23 نوفمبر، 2024 4:00 ص
Search
Close this search box.

سوريا الدرس الاول …‎

سوريا الدرس الاول …‎

سوريا البلد المجاور والذي تربطه بالعراق روابط مشتركة قومية ودينية وعشائرية وطائفية ومذهبية ولها تاريخ طويل من الخلافات السياسية والعقائدية مع العراق .
فمنذ صدر السلام توزعت الخصومة بين اهل العراق والشام وحدثت معارك ومنازلات دموية كان اشدها قسوة قتل الامام الحسين (ع)حفيد النبي (ص) وال بيته .
هذا الصراع لم ينتهي كون العراقيين يصفون اهل الشام بالطلقاء والنواصب كما اهل الشام يصفون العراقيين بالروافض . وكان هذا السجال عادة يؤطر بالعقيدة الطائفية وبالمظلومية فعندما انتقم العباسيين من الامويين بحجة مظلومية الهواشم من بني امية . كان بنو العباس اكثر ظلماً من بني امية على العراق واهله ولكي لانغور في التاريخ ومخلفاته الدموية لابد ان نستذكر التاريخ المعاصر وابعاد الصراع .
فمنذ بدايات القرن الماضي اعتمد المستعمرين سياسات ميكافيلية في فرض السيطرة على المنطقة وكان لها ان جعلت من الاقليات في سوريا والعراق مفتاح لقلق المنطقة.
فقد تعمد الفرنسيون والانكليز على دعم الاقلية العلوية في سوريا والاقلية السنية في العراق .
هذه السياسة هي نتاج علمي مبني على السيطرة ، فالاقلية هي ليس بمقدار تكوينها العددي او العقائدي وانما ماتفرضه من سطوه وقوة لتتحول الى قوة غاشمة بيدها كل المقدرات .
والمتابع للواقع الطوبغرافي في العراق وسوريا سوف يدرك سر هذا النفوذ والسيطرة .
فصيغة الحكم المؤطر بالانتماء لايؤطر بمعتقد وفق التركيبة السكانية للمجتمع فلم يكن الحكم في العراق سنيا لانه ينتمي الى اهل السنة وكذلك الحال في سوريا لم يكن الحكم علوي والدليل لم يكن الحكم السني في العراق يدعو للثقافة السنية او تغير الطوبغرافي وفق معتقد الحاكم وكذلك الحال في سوريا .
بل ان الاقلية السنية في العراق هم اقرب الى الامامية من الشيعة من بقية السنة في العالم  وكذلك العلويين هم اقرب الى السنة منهم الى الشيعة في بقية العالم .
وكان لنمو حركات اليسار والاحزاب الشيوعية والقومية في المنطقة الا ان انتج قيادات اقلية للاحزاب القومية والشيوعية ولذلك انطفأت فكرة ان تتهم الناس الاقليه بانها شفوينية او طائفية . فزكي الارسوزي مفكر وفيلسوف وهو من دعى الى نشوء الفكر القومي وكان مهندس نشوء البعث  وصلاح جديد  وحافظ اسد وجميعهم وغيرهم من العلويين هم من مؤسسين حزب البعث وكانت جميع القيادات المنظوية للاغلبية السنية في سوريا في حزب البعث تحت قيادة علوية . وكذلك الحال في العراق قيادة حزب البعث من السنة وكوادر الحزب وانصاره ومؤيديه هم الشيعة .
ومثلما كان يطلق على العراقيين روافض و يطلقون على السوريين نواصب . تحولت ابعاد الصراع بسبب طبيعة الانتماء العقائدي الجديد . فالجميع بعثيين وان لم ينتموا تحت راية الامين العام الاول للحزب المسيحي ميشيل عفلق الذي رفع راية العلمانية والقومية وكان ضحية افكار جلها من الماركسية وطروحات القومية العنصرية في اوربا مع دعوة خجولة للدين الاسلامي .
البعث في سوريا يتهم البعث بالعراق بانه يميني وانه يدعم النظم الخليجية الرجعية وله علاقات واسعه مع السعودية ويدعم حكم الملك حسين وتغاضى عن جرائم ايلول التي ارتكبت بحق الفلسطينيين في الاردن وان البعث في العراق كان يدعم الحركات اليمينية والطائفية المتمثلة بحزب الكتائب والاحرار في لبنان ودعم جيش انطوان لحد الذي يحمي الحدود الاسرائيلية ومحاربة الثورة الايرانية التي اطاحت بالشاة وقطعت العلاقات مع اسرائيل وامريكا .
