20 سبتمبر، 2024 2:48 م
Search
Close this search box.

كيف ألهت أميركا بمعارك صغيرة ؟ .. “هاآرتس” تزعم مكاسب إيرانية من حرب غزة دون مقابل !

كيف ألهت أميركا بمعارك صغيرة ؟ .. “هاآرتس” تزعم مكاسب إيرانية من حرب غزة دون مقابل !

وكالات – كتابات:

تُعتبر “إيران” إحدى الدول القليلة التي حققت مكاسّب كبيرة من الحرب بين “إسرائيل” و”المقاومة الفلسطينية”؛ دون أن تدفع ثمنًا مباشرًا، فالحركات الشيعية الموالية لها هي التي تخوض حروبًا صغيرة بالوكالة ضد “أميركا” نيابة عنها وهي التي تتلقى الردود الأميركية الانتقامية المحدودة حتى الآن، ولكن إلى أي مدى ستتواصل مكاسب “إيران” من حرب “غزة”، وهل تتلقى استراتيجيتها بالمنطقة خسائر على المدى البعيد ؟.

أكبر مكاسب “إيران” من حرب “غزة” وعملية (طوفان الأقصى)؛ إلهاء “أميركا” و”إسرائيل” بعيدًا عن البرنامج النووي الإيراني، وكذلك تعطيل التطبيع في المنطقة.

في المقابل؛ ما قدمته “إيران”؛ لـ”المقاومة الفلسطينية”، من دعم مباشر يبدو محدودًا، ويتم عن طريق وكلائها بالمنطقة ويقتصر بالأساس على هجمات محدودة من قبل (حزب الله) ضد شمال “إسرائيل”، إضافة لهجمات من الميليشيات العراقية على القوات الأميركية بـ”العراق” و”سورية”، إضافة لهجمات من (الحوثيين) على سفن مملوكة جزئيًا لإسرائيليين في جنوب “البحر الأحمر”، ويُعتقد أن بعض هذه الهجمات استهدف سفنًا حربية أميركية.

ولكن كشف حساب خسائر ومكاسب “إيران” من حرب “غزة”، ما زال من المبكر الحكم عليه بشكلٍ نهائي، ويزعم تقرير لصحيفة (هاآرتس-Haaretz) الإسرائيلية، أنه قد يشهد بعض الخسائر على المدى البعيد.

الأميركيون يقررون الثأر من هجمات الميليشيات العراقية..

“هجومٌ للدفاع عن النفس ضد تهديد كان على وشك الحدوث”؛ هكذا وصفت الإدارة الأميركية الهجوم الذي شنّته القوات الجوية الأميركية؛ يوم الأحد الثالث من كانون أول/ديسمبر، واستهدف موقعًا لإطلاق الطائرات المُسيّرة قرب مدينة “كركوك” العراقية؛ إذ تُدير الموقع الميليشيا الشيعية التي تحمل اسم: (المقاومة الإسلامية في العراق)، وقد أطلقت منه مؤخرًا عدة طائرات مُسّيرة ضد أهداف أميركية في “سورية”. ويبدو أن “الولايات المتحدة” قررت اجتياز “خطٍ أحمر” آخر في حربها ضد التنظيمات الموالية لـ”إيران” داخل “العراق”.

وليست هذه أول مرة تهاجم فيها القوات الأميركية أهدافًا داخل الأراضي العراقية؛ إذ يأتي هذا الهجوم في أعقاب هجوم آخر يوم الـ 23 من تشرين ثان/نوفمبر 2023، والذي استهدف قاعدتين لميليشيا (حزب الله العراقي). يُذكر أن الرد الأميركي جاء بعد الإبلاغ عن تعرُّض الأهداف الأميركية لأكثر من: (60) هجومًا في المنطقة؛ ما أسّفر عن إصابة نحو: (60) جنديًا أميركيًا بجروحٍ طفيفة.

وقد جاء الهجوم كذلك بعد أن وجه “الكونغرس” ووسائل الإعلام الأميركية انتقادات شديدة للرد الأميركي الفاتر الذي لا يُردع تلك الميليشيات.

لماذا تُفضّل “واشنطن” الرد على الميليشيات الموالية لإيران في سورية وليس العراق ؟

ويُشير واقع الأمور إلى أن “الولايات المتحدة” امتنعت عن مهاجمة الأهداف المأهولة في “العراق” منذ بداية الحرب وحتى هجوم الشهر الماضي؛ حيث تتركز الاستجابة العسكرية الأميركية على “سورية” التي تُعد ساحةً حرة للعمل العسكري، سواءً بواسطة “الولايات المتحدة” أو “إسرائيل” أو “تركيا” أو “روسيا”، حسّبما ورد في تقرير صحيفة (Haaretz).

