خاص: كتب- هاشم الشماع:
في خطوة رائدة نحو النهوض بالواقع العراقي على الأصعدة كافة؛ أقدمت السفارة العراقية في “لندن” باستقطاب الطاقات العراقية، لا سيما الشابة منها، في “المملكة المتحدة” بمجالات العلوم والاقتصاد والتربية والتعليم، فضلاً عن استثمار “الذكاء الاصطناعي” وتسّخير كل تلك الطاقات للخدمة داخل “العراق” التي من شأنها إحداث ثورة نهضوية على أرض الواقع.
وفي هذا الإطار كان لنا حديث مع سعادة سفير جمهورية العراق في لندن؛ السيد “محمد جعفر محمد باقر الصدر”؛ الذي عبّر عن سروره لعقد هذا الملتقى الذي حرصت السفارة على تنظيمه، مشيرًا إلى ضرورة الاهتمامِ بالشبابِ وتهيئةِ الظروفِ المناسبةِ للنهوضِ بواقعِهِمْ وتلبيةِ طموحاتِهِمْ.
وبيّن السيد “جعفر الصدر”؛ في مسّتهل حديثه: عندما نتحدثُ عن شبابِ “العراقِ”، فمِنَ الإنصافِ أنْ نُراجعَ التاريخَ القريبَ، وأنْ نستذكرَ الأحداثَ الجِسامَ وكيف تجلّتْ مواقفُ شبابِنا فيها، لتكون حافزًا إضافيًا لنا للعمل من أجلِ هؤلاءِ الفتيةِ الأبطالِ الطامحين لمستقبل أفضّل.
واستطرد قائلاً: عندما تَعَرَّضً وجودُ “العراقِ” إلى الخطرِ، هبَّ شبابُ “العراقِ” إلى ساحاتِ القتالِ بحماسةٍ منقطعةِ النظيرِ وهمّةٍ لا توصفُ، تجلّتْ فيها البطولةُ بأروعِ صورِها وأسّمى معانيها، وقد قدّموا في هذا الطريقِ عشراتِ الآلافِ من الشهداءِ وأضعافَ ذلك من الجرحى والمصابين إنقاذًا للوطن الغالي وفداءً للحرماتِ والمقدساتِ.
وفيما يخص الخطط الموضوعة لدعم وتفعيل دور الشباب بيّنَ “الصدر”: إنَّ الدولةَ أمامَ مسؤوليةٍ كبيرةٍ لرعايةِ الشبابِ، الذين يُشّكلون أكثر من: (50%) من سكانِ “العراقِ”، عِبْرَ وضعِ الخِطَطِ والبرامجِ التي تنهضُ بواقعِهِم وتحققُ طموحاتِهِمْ وتضمنُ لهم حياةً كريمةً، موضحًا بأن الحكومةُ استجابت لذلك وانطوى المنهاجُ الوزاريُّ على الالتزامِ برعايةٍ الشبابِ، والحكومةَ ماضيةٌ نحوَ تفعيلِ القطاعِ الخاصِ، وباقي القطاعاتِ الحيويةِ التي تُساعدُ في توفيرِ فرصِ العملِ للشبابِ، وتأمينٍ العيشِ الكريمِ لهم. وأكد السيد السفير على أن الحكومةُ مازالت تسّعى إلى تهيئةِ البيئةِ الضروريةِ والإصلاحِ الإداريِّ لضمانِ ازدهارِ الشركاتِ المملوكةِ للشبابِ وتشجيعِهِم على الإبداعِ والابتكارِ. وإنها تعملُ على تنفيذِ المزيدِ من البرامجِ الراميةِ إلى بناءِ قُدْراتِ الشبابِ والشاباتِ في “العراقٍ”، واكتسّابِ المهاراتِ المهنيةِ خاصةً في ظِلِّ تنامي الاقتصادِ الرقميِّ وإيلاءِ أهميةٍ كبيرةٍ للإبداعِ والابتكارِ.
أما بخصوصِ الجالية العراقيةِ في “المملكةِ المتحدة” ومدى تفاعلها مع الداخل العراقي، أجاب السفير: الجالية العراقية عريقةٌ وفاعلةٌ ومتجذرةٌ في هذا البلدِ وقدّم الأوائلُ الكثيرَ من الخدماتِ وبرزوا في العديدِ من القطاعاتِ كالقطاعِ الصحي والقضائي والهندسي تميزًا وإبداعًا.