البعث في العراق يتهم البعث السوري بدعم المنظمات الفلسطينية المتطرفة والحركات اليسارية اللبنانية وحزب الله وحركة امل التي تعادي حكم البعث في العراق وبالاصطفاف مع ايران وكوريا الشمالية ضد العراق وكما يدعم الاكراد في شمال العراق والمنشقين عن البعث العراقي والتيارات الاسلامية والماركسية المطاردة من البعث العراقي ولكي ندرك حقيقة تاريخية ان سر قوة البعث العلوي هم سنة سوريا وسر قوة البعث السني هم شيعه العراق
ولم يكن للعراق ان يسقط لو الارادة الدولية لان التماسك الحزبي في العراق كما سوريا ولكن كثرة حماقات الحكم في العراق جعلته واهنا وضعيفاً امام الاحتلال الامريكي ولو قدر للامريكان دخول العراق في مقتبل الثمانينات او التسعينات لمني بهزية قاسية لان الدولة كانت متماسكة بواسطة الحزب الواحد .
ولذلك من الصعب ان تحتل بلداً تحكمه دكتاتورية متماسكة وان تم احتلاله فسهل البقاء فيه بسبب مظلومية الناس من الدكتاتورية ولكن من السهل ان تحتل بلد تحكمة مؤسسات  ديمقراطية ولكن من الصعب ان تبقى تحتله وذلك لان الناس تحن الى الحرية والديمقراطية بدل استبداد المحتل  .
سوريا البعث اليساري لم تستقبل عزة الدوري اليميني المتطرف الذي تصفة  بالمتهور الذي ارتمى في احضان السعودية وقطر وتركيا واستضافت المنشقين من البعثيين بعد سقوط نظام صدام وعلى رأسهم يونس الاحمد .ولم تبني العلاقة بين جناحي البعث العراقي على اساس طائفي فكلا القيادتين هم من اهل السنة .
البعث في سوريا والعراق وبما يعبر عنه من مصالح قومية وعلمانية كان يمارس دغدغة الاحزاب الدينية ويمدها بالمال والمساعدات فكان حافظ الاسد العلماني يدعم الحركات الشيعية المعادية للبعث في العراق وصدام العلماني يدعم الحركات السنية المعادية للبعث في سوريا .
وبقى الصراع بين البعث السوري والبعث العراقي لعقود من الزمان ولحين انهيار البعث العراقي .
ولكن البعث العراقي  بقيادة عزة الدوري ارتمى مع التيار السلفي وشكل مع القاعدة قوة عسكرية لايستهان بها بحجة المقاومة وتلقى دعماً هائلا من البعث السوري تحت هذا الغطاء وكان لعشرات الالوف من المقاتلين والانتحاريين الذين جندتهم الاجهزة المخابراتية السابقة والتي انضوت تحت تنظيمات عزة الدوري تمر وتتدرب في الاراضي السورية وبينما البعث السوري العلماني الذي يدعم  البعث الذي يدعي اليسار وانتقد تجربة الحكم السابقة والاخطاء الكارثية التي وقع بها بزعامة يونس الاحمد ويمارس عمله من الاراضي السورية .
البعث السوري عندما دعم السلفيين في القتال في العراق ليس نكاية بالشيعة او ببعث يونس الاحمد وانما مصالح ستراتيجية تتعلق بمعادات البعث السوري لامريكا .
وبقى العراق يعاني من البعث السوري وماتسبب من احداث دموية في العراق . حتى اشتكى العراق سوريا في مجلس الامن وقطع العلاقات مع سوريا .
وكان للربيع العربي وبادرة انهيار انظمة الحكم الشمولية في المنطقة ان شكل بادرة امل في سقوط حكم البعث السوري وقد استبشرت القيادات الشيعية والعلمانية خيراً بالتغيير الذي احرج الحركات والاحزاب السنية المدعومة من حكومة البعث السوريه والتي امتعضت من هجوم المالكي على حكومة بشار وعدته انتهاكاً للاخوه العربية وتحدي لداعم المقاومة ومن اوى الكثير من اللاجئين العراقيين وصارت حكومة المالكي في حرج شديد بعد انضواء بعض القيادات الشيعية مع السنة في رفض الاتهامات لسوريا .
الربيع العربي السلفي الوهابي غير مجرى الاحداث في ليبيا ومصر وجعل التحدي كبير مما مهد الى اصطفافات جديده تمثلت بنزعة طائفية بعد دخول السلفية المعترك . فقد تحولت حكومة بغداد الشيعية الى صديقة لحكومة البعث السورية وتحول السنة العراقيين اصدقاء بشار الى اعداء وبهذة تغيرت المواقف والروى بلمحة البصر ليتحول الاعداء اصدقاء والاصدقاء اعداء تحت مظلة الطائفية التي طغت بفتاوى رجال الدين السعوديين بان العلويين ليس بعثيين وانما رافضة شيعة ضمن الهلال الشيعي  الذي يهدد الدولة الوهابية وتناسوا دور البعث العلوي في ادخال عشرات الالوف من الوهابية الى العراق لممارسة الطائفية والقتل على الهوية واثارت الحرب الاهلية .