ويرجع سبب ذلك إلى الخوف من أن التصعيد العسكري في “العراق” قد يُسّفر عن سّحب قرابة: الـ (2.000) جندي أميركي المتمركزين داخل القواعد هناك، والذين يتمحور هدفهم المعلن حول التحرك ضد تنظيم (داعش)؛ (بحسب الادعاءات الأميركية وبالتالي الإسرائيلية)، إذ يُعد الوجود الأميركي في “العراق” مصدرًا للصراعات السياسية بين الحكومة وبين الحركات السياسية العراقية، وكذلك بينها وبين النظام الإيراني السّاعي لإنهاء أي وجود أميركي في محيطه.

وحذّر رئيس الوزراء العراقي؛ “محمد شيّاع السوداني”، الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، من مهاجمة أراضي بلاده، وذلك خشية أن تُجبره الضغوط السياسية على اتخاذ قرار لا يُريد اتخاذه.

وصحيح أن الميليشيات الموالية لـ”إيران” ليست كلها منخرطةً في الحملة ضد الأهداف الأميركية. لكن حتى الميليشيات التي أعربت عن دعمها الكلامي فقط صارت اليوم على قائمة الأهداف الأميركية منذ بدء الحرب في “غزة”. ويُمكن القول إن قائمة الأهداف الأميركية أصبحت تُشكِّل تحديًا يُزيد من تعقيد العلاقة بين “واشنطن” و”بغداد”.

إيران” تشعر بأن توسع الحرب لن يصلها بل قد يستهدف “حزب الله” ولبنان بالأساس..

لكن الإدارة الأميركية ليست الوحيدة المجبرة على تحسُّس خطواتها في تعاملها مع وكلاء “إيران”. إذ واجهت “إيران” نفسها معضلةً ربما لم تتجهز لها في أعقاب اندلاع حرب “غزة”؛ حيث اعتمدت الفرضية الإيرانية حتى الآن على فكرة أن “الولايات المتحدة” ستكتفي باستعراض الردع القوي، وذلك من خلال إرسال حاملتي الطائرات وتقديم المساعدات العسكرية والدعم السياسي لـ”إسرائيل”، مع الامتناع عن فتح جبهة عسكرية أخرى في الشرق الأوسط.

ويأتي هذا التقيّيم مبنيًا على فكرة انشغال “واشنطن” الشديد بالحرب في “أوكرانيا” والردع السياسي لـ”الصين وروسيا”. واشتملت الرسائل المتبادلة بين “واشنطن” و”طهران” على تهديدات ضد التدخل الإيراني المباشر في الحرب. لكن “إيران” قد يصلها الانطباع بأن الضغط العلني على “إسرائيل” – لعدم فتح جبهة حرب شاملة في “لبنان” – يهدف في الأساس إلى منع حرب غزة من الامتداد لساحات أخرى، الأمر الذي قد يُجبر الولايات المتحدة على التدخل بشكلٍ مباشر.

ويُمكن القول إن تقييّم الموقف بهذه الصورة سمح لـ”إيران” أن تشعر بكونها محميةً من التعرض لأي هجوم مباشر، وذلك من خلال تقديم نفسها على أنها غير منخرطةٍ في الحرب، وأنها لا تتحكم في قرارات وكلائها. حيث قال وزير الخارجية الإيراني؛ “حسين أمير عبداللهيان”، في مقابلةٍ مع شبكة (CBS) الأميركية؛ منتصف شهر تشريت ثان/نوفمبر: “إن تلك الجماعات التي تُهاجم المصالح الأميركية في العراق وسوريا تتخذ قراراتها من تلقاء نفسها”.

وهذا يعني أن (الحوثيين) في “اليمن” والميليشيات الشيعية في “العراق” و(حزب الله) في “لبنان”؛ يُشّنون الهجمات ضد المصالح الأميركية والإسرائيلية، بينما تتبّنى “إيران” مبدأ الحرب الدفاعية أو غير المتكافئة الكلاسيكي. وبموجب ذلك المبدأ، تتجنب “إيران” – الأضعف من خصومها عسكريًا – دخول المواجهة العسكرية مباشرة، وتبعث في المقابل برُسلها لضرب الأهداف التي تحرص هي نفسها على عدم المسّاس بها.

الأميركيون متمسكون بإنكار علم “طهران” بعملية “طوفان الأقصى”..

