الاجواء العامة في العراق مكفهرة وملبدة بالغيوم والضباب ؛ على الرغم من الانجازات والقرارات الإيجابية التي اتخذتها حكومة العراقي الاصيل السيد محمد شياع السوداني قياسا بما انجزته الحكومات السابقة ؛ بل لعل هذه الانجازات هي التي دفعت البعض لتعكير صفو الاجواء العراقية العامة ؛ بحجج شتى وذرائع مختلفة اضحت كالأسطوانة المخرومة ؛ اغلب ابناء الاغلبية والامة العراقية لا يقتنعون بها ولا ينصتون لها ولا يتفاعلون معها ؛ ومع ذلك لا زال ذلك البعض مصرا على ادعاءه بانه ممثل الشعب وراعي مصالحه .
وبما ان نجاة العراق وامن وامان الامة العراقية مرتبط ارتباطا وثيقا بالأغلبية الاصيلة ؛ فأن صلحت احوال الاغلبية صلحت اوضاع الامة العراقية , والضرر الذي يصيب الاغلبية يطال الجميع فيما بعد ومن دون استثناء , والشواهد التاريخية والسياسية على ذلك كثيرة ؛ وجب التنبيه على ضرورة ترميم البيت الشيعي والاعتناء به وصيانته ؛ والا سقط السقف على جميع من في الدار , وعندها لا ينفع الندم , ويستمر الوضع المأساوي على حاله ؛ بل من المتوقع أن يزداد الوضع سوءا , ونرجع القهقرى ؛ حيث السنوات العجاف وعقود الطائفية والعنصرية والدموية والدكتاتورية , وحكومات التسلط والعنف والارهاب والتعذيب والاقصاء والتهميش , وايام الجوع والحرمان والبؤس والمرض والفقرالمدقع والعوز والفاقة … الخ .
القاصي والداني يعلم علم اليقين ؛ ان اكثر طائفة تعرضت للظلم والعذاب والاضطهاد والحرمان في المنطقة , هي الاغلبية العراقية ؛ بالتواطئ مع القوى الدولية الكبرى والانظمة الاقليمية , فكانت مدنهم وقراهم تعج بالمآسي والأزمات والنكبات ؛ وشبح الموت الاحمر يلاحقهم في كل مكان ؛ فضلا عن سوط العذاب والفقر والحصار والتضييق والفاقة الذي يلفح ظهورهم العارية .
بعد اللتيا والتي , وعقود من النضال المثابر الدؤوب, وسنوات المحنة الطويلة وايام الجمر العصيبة … ؛ من الله على الاغلبية والامة العراقية , واستجاب القدر ؛ وسقط الطاغية , وانجلت ليالي الظلام والظلم والظلمات ,و أشرقت شمس الحرية … ؛ وتبدلت الاوضاع وتغيرت الاحوال , وتحسنت نوعية الحياة , وارتفع المستوى المعيشي لأبناء الاغلبية الاصيلة ؛ بل وابناء الامة العراقية قاطبة ؛ وان لم يكن بمستوى الطموح ولا يرتقي إلى مستوى المسؤولية الجادة ؛ لاسيما مع ملاحظة الاثار السلبية والتداعيات الخطيرة التي نتجت عن المواجهات الارهابية والبعثية والطائفية والتخريبية والانفصالية ضد العملية السياسية الجديدة والتجربة الديمقراطية .
نعم قيادات وشخصيات الاغلبية الاصيلة ؛ لم تقم حتى الآن بالدور المطلوب والمنشود من أجل بلسمة جراح الاغلبية ، ومساعدتهم على الخروج من محنتهم و واقعهم الامني والخدمي والمعيشي المتردي , فضلا عن تطوير البنى التحتية والقطاعات الزراعية والحيوانية والصناعية والتجارية والسياحية والتربوية والتعليمية , ومعالجة مشكلة المياه والجفاف والبطالة والمخدرات … الخ .
فالبعض منهم انشغلوا بملذاتهم وشهواتهم ومصالحهم الشخصية , والاخر صار شغله الشاغل اطلاق الوعود والتصريحات والشعارات , بينما حشر البعض الاخر انفه فيما لا يعنيه ؛ واهتم بالقضايا الدولية والاقليمية والخارجية , بالتزامن مع اهماله للشؤون الداخلية والقضايا الوطنية والتحديات المصيرية … ؛ وفات هؤلاء ان كلمة الاغلبية والامة العراقية هي العليا … ؛ فلا تدفعوا ابناء الاغلبية والامة العراقية لأقصى حدودهم ولا تحصروهم في زاوية حرجة ؛ فقد لا تعجبكم ردة فعلهم فيما بعد ؛ فللصبر حدود .
