18 ديسمبر، 2024 7:55 م

مستقبل غزة بعد أيام الهدنة الأربعة : إمتداد للمعادلة الموجودة على الأرض !

مستقبل غزة بعد أيام الهدنة الأربعة : إمتداد للمعادلة الموجودة على الأرض !

في تصريح لمنسق الإتصالات الإستراتيجية للبيت الأبيض , جون كيربي , قال فيه ان امريكا لاتدعم فكرة وقف دائم للإطلاق النار في غزة , وانها ستدعم الكيان المحتل في الحرب على  حماس ,

أما الحكام العرب فمازالوا يرددون تهويدة ” ندعو الى حل الدولتين بعملية سلام جادة واعتراف دولي بدولة فلسطين ” منذ سنين طويلة حتى اتقنوها بعدة عبارات عصية على البعض ان يفهمها إن كانت تنطلق من ارادة حقيقية مؤمنة بالقضية الفلسطينية ,

أم من جوهر سياسة الكذب والضحك على الذقون التي اسستها إدارات امريكا وبريطانيا وقادة الغرب برمته منذ قرن من الزمان , ومازالت رائحتها تفوح في منطقة الشرق الأوسط منذ ان جهزت امريكا بوقت مبكر سفنها الحربية بعد السابع من اكتوبر 2023 ,

وهي سياسة انتقائية وتآمرية خبيثة ورثها البعض من القادة العرب ومغزاها عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية هو تعطيل جهود السلام بالمماطلة بالإتفاق مع العدو الصهيونيلحين استكمال خططه في احتلال الأرض وطرد الفلسطينيين من أراضيهم ,

وما حرب غزة الأخيرة التي لا يستبعد انها كانت بمثابة تفاحة آدم , أي كمين سياسي خادع او فخ جاذب اليهاومدروس مقدمآ , إلا ثمرة اخرى من ثمار تلك السياسة التي تعبر عن طبيعة الأمريكان والصهاينة الطامعتين عندما نظروا اليها كمملكة اقتصادية ستغير المنطقة برمتها ,

ولكن هذه المرة بتطبيق لمقولة ” الحرب خدعة ” وقد وقعت حماس بهذا الكمين على عجل بسبب لهفتها وطبيعتها الثورية ولكن بشكل لم يكن يتلائم مع الحياة في غزة ,ليحققوا بهذا الخطأ اهداف سياسية امريكية – صهيونيةمختارة ,

والحرب بهذا الإفتراض كشفت عن التخطيط المسبق لها , إذ كيف ترسل امريكا سفنها بهذه السرعة الى البحر المتوسط مالم يكن هاجس الحرب يجول في اذهان ادارتها , وكشفت ايضآ عن وحدة العمل السياسي المشترك بين امريكا والكيان اللقيط وقادة الغرب بعد السابع من اكتوبر .                                                                                                                                                  

ولو يتم تحليل مجريات الحرب والظروف والمعاناة والعجز في الذخائر والاسلحة والمواد الغذائية الإستراتيجية والوقود , يدرك المهتم بالشأن الفلسطيني ان الكيان الصهيوني ربما روّج الى هذه التفاحة والفراغ الأمني في المستوطنات من قبل عملائه في غزة مما عجّل حماس على اقتطافها ,

من دون تعبئة الجانب اللوجستي المهم في المعركة الذى بدا واضحآ اثناء المعركة , وهؤلاء العملاء قد تم اغوائهم بفضل ضعف الإدارة الفلسطينية بشكل عام والتي يتحملها رئيس الوزراء محمد شتيه ووزير الداخلية سواء بسبب اختلاف وجهات النظر الجوهرية القديمة بين ادارة الأراضي المحتلة التي تضطلع بها السلطة الفلسطينية وبين إدارة غزة التي تقودها فصائل حماس المسلحة ,

