بعد 94 2003 كان المواطن العراقي يتطلع إلى يوم مشرق بعد إن تخلص من الظلم والاستبداد البعثي ، وكان يأمل بأن يعيش آمنا ، ومتنعماً بثرواته ، محترماً وله قيمته ، حاضراً وليس مغيباً .!
لا شك إن للمعارضة العراقية وجهاً مشرقاً وكفاحاً مريراً تجلّى من خلال تجليتها وكشفها للوجه البشع للنظام الحاكم آنذاك وفضحها لساديّة رموزه و دمويتهم و مواجهتها أو صمودها أمام جرائمه ، حيث وصل عدد صفحات توثيق إلى أربعة ملايين تم الكشف عنها في منظمات دولية أما الوثائق والمستمسكات الرسمية التي تدين النظام البائد والتي تكشف جناياته وصلت إلى عشرات الآلاف من الوثائق ، كانت موجودة في المركز الوثائقي لحقوق الإنسان العراقي ، كما جاء ذلك على لسان رمز من رموز المعارضة السيد محمد باقر الحكيم ( قدس سره) آنذاك ، فضلاً عن عشرات الأطنان من الوثائق والأدلة الإجرامية التي تمت مصادرتها من شمال العراق من قبل الهيئات والمنظمات الدولية بعد حرب الخليج الثانية وبعد انتفاضة الشعب العراقي في عام 1991 م .
أقول ، لا أريد الإشارة أكثر وأزيد من التأكيدات إلى الوجه المشرق الايجابي للمعارضة العراقية وجهاد رجالها ونضالهم ومظلوميتهم و لا على جرائم البعث الظالم و وحشيته فقد اشبع الموضوع بحثاً ، ولكن الذي يهمنا إن تبقى الأهداف والمبادئ ،هي نفسها في زمن السلطة والدولة كما كانت في زمن الثورة ؟.
إن من يملك السلطة والدولة اليوم ، هو حزب الدعوة ، وهو المتصدي الذي تقع على عاتقه تطبيق المبادئ والأهداف، التي ناضل من اجلها الشرفاء والأحرار من أبناء الشعب العراقي ، و جرت دمائهم كالنهار على مذبح الكرامة ، فالجماهير التي قدمت بعفويتها وصدقها وبراءتها ألاف الشهداء ، بعد إن أمنت بالأهداف والمبادئ ،فصدقتها ، واندفعت بإخلاص وولاء إلى ساحات الموت مقدمة أغلى التضحيات واعز الأرواح ، نسأل اليوم بعد كل هذه التضحيات الكبيرة: أين الأهداف والمبادئ المنشودة ؟
والحقيقة إن حزب الدعوة لم يلتزم ولم يحقق أي شيء من الأهداف والمبادئ ، بل تناساها ؟ وراح يتلذذ بتمزيق التاريخ المشترك بينه وبين الأحزاب المعارضة الأخرى ؟ واستطاع إبليس بنفحة من نفحاته ، إن يحرق ألاوراق الخضراء لهذا الحزب ، فلم يبقى منها إلا اليابس ليكتب تاريخه ؟.
نتسأل هل دماء السيد محمد باقر الصدر ( قدس سره ) ، ودماء آل الحكيم وأل شبر وأل بحر العلوم وأل المبرقع و.. و.. و كوكبة كبيرة من العراقيين الأحرار والرجال العظماء ، ذهبت سدى؟
إن هذه المخاوف مشروعة ، بسبب تلاعب ( المالكي ) بمفاهيم وثوابت وفكر وأخلاق وعقيدة حزب الدعوة ، الذي أسسه المجاهدين الأوائل وعلى رأسهم السيد الصدر والسيد محمد باقر الحكيم والسيد مهدي الحكيم وعبد العزيز البدري وعارف البصري وعز الدين القبانجي وابو كلل وناظم عاصي وحسين معن وحسين جواد وفاضل جعفر….الخ، فخطف ذلك الحزب ، وأصبح اليوم (حزب الدعوة المالكي )، الذي يستئثر بالسلطة ، والجميع يعرف إن الصدر الخالد لم يكن هدفه السلطة ، بل إصلاح الدولة ومصلحة الأمة ؟! .
يقول الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء ( الاستئثار يوجب الحسد والحسد يوجب البغضاء والبغضاء توجب الاختلاف والاختلاف يوجب الفرقة والفرقة توجب الضعف والضعف يوجب الذل والذل يوجب زوال الدولة وزوال الدولة يوجب زوال النعمة وهلاك الأمة ).
ربما يسال سأل بان هناك قوى وطنية موجودة في الساحة السياسية ومعقود الأمل عليها في التغيير كالمجلس الأعلى ؟ صحيح فثمان سنوات من عمر الشعب ذهب في مهب الريح خلال حكم المالكي ، ولابد من بديل.