ولعل من أهم المشكلات السياسية والاجتماعية والتي تؤثر سلبا على واقع الاغلبية الاصيلة , وتكدر مزاج ابناءها , وتفرق شملها , وتشتت جهودها ؛ وتضعف كيانها , وتؤخر تقدمها , وتعرضها للمخاطر والهلاك , وتضيع عليها حقوقها وامتيازاتها واستحقاقاتها المشروعة ؛ ظاهرة تصدع البيت الشيعي او الانقسام الشيعي او صراع الاخوة ؛ ما شئت فعبر … ؛ اذ ان كثرة الدعوات والحركات الدينية المتناقضة والمتعصبة , والقيادات النرجسية المتخشبة , والاحزاب السياسية المتصارعة , تؤدي الى استمرار نزيف الدم والتضحيات , وديمومة المشاكل و الازمات .
وقد تجاوز البعض مبدأ ( خالف تعرف ) و(فرق تسد ) ؛ فقد وصل الى مرحلة المخالفة من اجل المخالفة لا لشيء اخر , فهو يخالف الاخرين دائما , ويعترض على كل شيء حتى على بسم الله الرحمن الرحيم …!!
ويريد ان يميز نفسه عن الباقين ؛ وليته ميز نفسه من خلال الافعال الجسام والانجازات الكبيرة والقرارات الوطنية الصائبة والتي تصب في مصلحة الاغلبية والامة العراقية ؛ اذ انه يطلب التمييز عن الاخرين ؛ بالتصريحات الجوفاء والوعود الكاذبة والشعارات الفارغة , وافتعال الازمات والمسرحيات , وتمثيل الادوار الوطنية والدينية ؛ ويشهد الله انه من الد الخصام .
وراح هؤلاء يقربون الناس على اساس التوجه الحزبي والتقليد الديني والمنفعة الشخصية والعائلية والفئوية والحزبية ؛ لا على اساس الكفاءة والثقة والنزاهة والوطنية العالية ؛ واستبعدوا الاحرار والكفاءات الوطنية ؛ و سرت بسيرتهم الركبان وأكل لحم الاغلبية الاصيلة بسببهم , واصبحنا حديث الساعة , و القاصي و الداني والشريف والوضيع تطاول على الاغلبية الاصيلة وغض الطرف عن انجازاتها وتضحياتها وشخصياتها الشريفة .
يقينا، إن استمرار هذه السيرة المنكوسة والخطوات الفاشلة ؛ لا يأتي بخير قط ؛ وهذه المخاضات العسيرة والديمقراطية طيلة سنينها الماضية لم تلد لنا الا وليدا مشوها كالكاظمي واشباهه – نعم هنالك استثناءات وطنية انتخبها الشعب الا انها تعرضت للضغوط الخارجية والداخلية – ؛ مما لا شك فيه ؛ هذا المسخ المشوه وغيره من المسوخ المنكوسين ؛ ليس وليداً شرعيا لطائفتنا ومكوننا وتضحياتنا الجسيمة وتطلعاتنا الوطنية وامالنا وهمومنا الشعبية , فهم في واد والاغلبية الاصيلة في واد اخر .
وعلى القيادات الوطنية الاصيلة ؛ الاتفاق فيما بينهم بعد كل دورة انتخابات على اختيار شخصية اصيلة و كفوءة تنهض بالمسؤولية … , واستبدالها فيما بعد , بشخصية وطنية اصيلة اخرى , وهكذا , والوقوف خلفه ودعمه وتأييده , ولعل في تجربة ترشيح السيد السوادني لرئاسة الوزراء ؛ خير مثال , فعلى الرغم من التحديات الخارجية واعتراضات البعض وافتعال الازمات الداخلية من قبل البعض الاخر , ومحاولة زج العراق في اتون النيران ؛ الا ان حكومة السيد السوداني لاقت استحسان الشعب وحظت بالمقبولية الجماهيرية المستقلة ؛ فأن ارادت قيادات الاغلبية النجاح السياسي ؛ فعليها اولا : نبذ الخلافات والصراعات والاتفاق على الاهداف الوطنية والاوليات المصيرية وتوحيد القرارات السياسية ؛ وثانيا : ترشيح شخصيات ناجحة تكسب ود الجماهير من خلال انجاز المشاريع والاعمال وتقديم الخدمات وليس من خلال الاعلام والحملات والفضائيات , وثالثا : مصارحة الاغلبية والامة العراقية بالتحديات والمخططات الدولية والاقليمية وبيان خطورتها واثارها وتداعياتها وعدم إبقائها طي الكتمان …