لا يخفى على أي متتبع للأحداث الجارية وخصوصا في الآونة الاخيرة مدى حرص السيد المالكي على استثمار كل شيء من اجل الحفاظ على وجوده السياسي الذي بدأ يتآكل نخبويا شيئا فشيئا بسبب نقض الوعود المتكرر والاخفاقات الهائلة في الجانب الامني والخدمي وقد لوحظ تدني شعبية المالكي خصوصا بعد انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة التي اظهرت مدى تراجع ائتلاف دولة القانون في مقابل تقدم قوى اخرى بدأت تطلق مشروعها وبرامجها التي بدت قريبة من تطلعات المواطنين مع ملاحظة ان شعبيتها اخذة بالنمو , كما ان تعامل السيد المالكي مع خسارته السياسية من خلال التعكز على الطائفية وافتعال الازمات السياسية مع الفرقاء لسبب وبدون سبب سعيا لتوسيع شعبيته في الجانب الشيعي انقلب عكسيا عليه لان الشيعة ومن ورائهم المرجعية حريصين كل الحرص على الوحدة الوطنية وهذا الامر ادى ايضا الى تضاؤل الدعم الشعبي لتلك التحركات وخصوصا حينما بدأت تتسم اغلبها بالتصعيد العسكري واظهار القوة مع الفرقاء والشركاء على حد سواء كما في الازمة مع التحالف الكردستاني فكان الوضع على شفير الحرب الا ان تم تداركه , واخيرا لمعارك في الانبار وما يتم تداوله في وسائل الاعلام عن اعداد الشهداء من الجيش العراقي والمدنيين والذي قد يؤدي الى اندلاع حرب اهلية طائفية وخصوصا ان الشهداء من عشائر الوسط والجنوب , في حين ان المالكي دائما يصرح بان الوضع مسيطر عليه وان “داعش” والارهاب تحت المطرقة وتمت محاصرتهم في الفلوجة واذا بهم تارة يفجرون سيطرة بابل التي تبعد عن الفلوجة تقريبا 200 كلم وكذلك قيامهم بإغلاق السد وقطع المياه عن الوسط والجنوب وغيرها من التفجيرات التي لا يكاد يمر يوم دون ان تهز بغداد وباقي المحافظات ,اما على مستوى الفساد فعلى مدى الثمان سنوات لم نجد من السيد المالكي سوى تشكيل لجان تحقيق فيها مع حرصه على توفير الحصانة لكل متهم ينتمي الى كتلته .وعلى الصعيد الخدمي دائما يلقي اللوم في تدنيها على الاخرين وعندما انتهى من توزيع التهم في سبب تلكؤ الخدمات على شركائه في التحالف الوطني والتحالف الكردستاني وكذلك العراقية وصل الامر الى نائبه وعضو في كتلته كل هذا تنصلا من المسؤولية .
يتضح ان بقاء الامور على هذه الحال سيؤدي الى تمزيق البلد وتشرذمه وبما ان الحوزة تعتبر نفسها مسؤولة عن متابعة امور الناس والاهتمام بها كان لابد من ان توجه رسالة هامة الى الشعب تارة والى الحكومة تارة اخرى اما رسالتها الى الشعب فكانت واضحة في الدعوة الى التغيير وعدم اعادة انتخاب الفاشلين والشعب العراقي لبيب قد فهم هذه الرسالة حتى اصبح المواطنون يتداولونها بينهم بشكل جدي وواسع على انه لابد من الاخذ براي المرجعية لأنها دائما يكون رايها صائبا حاسما في مثل هذه القضايا , اما الرسالة الى الحكومة وحزبها الحاكم فهي واضحة كوضوح الشمس وهي ان الحوزة هي من دعت الى الانتخابات سابقا لتتشكل حكومة تقوم على خدمة الشعب وتحقيق طموحه والحفاظ على وحدته وامنه ووصلتم انتم بدعمها للمشروع الوطني لا ان تزيدوا الاوضاع تدهورا لكنكم قد فشلتم في ذلك . لذا ينبغي على ائتلاف دولة القانون والمالكي فسح المجال لغيرهم ليتم تداول السلطة سلميا مع اتضاح ان نتيجة الانتخابات القادمة هي تراجع حظوظ ائتلاف دولة القانون والتحذير من ارتكاب أي حماقة قبل او بعد الانتخابات.