لا اختلاف على ان العملية السياسية منذ انطلاقتها بعد انتخابات 2005 حتى الآن تعاني من أزمة الانتقال الى الخطوة الثانية باتجاه بناء الدولة الحديثة المعصرنة، وبقيت بمكوناتها الشخصية والفكرية تدور حول وداخل الاسيجة العالية التي انتجتها بنفسها للحفاظ على الوضع الذي انتجه تغيير التاسع من نيسان 2003 والانكفاء داخل شرنقة الخوف من متغيرات قد تطيح بالمكتسبات المكوناتية الهشة القابلة للضياع والتشرذم في أي لحظة تأريخية غير محسوبة .
لذلك سعت غالبية القوى السياسية والمجتمعية المستفيدة الى محاربة واقصاء كل نزعة تحديثية للنظام القائم بمعونة قوى تقليدية ، دينية وفكرية وسياسية، اتيح لها المجال لتمتين ركائز منتج مابعد 2003 ، المنتج القائم على قيم رثة من مخرجاتها الطائفية والمحاصصة والاحتماء باللاوعي الشعبي والفكر التراثي المتخلف والسياقات الفكرية التبريرية لواقع الحال .
ورغم فشل العملية السياسية ونظامها القائم ، الذي انتج بسلوكياته ، الفكر المتطرف ومنتجاته ، القاعدة والميليشيات وداعش ، وما يدور حول هذه المنتجات بصيغ متعددة داخل وخارج النظام وعمليته ، الا ان حرّاس هذا الفشل واصلواالنهج نفسه والادوات نفسها ، حتى انهزمت العملية السياسية في 2014 على يد داعش ، ولولا الفتوى والدعم الخارجي ، لقرأنا تاريخا مختلفاً للعراق الحالي .
النقد البنيوي العميق ، الجريء والشجاع ، المتجاوز لعقلية المخاوف من الآخر ، هي منطلقات تفكيك العملية السياسية الحالية ، التي لاتحتاج الى اصلاح بل الى بناء عملية سياسية ، تقوم على رؤية واضحة وشفافة تجيب على السؤال المركزي والمحوري :
الى اين نريد وكيف نصل ؟
وما ينتج عنه من تساؤلات عميقة عن المنهج والادوات والافكار وفهم فحوى الديمقراطية وحقوق الانسان والعلاقة مع الآخر ، الذي هو الغرب ونسأل ونجيب بعدد الدراسة :
لماذا تقدموا وتخلفنا ؟
وقبل كل شيء وبكل جرأة علينا الاعتراف بفشل العملية السياسية اولاً ومن ثم نقدها وتفكيكها ثانياً والعمل على بناء جديد لعملية سياسية جديدة متبرئة من ظلال الاولى ثالثاً .
ان قاعدة “الجميع يخاف الجميع” التي قامت عليها العملية السياسية منذ انطلاقتها بديمقراطية موهومة ، لن تنفع للاصلاح ، كما ان أصوات الاصلاح القائمة على ماكان لن تصلح الحال ايضاً ، والاصلاح على اساس الثوابت الفكرية على مشاربها يعني المراوحة داخل الدائرة نفسها .
إما من ينقذ العملية السياسية من مأزقها فهو سؤال مطروح على من يهمه انقاذ البلاد والقادر على فعل ذلك .
قد يبدو السؤال عدمياً ، لكن الشروع بخطوة أولى قد تفتح الكثير من الأبواب لحاضر ومستقبل مختلف لهذي البلاد !