تؤكد تجارب الشعوب المتقدمة التي قطعت شوطاً كبيراً في مجال التطبيق الديمقراطي ، ان الديمقراطية ليست مجرد قوانين وتشريعات وشعارات وتصريحات رنانة بل انها ايمان ونظام حياتي متكامل يشعر الفرد خلاله بوجوده الانساني وبحقه في ممارسة حقه في بناء المجتمع ..لذا فان المسؤول في تلك الدول يدرك قوة الفرد وتأثيره فيحسب له الف حساب . لن ندعي ان الدول المتقدمة كانظمة مرتاحة كلياُ من ضغط الراي العام عليها غير انها شاءت ام ابت تحرص على عدم المساس بحقوق الافراد حتى وان اضطرت احياناُ التضحية باحد زعمائها فالديمقراطية كما يقال خط احمر لا يسمح لاي مسؤول مهما كان وزنه تجاوز مبادئها ..ومن هنا فان الانتخابات في تلك الدول لهاقيمتها ويسعى المواطن على المشاركة فيها كجزء اساسي من حقه في المشاركة السياسية .
في عراق ما بعد الاحتلال الذي يسمونه جزافاُ بالعراق الجديد وبرغم وجع ووطأة الاحتلال واثاره الجسيمة والخطيرة التي تحملناها ,اردنا ان نصدق بان شيء من التطبيق الديمقراطي سيتحقق ولو بخطوات بطيئة وقبلنا ان نقفز على الكثير مما نؤمن به وفي مقدمة ذلك ان المحتل واعوانه من شخصيات واحزاب اسلامويه وغيرها لايمكن ان تصنع نموذجاً ديمقراطياُ .. بل ان هذه الاحزاب المحاصصاتية النفعية الانتهازية صارت تقتلنا كل يوم باسم الديمقراطية الشكلية الزائفة .. تقتلنا بالخداع ونهب المال العام والمتاجرة بالدين والمقدسات وتقييد الحريات وقمع التظاهرات .. تقتلنا بانتخابات صوريه تعيد لنا فيها اسؤأ ما قرأنا عنه في القرون الوسطى من استعباد للناس وتقتلنا بالجوع والفقر والبطالة والمرض والامية وتخريب القطاعات الاقتصادية وتدمير البلد .. فاي ديمقراطية واية انتخابات هزيلة نتائجها وخيمة على المواطن . ما نقوله ليس ادعاء ولا افتراء فهذا ما اثبتته السنوات منذ 2003 الى الان ، ان لم نقل ان الاوضاع تزداد سوءً وتردي وواهم من يعتقد ان انتخابات مجالس المحافظات يمكن ان تأتي بشخصيات حريصة على الوطن فالمغانم والامتيازات والمنافع والراتب هي ما يلهث وراءه المرشحون الذين تجاوز عددهم الخمسة الاف والنصف مرشح ..ومن هنا فان احد ابرز مطالب ثوار انتفاضة تشرين الخالدة في 2019 كان الغاء مجالس المحافظات بسبب انها كانت بقانونها عبء على المواطن وفعلا تم الغائها ليتم بعد ذلك الالتفاف على مطالب الشعب لتعاد بصورتها القديمة من دون تغيير في قوانينها ما يعني انها لن ستكون نسخة من التي سبقتها ..
اخيراً فاننا بصراحة نقول بتواضع اننا لانفهم سر تمسك تحالف قيم المدني بالمشاركة في انتخابات يعرف اعضاؤه مسبقا انهم لن يحققوا فوزاً يتيح لهم تطبيق جزء بسيط من تطلعات المواطنين بالتغيير فخارطة التاثير السياسي واضحة وهي ليست بصالحهم .. نتأمل لتحالف قيم المدني فوزا يليق بتاريخ الاحزاب والشخصيات المشاركة فيه ، غير اننا تقولها للمرة المليون ان احزاب السلطة اعتادت استغلال الانتخابات لصالحها وتمرير مخططاتها بقتل ابسط احلام المواطنين وان غداُ لناظره قريب .