او بسبب اختلاف الأيديولوجية التي يتبعها طرفا المقاومة , ,أو بسبب عدم  رغبة الطرفين ان يكونا تحت سقف سياسي واحد يقوم على تحرير الأرض عن طريق المقاومة المسلحة , وهذا السبب هو الذي جاء بحركة حماس الى إدارة غزة عام 2006 بعد ان حصدت اغلبية المقاعد في المجلس التشريعي , وجاء بأنسال المروجين العملاء ,

لأن السلطة الفلسطينية التي يمثلها محمود عباس لاتريد لحماس الإستمرار بالسيطرة على غزة منذ ذلك العام , وهذا امر معروف لدى الجميع , ولكن هذا الخلاف هو الذي جرّ غزة الى الويلات وخلق زوايا مظلمة في الإستراتيجية الأمنية بشكل عام حتى أدت الى استغلالها من قبل العدو ليصنع عملائه من فراش غزة السكاني الذي تسوده قيمآ  ذات سمات استراتيجية مختلفة لا تنضوي تحت قرار فلسطينيواحد , فضلآ عن اللامركزية التي تحكم ذلك الفراش السكاني ,

مايدل على ذلك الكمين انه سمة من سمات السياسة التآمرية والوحشية التي تتبعها امريكا والكيان الصهيوني , فقد كشفته الحرب من خلال طبيعة القصف الجنونيوالعشوائي والتدميري الذي ارتقى الى جرائم الحرب , فالحكومتان الأمريكية والصهيونية قد خططتا معآ كما يبدو لهذا الكمين لأسباب كثيرة على الرغم من الضحايا التي قدموها لإنجاحه ,

لأنهما بالوحشية التي وسموا بها انفسهم بالحرب والمجازر التي اقترفاها معآ , يتبين انهما لم يتورعان عن قيامهما بهذا الكمين طالما يدفعهما منطق التغيير الجيوسياسيوالتطور والارتقاء والسيطرة على منطقة الشرق الأوسط , وهما يتساويان في هذا المنطق مع حكام التطبيع ,

فضلآ عن هدفهما للاستحواذ على الثروات النفطية والغازيةفي غزة وهي اسباب تلهث ورائها امريكا لتقويم اقتصادها الذي يعاني الآن من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية  أولآ , وللسيطرة على الشرق الأوسط  لكي ترفع اسواط التطبيع فوق رؤوس الباقي من الحكام ثانيآ ,

والحرص على تنفيذ القناة الملاحية الممتدة من البحر الاحمر الى جنوب غزة لترتبط بساحلها الغربي من البحر المتوسطوتنفيذ الطريق الملاحي بين الهند والإمارات والطريق الأقتصادي البري الذي يمتد من اراضيها الى غزة ومن ثم الى اوربا ثالثآ , وإعداد الإقتصاد الأمريكي لمجابهة الإقتصاد الصيني الذي تتنافس معه للسيطرة على العالممن ناحية , لمجابهة روسيا بقدرة اقتصادية اكبر رابعآ .

إذن ثمن التفاحة لديهم كبير رغم تعبئة السفن الحربيةوالتضحيات , ولو درست حركة حماس تداعيات الحرب قبل تنفيذ عملية طوفان الاقصى بهذه المعايير التي تتسم بها السياسة التآمرية الامريكية وبدراسة الواقع الاجتماعي السطحي والصعب في غزة وقد عشعش فيه العملاء , فلن تقوم بها البتة ,

لأن الحرب بهذه التداعيات المدمرة للحياة والوجود والمدروسة مقدمآ من قبل امريكا والكيان الصهيوني والمدعومة بالخفاء من حكام عرب معروفين بطبيعة لهاثهم وراء مشاريع التنمية  لأسباب تنموية , ليست النافذه الوحيدة الى الحرية وطرد المحتل طالما كل ميادين الحياة المادية والمعنوية في غزةمتقوقعة في سجن كبير وحصار منذ عقود , ولاتحضى بأي دعم من دول المواجهة مع العدو ؟

لقد طرح الكثير من الكتاب المقارنات اثناء الحرب على غزة وكانت تفضح السياسة الامريكية وسياسة حكام التطبيع , فهؤلاء الحكام هم في حقيقة الأمر افراد مضطهدون من قبل امريكا وهم انفسهم يحتاجون الى شيء يجعلهم ينتصرونبه على خرسهم امامها وامام شعوبهم ,