هذا الربيع بدأ بفشل ذريع عندما اعلن المعارضين تهديم قبور الاولياء وتهديم الكنائس واقامة قوانين واحكام القرون الاولى من الاسلام العنفي الدموي الجائر المخالف للدين الاسلامي الحقيقي . وعلية تشكلت كتائب قتالية  تعيد مجد بني امية باسم يزيد ابن معاوية وعمر ابن العاص وعبيد الله ابن زيادوخالد ابن الوليد وطلحة والزبير والحكم  والسماح لمئات الالوف من القوقاز والشيشان وافغانستان وباكستان والعراق ودول اوربا من دخول سوريا تحت مظلة الجهاد والتهديد بتهديم قبر السيدة زينب  وبقايا مأثر الهواشم في بلاد الشام . انتفض اعداء بشار من الشيعة العراقيين ليشكلو كتائب ابو الفضل العباس والحسين ابن علي ومالك الاشتر وعمار ابن ياسرومحمد ابن ابي بكر ليشتد النزاع على اشده وكاننا في معركة صفين والجمل وواقعة كربلاء .
بعض القوى والاحزاب ممن شكلت مع حكومة سورية قوى مقاومة وهي على الارض السورية تتلقى الدعم المادي واللوجستي لسنوات طويله تمزقت وفق انتمائها العقائدي فحماس الاخوانية اعتزلت الامر وتخلت عن حكومة بشار ودعمت المعارضة بينما اصطفت منظمة الجهاد وباقي الحركات الفلسطينية اليسارية مع حكومة بشار لموقف اخلاقي في دعم بشار للمقاومة لسنوات كثيرة .
بينما بقى حزب الله ولاكثر من سنة يترقب الموقف ولكن قيام الحركات السلفية والوهابية بعمليات القتل والتهجير التي طالت اللبنانين القاطنين على الحدود السورية وفي مناطق سوريا الاخرى .
وقطع طريق الامداد لسلاح المقاومه اللبنانية عن طريق سوريا مما جعل حزب الله يدافع عن مواطنيه وستراتجيته بقوة ليردع الارهاب في تلك المناطق . ولم تشكل معارك حزب الله في سوريا كما مع الاسرائيليين اي اخفاقات تتمثل بارتكاب جرائم حرب او الاعتداء على الاسرى والمدنيين ولقى تدخله اقبال محلي وعربي ودولي لما لهذا الحزب من اخلاقيات قتال غير موجودة لدى خصومة ولكن الغرباء الذين يتقاتلون في سوريا وفق روى التاريخ والاحقاد الطائفية غير اغلبية الشعب السوري كما الشعب العراق فهم بعيدين عن الطائفية رغم اهوال الاحداث والتفجيرات والدعم الخارجي الوهابي الذي اراد من تدمير مرقد الامامين بداية النهاية للوحدة الوطنية في العراق .
وان الحكومة العراقية التي حققت نجاحاتها على القاعدة ليس بفعل مؤسستها الامنية وانما لرفض سنة العراق مشروع الوهابية التكفيري واختيار سنة العراق هويه الوطن قبل هوية الطائفة ولذلك بقى العراق موحداً يتعافى رغم المصائب والتحديات والتدخلات الدولية في تقسيم العراق واقلمتة .
كما شيعة العراق في حربهم مع ايران لم يتخذوا من الصراع طابعاً طائفياً كون الحكومة سنية فكانت العبائة الوطنية اكبر من الانتماء الطائفي . وكان جل الجيش العراقي الذي قاتل ايران لثماني سنوات هو من الشيعة .
وكذلك الحال صمود البعث العلوي ناتج ليس من انتماءه الطائفي كونه شيعي او مدعوم من ايران وروسيا والصين وانما لان الحزب الذي يقوده العلويين علماني ومدني ولان اعداء سوريا ممن يتبنون الفكر الطائفي والتكفيري لم يلقى المقبولية بسبب تجارب الوهابيه في افغانستان والعراق وليبيا ومصر ومناطق سورية التي خضعت لسيطرتهم . ولان اهل السنة في سوريا رفضوا الهوية الطائفية واصطفوا مع بشار العلوي ضد داعش والنصرة التكفيريتين .
ومثلما اقتضت المصالح الستراتيجية ان يقف حزب الله مع مصالحة حكومة صدام والمعارضة العراقية لمنع احتلال العراق من امريكا . هذا الموقف العربي المقاوم وغير الطائفي جعل حكومة العراق تتذكرة وتقف مع حكومة البعث في سوريا ضد التوجهات الارهابية للوهابية والقاعدة والتي يعتبرها العراقيين اكثر شراً من الاحتلال الامريكي مثلما كان يعتبر النظام في سوريا الوهابيين التكفيريين اقل شراً من الامريكيين .
[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات