24 سبتمبر، 2024 11:34 م
Search
Close this search box.

لأغراض متعددة .. أميركا تشكل تحالف دولي لحماية البحر الأحمر من الحوثيين دون الأطراف المعنية !

لأغراض متعددة .. أميركا تشكل تحالف دولي لحماية البحر الأحمر من الحوثيين دون الأطراف المعنية !

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

تصاعدت الأحداث في منطقة “البحر الأحمر”؛ بعد أن أعلنت “الولايات المتحدة الأميركية” عن تشّكيل تحالف دولي متعدد الجنسيات لحماية التجارة في المنطقة، وتأكيد جماعة (أنصار الله) الحوثية على المضي في عملياتها العسكرية تجاه السفن المتجهة نحو “إسرائيل”.

وبسبب تكرار عمليات (الحوثيين) ضد السفن في “البحر الأحمر”، أعلن وزير الدفاع الأميركي؛ “لويد أوستن”، خلال زيارته لـ”تل أبيب”؛ الاثنين الماضي، عن تشّكيل تحالف دولي للتصدي لهجمات (الحوثيين) في “البحر الأحمر” تحت مُسّمى: “المبادرة الأمنية متعددة الجنسيات”، يضم عشرة بلدان؛ بينها: “بريطانيا وفرنسا وإيطاليا والبحرين”.

وجاء في بيان “أوستن”؛ أن: “البلدان التي تسّعى إلى ترسّيخ المبدأ الأساس لحرية الملاحة، يجب عليها أن تتكاتف لمواجهة التحدي الذي تُشكله هذه الجهة”.

ورأى رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، خلال استقباله وزير الدفاع الأميركي؛ “لويد أوستن”، أن ما يجري في “البحر الأحمر”؛ هو: “تهديد للملاحة في العالم بأسّره”، وتوجه إلى “أوستن” بالقول: “نحن نخوض حربًا حضارية ضد (الإرهاب الإيراني)؛ الذي يُهدد الآن بإغلاق الممر البحري”، وفق ما نقله موقع هيئة البث الإسرائيلية؛ (مكان).

لحماية “إسرائيل” وعسكرة البحر..

وفور الإعلان الأميركي؛ أكد المتحدث باسم جماعة (أنصار الله) الحوثية في “اليمن”؛ “محمد عبدالسلام”، عبر منصة (إكس)، أن تشّكيل التحالف يأتي: لـ”حماية إسرائيل وعسكرة البحر دون مسوّغ”، مضيفًا أن: “من يسّعى لتوسّيع الصراع عليه تحمل عواقب أفعاله”.

وأشار “عبدالسلام” إلى أن: “التحالف المُشّكل هو لحماية إسرائيل ولن يوقف اليمن عن مواصلة عملياته المشروعة دعمًا لغزة”، موضحًا أنه: “وكما سّمحت أميركا لنفسها أن تُسّاند إسرائيل بتحالف وبدون تحالف، فإن شعوب المنطقة تملك كامل المشّروعية لمسّاندة الشعب الفلسطيني”.

تحذير إيراني من التعاون مع “واشنطن”..

من جهتها؛ حذّرت “إيران” من التعاون مع “الولايات المتحدة” ضد جماعة (الحوثي)، ودافع مستشار المرشد الإيراني للشؤون السياسية؛ “علي شمخاني”، عن هجمات (الحوثيين) ضد السفن في “البحر الأحمر”، ووصفها: بـ”الشجاعة”، مضيفًا أن: “انضمام أي بلد إلى الائتلاف الأميركي لمواجهة هذه الأعمال، مشاركة مباشرة في (جرائم إسرائيل)”، وفق ما أوردت وكالة (إيسنا) الحكومية.

ومنذ أن بدأ (الحوثيون) عملياتهم العسكرية ضد السفن، أعلنت عدة شركات شحن تغييّر مسّار سفنها لتجنب المرور عبر “مضيق باب المندب”، الذي يُعتبر ممرًا يسّمح للتجارة بين الشرق والغرب – بما فيها تجارة “النفط” – بالعبور من “قناة السويس” لتوفير الوقت وتكلفة التشّغيل، بدلاً من الدوران حول القارة الإفريقية عبر “مضيق رأس الرجاء الصالح”.

أهداف باطنية..

