اتصل بأخيه “محمد.. اتصوبت وجماعتي عافوني، راح اموت”.. صوت رصاص، ثم انقطع الخط.
هذه، كانت آخر مكالمة للشهيد عماد، كما اخبرنا شقيقه الأكبر.. اخفض رأسي وأواسيه بالقول أن هذا هو واقع الحرب، وان البكاء لا يعيد الموتى. لكن أي مواساة تنفع.
يجمع أغلب القادة السياسيون في العراق، أن لا حل في مسألة الفلوجة غير الحل السياسي، برغم دعمهم وتأييدهم للجيش بالقضاء على الإرهاب.
وتتلخص وجهة نظرهم ببساطة، أن أزمة الفلوجة دخلت شهرها الرابع، من دون حسم، خصوصا مع قرب الانتخابات، ولا يمكن السماح للوضع غير الطبيعي في غربية العراق، أن يكون شبيها بما يحدث في سوريا.
الاجماع هذا، يستثنى منه ائتلاف دولة القانون طبعا، لاعتقاده أن الحل العسكري هو السبيل الوحيد المتاح حاليا.
لكن، ماذا لو استلم رئاسة الوزراء، بعد الانتخابات، مرشح من خارج قائمة دولة القانون، واتفق على حل سياسي، وسحب الجيش؟
تشير الدلائل والقرائن والأحداث المشابهة، أن سياسة احتواء الازمات، هي السياسة التي سيضطر رئيس الوزراء القادم، العمل بها، فأي رئيس حكومة جديد، لا يريد أن يبدأ دورته الرئاسية بحرب ودم، ومن المؤكد أنه سيحاول تغيير سياسة العراق الخارجية مع السعودية وإيران، لتخفيف الضغط عن العراق. أو محاولة إعادة الزمن للحظة بترايوس مع الصحوات.
وبين رأي القائد العام للقوات المسلحة المنفرد “بحسب الدستور”، بقرار زج الجيش في ما يعتقده تمردا، وبين رأي الكتل السياسية المعارضة لهذه السياسة، علينا أن نقف، ونحصي عدد الضحايا الأبرياء، من جنود ومدنيين. وأن نقرأ الفاتحة على “الأرواح” البريئة التي ستزهق بسبب “حسابات سياسية”، أو بسبب “تفرّد” دستوري.
والغريب، أن في معركة “الرمادي ـ فلوجة”، لم نحصل على تصريح من أي مصدر في وزارة الدفاع، بعدد شهدائنا “الضحايا” أو خسائرنا، وما ينشره موقع الوزارة على النت، هو لخسائر داعش فقط. فضلا عن موافقات القائد العام للقوات المسلحة، على قبول متطوعين جدد لعمر يصل لغاية 40 عاما.
لكن بأي طاقة سيحارب صاحب الأربعين عاماً؟
الجنود والمدنيون، أبطال وضحايا في الوقت نفسه بنظر التاريخ، وهم كما يقول محمود درويش “جرح طفيفٌ في ذراع الحاضر العبثي.. والتاريخ يسخر من ضحاياه ومن أبطاله.. يلقي عليهم نظرة ويمر”.
عذرا أيها الشهداء، لأن التاريخ سيلقي عليكم نظرة فقط ويمر، ولا أعرف كم “عماد” سنفقد، ما دمنا متمسكين بدستور يعطي الحق لـ “رجل واحد” بجر الآلاف لحرب يعتقدها صحيحة.