت الآلاف من الدولارات على حملاتهم الانتخابية، أما الأحزاب الصغيرة فلا تستطيع طبع ملصق واحد ووضعه في الشارع”.
ويقول رامي حنا صاحب شركة لصناعة الإعلانات والملصقات لـ “نقاش” إن الأيام القليلة الماضية شهدت إقبالاً من قبل العشرات من المرشحين وأصحاب الحملات الانتخابية على شركته لطبع الملصقات الانتخابية.
وأضاف “هناك كيانات سياسية ومرشحون دفعوا مبالغ طائلة وبدون اعتراض على الأسعار العالية التي أضعها مقابل صناعة البوسترات الانتخابية، لكن في المقابل هناك أحزاب صغيرة لا تستطيع تحمُّل تكاليف دفع الملصقات الكبيرة واقتصرت طلباتها على طباعة كارتات تعريفية صغيرة”.
مفوضية الانتخابات وهي الجهة التنفيذية المسؤولة عن إجراء الانتخابات ومراقبة الحملات الانتخابية قامت بتغريم عدد من الكيانات السياسية في اليوم الأول لانطلاق الحملات الدعائية.
ويقول نائب رئيس المفوضية كاطع الزوبعي إن “المفوضية غرَّمت 14 كياناً مشاركاً في انتخاب مجلس النواب، لمخالفتهم نظام الحملات الانتخابية رقم (7) لسنة2013، مشيراً إلى أنه سبق للمفوضية وأن غرمت 18 كياناً سياسياً مشاركاً في انتخاب مجلس النواب لنفس السبب قبل أيام.
شركات الدعايات والإعلان شهدت إقبالاً واسعاً من قبل المرشحين والكيانات السياسية لبدء حملاتهم الدعائية، إذ ارتفعت أسعار صناعة الملصقات الانتخابية والإعلانات على الشاشات الألكترونية العملاقة المنتشرة في بغداد وباقي المحافظات.
الجانب الآخر من الحملات الدعائية يتضمن الزيارات الميدانية التي يقوم بها المرشحون للانتخابات إلى السكان في مناطقهم ومنازلهم وخصوصاً في الأحياء الفقيرة، حيث يقوم المرشحين بتوزيع مواد غذائية وملابس على السكان.
ولكن بعض أحياء المناطق الفقيرة قاموا بطرد عدد من المرشحين الذين زاروا مناطقهم، ويقول أبو داود الذي يسكن في منزل طيني جنوب بغداد لـ “نقاش” إن “المرشحين كاذبون لا يأتون إلينا إلا في أوقات الانتخابات ويجلبون معهم مواد غذائية بسيطة لإقناعنا بانتخابهم”.
ويضيف “قبل يومين قمنا بطرد عدد من المرشحين الذين زاروا مناطقنا لأن بعضهم يمتلك مناصب حكومية وسبق واشتكينا له من سوء أحوالنا لكنهم تجاهلونا واليوم يريدون منّا أن ننتخبهم”.
وفي الأنبار المدينة التي تشهد عمليات عسكرية مستمرة لم يتمكن المرشحون من تعليق صورهم في الشارع مثلما هو الحال في بغداد وباقي المدن الأخرى.
ويقول النائب عن القائمة “الوطنية” والمرشح عن الأنبار حامد المطلك لـ “نقاش” إن “مرشحي الأنبار من جميع الكتل لا يستطيعون البدء بحملاتهم الدعائية بسبب استمرار العمليات العسكرية في المحافظة”.
وأضاف “المرشحون يخشون تعليق صورهم في الشوارع والطرق خوفاً من استهدافهم من قبل المسلحين، إضافة إلى عدم قدرتهم على زيارة مناطق نفوذهم بسبب العمليات العسكرية والدمار الذي تعرضت له المدينة في الشهور الماضية.
البرامج الانتخابية للكيانات السياسية في مخاطبة الناخبين غابت تماماً عن مشهد الدعاية الانتخابية، أما النواب والمسؤولين الحاليين في الحكومة فلجأوا إلى شاشات التلفاز والصحافة لفضخ الخصوم السياسيين والكشف عن ملفات فسادهم بدلاً من الترويج لما قدموه أثناء عملهم في الحكومة، ربما لأنهم لا يملكون أية انجازات ولم يقدموا شيئاً في الأساس.