سألقي أضاءة مقتضبة ، في هذا البحث المختصر – على النصالمستقطع من سورة المائدة ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا / 3 سورة المائدة ) وتفسيرها بأختصار ، وفق أبن كثير / موقع القرآن (( هذه أكبر نعم الله عز وجل ، على هذه الأمة حيث أكمل تعالى لهم دينهم ، فلا يحتاجون إلى دين غيره ، ولا إلى نبي غير نبيهم ، صلوات الله وسلامه عليه ; ولهذا جعله الله خاتم الأنبياء ، وبعثه إلى الإنس والجن ، فلا حلال إلا ما أحله ، ولا حرام إلا ما حرمه ، ولا دين إلا ما شرعه ، وكل شيء أخبر به فهو حق وصدق لا كذب فيه ولا خلف .. أي : صدقا في الأخبار ، وعدلا في الأوامر والنواهي ، فلما أكمل الدين لهم تمت النعمة عليهم ; ولهذا قال تعالى” اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم “( أي فارضوه أنتم لأنفسكم ، فإنه الدين الذي رضيه الله وأحبه وبعث به أفضل رسله الكرام ، وأنزل به أشرف كتبه ) قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قول : اليوم أكملت لكم دينكم – وهو الإسلام ، أخبر الله نبيه والمؤمنين أنه أكمل لهم الإيمان ، فلا يحتاجون إلى زيادة أبدا ، وقد أتمه الله فلا ينقصه أبدا ، وقد رضيه الله فلا يسخطه أبدا . )) .
القراءة : * في قراءتي سوف لن أتعرض على تفسير المفسرين ، لأن تفاسيرهم تحتاج الى مقالات عديدة ، من كثر ما يرقعون ثغرات النصوص ! . 1 – كتمهيد ، يوجد في سورة المائدة ، 120 آية ، وتسلسل نزول سورة المائدة هو 112 ، علما أن عدد سور القرآن ، كما جاء في / موقع موضوع ( يقول الزركشي : ” اعلم أنّ عدد سور القرآن العظيم باتفاق أهل الحلّ والعقد مئة وأربع عشرة سورة كما هي في المصحف العثماني ، أولها الفاتحة وآخرها الناس ” ، ونقل عن مجاهد ، أنّ البعض قد يعدّ سور القرآن الكريم مئة وثلاثة عشر سورة . وذلك بجعل سورتي الأنفال والتوبة سورةً واحدة ، لأنّ سورة التوبة لا تُفتتح بالبسملة ، وقال الزركشي إنّ هذا القول مرفوض ؛ لأنّ رسول الله ، قد سمّى كلّ واحدةٍ منهما باسم خاص بها ) . * تساؤلي .. لماذا لم تكن الآية موضوعة البحث ، في أخرترتيب سور القرآن ، بأعتبارها تنص على ختام الدين ” الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ .. ” ! .
2 – الكثير من الآيات المذكورة في سورة المائدة ، ليس لها علاقة ، بفحوى نص “ أكمال الدين ” ، منها مثلا : مقطعا من الآية 6 ” جاء أَحَدٞ مِّنكُم مِّنَ ٱلۡغَآئِطِ أَوۡ لَٰمَسۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمۡ تَجِدُواْ مَآءٗ فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدٗا طَيِّبٗا فَٱمۡسَحُواْ بِوُجُوهِكُمۡ وَأَيۡدِيكُم مِّنۡهُۚ مَا يريد ٱللَّهُ لِيَجۡعَلَ ” ، فهل هذا موضوعا ينص عليه الله في ختام دين الأسلام ” اليوم أكملت لكم دينكم ..” وهل موضوعة جاءك : ” الغائط ” ، لائقة بالله وببنية النص القرآني معا .. كذلك مقطعا من الآية 38 ” وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ” ، فهل الله قاتلا وعنيفا بهذا القدر / دون تبيين الأعذار والموجبات لهذه العقوبة – لكي يختم دينه ، بقطع يد السارق ، دون معرفة دوافع السرقة ! ، علما أن الخليفة عمر بن الخطاب ، أوقف عقوبة قطع يد السارق ! . ( في خلافة عمر بن الخطاب عنه وقعت بالمدينة وما حولها من القرى مجاعة شديدة ، وكان ذلك في 18هـ بعد عودة الناس من الحج ، فحبس المطر من السماء وأجدبت الأرض ، وهلكت الماشية ، واستمرت هذه المجاعة تسعة أشهر ، حتى صارت الأرض سوداء فشبهت بالرماد / نقل من موقع قصة الأسلام ).