تعليقًا على تلك الخطوة؛ قال مدير المركز (العربي) للبحوث والدراسات؛ الدكتور “هاني سليمان”، إن الإعلان عن تشّكيل هذا التحالف الدولي في هذا التوقيت له عدة دلالات، وليس السبب الرئيس هو التصدي لهجمات (الحوثيين)، مثلما أعلن وزير الدفاع الأميركي؛ “لويد أوستن”، خلال زيارته لـ”البحرين”.

وأوضح “سليمان”؛ لموقع (24) الإماراتي، أن هناك محاولات لتوظيف التصّعيد الحوثي في “البحر الأحمر” للدفاع عن “إسرائيل” بشكلٍ كامل، وتأمين القيام بعملياتها البرية ضد حركة (حماس) دون التوصل إلى وقف لإطلاق النار وحماية المدنييّن من الشعب الفلسطيني، وإن “الولايات المتحدة” تسّتغل ذلك، في إدخال أكبر قدر من القوات الأميركية في المنطقة.

وتساءل مدير المركز (العربي) للبحوث والدراسات: “هل تهديد (الحوثي) أكثر أولوية، وأهمية من الحرب الدائرة في قطاع غزة، مما أدى إلى تداعيات إنسانية كارثية أم مواجهة تهديدات (الحوثيين) للسفن التجاري ؟”، وقال إن ذلك يعكس الأولويات الأميركية بأي حال من الأحوال؛ وهي حماية مصالحها وحلفائها فقط.

عدم وجود الدول المعنية يُثير الشكوك !

زاوية أخرى تطّرق لها الدكتور “هاني سليمان”؛ وهي عدم وجود أي دولة عربية مشّاطئة لـ”الخليج العربي” و”البحر الأحمر” في هذا التحالف، مما يُفرغ محتوى ومضمون هذا التحالف الدولي ومصداقيته، مؤكدًا أن التاريخ يُثبّت أن “الولايات المتحدة” تُنشيء العدو ثم تترك الأمر، وتكرر ذلك في “أفغانستان” و”العراق” وغيرها من الدول الأخرى.

وقال “سليمان” إن استخدام هذه التحالفات في أي رقعة من الأرض تفشل في النهاية، وخلفت العديد من الكوارث، وتترك المنطقة التي تدخلها فيها تواجه شبح عدم الاستقرار والعمليات الإرهابية، ما يُزيد التوتر العسكري والسياسي، مشيرًا إلى أنه لا توجد أهداف واضحة أو استراتيجية أو مدى زمني واضح لهذا التحالف، حيث لا يتوقع أن يُحدث هذا التحالف أي انفراجة في الأزمة.

كما أشار الدكتور “هاني سليمان”؛ إلى أن البلدان المالكة لشركات الشحن العالمية لم تُشارك في هذا التحالف، ووضعت خطط للتعامل مع الأزمة، ولا تعّول على تسّوية “واشنطن” لهذه الأزمة عسكريًا، مما يُثير القلق حول طبيعة عمل هذا التحالف، وقال: “بالتالي المشهد إجمالاً يوحي بعبثّية شديدة ودليل على توظيف التحالفات تحت عنوان (حارس الازدهار)، وهو الاسم الذي تم إطلاقه على التحالف الجديد لتحسّين صورة الولايات المتحدة الذهنية، بعد الهجوم التي تعرضت لها مؤخرًا جراء الحرب في غزة”.

وأكد “سليمان” أن محاولة إقناع “الولايات المتحدة” بالمشّاركة في هذا التحالف ليس إلا محاولة لإضفاء الشّرعية على هذا التحالف، الذي يهدف في الأساس لحماية مصالحها ومصالح حلفائها مثل “إسرائيل”، وليس من أجل مواجهة (الحوثيين).

عمل إرهابي غير مبّرر..

ويزعم المستشار السابق في “وزارة الخارجية” الأميركية وعضو الحزب (الجمهوري)؛ “حازم الغبرا”، إن: “أفعال (الحوثي) من احتجاز السفن واستهدافها؛ بمثابة قرصنة وفعل إرهابي”، موضحًا لـ (بي. بي. سي) أن: “استهداف سفن مدنية هو عمل إرهابي غير مبّرر”، ولا يمكن أن يكون جزءًا من أي عمل عسكري أو مقاوم، بحسب ادعاءاته.

