دوما يحتاج المظلوم لمن يقول كلمة الحق ضد الظالم, بل قد يصل الأمر أن يكون القول بوجه من ظلم جهارا إن لزم الأمر ذلك؛ وأن يكون المتصدي لقول الحق, صادقاً حكيماً عارفاً بالنتائج.
تعرض شعب العراق لحكم طغاة ظلمة عبر تاريخه, ولكونه في كثير من المراحل كان مستضعفا بأغلبيته فقد كان باحثاً عمن ينقذه, فما بين دول استعمارية, وحكام لا يفقهون من الحكم إلا السيطرة على الثروات, وسلب الحريات ليكون الشعب خادماً مطيعاً بصمت.
أطغى حُكم مَرَ على العراق, في العصر الحديث, هو حكم الطاغية صدام, الذي لم يكن يأبه لعدد من يُقتل, ولا يحسب حساباً لمكانة من يقتله, ولا لوسيلة القتل سواءً عنده, أن يعدم حياة عالم جليل, أو أكاديمي قضى حياته, باستحصال العلوم حالماً بالفائدة العامة, غير آبه بذكر أو أنثى, صغيرا بالعمر أو عجوزاً.
ظهر في عصر حكم البعث رِجالٌ ونساءٌ كُثْر, أعدم ذلك الحزب الفاسق, أغلبهم ونجى من نجى منهم أثناء فترة حكمه, التي بلغت خمسة وثلاثون عاماً, مورست في تلك الحقبة أبشع الجرائم, وقد كانت جرائمه, مستهدفة الأسر العلمية الدينية, الذين كانوا نصب أعين الطاغية, تصل لأجهزته القمعية, كل حركة منهم, ومن أبرز تلك الأسر, أسرة المرجع الأعلى للشيعة في العالم, الذي لُقِّلبَ بزعيم الأمة, السيد محسن الحكيم قدس سره, تلك الأسرة التي ضحت, بأكثر من 60 شهيداً منهم” السيد عبد الصاحب الحكيم نجل الإمام الحكيم, و السيد علاء الحكيم نجل الإمام الحكيم, آية الله الشهيد السيد عبد الصاحب, نجل الإمام السيد محسن الحكيم, الأستاذ الفاضل السيد أحمد, نجل حجة الإسلام والمسلمين, الشهيد السيد محمد رضا الحكيم, وغيرهم كثير من الشهداء.
اختار من تبقى من تلك الأسرة المُضَحية؛ وعلى رأسهم السيد المجاهد, محمد باقر الحكيم, الهجرة خارج العراق, ليستقر رأيهم على الجمهورية الإسلامية في إيران؛ ليكون الجهد ليقود من هناك, المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق, إيذاناً بالجهاد من خارج العراق, ويُعَدُ السيد محمد باقر الحكيم, من أبرز قادة المعارضة سياسياً وعسكرياً.
بعد سقوط حكم الطاغية عام 2003, عادَ السيد محمد باقر الحكيم, ليحظى باستقبالٍ مهيب وبكل حفاوة, من الشعب العراقي, الذي استقبله من منفذ الشلامچة, إلى مسقط رأسه في النجف الأشرف, ليستقر هناك إلى يوم استشهاده, بعد صلاة الجمعة في الأول من رجب, المصادف 29/8/2003, بانفجارٍ من قبل قوى الظلام العالمي, هز العالم الاسلامي.
ترك استشهاد المجاهد, شهيد المحراب السيد محمد باقر الحكيم, جرحاً عميقاً في قلوب الأحرار, ليكمل خلفه الجهاد, في مشروع بناء الدولة العراقية الحديثة, ولم تأخذ هذه الأسرة النبيلة, في الحق لومة لائم, أملا بما كان يحمله, شهيد المحراب خالد الذكر, فهم قومٌ إذا قالوا ثبتوا .