لم تنفِ “إيران” التقارير الغربية التي تقول إنها لم تكن تعلم بخطة (حماس) للهجوم على “إسرائيل”.

وتكتفي “إيران” من ناحيتها بإصدار التحذيرات العلنية من: “التوسُّع الحتمي لرقعة الحرب”، والدعوة إلى وقف إطلاق النار، وكسّب الرصيد السياسي من مشاركتها في القمة “العربية-الإسلامية” بالرياض.

ومن الواضح أن هذه الاستراتيجية تمنح “إيران” فرصة إنكار قد تُفيد في منع أي هجوم ضدها، حتى وإن لم يكن ذلك الإنكار مقنعًا لأيٍ من أطراف الصراع.

“إيران” جرّت “أميركا” لمعارك استنزاف صغيرة مع تقليل فرص الحرب المباشرة معها..

وتكمُن المفارقة في أن الأميركيين أنفسهم يتمسّكون بإنكار علم “إيران” بعملية (طوفان الأقصى).

وتُفسّر الصحيفة الإسرائيلية ذلك؛ بأن الأميركيين يُريدون تجنب الدخول في مواجهة مع “إيران”، لهذا تقتصر أهدافهم على وكلاء إيران “المستقلين”.

وهذا يعني أن “إيران” نجحت – بهذه المعادلة القتالية – في جرّ “الولايات المتحدة” إلى حرب استنزاف عبثية ضد منظمات وميليشيات يصعب تحييّد قدراتها أو تثبّيط هجماتها، بينما لا تدفع “إيران” أي ثمنٍ في المقابل.

قد تتكبد خسائر على المستوى الاستراتيجي إليك بعضها..

وعلى الجانب الآخر؛ أسّفر الحوار العنيف بين “الولايات المتحدة” وبين وكلاء “إيران” عن سلسلة من الخسائر بالنسّبة لاستراتيجية “إيران” الإقليمية، وفقًا لتقرير (هاآرتس-Haaretz).

إذ كان أحد العناصر المحورية في تقييّم “إيران” للموقف قبل الحرب يدور حول تطلعات “الولايات المتحدة” لفك ارتباطها بالشرق الأوسط. وتجلّت تلك التطلعات في مختلف الخطوات العسكرية والسياسية الأميركية ومنها الانسّحاب من “أفغانستان”، وإجبار “السعودية” على التفاوض مع (الحوثيين) لإنهاء الحرب في “اليمن”.

وقد عّزت “إيران” الطموحات الأميركية لإنشاء “ناتو الشرق الأوسط” إلى الاتجاه نفسه، الذي ينص على أن دول المنطقة ستتلقى الدعم والمساعدة الأميركية، لكنها ستتحمل عبء الدفاع عن أراضيها بنفسها في الوقت ذاته. أضف إلى ذلك البرود الذي اتسّمت به علاقات “البيت الأبيض” مع “بنيامين نتانياهو”، والابتعاد الأميركي عن أي مبادرةٍ لحل الصراع “الفلسطيني-الإسرائيلي”؛ مما أكّد لـ”إيران” صحة تحليلها الاستراتيجي.

لكن الحرب في “غزة” قضت على بعض الأوراق في التقيّيم الاستراتيجي الإيراني؛ إذ كثّفت “الولايات المتحدة” وجودها العسكري في الشرق الأوسط، ولم يأتِ الأمر كمجرد استعراض للقوة بهدف الردع. حيث كان وزير الدفاع الأميركي؛ “لويد أوستن”، حاسمًا تمامًا عندما قال في خطابه، الذي ألقاه في “كاليفورنيا”؛ يوم الجمعة الأول من كانون أول/ديسمبر: “لن نتسّاهل مع أي هجمات ضد القوات الأميركية. يجب أن تتوقف الهجمات. وسنفعل كل ما بوسعنا لحماية مقاتلينا وجعل منفذيها يدفعون الثمن، حتى تتوقف تلك الهجمات”.

ولم يذكر “أوستن”؛ “إيران”، كهدفٍ مباشر في حديثه، لكنه ذكرها ضمن: “محور العداء” إلى جانب “روسيا والصين وحماس”.

ويبدو أن تقرير الصحيفة الإسرائيلية يُحاول أن يُعزز الآمال الإسرائيلية في تورط “أميركا” في صراع ضد “إيران”؛ إذ يقول: “لا شك أن إيران تُدرك أن قوقعة الإنكار بدأت تفقد فاعليتها، وأن استخدام الوكلاء لن يكون كافيًا لحمايتها من أن تُصبح هدفًا في النهاية”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة