تشكل الضرائب التي تفرض على الانشطة الاقتصادية موارد مهمة ورئيسة في موازنة مختلف البلدان , وتولى اهمية فائقة لجابيتها وملاحقة المتهربين من اداء التزاماتهم الضريبية , وهي من الوسائل الفعالة في حماية المنتجات الوطنية تستخدمها البلدان المتطورة والمتخلفة على حد سواء ..
في الايام الماضية , أعلنت الهيئة العامة للضرائب تحقيق إيرادات بـ 5 ترليونات و500 مليار دينار خلال تسعة أشهر بنسبة نمو تصل إلى 150%, الا انها لم توضح من اين جاءت الزيادة ؟ من رفع قيمة الضرائب على السلع ام من تقليص التهريب , وبالتالي لكل منهما انعكاساته المختلفة على الاقتصاد والمجتمع , كما انها ما تزال دون مستوى الطموح واقل بكثير مما يفترض ان يتحصل منها للاقتصاد الوطني من المكلفين بها ودعم موازنة البلاد وقطع طرق التهرب الضريبي الذي يلحق ضررا بالغا بمستوى معيشة عموم الشعب , فالضرائب حين تفرض على وفق رؤية العدالة الاجتماعية تكون اداة مهمة لتصحيح بعض الخلل في توزيع الثروة بين افراد المجتمع وتتيح امكانية الحد من الجشع لدى الفئات الغنية التي لا يردعها رادع .
في كل بلدان تفرض عقوبات صارمة وقاسية على الذين يتهربون من دفع الضرائب والمتلاعبين بسجلاتهم الضريبية ولا يخضعون ثرواتهم ومواردهم للشفافية ولا يقدمون المعلومات الدقيقة والصادقة حتى ان بعض السياسيين يحرمون من حقوقهم الدستورية جراء التدليس وانتهاك القوانين بهذا الصدد , بل ان الشعوب ذات الوعي المناسب تستنكر افعالهم وتعاقبهم وترفض ان يتولوا عليهم , وفي البلدان النامية يطالب الناس بتفعيل القانون الشهير من اين لك هذا ؟
اما في بلدنا فانهم يكادون يفلتون من العقاب , فالفاسدون تجري تسويات معهم , ولا يدفعون الضرائب عن الثروات التي يكدسونها , يساعدهم في ذلك موظفون مرتشون وبيئة سياسية تشجع على ذلك واحزاب وجماعات نافذة ومكاتب اقتصادية تابعة لها تشاركهم في السحت الحرام واكبر مثال فضيحة نور زهير بشان الامانات الضريبية.
ورغم ادعاء الحكومة ان مكافحة الفساد وشكله المكشوف والكبير في التهرب الضريبي الا اننا نسمع عن ارصفة موانئ ومنافذ حدودية ليست تحت سيطرة الحكومة
تجبى منها الاموال الى جهات سياسية معروفة ولا تدخل الى خزينة الدولة ,حتى ان بعض من خولتهم الأحزاب بإدارة هذه المرافق هرب بما حمل الجمل الى خارج البلاد. .
مسالة ضبط الضرائب على اسس تراعي الفوارق الاجتماعية لاسيما دعمها للفقراء وتعظيم الموارد وحماية المنتجات الوطنية من سياسة الاغراق ضرورة ملحة تستلزم تعديل التشريعات وملاحقة المخلين بمثل هذه التوجهات .