ويُضيف “الغبرا” زاعمًا؛ أن جماعة (الحوثي): “لا تستطيع فعل أي شيء للشعب اليمني الجائع، لذلك تُحاول خلق نزاعات جديدة لصرف الأنظار عن فشل الحكومة في اليمن”.

ينقل الاهتمام العالمي لمربعات أخرى..

لكن في المقابل؛ هناك من يرى أن ما يقوم به (الحوثيون) يمكن اعتباره: “رسالة احتجاج مؤقتة”، حول الحرب في “غزة”، إذ يقول “جواد الحمد”، مدير مركز دراسات (الشرق الأوسط) في “الأردن”، إن (الحوثيين): “نجحوا في تشّكيل ضغطٍ دولي”، لكنهم يمكن أن يتسّببوا في: “نقل الاهتمام العالمي والأزمة إلى مربعات أخرى”، لا يحتملها الصراع الدائر حاليًا، بحسّب “الحمد”.

وأوضح مدير مركز الدراسات؛ لـ (بي. بي. سي)؛ أن “مضيق باب المندب” يقع في: “منطقة حرجة جدًا، تصل بين العالم الغربي والشرقي، إذ أنه أصبح المعبّر الرئيس للعالم للتجارة والبوارج الحربية ومحطة رئيسة للبواخر الدولية بعد حفر قناة السويس، وله بُعد جيوسياسي واستراتيجي”.

“إيران” لا تُفرض شيء على حلفائها..

من جهته؛ يقول أستاذ العلاقات الدولية والخبير في الشأن الإيراني؛ “حكم أمهز”، إن “إيران” لا تُفرض على حلفائها في (محور المقاومة)؛ بما فيهم اليمنييّن، ما يجب فعله، لكنها تبقى داعمة لكل حلفائها، ويُضيف أن “الولايات المتحدة” أرسلت عدة رسائل عبر دول وسّيطة إلى “إيران”؛ بشأن العمليات الأخيرة في “البحر الأحمر”، لكن “طهران” كانت تُصرّ على أن القرار يعود لليمنيّين وحدهم.

ويرفض “أمهز” الاتهامات الموجهة لـ”طهران” بشأن زعزعة أمن واستقرار المنطقة، متهمًا وجود “الولايات المتحدة” بحد ذاته؛ بمثابة التدخل: “السّافر”، وبأنه يُشكّل تهديدًا لدول المنطقة، ويقول: “الإيرانيون يعتبرون أن هذه المنطقة هي لأهلها ودولها؛ ومن ضمنهم إيران والسعودية وغيرها، وهي التي تُقرر أمن المنطقة وحفظ الملاحة فيها”.

كما يتهم “أمهز”؛ تشكيل التحالف الدولي، بأنه يحمّي المصالح الإسرائيلية فقط، نافيًا أن يكون من شأنه حماية التجارة الدولية، ذلك أن اليمنيّين أكدوا أنهم لا يسّتهدفون إلا السفن المتجهة لـ”إسرائيل”.

تتفادى الاصطدام مع “إيران”..

بينما يقول الخبير العسكري؛ “هشام خريسات”، إن هناك: “مخاوف أميركية من الاصطدام مع الإيرانيين”، إذ أن “الولايات المتحدة” تتجنب الانجرار لحرب مع “طهران”، حتى بعد أن أرسلت غواصات وسفن إلى منطقة الخليج؛ والتي كانت قادرة لوحدها أن ترد على هجمات (الحوثيين)، لكن: “واشنطن تتفادى الرد المباشر وتسّعى لتشّكيل تحالف مع عدة دول للتعامل للتهديدات في البحر الأحمر تجنبًا لإيران”.

يعكس رغبة “أميركا” في توفير غطاء دولي لعملياتها في المنطقة..

من جانبه؛ أشار الخبير في شؤون “القرن الإفريقي” المقيم بالولايات المتحدة؛ “إبراهيم إدريس”، إلى أن إعلان “الولايات المتحدة” تشّكيل التحالف الجديد وتكوينه الراهن: “يعكس رغبة أميركية في توفير غطاء دولي لعملياتها في هذه المنطقة الحيوية، وإعفاء دول المنطقة من القيام بأي مسؤوليات لتعضّيد موقف السياسة الأميركية، خصوصًا ما يرتبط منها بحماية أمن إسرائيل”.

