يبدو أن واشنطن قد انتقلت إلى قواعد اشتباك تصاعدية توازي الضغوط الدبلوماسية التي تقودها السفارة الامريكية في بغداد.
القصف الجوي المتبادل بين فصائل الحشد الشعبي التي تقع ضمن مسؤوليات القائد العام للقوات المسلحة والقيادة المركزية الأمريكية وقواتها المجوقلة في سوريا والعراق في هذا الخط التصاعدي يحتاج إلى تحليل أصحاب المصلحة فيه ومنه للبحث عن سيادة غائبة في الاتي :
اولا : لا تحتاج واشنطن إلى آية أعذار في تكرار عدوانها على مقرات الحشد الشعبي.. النمر الأمريكي الداخل إلى دكان الخزف الصيني في عراق اليوم… يعرف نقاط الوهن في قرار الحرب والسلم كونها تخضع لتوازنات دولية اقليمية.
هذه الأواني المستطرقة في الشرق الأوسط التي تريد واشنطن فتح صفحة جديدة فيه.. تتطلب أمريكيا.. ان تعرف الأحزاب المتصدية للسلطة في عراق اليوم.. ان دخولهم طرفا في نظام الممانعة بعنوان محور المقاومة الإسلامية.. يعني مواجهة هذا الخط التصاعدي مما يحرج متخذ القرار العراقي امام التزاماته الدولية بعنوان الشراكة الشاملة مع الولايات المتحدة الأمريكية.. او الخروج من معطف الحماية الأمريكية لريع النفط في البنك الفيدرالي الأمريكي فضلا عن التصاعد العسكري.
ثانيا : من جانب محور المقاومة الإسلامية.. هناك اغفال كبير وفجوة في التطبيق العسكري ثم السياسي.
عسكريا.. قواعد الاشتباك التي طبقت حتى اليوم لا تتجاوز مباديء حرب العصابات لقوات غير نظامية وان امتلكت أسلحة متقدمة مثل الصواريخ والمسيرات المتفجرة.. الا ان واشنطن تمتلك في العراق والمنطقة أسلحة أشد فتكا.
هنا يطرح السؤال عن موازاة سلاح الفصائل العراقية لقوة السلاح الأمريكي.. اولا ما دامت قواعد الاشتباك قد تجاوزت خط الرد المتأخر إلى نموذج الرد المدمر وربما يصل إلى نموذج الرد الاستباقي بعنوان ردع واشنطن لها.
سياسيا.. أفعال وردود أفعال الفصائل لم تحصل موافقة البرلمان العراقي الذي حصرت به صلاحية اعلان الحرب وعقد اتفاقات السلام.
هذا يعني وجود معارضة برلمانية لاسيما في تحالف إدارة الدولة الذي يدعم حكومة السيد السوداني.
ثالثا :على الرغم من الوجود الشكلي لتحالف إدارة الدولة.. الا ان مجلس الوزراء ومنه المجلس الأمني امام مسؤوليات دستورية واضحة.. ليس في ردود الأفعال بل في الانتقال إلى نموذج الفاعل.
هل يمكن انجاز ذلك؟؟
ربما يعد اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي نوعا من هذا الانتقال.. يضاف إلى ذلك أهمية اعداد مذكرة الشكوى امام هذا المجلس بشكل دقيق جدا.. وحشد المناصرة الدبلوماسية مع الأعضاء غير الدائمين في جلسة مناقشته.
وان كنت لا اتوقع ان الكثير من أحزاب الإطار التنسيقي توافق على الشكوى من العدوانات الأمريكية فيما ترفض الشكوى على العدوانات الإيرانية.. الا ان التصريحات الأخيرة بذلك تمضي قدما بهذه الانتقالة الدبلوماسية.
النوع الاخر من القرار الذي لابد من التفكير به ليس فقط إخراج القوات الاجنبية من العراق فقط.. بل اتخاذ القرار المناسب في السؤال المطروح.. هل العراق كدولة وجهاز حكومي وتحالف برلماني يوافق على الدخول في حالة حرب ضد السياسات الأمريكية والاوربية والإسرائيلية في فتح صفحة أخرى للشرق الأوسط الجديد؟؟
حتى اليوم لم تظهر اية مواقف في تصريحات حكومية تعلن الحرب او الموافقة على الحرب الإيرانية على السياسات الصهيونية التي تمثلها واشنطن والاتحاد الأوروبي ناهيك عن إسرائيل.
وتجمد الموقف الرسمي عند مناصرة حرب غزة فيما لم يظهر اي تصريح يساند ضربات الحوثيين في البحر الأحمر.. فيما ظهرت بيانات وتصريحات رسمية عن رفض تهديد الأمن والسلم الإقليمي بالانطلاق من الأراضي العراقية.
المتوقع أن مجلس الأمن الدولي سيواجه التساؤلات الأمريكية الاوربيه (٣ أعضاء دائميين) فضلا عن المؤيدين لهم من الدول غير الأعضاء.. ان الأسلحة التي تستخدم من قبل فصائل المقاومة الإسلامية انما هي صناعة إيرانية.. اشترتها الحكومة العراقية فيما استخدمت لضرب القوات الأمريكية التي تخضع لحماية دبلوماسية عراقية بموجب اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين واشنطن وبغداد!!
لذلك لابد أن يكون المفاوض العراقي فطنا لبديهيات القانون الدولي ونصوص قرارات مجلس الأمن الدولي حول الشأن العراقي…
رابعا : إيرانيا.. هناك مخاطر من استخدام الشكوى العراقية لإصدار قرار او بيان توظفه واشنطن في نقل عقوباتها الاقتصادية على طهران إلى قرار اممي!!
لعل أبرز معالمه حظر تقنيات الأسلحة في استنساخ لبعثات التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل في العراق.. لاسيما وان مثل هذا القرار سيحضى بمباركة خليجية… وربما تمويل تحشيد الأصوات له.
كلما تقدم.. في التحليل.. يتطلب مشاركة بيوت التفكير العراقية بطرح مصفوفة حلول وسيناريوهات لإدارة الازمة والحد من تصاعدها العمودي.. لان التطور المقبل يتمثل في التصاعد الافقي.. ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!