* تنويه : في بداية سورة المائدة ( يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَوۡفُواْ بِٱلۡعُقُودِۚ أُحِلَّتۡ لَكُم بَهِيمَةُ ٱلۡأَنۡعَٰمِ إِلَّا مَا يُتۡلَىٰ عَلَيۡكُمۡ غَيۡرَ مُحِلِّي ٱلصَّيۡدِ وَأَنتُمۡ حُرُمٌۗ إِنَّ ٱللَّهَ يَحۡكُمُ مَا يُرِيدُ / 1 ) ، المتكلم هنا ليس الله ، لورود جملة ” إِنَّ ٱللَّهَ يَحۡكُمُ مَا يُرِيدُ ” ، فهو ضمير ثالث ، أهو محمد ، أم من ! .. وبالرغم من ذلك ، فأن المفسرون ، يفسرون بأن المتكلم هو الله ! .
3 – الملاحظ أن صيغة النص ” الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ .. / 3 سورة المائدة ” ، سردها الله عز وجل ، وبنص قرآني ، لأن القرآن / وفق العقيدة الأسلامية ، هو كلام الله .. ولكن من جانب أخر ، كان من المفروض منطقيا ، أن يأتي هذا الخبر من رسول الأسلام ، لأنه صاحب الدعوة – وان تسرد بحديث صحيح ومتواتر من محمد ، وأن لا تصدر من الله .
4 – الفقرة 3 أنفا ، تقودنا الى تساؤل أخر ، فلو كان الأمر غير ذلك – أي أن النص القرآني جاء ، من مخاطبة محمد للمؤمنين ، وليس منالله / لأن النص جاء بصيغة ضمير ثالث ، فهذا يعني ، أن كاتب القرآن ، هو محمد ، بغض النظر أن كان محمدا أميا أم لا ! وهنا نكون نحن أمام أشكالية معقدة أخرى ، وهي : هل أن القرآن من عند الله أم من عند محمد ! .
خاتمة : خلاصة الأمر ، ما هي “ النعمة “التي تركها محمد للمسلمين ، الواردة في الشطر الثاني من مقطع نص الآية ” وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا / 3 سورة المائدة ” ، فأي نعمة كانت للمسلمين بعد موت الرسول ، لأن الحقبة كانت كلها تصارع على الخلافة ، وحروب و فتن .. ، بدأت بتنافس وشجار على الخلافة بعد موت الرسول / وهو مسجى عند زوجه عائشة ، ولم يدفن بعد – وأنتهت بتولية أبو بكر ، وذلك في سقيفة بني ساعدة سنة 11 هج ، التي ضمت تحت سقفها : أبو بكر وعمر .. والجانب الأخر ، كان : سعد بن عبادة ورهط من الأنصار – بعد تنحية علي . ثم حروب الردة 11 – 12 هج . ثم مرحلة قتال الصحابة بين بعضهم البعض ، حيث تم قتل عثمان والتمثيل به سنة 35 هج – بمشاركة محمد بن أبي بكر الصديق . ومن ثم موقعة الجمل سنة 36 هج – بين علي بن أبي طالب وطلحة بن الزبير ، ترافقه عائشة زوج الرسول / على ظهر الجمل . ومن ثم موقعة صفين سنة 37 هج / واقعة رفع المصاحف على الرماح – بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان . وكارثة مقتل الحسين بن علي / حفيد الرسول ، والتمثيل به ، ومن ثم قطع رأسه ، ورفعه على الرماح والطوفان به بين البلدان .. والقائمة تطول . أن كان محمدا قد أكمل دينه ، فهذا الأمر كان شكليا ، لأن الكل كان منتظرا ومنتهزا فرصته للأنقضاض على الخلافة . خلاصة الأمر : أنه بموت محمد أنتهت الدعوة الأسلامية ، وبدأت بعدها ، مرحلة التصارع على السلطة والخلافة والحكم ، وما يتبعها من غنائم ، مع ترك الدين جانبا – أن أكمل هذا الدين ، أو أن لم يكتمل .