يُهدد بإعادة أجواء “الحرب الباردة”..

وأوضح “إدريس”؛ لـ (الشرق الأوسط)، أن ذلك التحالف سيفتح المجال أمام تحالفات أخرى في المقابل قد يكون منها: “تحالفًا (إيرانيًا-يمنيًا-تركيًا)، وقد يسّتقطب كذلك دعمًا (صينيًا-روسيًا)، مما يُهدد بإعادة أجواء (الحرب الباردة) إلى المنطقة”، وقد يؤدي إذا ما تفاقمت حدة المواجهات إلى: “اندلاع حرب دولية، وفرض شروط جديدة على منطقة البحر الأحمر والملاحة الدولية في تلك المنطقة، التي تُعدّها واشنطن ذات أولوية استراتيجية”.

يضع أي دولة عربية مشاركة تحت ضغط الرأي العام..

ويرى الخبير الاستراتيجي الأردني؛ “محسن الشوبكي”، أن تشّكيل تحالف جديد بدعوى تأمين الملاحة في “البحر الأحمر”، رُغم وجود الكثير من التشّكيلات العاملة في المنطقة: “يُثير الكثير من الإشكاليات”، لافتًا إلى أن التحالف الجديد: “سيكون عنوانه حماية أمن إسرائيل”، وهو ما سيضع أي دول عربية تُشارك فيه تحت ضغط الرأي العام، خصوصًا في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على “غزة”.

وأضاف “الشوبكي”؛ لصحيفة (الشرق الأوسط)، أن التحالف الجديد قد يدخل في مواجهة مع “إيران” وأذرعها في المنطقة، وهو ما يثُير مخاوف التحول إلى مواجهة إقليمية، الأمر الذي لا يتوافق ومصالح دول المنطقة التي لا تُريد اتسّاعًا لرقعة التوتر الإقليمي.

وكان موقع (سيما فور) الأميركي قد أفاد، الجمعة، بأن (البنتاغون) يدّرس توجيه ضربة مباشرة إلى (الحوثيين) في “اليمن”، ردًا على الهجمات المتصاعدة على السفن في “البحر الأحمر”. ونقل الموقع عن مسؤولين أميركيين قولهم إنهم يشعرون بقلق متنّامٍ من محاولات “إيران” وجماعة (الحوثي) لتقويض التجارة مع “إسرائيل” ورفع التكاليف على “الولايات المتحدة”.

تشّكيل تحالفات بحرية مناظرة..

وهذه ليست المرة الأولى التي تُقْدم “الولايات المتحدة” فيها على تشّكيل تحالف بحري لتأمين الملاحة البحرية، ففي تشرين ثان/نوفمبر 2019، بدأ تحالف بحري باسم (سانتينال)، بهدف تأمين المياه الإقليمية، بعد سلسلة هجمات إيرانية استهدفت ناقلات “نفط” وسفنًا تجارية، في “الخليج العربي”، و”خليج عُمان”. كما اجتمعت دول أوروبية بقيادة فرنسية في مهمة: “المبادرة الأوروبية للرقابة البحرية في مضيق هرمز”، بالتنسّيق مع القوات الأميركية بهدف تأمين أمن الملاحة وردع التهديدات الإيرانية.

كما تعمل في المنطقة فرقة العمل المشتركة (153)، التي تأسست في نيسان/إبريل 2022، وتختص بالأمن البحري في “البحر الأحمر” و”خليج عدن”، وتضم: (39) دولة عضوًا، ويقع مقرها الرئيس في “البحرين”. ومنتصف كانون أول/ديسمبر 2022، أعلنت “مصر” تولي القوات البحرية المصرية قيادة قوة المهام المشتركة، إذ حددت حينها الهدف في: “تحسّين البيئة الأمنية بجميع المناطق والممرات البحرية وتوفير العبور الآمن لحركة تدفق السفن عبر الممرات الدولية البحرية والتصدي لكل أشكال وصور الجريمة المنظمة التي تؤثر بالّسلب على حركة التجارة العالمية ومصالح الدول الشريكة”، وتتولى “الولايات المتحدة” قيادة تلك القوة اعتبارًا من 12 حزيران/يونيو 2023.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة