خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
رد فعل الحكومة العراقية على استهداف “أربيل” بالصواريخ؛ غير مسّبوق في مرحلة ما بعد “صدام حسين”، من حيث انتقادات المسؤولين العراقيين من مختلف المستويات، وحتى استدعاء السفير والتقدم بشكوى إلى “الأمم المتحدة”. بحسّب ما استهل “صابر ﮔل عنبري”، تقريره المنشور بصحيفة (آرمان أمروز) الإيرانية.
بخلاف ذلك؛ ذكرت بعض المصادر العراقية، أن “بغداد” قد تُعيّد النظر في اتفاقيتها الأمنية مع “طهران”.
والموقف العراقي مبّني على رفض رواية “طهران” بشأن ماهية الأهداف؛ بحيث تُصّنف القصف الصاروخي على “أربيل” باعتباره اعتداء على سيّادة “العراق”.
خروج القوات الأميركية من العراق..
واقتران التوتر الجديد في العلاقات “الإيرانية-العراقية”، مع عمليات الفصائل العراقية المقربة من “إيران” المتكررة ضد القواعد والمراكز العسكرية الأميركية في هذا البلد، قد ساهم في احتدام النقاشات حول مسألة خروج القوات الأميركية من “العراق”.
وكانت حكومة “محمد شيّاع السوداني”؛ قد وضعت موضوع خروج القوات الأميركية من البلاد على جدول أعمالها بعد اغتيال؛ “أبو تقوي”، القيادي في حركة (النجباء)، وانتشرت الأخبار عن تشّكيل لجنة لمتابعة الموضوع والتمهيد والتفاوض مع الإدارة الأميركية.
ومن ثم؛ لا يمكن فصل العمليات على “أربيل” عن موضوع خروج القوات الأميركية من “العراق”، وكذلك الهجمات الأميركية على أهداف يمنية.
موقف “كُردستان العراق”..
ولم تكن حكومة “إقليم كُردستان العراق” تُرحب بالعادة بمطالب وضغوط “إيران” وحلفاءها بشأن إنهاء وجود القوات الأميركية في “العراق”.
وكان “نيجيرفان البارازاني”؛ رئيس “إقليم كُردستان العراق”، قد زار “بغداد”، قبيل يومين من القصف الإيراني، للقاء المسؤولين في (الإطار التنسّيقي) الحاكم وإقناعهم بوقف العمليات ضد المراكز الأميركية في الإقليم، لكن الإجابات كانت سلبية وتحذيرية نسّبيًا من تداعيات بقاء القوات الأميركية في هذه المنطقة.
خطأ في حسابات إيران..
وربما أخطأت “إيران”؛ (بسبب هذه الأحداث)، في تقدير الموقف، وأن رد الفعل العراقي على هجوم “أربيل” سيكون محدودًا ولن يرقى إلى مستوى المشكلة.
كما التقى “بارزاني”؛ في “أربيل”، الثلاثاء الماضي، الجنرال “جويل فول”؛ قائد “التحالف الدولي” المناهض لتنظيم (داعش) في “العراق وسورية”؛ حيث وصف وجود القوات الأجنبية بالهام بالنسبة للعراقيين للمساعدة في النضال ضد التنظيم الإرهابي، ورفع كفاءة القوات العسكرية المحلية.
من ثم فقد سّاهمت عمليات “أربيل”؛ بالقرب من مقر القنصلية وقاعدة (الحرير) الأميركية، في تشّديد ضغوط “طهران” غير المباشرة على “واشنطن” في “العراق”، والتي ليست بمنأى عن التطورات في “البحر الأحمر”، وكذلك الضغوط المباشرة على “أربيل” لإعادة النظر في وجود القوات الأميركية.
نظرة “أربيل” للقوات الأميركية..
لكن “أربيل”؛ التي تعترف في وجودها بالدعم الأميركية وتطورات التسعينيات من القرن الماضي وتحديدًا بعد “حرب الخليج الثانية”، تنظر للوجود الأميركي باعتباره متغيّر الموازنة في مواجهة “إيران” ثم “تركيا”، وكذلك حكومة “بغداد” المركزية.
وعليه؛ فالتطورات الأخيرة وتصّعيد وتيرة التوتر قد يُعمق من قناعات “أربيل” سابقة الذكر، وكذلك فإن ردود أفعال بعض الفاعلين العراقيين على مدار اليومين الماضيين؛ يُثبت أن هذا الأمر قد يُعمق تدريجيًا هذا الفكر في “بغداد”، لا سيما في ضوء تنامي الشعور بالقومية بين العراقيين خلال السنوات الماضية.
أضرار توتر العلاقات “الإيرانية-العراقية” الآن..
والحقيقة أن احتدام التوتر بين “طهران” و”بغداد” في ظل الأوضاع الراهنة والتورط في توترات إقليمية ليس فقط على خلفية الحرب على “غزة”؛ التي تُلقي بظلالها الثقيلة، وإنما قد تنتهي فكرة خروج القوات الأميركية من “العراق” بمرور الوقت، بل ربما تتبلور بين صانع القرار في “بغداد” نفس قناعة “أربيل” بخصوص أن الوجود العسكري الأميركي ليس مشكلة أمنية؛ وإنما ضرورة حتمية.
لكن هذه الأوضاع المتوترة بين “العراق” و”إيران”؛ في ظل الأوضاع الإقليمية الحسّاسة، إنما تُمثل فرصة بالنسبة للمنافس الأميركي في “العراق”، وكذلك المنافسين الإقليميين، لتدعيم وجودهم في “العراق”، لا سيما وأن الإدارة الأميركية تربط تقوية وجودها العسكري في الشرق الأوسط، وبخاصة مناطق الصراع مع “إيران” في “سورية والعراق” والمياه الإقليمية، بوجود وأمن “إسرائيل” ومستقبل التطبيّع ودمج “تل أبيب” بالنظام الإقليمية في مرحلة ما بعد (طوفان الأقصى).