وتابع حديثه بالقول: “والأهمُ أنها انتجت أجيالاً قد بلَغت الآنَ الجيلَ الثالثَ وحتى الرابعَ ذواتَ هويةٍ متكاملةٍ متعددةٍ، فهم ولادةُ هذا البلدِ وتلّقَوا تعليمَهم وتأهيلَهم الأكاديميَ والفنيَ هنا. وينظرون إلى أنفسِهم كبريطانيينَ وكمجتمعٍ أصيلٍ وليس طارئًا. وبالمقابلِ فإن اهتمامَهم بوطنهِم الأمِ العراقِ مازال فاعلاً وحاضرًا في وجدانِهم وفاءً له وفخرًا بالانتسّابِ إليه، ورغبةً في المشاركةِ في إعادةِ بنائِه، والسّعي إلى خدمتِهِ حيثُما تحققت الفرصةُ المناسبة. هذه الأجيالُ هي التي يقدمُها اليومَ ملتقى طاقاتٍ ويسلّطُ الضوءَ عليها”.
واسترسل قائلاً: إستمعنا خلالَ هذا الملتقى إلى بعضِ القِصَصِ الناجحةِ، للشبابِ البريطانيينَ من ذوي الأصولِ العراقيةِ والذين استطاعوا بإمكاناتِهِمُ الذاتيةِ ومهاراتِهِم من بناءِ مشاريعَ اقتصاديةٍ ناجحةٍ في “العراقِ”، وإنني أعتقدُ جازمًا أنّ الاستماعَ إلى هذه القِصِصِ، ضمنَ ملتقى طاقاتٍ، سيكون مصدرَ إلهامٍ وتحفيزٍ لبقيةِ الشبابِ العراقيِّ في المهجرِ للاستثمارِ في وطنِهِمُ الأمِّ، وأنْ يكونوا جسّرًا للتواصلِ بينَ وطنهِم الأمِّ وبلدِهم الجديدِ. ولذلك فإننا ندعو “وزارةَ الشبابِ” والحكومةَ العراقيةَ إلى دعمِ هذه الفكرةِ والبناءِ عليها في المستقبلِ وتكرارِ التجربةِ في “بغدادَ” وفي المدنِ الأجنبيةِ التي يتواجدُ فيها العراقيون. وإن وجودَ جيلٍ من الشبابِ المُلهَمينَ والحاصلينَ على العلومِ والمهاراتِ الحديثةِ ومنها “الذكاءِ الاصطناعيِّ”، هو أمرٌ بالغُ الأهميةِ لتحقيقِ الازدهارِ، والتقدمِ، والنجاحِ الاجتماعيِّ والاقتصاديِّ. وهو ما سيقودُ في المحصلةِ لتعظيمِ مواردِ “العراقِ” الاقتصاديةِ، ووضعِه على سكةِ تنميةٍ مُستدامةٍ وشاملةٍ على مختَلَفِ المستوياتِ، ومواجهةِ تحدياتِ التدهورِ البيئيِّ والتغيُّرِ المناخيِّ والفقرِ والبطالةِ والفسادِ وضعفِ التخطيطِ، وصولاً لمجتمعِ العدلِ والرَّفاهِ والوَفرةِ في بلدٍ لا يَنقُصُهُ شيءٌ.
كما وجه سعادة سفير “جمهورية العراق” الدعوة إلى الشبابَ العراقيَّ المتشوقَ إلى آفاقِ المجدِ للعملِ بكلِّ عزمٍ وإصرارٍ وإيجابيةٍ لطرحِ الأفكارِ والمبادراتِ التي تُمكِّنُ من ابتكارِ حلولٍ عمليةٍ لمواجهةِ التحدياتِ التي تَحولُ دونَ تحقيقِهم لآمالِهم وطموحاتِهم وإلى العملِ والصبرِ والمثابرةِ والعزمِ المتوقدِ الذي لا يخبو ولا يَخْمَدُ. وأن هذا الملتقى يُعدُ لَبِنةً ضمْنَ البناءِ الذي وَضعتِ الحكومةُ أُسُسَهُ؛ بإعلانِها عن مجلسٍ أعلى للشبابِ، واتَّخذتِ القراراتِ العديدةَ التي تصبُّ في خدمةِ الشباب وتأمينِ مستقبلهم.
وفي ختام اللقاء؛ استثمر السيد “الصدر” هذه المناسبة للإشارة للأحداث الرَّاهنةِ، والأوقاتِ الدَّامِية التي تمرُّ بها منطقتنا – لاسيما العدوانِ الغاشمِ، والهجمةِ المُدَمِّرةِ المُستَعِرَةِ في عُنجهيةٍ وتَجَبُّرٍ واستكبارٍ، التي يُعاني من بطشِها وضراوتِها وقسوتِها.