ولكن امريكا , ادركت منذ عقود ان محنة هذا الثقب الأسودسيشوّه العلاقة بينها وبين الحكام , فصنعت لهم حكام بعابع ولآخرين صنعت لهم الإرهاب , وصنعت الخلافات لآخرينبقصد تعطيل الجميع عن تنفيذ خطط التنمية الخاصة بهم ,

وبالمقابل وضعت لهم سياسة الإبتزاز والترهيب السياسي التي تركزت على دفعهم للخوف من جيرانهم والى اجبارهم على شراء الأسلحة الخردة المكدسة في مصانع شركات السلاح الأمريكية والغربية بحجة حمايتهم , بينما باعوا لهم الأسلحة الحديثة بشروط ملزمة بعدم توجيهها ضد الكيان الصهيوني المحتل بأي شكل من الأشكال ,

لذلك تراهم في حرب غزة وهم يتسابقون على التصريحات بعواطف سوغوها كاذبة وقت الحرب وبلا خجل من مواطنيهم وبمقاطع لايوحون بها الى الانزعاج من جرائم العدو ضدالضحايا الاطفال وكأن الكذب وقت الحرب جائز شرعآ وقانونآ , لكي لا يتخذوا بسببها موقفآ واقعيا ضد التدمير الذي يقوم به العدو عن عمد ,

وهذه تحسب لهم ظاهرة ابداعية جديدة ونوع خفي لغرفةوهمية لتصريحات مشتركة , على غرار غرفة الحركات التي ينشأها القادة العسكر اثناء الحروب , إلا ان هذه الغرفةكانت بمثابة ريادة جديدة لسياسة هؤلاء الحكام لإيهام الشعوب التي يحكومنها انهم مازالوا غير متراجعين عن القضية الفلسطينية من الناحية الفكرية وانهم غير معزولينعنها , وهذا هو الشيء الذي انتصروا به على خرسهم ,

إلا ان تصريحاتهم في ميزان المعايير الاخلاقية لم تكن سوى مزايدات فارغة وبودكاستات هوليودية مخادعة لأنهم على اتفاق مع العدو بسرعة القضاء على المقاومة لإستكمال المشاريع الآنفة الذكر , وبذلك كفلت للعدو ان يتصرف بمشروعه التدميري كيفما يشاء وبشكل سلس ليخلق له ولهم وجود جديد يتناسب مع اهدافهم المريضة في التطبيع ,

لكن هذه التصريحات لم تجذب احاسيس الشعوب لتكون معهم وهم يشاهدون الضحايا ومعهم شعوب العالم ويقرأون الإطراء الأمريكي على مايقدمون ويغردون من خارج السرب لدعم اختص بالسعي الى منع التصعيد ضد العدو , بينما الأمريكان انفسهم شاركوا بالدعم العسكري واللوجستي , وما طائرات الكشف عن الأسرى الصهاينة التي قادتها بدون طيار إلا نموذج خبيث لمشاركتها الحرب ,

بل ان الجميع تأكد ان هؤلاء الحكام هم محض دمى تحركها بالخفاء انامل وخيوط امريكية وصهيونية مشتركة , وان النقاد المهتمين بموضوعة الحرب سوف يشتغلون على استقراء تلك التصريحات ولابد بعد سنين سيكتشف العالمانها كانت مفبركة بما فيها سيناريو الغفلة الامنية التي جعجع لها العدو بالاعلام المكشوف وتبادل بها الاتهامات المزيفة فيما بين القيادات الامنية  ليثبتوا أن امريكا كانت , كما هي الآن , وراء هذه الحرب ,

وانها مع الصهاينة قد اخفوا عن شعوبهم ومعهم شعوبالغرب الناقعة ادمغتهم في العلمانية والجندرية والمنحلة في مستنقعات التك توك والأنستغرام ومنصة اكس والبنترست واالباقي من وسائل التواصل الأجتماعية , كل تلك الأفاعيل الإجرامية التي كشفتها الحرب على غزة ,

فلا موقف انساني لهم يشار اليه في التأريخ ولا حدود لهم بالكذب لأنهم بلا جذور دينية او اخلاقية منذ ان تراجعتالبروتستانتية وشرعنتها للأنانية التي وجدتها تتيح الى تطور الحضارة من خلال فبركة القوانين , إلا من منهج العلمانية والنزعة العرقية التي زادت بها اوربا على اساليب التوسع الرأسمالي منذ القرن الخامس عشر , والنزعة الصهيونية التي ظهرت في نهاية القرن التاسع عشر .

ولهذه الفبركة امثلة كثيرة على غزو الشعوب بلا مسوغقانوني او اخلاقي , ووفقآ لهذه القواعد فقد مارست امريكا واوربا في القرون السابقة ومعهما الكيان الصهيوني في القرن العشرين هذه المبادئ المضللة في قيادة شعوبهم حتى تبين زيفها في الحرب على غزة ,

ختامآ , ان جون كيربي الملوث بوحل سياسة الكذب الامريكية ليس سوى رجل يقيس افعال المناوئين للسياسة الأمريكية بجوانية سياسة الكذب الأمريكية , اذ انه على الدوام يبرر وحشية امريكا والكيان الصهيوني ,

ولايبرر افعال حماس الإنسانية إلا بأتهامها بالتحايل اثناء اطلاق سراح محتجزتين امريكيتين لأنه امتداد لنخبةالسياسيين من قتلة أطفال غزة , كما اتهم منذ ايام المتحدث الرسمي بأسم الكرملن ديمتري بيسكوف بالكذب عن اتهام الأخير لأمريكا في الهجوم الذي تم في أيار الماضي على الكرملن ,

إذ كيف تكون حماس منظمة ارهابية وهي تطلق سراح اسرى امريكان ؟ وهل في العالم دولة تتفوق على امريكا بالكذب والتحايل على القانون الدولي ؟ وهل كان بيسكوف كاذبآ عندما صرّح عن معامل تصنيع الأسلحة الكيمياوية في اوكرانيا برعاية امريكية ومن بعد تأكد ذلك من قبل الأمم المتحدة ؟

اما وضع الحرب بعد ايام الهدنة الاربعة , فسيكون امتدادا لأطراف المعادلة الموجودة على الارض الآن وهي الإصرار الأمريكي على استأناف الحرب على غزة واستمرارها علىتقديم الدعم العسكري للكيان الصهيوني , وبقاء الحاكمين المطبعين على مواقفهم الصامتة إلا من التصريحات الجوفاء ومن دون تبدل , لتعزيز المضي بمشروعهم التآمري على تهجير الفلسطينيين وبسط السيطرة على ارض غزة بكل ثرواتها واهميتها الجيوسياسية ,

ولايجد المرء العربي الغيور سوى الإنتفاض بالقلم ضد المواقف المشوهة للتأريخ العربي لتوثيق دورهم الخياني وفي تقليدهم للهاث الأمريكي وراء النمو والتطور على حساب القيم الإنسانية ومبادئ الأديان بكل دلالاتها ,

ومهما كانت خفايا طوفان الأقصى وتداعيات استأناف الحرب على غزة , فإنها لا تمنع من رؤية  هذه العملية كإنجاز كبير حققته حماس ومفاجئة اذهلت العالم بصدى فاق صدى 11 سبتمبر  وبتقنيات حربية فريدة جعلتها بنية جديدة وطريقا رحبآ  في طريقة مقاتلة العدو  , وستظل وثبة المقاومة الفلسطينية في السابع من اكتوبر اسطورة عسكريةعربية عظيمة في صحائف التأريخ لما عبرت به عن نزوع ثوري عربي هادف الى تغيير الواقع الفلسطيني المحتلبرمته وانتشاله من الضياع الذي تسعى اليه امريكا والصهيونية في وقتنا الراهن والمنشود .